مختصر
كتاب
"آداب الموعظة"
لأبي جهاد سمير الجزائري وأهله
(كان الله لهما بكرمه ومنه وفضله)
مقاصد الموعظة وحكمها
• إقامة حجة الله على خلقه.
• الإعذار إلى الله عز وجل والخروج من عهدة التكليف.
• رجاءُ النفع للمأمور.
• رجاء ثواب الله عز وجل.
• الخوف من عقاب الله تعالى إذ تَرْكَ الدعوة مُؤذن بالعقوبة.
• النصيحة للمؤمنين والرحمة بهم والرغبة في إنقاذهم مما أوقعوا به أنفسهم فيه من التعرض لغضب الله وعقوبته في الدنيا والآخرة.
• إجلال الله وإعظامه ومحبته وأنه أهلٌ لأن يُطاع فلا يُعصى ويُذكر فلا يُنسى ويُشكر فلا يُكفر وأن يُفتدى من انتهاك محارمه بالنفوس والأموال.
أدب الموعظة
• التحلي بالتقوى وإخلاص النية
o جدير بالداعي أن يكون ذا نفس زكية وساحة طاهرة نقية حتى لا يكون الخلل حائلاً بينه وبين هداية الناس.
o لا يعني ذلك أن يكون معصوماً مبرأً من كل عيب إذ هو بشر وما كان له أن يدعي العصمة أو الصواب فيما يقول ويفعل إلا الأنبياء فيما يبلغون به عن ربهم _جل وعلا_.
o ولا يفهم من ذلك أيضاً أن يَدَعَ الإنسانُ الوعظَ إذا كان مقصِّراً في بعض الطاعات أو مُلِمَّاً ببعض المخالفات. قال الحسن لمطرف بن عبدالله _رحمهما الله_: عِظْ أصحابك، فقال مطرف: إني أخاف أن أقول مالا أفعل. فقال الحسن: يرحمك الله، وأينُّا يفعل مايقول؟ يود الشيطان لو ظفر منا بهذا؛ فلم يأمر أحد بمعروف، ولم ينه أحد عن منكر. ( تفسير القرطبي 1/367).
• عِلْم الواعظ بما يقول هو الذي يجعل الموعظة نقيةً من إيراد الأحاديث الموضوعة أو القصص المنبوذة أو تحسين البدع أو إضلال الناس ولا يفهم من ذلك أنه لابد للواعظ أن يكون عالماً متبحراً وإنما المقصود ألا يدعو إلا بما يعلم وألا يتكلم بما لا يعلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية".
• لين الجانب وبسط الوجه والإحسان إلى الناس قال الشيخ السعدي: واحذر غاية الحذر من احتقار من تجالسه من جميع الطبقات، وازدرائه، أو الاستهزاء به قولاً، أو فعلاً، أو إشارةً، أو تصريحاً، أو تعريضاً؛
فإن فيه ثلاثة محاذير:
أحدهما: التحريم والإثم على فاعله.
الثاني: دلالته على حمق صاحبه، وسفاهة عقله، وجهله.
الثالث: أنه باب من أبواب الشر، والضرر على نفسه. ( الرياض الناضرة لابن سعدي ص 419.)
• الصبر والحلم.
كان عمر بن عبدالعزيز يتمثل بهذه الأبيات: الحلم والعلم خَلَّتا كرمٍ... للمرء زينٌ إذ هما اجتمعا
صنوانِ لا يَسْتَتِمُّ حسنُهما ... إلا بجمع بذا وذاك معا
كم من وضيع سما به الحلم والـ ... ـعلم فحاز السناء وارتفعا
ومن رفيع البنا أضاعهما ... أخمله ما أضاع فاتضعا
• التجمل والعناية بالمظهر بلا إسراف قال بعض الحكماء: البس من الثياب ما لا يزدريك العظماء، ولا يعيبك الحكماء (أدب الدنيا والدين ص 355).
• إستعمال المداراة والبعد عن المداهنة: فالمداراة من أخلاق المؤمنين والمداهنة من صفات المنافقين والواعظ يحتاج إلى الأخذ بالأولى، والبعدِ عن الثانية. قال ابن حزم: وإياك ومخالفة الجليس، ومعارضةَ أهل زمانك فيما لايضرك في دنياك، ولا في أخراك وإن قلَّ؛ فإنك تستفيد بذلك الأذى والمنافرة، والعداوة وربما أدى ذلك إلى المطالبة والضرر العظيم دون منفعة أصلاً.( الأخلاق والسير ص61.)
