السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بسم الله والحمد لله الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم,أما بعد.
سوف أسوق لكم-حفظكم الله-قصص من الأدب ومن حياة السلف والتابعين ,ولكن قبل أن أنقلها لكم أحب أن نتفق أن قرأتنا لهذه القصص, لكى نقف عندها ونتأمل فيها ويكون لنا موقف عند جميع أحداثها بل عند كل كلمه نستخرج منها فائده تنفعنا فى دنيننا ودنينا.
وبما أن الفوائد قد تخفى على بعضنا دون البعض كل بحسب ما بصره الله وأمده من علمه فسوف نعلق ونستخرج هذه الفوائد التى نحقق منها المطلوب من سرد هذه القصص ,ولا تكون مجرد قصص و"حواديت"تشبه قصص القصاص الذين حذر منهم السلف الصالح وحذروا من الجلوس اليهم ,
وهذه قصه ذكرها الجاحظ وهى:"القاضى عبد الله بن سوار وإلحاح الذباب ".
قال:"كان لنا بالبصرة قاض يقال له عبد الله بن سوار ,لم ير الناس حاكماً قط ولا زميتاًولا ركيناً * ,ولا وقراً حليماً ,ضبط من نفسه وملك من حركته مثل الذى ضبط وملك ,كان يصلى الغداة فى منزله ,وهو قريب الدار من مسجده , فيأتى مجلسه فيجتبى* ولا يتكىء ,فلا يزال منتصباً ولا يتحرك له عضو ,ولا يلتفت ,ولا يحل حبوته,ولا يحول رجلاً عن رجل,ولا يعتمد على أحد شقيه,حتى كأنه بناء مبنى ,أو صخرة منصوبه,فلا يزال كذلك حتى يقوم إلى صلاة الظهر ثم يعود إلى مجلسه ,فلا يزال كذلك حتى يقوم إلى العصر ,ثم يرجع إلى مجلسه ,فلا يزال كذلك حتى يقوم الى المغرب ,ثم ربما عاد إلى محله ,بل كثيراً ما يكون ذلك إذا بقى عليه من قراءه العهود والشروط والوثائق,ثم يصلى العشاء الاخيرة وينصرف ,فالحق يقال :لم يقم فى طول تلك المدة والولايه مرة واحدة إلى الوضوء ,ولا يحتاج إليه ,ولا شرب ماء ولا غيره من الشراب ,كذلك كان شأنه فى طوال الأيام وفى قصارها ,وفى صيفها وفى شتائها ,وكان مع ذلم لا يحرك يده ,ولا يشير برأسه ,وليس إلا أن يتكلم ثم يؤجز ,ويبلغ الكلام اليسير المعانى الكثيرة .
فبينما هو كذلك ذات يوم وأصحابه حواليه ,وفى السّماطين بين يديه ,إذ سقط على أنفه ذباب فاطال المكث ,ثم تحول إلى موّق* عينيه ,فرام * الصبر فى سقوطه على الموّق ,وعلى عضه ونفاذ خرطومه كما رام من الصبر على سقوطه على أنفه من غير أن يحرك أرنبته ,أو يغضّن وجهه أو يذب بإصبعه ,فلما طال ذلك عليه من الذباب وشغله وأوجعه أحرقه ,وقصد إلى مكان لا يحتمل التغافل ,أطبق جفنه الأعلى على جفنه الأسفل فلم ينهض ،فدعاه ذلك إلى أن والى بين الإطباق والفتح ,فتنحر ريثما سكن جفنه ,ثم عاد إلى موّقته بأشد من مرته الأولى فغمس خرطومه فى مكان كان قد أوهاه قبل ذلك ,فكان احتماله له أضعف ,وعجزه عن الصبر فى الثانيه أقوى ,فحرّك أجفانه وزاد فى شده الحركه وفى فتح العين ,وفى تتابع الفتح الإطباق ,فتنحى عنه بقدر ماسكنت حركته ثم عاد إلى موضعه .فما زال يلح عليه إلى أن فرغ صبره وبلغ مجهوده ,فلم يجد بدا فى أن يذب عن عينيه بيده ,ففعل ,وعيون القوم إليه ترمقه,وكأنهم لا يرونه ,فتنحى عنه بقدر ما ردّ يده وسكنت حركته ثم عاد إلى موضعه ,ثم ألجاه إلى أن تابع بين ذلك ,وعلم أن فعله كله بعين من حضره من أمنائه وجلسائه ,فلما نظروا إليه قال:"أشهد أن الذباب ألحّ من الخنفساء وأزهى من الغراب وأستغفر الله فما أكثر من اعجبته نفسه فأراد الله -عز وجل أن يعّرفه من ضعفه ما كان عنه مستوراً وقد علمت أنّى عند الناس من أزمت الناس ,فقد غلبنى وفضحنى أضعف خلقه ثم تلا :"وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب".
ركيناً:رزيناً
يجتبى:يضم أطراف عباءته من الأمام
موّق عينيه:طرف العين الداخلى القريب من الأنف وهو مجرى الدمع
رام :طلب
أزمت الناس :أكثرهم صموداً
هذه القصه انتهت فما الفوائد التى اتفقنا على أستخرجها؟
الأجابه تحتاج لكل من يقرأها ربما يفتح الله على بعضنا دون البعض
يتبع بإذن الله
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بسم الله والحمد لله الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم,أما بعد.
