السؤال: أعاني من وساوس الشيطان، حيث أجد في نفسي سؤالا محيرا، وهو: ما هو الشيء الحسي الذي يثبت صحة نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فما هو الحل لهذه المشكلة؟
الجواب: الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يملأ نفسه بالإيمان، وأن يطرح كل ما يجول في خاطره من حديث نفس ووسواس الشيطان يحول بينه وبين الله سبحانه وتعالى، ويدع الشكوك والظنون التي إن لم يحاربها جادًّا بقوة العزيمة والثبات وقع في شباكها وشراكها لكن إذا كانت المقاومة ودفع الوساوس بصبر واحتساب فإنَّ ذلك من الإيمان كما جاء بعض الصحابة رضي الله عنهم النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَسَأَلُوهُ "إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ؟ قَالَ: ذَلكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ"(١- أخرجه مسلم في الإيمان (132)، وأبو داود في الأدب (5111)، وابن حبان في صحيحه كتاب الإيمان (145)، وأحمد (9401)، وأبو يعلى في مسنده (5923)، والبخاري في الأدب المفرد (1320)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، هذا إذا وردت على قلبه دون شبهة فليستعذ بالله وليقل: آمنت بالله ورسله لقوله تعالى: ﴿ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾[الأعراف : 200]، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ"(٢- أخرجه البخاري في بدء الخلق (3102)، ومسلم في الإيمان (134)، وأبو عوانة في مسنده (236)، وابن أبي عاصم في السنة (651)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، ومن طريق آخر: "فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللهِ وَرُسُلِهِ"(٣- أخرجه أحمد (26246)، وأبو يعلى في مسنده (4704)، من حديث عائشة رضي الله عنها، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث خزيمة بن ثابت رضي اله عنه (3719)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/33): "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجاله ثقات"، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1657)، وفي "ظلال الجنة" (650))ولذلك ينبغي للإنسان اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى لطرح الوساوس ويدفعها بالإعراض عن الإصغاء إليها والمبادرة إلى قطعها بأن يتعوَّذ بالمعوذات، وقراءة آية الكرسي، وكثرة الذكر ومنها قوله:" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير" عشر مرات عقب صلاة المغرب وعقب صلاة الصبح(٤- أخرجه أحمد (17529)، من حديث عبد الرحمن بن غنم الأشعري رضي الله عنه) أيضا، وكذلك إذا قال:" لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ َكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ "(٥- أخرجه البخاري في الدعوات (6040)، ومسلم في الذكر (2691)، والترمذي في الدعوات (346، وابن ماجه في الأدب (379، ومالك في الموطإ (48، من حديث أَبِي هريرةَ رضي الله عنه)، ومن الذكر أيضا قراءة سورة البقرة والتعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، ومن جملة الأدعية أن يتعوَّذ من الشيطان بقوله:"اللهم إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرَكِهِ وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ"(٦- أخرجه الترمذي في الدعوات (3529)، وأحمد (81)، والبخاري في الأدب المفرد (1204)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وحسنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/122)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7813)).
أمَّا الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فإنّها لا تدفع إلا باستدلال ونظر في إبطالها، ومن الأدلة الحسية على صحة نبوته صلى الله عليه وآله وسلم فكثيرة منها: ما أخبر بالغيوب المستقبلة المطابقة لخبره صلى الله عليه وآله وسلم من إظهار دينه وإعلاء كلمته واستخلاف الذين آمنوا وعملوا الصالحات من أمته الأرض، وما أخبر به من غلبة الروم فارس في بضع سنين، وما أخبر به أن كنوز كسرى وقيصر ستنفق في سبيل الله، وأخبر يوم بدر قبل الوقعة بيوم بمصارع القتلى واحدا واحدا فكان كما أخبر، وبشر أمته بأن ملكهم سيمتد في طول الأرض فكان على نحو ما أخبر، وأخبر أيضا بأن لا تقوم الساعة حتى تقاتل أمته قوما صغار الأعين ذُلْفَ الأنُوف، كأن وجوههم المجانُّ المُطرَقَةُ وهي حلية التتار فكان كذلك، كما أخبر أنّ عمارا ستقتله الفئة الباغية، فقتل يوم صِفِّين مع علي رضي الله عنه، كما أخبر أنّ الحسن بن علي رضي الله عنهما سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكان كما أخبر، وأخبر بقتال الخوارج، ووصف لهم ذا الثُدَيَّةِ، فوجد كما وصف سواءً سواءً.