• أخذ الأُهْبة والاستعداد خصوصاً إذا كان الواعظ في بداياته فعليه أن يُعِدَّ للكلمة جيداً وأن يتدرب على إلقائها.
• رباطة الجأش تولد مع الإنسان ويكتسبها أيضاً بالممارسة والمران.
• قوة الملاحظة لأجل أن يدرك أحوال المخاطبين حال إلقاء موعظته .
• حضور البديهة لأن الواعظ قد تمر به أحوالٌ تُجْبِره على العدول عن كلمة إلى أخرى.
• مراعاة المدة الزمنية للموعظة مما يعين على الانتفاع بالموعظة، والإصغاء إليها بإقبال ونشاط والعرب تقول في أمثالها: زِرْ غِبَّاً تزددْ حباً.
• التخول بالموعظة أدعى للاشتياق وأحرى لقبول الموعظة والانتفاع بها فجدير بالواعظ ألا يكثر من وعظ أناس بأعيانهم أو يتابع عليهم الوعظ مراراً قريباً بعضها من بعض فإن النفس شرود،وإن كثرة الوعظ تفقده أثره.
• التجوُّز في الموعظة عند ملاحظة الملل والفتور أن يقطع حديثه إذا لاحظ أن الملل والفتور قد دَبَّا إلى السامعين. أورد الخطيب في كتابه الجامع مسألة عنوانها كراهة التحديث لمن عارضه الكسل والفتور ثم قال: حق الفائدة أن تساق إلى مبتغيها، ولا تعرض إلا على الراغب فيها؛ فإذا رأى المحدِّثُ بعض الفتور من المستمع فليسكت؛ فإن بعض الأدباء قال: نشاط القائل على قدر فهم السامع.( الجامع ص 330.)
• مراعاة حال الجو فقد يكون شديد الحرارة أو شديد البرودة فإذا اجتمع هذا إلى ثقل الموعظة وطولها قل الانتفاع.
• معرفة النفوس والعقول دليل على حسن التصرف، وسبب في القوة والتأثير فالخبرة بما للطوائف والبيئات من أحوال نفسية وإلقاء الدعوة بالثوب الملائم لهذه الأحوال موكولٌ إلى ذكاء الواعظ.
• تحسس الأدواء والبداءة بالأهم فالمهم. جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله " لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب؛ فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وفي رواية إلى أن يوحدوا الله؛ فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة؛ فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم؛ فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
• الرفق في القول، واجتناب الكلمة الجافية ولقد أحسن من قال: لو سار ألفُ مَدَجَّجٍ في حاجة *** لم يَقْضِها إلا الذي يترفق ( روضة العقلاء ص 216.)
• نزاهة اللسان ومما يدخل في ذلك تجنب الفحش والبذاءة. قال القاسمي (رحمه الله) إياك، وما يستقبح من الكلام؛ فإنه ينفِّر عنك الكرام، ويوثِّب عليك اللئام. (جوامع الآداب للقاسمي ص 6.)
• صرف الإنكار على غير معين فذلك مما يندرج في سلك أدب الموعظة وهكذا كان صلى الله عليه وسلم من باب قوله: ما بال أقوام.
• على الواعظ توجيه الإنكار إلى نفسه تصريحاً وهو يعني السامع تلميحاً: كأن يقول: مالنا لانتَّقي الله، ونمتثل أوامره، ونجتنب نواهيه، ونحو ذلك...
• مراعاة المشاعر وألا يكثر الواعظُ من صيغة فعل الأمر كأن يكثر في كلامه: افعلوا واتركوا وألا يواجه الناس بما يكرهون.
• التثبت مما يقال والنظر في جدوى نشره. قال صلى الله عليه وسلم:"كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع".
• ألا يحرص على إبداء رأيه في كل أمر وألا يقول كل ما يعلم. قيل: وزِن الكلام إذا نطقت فإنما ... يبدي العقولَ أو العيوبَ المنطقُ
• التمهيد والتدرج في العرض.
• براعة الأسلوب ومراعاة مقتضيات الأحوال . ابن الجوزي الإمام المتمرس يقول: فالتحقيق مع العوام صعب، ولا يكادون ينتفعون بِمُرِِّ الحقِّ، إلا أن الواعظ مأمور بأن لا يتعدى الصواب، ولا يتعرض لما يفسدهم، بل يجذبهم إلى ما يصلح بألطف وجه.
