*****
مطوية / استهلال شهر شعبان (خطبة جمعة)
لفضيلة الشيخ خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله
-----------------------------
نسخة للطبع المنزلي بالابيض والاسود
سهلة للطبع العادي او النسخ -فوتوكوبي-
http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=56284&d=1524052915
*****
*****
نص المطوية :
استهلال شهر شعبان
فضيلة الشيخ خالد بن ضحوي الظفيري حفظه الله
(حملها صوتيا من المرفقات)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومِن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أ محمدًا عبده ورسوله،اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أما بعد :
عباد الله : فلازال العباد يتقلبون بين مواسم الخير والبركات وهذا فضل من الله تعالى رب الأرض والسماوات ليضاعف أجورهم ويزيد من حسناتهم للعاملين الشاكرين، و إنا على وشك الدخول في شهر عظيم ألا وهو شهر شعبان، وهذا الشهر كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام فيه؛ فكان يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيره من الشهور وفي الصحيحين [ عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان و ما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان ] زاد البخاري في رواية : [ كان يصوم شعبان كله ] و لمسلم في رواية : [ كان يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلا ] وعنها وعن أم سلمة قالتا : [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم شعبان إلا قليلا بل كان يصومه كله ] وعن أم سلمة قالت :[ ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان ].
و قد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره : أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يستكمل صيام شعبان وإنما كان يصوم أكثره و يشهد له ما في صحيح مسلم [ عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما علمته - تعني النبي صلى الله عليه و سلم - صام شهرا كله إلا رمضان ] و في رواية له أيضا عنها قالت : [ ما رأيته صام شهرا كاملا منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان ] وفي رواية له أيضا : أنها قالت : [ لا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة و لا صام شهرا كاملا غير رمضان] وفي الصحيحين [ عن ابن عباس قال : ما صام رسول الله صلى الله عليه و سلم شهرا كاملا غير رمضان ].
ولهذا ينبغي للإنسان أن يكثر من الصوم في شعبان؛ تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، واحتسابا لثواب الله عز وجل، فإن الله يقول: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) [الأحزاب: 21]، إما أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، أو أياماً ويفطر أياماً، أو أياماً كثيراً متتابعة حتى يبقى يوماً أو يومان على رمضان ثم يفطر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لا يصوم شهرا كاملا إلا شهر رمضان.
وذكر ابن جب وغيره أنه يلتحق في الفضل بصيام رمضان لقربه منه وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها فيلتحق بالفرائض في الفضل وهي تكملة لنقص الفرائض وكذلك صيام ما قبل رمضان و بعده، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة، فكذلك صيام ما قبل رمضان و بعده أفضل من صيام ما بَعُد منه، ولذلك رجح بعض أهل العلم فضل صيامه على صيام شهر الله المحرم.
ومن أسباب الصيام في هذا الشهر أنه يغفل الناس فيه عن الطاعة وأنه ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، أسامة بن زيد قال قلت : يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان قال: ( ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ). رواه النسائي وحسنه الألباني.
و قد قيل: في صوم شعبان معنى آخر: وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة و كلفة بل قد تمرن على الصيام و اعتاده و وجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام و لذته فيدخل في صيام رمضان بقوة و نشاط و لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان.
لكن يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة، لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين ، إلا من كان يصوم صوما فليصمه " ولهذا نهي عن صيام يوم الشك، قال عمار من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، ويوم الشك : هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا ؟.
عباد الله : كان بعض السلف كما ذك ابن رجب من باب ترويض النفس وتعويدها على الطاعة في رمضان يسمون هذا الشهر شهر القراء لاجتهادهم مع الصيام بقراءة القرآن، قال سلمة بن كهيل : كان يقال شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال : هذا شهر القراء، و كان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته و تفرغ لقراءة القرآن.
فأقبلوا عباد الله على الله بقلوبكم وأعمالكم، فالدنيا مزرعتك للآخرة، إن أحسنت فيها أفلحت وإن أسأت فيها خبت وخسرت.
الخطبة الثانية
عباد الله مما يجب التنبيه عليه مع دخول هذا الشهر أن من كان عليه قضاء من رمضان الماضي فيجب عليه المبادرة إلى القضاء قبل دخول رمضان، فعلى الأب والزوج أن يذكر زوجته وأولاده بقضاء ما فاتهم، فإن كثيرا من الناس يتساهلون ويتناسون حتى يدخل عليهم رمضان فيترتب على هذا التسويف والتساهل الإثم والكفارة.
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ : كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ . رواه البخاري ومسلم. قال الحافظ ابن حجر: ( ويؤخذ من حرصها على ذلك في شعبان أنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان آخر ).
عباد الله: العمر لحظات والأيام تمضي سريعا، وكلما مضى يوم اقترب أجلك ومضى بعضك، فرمضان الفائت كأنه كان بالأمس، فالسعيد الذي يغتنم الأوقات بالخيرات، والغافل من تناسى ذكر الله واشتغل بالملهيات، فالعمر مزرعتك، إن زرعت خيرا حصدت خيرا، وإن زرعت شرا فلا تلومن إلا نفسك.
( مضى رجب و ما أحسنت فيه ... و هذا شهر شعبان المبارك )
( فيا من ضيع الأوقات جهلا ... بحرمتها أَفِقْ و احذر بَوَارَك )
( فسوف تفارق اللذات قسرًا ... ويُخلي الموتُ كرهاً منك دارك )
( تدارك ما استطعت من الخطايا ... بتوبةِ مخلصٍ واجعل مدارك )
( على طلب السلامة من جحيم ... فخيرُ ذوي الجرائم من تَدَارَك )
خطبة جمعة - ألقاها يوم 29 رجب عام 1437 هـ في مسجد السعيدي بالجهراء بالكويت
ونقلت عبر اذاعة ميراث الأنبياء
*****