ومنها: ما بشرت الكتب السماوية المتقدمة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من التوراة والإنجيل مكتوب فقال الله تعالى عن نبيه عيسى بن مريم أنّه قال: ﴿وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف:6]، وروى البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنّه وجد صفته صلى الله عليه وآله وسلم وذكرها. وفي توراة اليوم التي يقر اليهود بصحتها في السفر الأول أن الله تعالى تجلى لإبراهيم وقال له ما معناه: "قم فاسلك في الأرض طولا وعرضا لولدك تعظيما" ومعلوم أنّه لم يملك مشارق الأرض ومغاربها إلا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في الصحيح عنه أنّه قال: "إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا"(٧- أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2889)، وأبو داود في الفتن والملاحم (4252)، والترمذي في الفتن (2176)، وابن حبان (723، والحاكم في المستدرك (8390)، وأحمد (21946)، والبيهقي (19129)، من حديث ثوبان رضي الله عنه) وأمّا معجزاته فكثيرة منها: انشقاق القمر وقد رُئي بالعيان، وحنين الجذع، وتسبيح الحصيات وخروج الماء بين أصابعه صلى الله عليه وآله وسلم، ومنها إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوافل قريش التي كانت برحلة الشتاء والصيف عند الإسراء به إلى المسجد الأقصى، ومن أعظم المعجزات القرآن الكريم الذي تحدَّى العرب وفصحائهم وبلغائهم بأن يأتوا بآية من مثله، قال الله سبحانه وتعالى:﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ﴾ [الإسراء: 88]، ومعجزات أخرى حسية فيه فهو صادق فيما أخبر ويجب على المسلم حتى يصح إيمانه أن يصدق به فمن شك فيه أو في رسالته ممّا يستقر في النفوس التي توجبها الشبهة فعليه أن يجدد إيمانه.
نسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يقينا وإياك شرَّ الشيطان ومكائده ومصائده ويثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة، وأن يسدد خطانا ويجعلنا من حماة الدين ومن الذابين عن سنته، اللهم إنا نسألك إيمانا يباشر قلوبنا ويقينا صادقًا، ويجعلنا من الراشدين، اللهم إنا نعوذ بك من الشكِّ والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله تعالى
الفتوى رقم: 498
http://www.ferkous.com/rep/Bq68.php
الجواب: الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يملأ نفسه بالإيمان، وأن يطرح كل ما يجول في خاطره من حديث نفس ووسواس الشيطان يحول بينه وبين الله سبحانه وتعالى، ويدع الشكوك والظنون التي إن لم يحاربها جادًّا بقوة العزيمة والثبات وقع في شباكها وشراكها لكن إذا كانت المقاومة ودفع الوساوس بصبر واحتساب فإنَّ ذلك من الإيمان كما جاء بعض الصحابة رضي الله عنهم النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فَسَأَلُوهُ "إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ؟ قَالَ: ذَلكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ"(١- أخرجه مسلم في الإيمان (132)، وأبو داود في الأدب (5111)، وابن حبان في صحيحه كتاب الإيمان (145)، وأحمد (9401)، وأبو يعلى في مسنده (5923)، والبخاري في الأدب المفرد (1320)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، هذا إذا وردت على قلبه دون شبهة فليستعذ بالله وليقل: آمنت بالله ورسله لقوله تعالى: ﴿ وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾[الأعراف : 200]، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ، وَلْيَنْتَهِ"(٢- أخرجه البخاري في بدء الخلق (3102)، ومسلم في الإيمان (134)، وأبو عوانة في مسنده (236)، وابن أبي عاصم في السنة (651)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، ومن طريق آخر: "فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللهِ وَرُسُلِهِ"(٣- أخرجه أحمد (26246)، وأبو يعلى في مسنده (4704)، من حديث عائشة رضي الله عنها، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث خزيمة بن ثابت رضي اله عنه (3719)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/33): "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجاله ثقات"، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1657)، وفي "ظلال الجنة" (650))ولذلك ينبغي للإنسان اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى لطرح الوساوس ويدفعها بالإعراض عن الإصغاء إليها والمبادرة إلى قطعها بأن يتعوَّذ بالمعوذات، وقراءة آية الكرسي، وكثرة الذكر ومنها قوله:" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير" عشر مرات عقب صلاة المغرب وعقب صلاة الصبح(٤- أخرجه أحمد (17529)، من حديث عبد الرحمن بن غنم الأشعري رضي الله عنه) أيضا، وكذلك إذا قال:" لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ َكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ "(٥- أخرجه البخاري في الدعوات (6040)، ومسلم في الذكر (2691)، والترمذي في الدعوات (346، وابن ماجه في الأدب (379، ومالك في الموطإ (48، من حديث أَبِي هريرةَ رضي الله عنه)، ومن الذكر أيضا قراءة سورة البقرة والتعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، ومن جملة الأدعية أن يتعوَّذ من الشيطان بقوله:"اللهم إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرَكِهِ وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ"(٦- أخرجه الترمذي في الدعوات (3529)، وأحمد (81)، والبخاري في الأدب المفرد (1204)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وحسنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/122)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7813)).