وهذ يحتاج إلى صناعة؛ فإن مِنَ العوام مَنْ يعجبه حسن اللفظ، ومنهم من يعجبه الإشارة، ومنهم من ينقاد ببيت شعر.
وأحوج الناس إلى البلاغة الواعظ؛ ليجمع مطالبهم.
ولكنه ينبغي أن ينظر في اللازم الواجب، وأن يعطيهم من المباح في اللفظ قدر المِلح في الطعام، ثم يجتذبهم إلى العزائم، ويعرفهم الطريق الحق. ( صيد الخاطر لابن الجوزي ص 187_188.)
• حسن الاستفتاح: فمن أراد أن يجعل لموعظته القبول حَسُنَ عليه أن يعنى به تمام العناية. قال أبو هلال العسكري رحمه الله : إذا كان الابتداء حسناً بديعاً ومليحاً ورشيقاً كان داعيةَ الاستماعِ لما يجيء بعده من الكلام.
• حسن الختام:
الخاتمة هي آخر ما يلقيه الواعظ من كلامه ولها الأثر البالغ الباقي إذ هي آخر ما يَعْلَق بالنفس وأكثر ما يتصل بالقلب فإن كان وقعها حسناً انسحب ذلك على الموعظة وإلا ساء الأثر وضاعت الغاية المنشودة.
• التنويع في أساليب الخطاب فأحياناً يأتي بكلامه بصورة الاستفهام وأخرى بصورة التقرير وثالثة في صورة الطلب، ورابعة بإشارة، وخامسة بنداء، وهكذا...
• الترسل في الكلام وإلقاؤه مفصلاً دون إبطاء أو تعجيل قال أبو هلال العسكري: علامةُ سكونِ نَفْس الخطيب ورباطة جأشه هدوءه في كلامه وتمهله في منطقه.
• ملاحظة نبرة الصوت ويراعى أن تكون مسموعة بوضوح وأن تكون وسطاً بين رفع الصوت وبين رخاوة الصوت التي تفقد الموعظة أثرها وتجلب التماوت للسامعين.
• حسن الاستخدام للتكرار: للتكرار أثراً كبيراً في جذب الانتباه وتأكيد المعاني وتقريرها في الأذهان. عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ": أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً؛ حتى تُفْهم عنه" الحديث.
• توشيح الموعظة بالقرآن الكريم والأحاديث الصحيحة والأشعار الجميلة الرائقة قال محمد بن سلام عن بعض أشياخه قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يكاد يعرض له أمر إلا أنشد فيه بيت شعر.
• سَوْقُ القصص الصحيحة المؤثرة فالقصص تحمل في طياتها الدروس، والعبر، كما أنها سبيل التأسي، وطريق النظر في العواقب.
• صوغ التشابيه وضرب الأمثلة.
• الحرص على الإعراب والبعد عن اللحن قدر المستطاع. ولا يعني ذلك أن تصرف الهمةُ إلى الإعراب، أو أن يتكلف الإنسان ذلك أكثر من اللازم، أو ألا يلقي الواعظ موعظته إلا إذا كان متمكناً من الإعراب.
• التذكير بمآلات الأمور ومن التذكير ما يرجع إلى البشارة بالخير في الدنيا والحسنى في الآخرة ومنه ما يرجع إلى الإنذار بسوء المنقلب في هذه الدار، أو عذاب الهون في تلك الدار.
• إعطاء الوسائل صورة ما تُفضي إليه من الخير والشر ويشهد لذلك كثير من النصوص منها قوله صلى الله عليه وسلم: الدال على الخير كفاعله.
• قرن القول ببعض الإشارات الحسية التي تناسب المعنى جاء في الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه".
• توجيه السؤال للمخاطبين بسؤالهم عن الشيء الذي يريد تعليمهم إياه أو تذكيرهم به لما فيه من تهيئة النفوس للإصغاء إلى ما يقال بعد ذلك.
• استدعاء طلب البيان وذلك أن يأتي بالكلام على وجه الغموض يستدعي به طلب البيان حتى إذا سئل عن ذلك أو شعر بحاجة المخاطبين إلى الجواب أجاب عنه ذلك فيتقرر المعنى في نفوسهم بأشد مما لو أتى من أول الأمر واضحاً بيناً.