سوف أسوق لكم-حفظكم الله-قصص من الأدب ومن حياة السلف والتابعين ,ولكن قبل أن أنقلها لكم أحب أن نتفق أن قرأتنا لهذه القصص, لكى نقف عندها ونتأمل فيها ويكون لنا موقف عند جميع أحداثها بل عند كل كلمه نستخرج منها فائده تنفعنا فى دنيننا ودنينا.
وبما أن الفوائد قد تخفى على بعضنا دون البعض كل بحسب ما بصره الله وأمده من علمه فسوف نعلق ونستخرج هذه الفوائد التى نحقق منها المطلوب من سرد هذه القصص ,ولا تكون مجرد قصص و"حواديت"تشبه قصص القصاص الذين حذر منهم السلف الصالح وحذروا من الجلوس اليهم ,
وهذه قصه ذكرها الجاحظ وهى:"القاضى عبد الله بن سوار وإلحاح الذباب ".
قال:"كان لنا بالبصرة قاض يقال له عبد الله بن سوار ,لم ير الناس حاكماً قط ولا زميتاًولا ركيناً * ,ولا وقراً حليماً ,ضبط من نفسه وملك من حركته مثل الذى ضبط وملك ,كان يصلى الغداة فى منزله ,وهو قريب الدار من مسجده , فيأتى مجلسه فيجتبى* ولا يتكىء ,فلا يزال منتصباً ولا يتحرك له عضو ,ولا يلتفت ,ولا يحل حبوته,ولا يحول رجلاً عن رجل,ولا يعتمد على أحد شقيه,حتى كأنه بناء مبنى ,أو صخرة منصوبه,فلا يزال كذلك حتى يقوم إلى صلاة الظهر ثم يعود إلى مجلسه ,فلا يزال كذلك حتى يقوم إلى العصر ,ثم يرجع إلى مجلسه ,فلا يزال كذلك حتى يقوم الى المغرب ,ثم ربما عاد إلى محله ,بل كثيراً ما يكون ذلك إذا بقى عليه من قراءه العهود والشروط والوثائق,ثم يصلى العشاء الاخيرة وينصرف ,فالحق يقال :لم يقم فى طول تلك المدة والولايه مرة واحدة إلى الوضوء ,ولا يحتاج إليه ,ولا شرب ماء ولا غيره من الشراب ,كذلك كان شأنه فى طوال الأيام وفى قصارها ,وفى صيفها وفى شتائها ,وكان مع ذلم لا يحرك يده ,ولا يشير برأسه ,وليس إلا أن يتكلم ثم يؤجز ,ويبلغ الكلام اليسير المعانى الكثيرة .
فبينما هو كذلك ذات يوم وأصحابه حواليه ,وفى السّماطين بين يديه ,إذ سقط على أنفه ذباب فاطال المكث ,ثم تحول إلى موّق* عينيه ,فرام * الصبر فى سقوطه على الموّق ,وعلى عضه ونفاذ خرطومه كما رام من الصبر على سقوطه على أنفه من غير أن يحرك أرنبته ,أو يغضّن وجهه أو يذب بإصبعه ,فلما طال ذلك عليه من الذباب وشغله وأوجعه أحرقه ,وقصد إلى مكان لا يحتمل التغافل ,أطبق جفنه الأعلى على جفنه الأسفل فلم ينهض ،فدعاه ذلك إلى أن والى بين الإطباق والفتح ,فتنحر ريثما سكن جفنه ,ثم عاد إلى موّقته بأشد من مرته الأولى فغمس خرطومه فى مكان كان قد أوهاه قبل ذلك ,فكان احتماله له أضعف ,وعجزه عن الصبر فى الثانيه أقوى ,فحرّك أجفانه وزاد فى شده الحركه وفى فتح العين ,وفى تتابع الفتح الإطباق ,فتنحى عنه بقدر ماسكنت حركته ثم عاد إلى موضعه .فما زال يلح عليه إلى أن فرغ صبره وبلغ مجهوده ,فلم يجد بدا فى أن يذب عن عينيه بيده ,ففعل ,وعيون القوم إليه ترمقه,وكأنهم لا يرونه ,فتنحى عنه بقدر ما ردّ يده وسكنت حركته ثم عاد إلى موضعه ,ثم ألجاه إلى أن تابع بين ذلك ,وعلم أن فعله كله بعين من حضره من أمنائه وجلسائه ,فلما نظروا إليه قال:"أشهد أن الذباب ألحّ من الخنفساء وأزهى من الغراب وأستغفر الله فما أكثر من اعجبته نفسه فأراد الله -عز وجل أن يعّرفه من ضعفه ما كان عنه مستوراً وقد علمت أنّى عند الناس من أزمت الناس ,فقد غلبنى وفضحنى أضعف خلقه ثم تلا :"وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب".
ركيناً:رزيناً
يجتبى:يضم أطراف عباءته من الأمام
موّق عينيه:طرف العين الداخلى القريب من الأنف وهو مجرى الدمع
رام :طلب
أزمت الناس :أكثرهم صموداً
هذه القصه انتهت فما الفوائد التى اتفقنا على أستخرجها؟
الأجابه تحتاج لكل من يقرأها ربما يفتح الله على بعضنا دون البعض
يتبع بإذن الله
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
تعليق