أمَّا الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فإنّها لا تدفع إلا باستدلال ونظر في إبطالها، ومن الأدلة الحسية على صحة نبوته صلى الله عليه وآله وسلم فكثيرة منها: ما أخبر بالغيوب المستقبلة المطابقة لخبره صلى الله عليه وآله وسلم من إظهار دينه وإعلاء كلمته واستخلاف الذين آمنوا وعملوا الصالحات من أمته الأرض، وما أخبر به من غلبة الروم فارس في بضع سنين، وما أخبر به أن كنوز كسرى وقيصر ستنفق في سبيل الله، وأخبر يوم بدر قبل الوقعة بيوم بمصارع القتلى واحدا واحدا فكان كما أخبر، وبشر أمته بأن ملكهم سيمتد في طول الأرض فكان على نحو ما أخبر، وأخبر أيضا بأن لا تقوم الساعة حتى تقاتل أمته قوما صغار الأعين ذُلْفَ الأنُوف، كأن وجوههم المجانُّ المُطرَقَةُ وهي حلية التتار فكان كذلك، كما أخبر أنّ عمارا ستقتله الفئة الباغية، فقتل يوم صِفِّين مع علي رضي الله عنه، كما أخبر أنّ الحسن بن علي رضي الله عنهما سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكان كما أخبر، وأخبر بقتال الخوارج، ووصف لهم ذا الثُدَيَّةِ، فوجد كما وصف سواءً سواءً.
ومنها: ما بشرت الكتب السماوية المتقدمة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من التوراة والإنجيل مكتوب فقال الله تعالى عن نبيه عيسى بن مريم أنّه قال: ﴿وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف:6]، وروى البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنّه وجد صفته صلى الله عليه وآله وسلم وذكرها. وفي توراة اليوم التي يقر اليهود بصحتها في السفر الأول أن الله تعالى تجلى لإبراهيم وقال له ما معناه: "قم فاسلك في الأرض طولا وعرضا لولدك تعظيما" ومعلوم أنّه لم يملك مشارق الأرض ومغاربها إلا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في الصحيح عنه أنّه قال: "إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا"(٧- أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة (2889)، وأبو داود في الفتن والملاحم (4252)، والترمذي في الفتن (2176)، وابن حبان (723، والحاكم في المستدرك (8390)، وأحمد (21946)، والبيهقي (19129)، من حديث ثوبان رضي الله عنه) وأمّا معجزاته فكثيرة منها: انشقاق القمر وقد رُئي بالعيان، وحنين الجذع، وتسبيح الحصيات وخروج الماء بين أصابعه صلى الله عليه وآله وسلم، ومنها إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوافل قريش التي كانت برحلة الشتاء والصيف عند الإسراء به إلى المسجد الأقصى، ومن أعظم المعجزات القرآن الكريم الذي تحدَّى العرب وفصحائهم وبلغائهم بأن يأتوا بآية من مثله، قال الله سبحانه وتعالى:﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ﴾ [الإسراء: 88]، ومعجزات أخرى حسية فيه فهو صادق فيما أخبر ويجب على المسلم حتى يصح إيمانه أن يصدق به فمن شك فيه أو في رسالته ممّا يستقر في النفوس التي توجبها الشبهة فعليه أن يجدد إيمانه.
نسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يقينا وإياك شرَّ الشيطان ومكائده ومصائده ويثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة، وأن يسدد خطانا ويجعلنا من حماة الدين ومن الذابين عن سنته، اللهم إنا نسألك إيمانا يباشر قلوبنا ويقينا صادقًا، ويجعلنا من الراشدين، اللهم إنا نعوذ بك من الشكِّ والشرك والشقاق والنفاق وسوء الأخلاق.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الشيخ محمد علي فركوس حفظه الله تعالى
الفتوى رقم: 498
http://www.ferkous.com/rep/Bq68.php