• إثارة العواطف ومخاطبة الوجدان: ذلك أن مرمى الإقناع في الوعظ ليس هو الإلزام والإفحام فحسب وإنما مرماه حمل المخاطب على الإذعان، والتسليم بطوعه، وإرادته.
• استعمال أسلوب النداء ومناداة المخاطبين بما يحبون: وذلك بشد انتباه المخاطبين واستدعاء استجابتهم بنداءات يطلقها الواعظ في ثنايا حديثه بين الفينة والأخرى.
• الجمع بين الخوف والرجاء .
قال الزهري: لئلا يتكل رجل ولا ييأس رجل.
• مراعاة المصالح والمفاسد.
قال ابن القيم : فإذا كان إنكار المُنْكَرِ يستلزم ما هو أنكر منه، وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه، ويمقت أهله.
• تحديث الناس بما يعقلون قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟!.
• الاعتدال في الطرح والحذر من المبالغة وتضخيم الأمور بعيداً عن التهويل والتهوين. لأن الحقيقة تضيع بين ذلك.
• انشراح الصدر للنقد الهادف قال عمر بن عبد العزيز لمولاه مزاحم رحمهما الله: إن الولاة جعلوا العيون على العوام، وأنا أجعلك عيني على نفسي؛ فإن سمعت مني كلمة تربأ بي عنها، أو أفعالاً لا تحبها فعظني عنده، وانهني عنه.
• الإقبال على الله وإحسان معاملته عز وجل. قال أبو حازم : لا يحسن عبدٌ فيما بينه وبين الله تعالى إلا أحسن الله فيما بينه وبين العباد، ولا يعوِّر فيما بينه وبين الله تعالى إلا عوَّر الله فيما بينه وبين العباد، ولمُصَانَعَةُ وجهٍ واحدٍ أيسر من مصانعة الوجوه كلِّها؛ إنك إن صانعت الله مالت الوجوه كلُّها إليك، وإذا أفسدت ما بينك وبينه شنأتك الوجوه كلُّها.
• احتساب الأجر الواعظ الناصح المخلص يلقي الموعظة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً، وربما كانت سبباً لهداية ضال، أو ردع متمادٍ، أو إنهاض متكاسل، أو فتح باب من أبواب الخير، أو إغلاق لباب من أبواب الشر؛ فإذا ألقى الناس السمع للواعظ أفادوا منه كلٌّ بحسبه.
• ألا ينتظر الواعظ الشكر إلا من خالقه.
• الحذر من الورع الخادع الكاذب: ومن ذلك أن يَدَعَ الداعيْ الوعظ؛ حذراً من أن يخالط قصدَه الرياءُ والتطلع للسمعة فيقلُص نور إخلاصه، ويفوته ثواب الله في الدار الآخرة.
• الحذر من اليأس قال أبو حازم سلمة بن دينار : أفضل خصلة ترجى للمؤمن أن يكون أشد الناس خوفاً على نفسه، وأرجاه لكل مسلم.
• أن يستشعر الواعظ أنه هو المقصود الأول من موعظته وأنه مفتقر إلى الله عز وجل قيل:.
أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المسيكين في مجموع حالاتي
أنا الظلومُ لنفسي وهي ظالمتي ... والخيرُ إن يأتِنا من عنده ياتي لا أستطيع لنفسي جَلب منفعةٍ ولا ... عن النفس لي دفع المضراتِ
وليس لي دونه ربٌّ يدبرني... ولا شفيعٌ إذا حاطت خطيئاتي
إلا بإذن من الرحمن خالقِنا إلى... الشفيع كما قد جا في الآياتِ
ولست أملك شيئاً دونه أبداً ... ولا شريكٌ أنا في بعض ذراتِ
ولا ظهير له كي يستيعن به ... كما يكون لأرباب الولاياتِ
والفقر لي وصفُ ذاتٍ لازمٌ أبداً ... كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي
وهذه الحالُ حال الخلقِ أجمعهم ... وكلهم عنده عبد له آتي
فمن بغى مطلباً من غير خالقه فهو ... الجهول الظلوم المشرك العاتي
والحمد لله ملءُ الكون أجمعه ... ما كان منه وما مِنْ بَعْدُ قد ياتي
(مدارج السالكين 520 _ 521.)
