قال العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله تعالى:
" يورد كثير من الناس أن أهل الغرب أحسن أخلاقاً منا في تعاملهم وبيعهم وشرائهم بينما تجد الغش والكذب وإنفاق السلعة بالحلف الكاذب منتشراً بين صفوفنا نحن المسلمين .
وللرد على هذه الفرية نقول : قال النبي عليه الصلاة والسلام ( البينة على المدعي )(1) , وما كان مشهوراً بين الناس من أن الغرب عندهم حسن الخلق في المعاملة فهذا ليس بصحيح , فإن عندهم من سوء المعاملة ما يعرفه من ذهب إليهم ونظر إليهم بعين العدل والإنصاف دون النظر إليهم بعين الإجلال , والإكبار فقد قال الشاعر :
فهم لا يفعلون ذلك لأنهم كاملوا الأخلاق , لكن لأنهم أصحاب مادة , ويرون من أكبر الدعايات لتنمية أموالهم أن يحسنوا المعاملة , من أجل أن يجذبوا إليهم الأعداد الكبيرة . وإلا فهم كما وصفهم الله عز وجل ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ )[البينة:6] , ولا أظن أحداً أصدق وصفاً من الله عز وجل للكافرين , فإنهم شر البرية , وكيف يرجى خيرٌ مقصود لذاته من قوم وصفهم الله بأنهم شر البرية , لا أعتقد أن ذلك يكون أبداً , لكن ما يوجد فيهم من الصدق والبيان , والنصح في بعض المعاملات , إنما هو مقصود لغيره عندهم , وهو الحصول على المادة والكسب , وإلا فمن رأى ظلمهم وغُشمهم واستطالتهم على الخلق في مواطن كثيرة , عرف مصداق قوله تعالى (أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ )[البينة:6] .
وأما بالنسبة لما وقع من كثير من المسلمين , من الغش والكذب والخيانة في المعاملات فإن هؤلاء المسلمين نقصوا من إسلامهم وإيمانهم بقدر ما خالفوا الشريعة فيه من هذه المعاملات
فلا يعني أن مخالفة بعض المسلمين وخروجهم عن إطار الشريعة في مثل هذه الأمور , لا يعني ذلك النقص في الشريعة نفسها , فالشريعة كاملة , وهؤلاء الذين أساءوا إلى شريعة الإسلام , ثم إلى إخوانهم المسلمين , هؤلاء أساءوا إلى أنفسهم فقط , والعاقل لا يجعل إساءة العامل سوءاً في الشريعة التي ينتمي إليها هذا العامل .
ولذلك فإنني أرجو من جميع المسلمين أن تكون لهم حملة قوية في محاربة هذه الأمور التي لا يقرها الإسلام من الكذب والخيانة والغش والخداع وما أشبه ذلك .
فلا بد أن نبين للناس أن من كمال الدين كمال الخُلُق كما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً )(2) .
وعلى هذا فكل من كان ناقص الخلق فهو ناقص الدين , فكمال الدين بكمال الخلق , ولذلك فإن تأثير كامل الخلق على غيره من جَلبِهِ إلى الإسلام وإلى الدين أكبر من تأثير ذي الديانة السيئ الخلق , فإذا وفق من كان قوياً في العبادة إلى كمال الخلق كان ذلك أحسن وأكمل ".
[ مكارم الأخلاق]
ــــــــــ
(1) أخرجه الترمذي رقم1341 وصحح الألباني في صحيح الجامع2897
(2) أخرجه أبو داود رقم4682 والترمذي رقم1162 وانظر صحيح الجامع رقم1230 ,1232
" يورد كثير من الناس أن أهل الغرب أحسن أخلاقاً منا في تعاملهم وبيعهم وشرائهم بينما تجد الغش والكذب وإنفاق السلعة بالحلف الكاذب منتشراً بين صفوفنا نحن المسلمين .
وللرد على هذه الفرية نقول : قال النبي عليه الصلاة والسلام ( البينة على المدعي )(1) , وما كان مشهوراً بين الناس من أن الغرب عندهم حسن الخلق في المعاملة فهذا ليس بصحيح , فإن عندهم من سوء المعاملة ما يعرفه من ذهب إليهم ونظر إليهم بعين العدل والإنصاف دون النظر إليهم بعين الإجلال , والإكبار فقد قال الشاعر :
وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٌ *** كما أن عين السخط تبدي المساويا
ولقد حدثني كثير من الشباب الثقات الذين ذهبوا إلى الغرب عن أفعال من أسوأ الأخلاق , لكنهم هم إذا نصحوا فيما ينصحون فيه من البيع والشراء , فليس لأنهم ذوو أخلاق , وإنما لأنهم عباد مادة , والإنسان كلما كان أنصح في معاملة من هذه المعاملات الدنيوية كان الناس إليه أقبل وإلى شراء سلعته وترويجها أسرع .فهم لا يفعلون ذلك لأنهم كاملوا الأخلاق , لكن لأنهم أصحاب مادة , ويرون من أكبر الدعايات لتنمية أموالهم أن يحسنوا المعاملة , من أجل أن يجذبوا إليهم الأعداد الكبيرة . وإلا فهم كما وصفهم الله عز وجل ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ )[البينة:6] , ولا أظن أحداً أصدق وصفاً من الله عز وجل للكافرين , فإنهم شر البرية , وكيف يرجى خيرٌ مقصود لذاته من قوم وصفهم الله بأنهم شر البرية , لا أعتقد أن ذلك يكون أبداً , لكن ما يوجد فيهم من الصدق والبيان , والنصح في بعض المعاملات , إنما هو مقصود لغيره عندهم , وهو الحصول على المادة والكسب , وإلا فمن رأى ظلمهم وغُشمهم واستطالتهم على الخلق في مواطن كثيرة , عرف مصداق قوله تعالى (أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ )[البينة:6] .
وأما بالنسبة لما وقع من كثير من المسلمين , من الغش والكذب والخيانة في المعاملات فإن هؤلاء المسلمين نقصوا من إسلامهم وإيمانهم بقدر ما خالفوا الشريعة فيه من هذه المعاملات
فلا يعني أن مخالفة بعض المسلمين وخروجهم عن إطار الشريعة في مثل هذه الأمور , لا يعني ذلك النقص في الشريعة نفسها , فالشريعة كاملة , وهؤلاء الذين أساءوا إلى شريعة الإسلام , ثم إلى إخوانهم المسلمين , هؤلاء أساءوا إلى أنفسهم فقط , والعاقل لا يجعل إساءة العامل سوءاً في الشريعة التي ينتمي إليها هذا العامل .
ولذلك فإنني أرجو من جميع المسلمين أن تكون لهم حملة قوية في محاربة هذه الأمور التي لا يقرها الإسلام من الكذب والخيانة والغش والخداع وما أشبه ذلك .
فلا بد أن نبين للناس أن من كمال الدين كمال الخُلُق كما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً )(2) .
وعلى هذا فكل من كان ناقص الخلق فهو ناقص الدين , فكمال الدين بكمال الخلق , ولذلك فإن تأثير كامل الخلق على غيره من جَلبِهِ إلى الإسلام وإلى الدين أكبر من تأثير ذي الديانة السيئ الخلق , فإذا وفق من كان قوياً في العبادة إلى كمال الخلق كان ذلك أحسن وأكمل ".
[ مكارم الأخلاق]
ــــــــــ
(1) أخرجه الترمذي رقم1341 وصحح الألباني في صحيح الجامع2897
(2) أخرجه أبو داود رقم4682 والترمذي رقم1162 وانظر صحيح الجامع رقم1230 ,1232
تعليق