كتاب
"آداب الموعظة"
لأبي جهاد سمير الجزائري وأهله
(كان الله لهما بكرمه ومنه وفضله)
مقاصد الموعظة وحكمها
• إقامة حجة الله على خلقه.
• الإعذار إلى الله عز وجل والخروج من عهدة التكليف.
• رجاءُ النفع للمأمور.
• رجاء ثواب الله عز وجل.
• الخوف من عقاب الله تعالى إذ تَرْكَ الدعوة مُؤذن بالعقوبة.
• النصيحة للمؤمنين والرحمة بهم والرغبة في إنقاذهم مما أوقعوا به أنفسهم فيه من التعرض لغضب الله وعقوبته في الدنيا والآخرة.
• إجلال الله وإعظامه ومحبته وأنه أهلٌ لأن يُطاع فلا يُعصى ويُذكر فلا يُنسى ويُشكر فلا يُكفر وأن يُفتدى من انتهاك محارمه بالنفوس والأموال.
أدب الموعظة
• التحلي بالتقوى وإخلاص النية
o جدير بالداعي أن يكون ذا نفس زكية وساحة طاهرة نقية حتى لا يكون الخلل حائلاً بينه وبين هداية الناس.
o لا يعني ذلك أن يكون معصوماً مبرأً من كل عيب إذ هو بشر وما كان له أن يدعي العصمة أو الصواب فيما يقول ويفعل إلا الأنبياء فيما يبلغون به عن ربهم _جل وعلا_.
o ولا يفهم من ذلك أيضاً أن يَدَعَ الإنسانُ الوعظَ إذا كان مقصِّراً في بعض الطاعات أو مُلِمَّاً ببعض المخالفات. قال الحسن لمطرف بن عبدالله _رحمهما الله_: عِظْ أصحابك، فقال مطرف: إني أخاف أن أقول مالا أفعل. فقال الحسن: يرحمك الله، وأينُّا يفعل مايقول؟ يود الشيطان لو ظفر منا بهذا؛ فلم يأمر أحد بمعروف، ولم ينه أحد عن منكر. ( تفسير القرطبي 1/367).
• عِلْم الواعظ بما يقول هو الذي يجعل الموعظة نقيةً من إيراد الأحاديث الموضوعة أو القصص المنبوذة أو تحسين البدع أو إضلال الناس ولا يفهم من ذلك أنه لابد للواعظ أن يكون عالماً متبحراً وإنما المقصود ألا يدعو إلا بما يعلم وألا يتكلم بما لا يعلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية".
• لين الجانب وبسط الوجه والإحسان إلى الناس قال الشيخ السعدي: واحذر غاية الحذر من احتقار من تجالسه من جميع الطبقات، وازدرائه، أو الاستهزاء به قولاً، أو فعلاً، أو إشارةً، أو تصريحاً، أو تعريضاً؛
فإن فيه ثلاثة محاذير:
أحدهما: التحريم والإثم على فاعله.
الثاني: دلالته على حمق صاحبه، وسفاهة عقله، وجهله.
الثالث: أنه باب من أبواب الشر، والضرر على نفسه. ( الرياض الناضرة لابن سعدي ص 419.)
• الصبر والحلم.
كان عمر بن عبدالعزيز يتمثل بهذه الأبيات: الحلم والعلم خَلَّتا كرمٍ... للمرء زينٌ إذ هما اجتمعا
صنوانِ لا يَسْتَتِمُّ حسنُهما ... إلا بجمع بذا وذاك معا
كم من وضيع سما به الحلم والـ ... ـعلم فحاز السناء وارتفعا
ومن رفيع البنا أضاعهما ... أخمله ما أضاع فاتضعا
• التجمل والعناية بالمظهر بلا إسراف قال بعض الحكماء: البس من الثياب ما لا يزدريك العظماء، ولا يعيبك الحكماء (أدب الدنيا والدين ص 355).
• إستعمال المداراة والبعد عن المداهنة: فالمداراة من أخلاق المؤمنين والمداهنة من صفات المنافقين والواعظ يحتاج إلى الأخذ بالأولى، والبعدِ عن الثانية. قال ابن حزم: وإياك ومخالفة الجليس، ومعارضةَ أهل زمانك فيما لايضرك في دنياك، ولا في أخراك وإن قلَّ؛ فإنك تستفيد بذلك الأذى والمنافرة، والعداوة وربما أدى ذلك إلى المطالبة والضرر العظيم دون منفعة أصلاً.( الأخلاق والسير ص61.)
• أخذ الأُهْبة والاستعداد خصوصاً إذا كان الواعظ في بداياته فعليه أن يُعِدَّ للكلمة جيداً وأن يتدرب على إلقائها.
• رباطة الجأش تولد مع الإنسان ويكتسبها أيضاً بالممارسة والمران.
• قوة الملاحظة لأجل أن يدرك أحوال المخاطبين حال إلقاء موعظته .
• حضور البديهة لأن الواعظ قد تمر به أحوالٌ تُجْبِره على العدول عن كلمة إلى أخرى.
• مراعاة المدة الزمنية للموعظة مما يعين على الانتفاع بالموعظة، والإصغاء إليها بإقبال ونشاط والعرب تقول في أمثالها: زِرْ غِبَّاً تزددْ حباً.
• التخول بالموعظة أدعى للاشتياق وأحرى لقبول الموعظة والانتفاع بها فجدير بالواعظ ألا يكثر من وعظ أناس بأعيانهم أو يتابع عليهم الوعظ مراراً قريباً بعضها من بعض فإن النفس شرود،وإن كثرة الوعظ تفقده أثره.
• التجوُّز في الموعظة عند ملاحظة الملل والفتور أن يقطع حديثه إذا لاحظ أن الملل والفتور قد دَبَّا إلى السامعين. أورد الخطيب في كتابه الجامع مسألة عنوانها كراهة التحديث لمن عارضه الكسل والفتور ثم قال: حق الفائدة أن تساق إلى مبتغيها، ولا تعرض إلا على الراغب فيها؛ فإذا رأى المحدِّثُ بعض الفتور من المستمع فليسكت؛ فإن بعض الأدباء قال: نشاط القائل على قدر فهم السامع.( الجامع ص 330.)
• مراعاة حال الجو فقد يكون شديد الحرارة أو شديد البرودة فإذا اجتمع هذا إلى ثقل الموعظة وطولها قل الانتفاع.
• معرفة النفوس والعقول دليل على حسن التصرف، وسبب في القوة والتأثير فالخبرة بما للطوائف والبيئات من أحوال نفسية وإلقاء الدعوة بالثوب الملائم لهذه الأحوال موكولٌ إلى ذكاء الواعظ.
• تحسس الأدواء والبداءة بالأهم فالمهم. جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله " لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب؛ فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وفي رواية إلى أن يوحدوا الله؛ فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة؛ فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم؛ فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
• الرفق في القول، واجتناب الكلمة الجافية ولقد أحسن من قال: لو سار ألفُ مَدَجَّجٍ في حاجة *** لم يَقْضِها إلا الذي يترفق ( روضة العقلاء ص 216.)
• نزاهة اللسان ومما يدخل في ذلك تجنب الفحش والبذاءة. قال القاسمي (رحمه الله) إياك، وما يستقبح من الكلام؛ فإنه ينفِّر عنك الكرام، ويوثِّب عليك اللئام. (جوامع الآداب للقاسمي ص 6.)
• صرف الإنكار على غير معين فذلك مما يندرج في سلك أدب الموعظة وهكذا كان صلى الله عليه وسلم من باب قوله: ما بال أقوام.
• على الواعظ توجيه الإنكار إلى نفسه تصريحاً وهو يعني السامع تلميحاً: كأن يقول: مالنا لانتَّقي الله، ونمتثل أوامره، ونجتنب نواهيه، ونحو ذلك...
• مراعاة المشاعر وألا يكثر الواعظُ من صيغة فعل الأمر كأن يكثر في كلامه: افعلوا واتركوا وألا يواجه الناس بما يكرهون.
• التثبت مما يقال والنظر في جدوى نشره. قال صلى الله عليه وسلم:"كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع".
• ألا يحرص على إبداء رأيه في كل أمر وألا يقول كل ما يعلم. قيل: وزِن الكلام إذا نطقت فإنما ... يبدي العقولَ أو العيوبَ المنطقُ
• التمهيد والتدرج في العرض.
• براعة الأسلوب ومراعاة مقتضيات الأحوال . ابن الجوزي الإمام المتمرس يقول: فالتحقيق مع العوام صعب، ولا يكادون ينتفعون بِمُرِِّ الحقِّ، إلا أن الواعظ مأمور بأن لا يتعدى الصواب، ولا يتعرض لما يفسدهم، بل يجذبهم إلى ما يصلح بألطف وجه.
وهذ يحتاج إلى صناعة؛ فإن مِنَ العوام مَنْ يعجبه حسن اللفظ، ومنهم من يعجبه الإشارة، ومنهم من ينقاد ببيت شعر.
وأحوج الناس إلى البلاغة الواعظ؛ ليجمع مطالبهم.
ولكنه ينبغي أن ينظر في اللازم الواجب، وأن يعطيهم من المباح في اللفظ قدر المِلح في الطعام، ثم يجتذبهم إلى العزائم، ويعرفهم الطريق الحق. ( صيد الخاطر لابن الجوزي ص 187_188.)
• حسن الاستفتاح: فمن أراد أن يجعل لموعظته القبول حَسُنَ عليه أن يعنى به تمام العناية. قال أبو هلال العسكري رحمه الله : إذا كان الابتداء حسناً بديعاً ومليحاً ورشيقاً كان داعيةَ الاستماعِ لما يجيء بعده من الكلام.
• حسن الختام:
الخاتمة هي آخر ما يلقيه الواعظ من كلامه ولها الأثر البالغ الباقي إذ هي آخر ما يَعْلَق بالنفس وأكثر ما يتصل بالقلب فإن كان وقعها حسناً انسحب ذلك على الموعظة وإلا ساء الأثر وضاعت الغاية المنشودة.
• التنويع في أساليب الخطاب فأحياناً يأتي بكلامه بصورة الاستفهام وأخرى بصورة التقرير وثالثة في صورة الطلب، ورابعة بإشارة، وخامسة بنداء، وهكذا...
• الترسل في الكلام وإلقاؤه مفصلاً دون إبطاء أو تعجيل قال أبو هلال العسكري: علامةُ سكونِ نَفْس الخطيب ورباطة جأشه هدوءه في كلامه وتمهله في منطقه.
• ملاحظة نبرة الصوت ويراعى أن تكون مسموعة بوضوح وأن تكون وسطاً بين رفع الصوت وبين رخاوة الصوت التي تفقد الموعظة أثرها وتجلب التماوت للسامعين.
• حسن الاستخدام للتكرار: للتكرار أثراً كبيراً في جذب الانتباه وتأكيد المعاني وتقريرها في الأذهان. عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ": أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً؛ حتى تُفْهم عنه" الحديث.
• توشيح الموعظة بالقرآن الكريم والأحاديث الصحيحة والأشعار الجميلة الرائقة قال محمد بن سلام عن بعض أشياخه قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يكاد يعرض له أمر إلا أنشد فيه بيت شعر.
• سَوْقُ القصص الصحيحة المؤثرة فالقصص تحمل في طياتها الدروس، والعبر، كما أنها سبيل التأسي، وطريق النظر في العواقب.
• صوغ التشابيه وضرب الأمثلة.
• الحرص على الإعراب والبعد عن اللحن قدر المستطاع. ولا يعني ذلك أن تصرف الهمةُ إلى الإعراب، أو أن يتكلف الإنسان ذلك أكثر من اللازم، أو ألا يلقي الواعظ موعظته إلا إذا كان متمكناً من الإعراب.
• التذكير بمآلات الأمور ومن التذكير ما يرجع إلى البشارة بالخير في الدنيا والحسنى في الآخرة ومنه ما يرجع إلى الإنذار بسوء المنقلب في هذه الدار، أو عذاب الهون في تلك الدار.
• إعطاء الوسائل صورة ما تُفضي إليه من الخير والشر ويشهد لذلك كثير من النصوص منها قوله صلى الله عليه وسلم: الدال على الخير كفاعله.
• قرن القول ببعض الإشارات الحسية التي تناسب المعنى جاء في الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه".
• توجيه السؤال للمخاطبين بسؤالهم عن الشيء الذي يريد تعليمهم إياه أو تذكيرهم به لما فيه من تهيئة النفوس للإصغاء إلى ما يقال بعد ذلك.
• استدعاء طلب البيان وذلك أن يأتي بالكلام على وجه الغموض يستدعي به طلب البيان حتى إذا سئل عن ذلك أو شعر بحاجة المخاطبين إلى الجواب أجاب عنه ذلك فيتقرر المعنى في نفوسهم بأشد مما لو أتى من أول الأمر واضحاً بيناً.
• إثارة العواطف ومخاطبة الوجدان: ذلك أن مرمى الإقناع في الوعظ ليس هو الإلزام والإفحام فحسب وإنما مرماه حمل المخاطب على الإذعان، والتسليم بطوعه، وإرادته.
• استعمال أسلوب النداء ومناداة المخاطبين بما يحبون: وذلك بشد انتباه المخاطبين واستدعاء استجابتهم بنداءات يطلقها الواعظ في ثنايا حديثه بين الفينة والأخرى.
• الجمع بين الخوف والرجاء .
قال الزهري: لئلا يتكل رجل ولا ييأس رجل.
• مراعاة المصالح والمفاسد.
قال ابن القيم : فإذا كان إنكار المُنْكَرِ يستلزم ما هو أنكر منه، وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه، ويمقت أهله.
• تحديث الناس بما يعقلون قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟!.
• الاعتدال في الطرح والحذر من المبالغة وتضخيم الأمور بعيداً عن التهويل والتهوين. لأن الحقيقة تضيع بين ذلك.
• انشراح الصدر للنقد الهادف قال عمر بن عبد العزيز لمولاه مزاحم رحمهما الله: إن الولاة جعلوا العيون على العوام، وأنا أجعلك عيني على نفسي؛ فإن سمعت مني كلمة تربأ بي عنها، أو أفعالاً لا تحبها فعظني عنده، وانهني عنه.
• الإقبال على الله وإحسان معاملته عز وجل. قال أبو حازم : لا يحسن عبدٌ فيما بينه وبين الله تعالى إلا أحسن الله فيما بينه وبين العباد، ولا يعوِّر فيما بينه وبين الله تعالى إلا عوَّر الله فيما بينه وبين العباد، ولمُصَانَعَةُ وجهٍ واحدٍ أيسر من مصانعة الوجوه كلِّها؛ إنك إن صانعت الله مالت الوجوه كلُّها إليك، وإذا أفسدت ما بينك وبينه شنأتك الوجوه كلُّها.
• احتساب الأجر الواعظ الناصح المخلص يلقي الموعظة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً، وربما كانت سبباً لهداية ضال، أو ردع متمادٍ، أو إنهاض متكاسل، أو فتح باب من أبواب الخير، أو إغلاق لباب من أبواب الشر؛ فإذا ألقى الناس السمع للواعظ أفادوا منه كلٌّ بحسبه.
• ألا ينتظر الواعظ الشكر إلا من خالقه.
• الحذر من الورع الخادع الكاذب: ومن ذلك أن يَدَعَ الداعيْ الوعظ؛ حذراً من أن يخالط قصدَه الرياءُ والتطلع للسمعة فيقلُص نور إخلاصه، ويفوته ثواب الله في الدار الآخرة.
• الحذر من اليأس قال أبو حازم سلمة بن دينار : أفضل خصلة ترجى للمؤمن أن يكون أشد الناس خوفاً على نفسه، وأرجاه لكل مسلم.
• أن يستشعر الواعظ أنه هو المقصود الأول من موعظته وأنه مفتقر إلى الله عز وجل قيل:.
أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المسيكين في مجموع حالاتي
أنا الظلومُ لنفسي وهي ظالمتي ... والخيرُ إن يأتِنا من عنده ياتي لا أستطيع لنفسي جَلب منفعةٍ ولا ... عن النفس لي دفع المضراتِ
وليس لي دونه ربٌّ يدبرني... ولا شفيعٌ إذا حاطت خطيئاتي
إلا بإذن من الرحمن خالقِنا إلى... الشفيع كما قد جا في الآياتِ
ولست أملك شيئاً دونه أبداً ... ولا شريكٌ أنا في بعض ذراتِ
ولا ظهير له كي يستيعن به ... كما يكون لأرباب الولاياتِ
والفقر لي وصفُ ذاتٍ لازمٌ أبداً ... كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي
وهذه الحالُ حال الخلقِ أجمعهم ... وكلهم عنده عبد له آتي
فمن بغى مطلباً من غير خالقه فهو ... الجهول الظلوم المشرك العاتي
والحمد لله ملءُ الكون أجمعه ... ما كان منه وما مِنْ بَعْدُ قد ياتي
(مدارج السالكين 520 _ 521.)