محاضرة للشيخ عبد العزيز الراجحي
إغتنم خمسا قبل خمس
إغتنم خمسا قبل خمس
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين، في هذه الليلة المباركة نستضيف فضيلة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله الراجحي في محاضرة بعنوان "اغتنم خمسا قبل خمس" ثمّ بعد ذلك أسئلة لفضيلة الشيخ، و نترككم مع فضيلة الشيخ،
بسم الله الرحمن الرحيم، إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أنّ سيدنا و نبينا و إمامنا و قدوتنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي العربي المكي ثمّ المدني، أشهد أنه رسول الله للثقلين الجن و الإنس إلي العرب و العجم، و أشهد أنّه رسول الله و أنه خاتم النبيين و أنه لا نبي بعده، و أشهد أنه بلّغ الرسالة و أدّى الأمانة و نصح الأمّة و جاهد في الله حقّ جهاده حتى أتاه من ربّه اليقين فصلوات الله و سلامه عليه و على إخوانه من النبيين و المرسلين و على آله و على أصحابه و على أتباعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإنّي أحمد الله إليكم و أثني عليه الخير كلّه و أسأله المزيد من فضله و أسأله أن يصلح قلوبنا و أعمالنا و نياتنا و ذريتنا، كما أسأله سبحانه و تعالى أن يجعل جمعنا هذا جمع خير و علم و رحمة تنزل عليه السكينة و تغشاه الرحمة و تحفه الملائكة و يذكره الله فيمن عنده، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه فيما بينهم إلاّ نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده" هذه الكلمة و هي قوله صلى الله عليه و سلم: "اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك و صحتك قبل سقمك و فراغك قبل شغلك و غناك قبل فقرك و حياتك قبل موتك"، هذا الحديث فيه حث المسلم على اغتنام الأوقات التي يكون فيها قادرا على فعل الخير قبل أن تعرض له العوارض، و المسلم مأمور بأن يملأ أوقاته بما يقربه إلى الله عز و جل، و الله سبحانه و تعالى خلق الثقلين الجن و الإنس لعبادته و توحيده و طاعته، لم يخلقهم سدا و لم يخلقهم عبثا لا يؤمرون و لا ينهون في الدنيا و لا يحاسبون و لا يجازون في الآخرة [أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا و أنكم إلينا لا ترجعون] [أيحسب الإنسان أن يترك سدى]بل خلق الإنسان لأمر عظيم
قد هيئوك لأمر لو فطنت له
فاربأ بنفسك أن ترع مع الهمل
خلق الله الإنسان و ميزه عن سائر الحيوانات بالعقل، صرفه بالعقل و أعطاه السمع و البصر و الفؤاد بخلاف الحيوانات العجماوات فإنها خلقت تسبح الله عز و جل و هداها الله لمرعاها ولم يعطها عقلا فلم يكلفها و قد عرض الله أمانة التكليف على السموات و الأرض و الجبال عرض تخيير فأبت حملها و أشفقت منها و حملها الإنسان على ظلمه و جهله {إن عرضنا الأمانة على السموات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و حملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا}إذن نحن مخلوقون، لأي شيء خلقنا الله لعبادته لتوحيده و طاعته{و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون} و أرسل الله الرسل و أنزل الكتب تأمر الناس و تدعوهم إلى توحيد الله و إخلاص الدين لله إلى الأمر الذي خلقوا له، تدعوهم إلى العمل لأسباب السعادة و النجاة، أسباب السعادة و النجاة أن يكون الإنسان في هذه الحياة موحدا لله مخلصا له الدين، يعبد الله مخلصا له الدين على وفق ما شرع الله و سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو طريق السعادة و طريق النجاة، طريق السعادة و طريق النجاة أن يعبد الإنسان ربه مخلصا له الدين ليوحد الله و يخلص له العبادة و لهذا أرسل الله الرسل و أنزل الكتاب تدعوا الناس إلى هذا الأمر الذي خلقوا له، تدعوهم إلى توحيد الله إلى أن يقولوا لا إله إلا الله، لا إله إلا الله كلمة التوحيد من أجلها خلق الله الخلق، من أجلها أرسل الله الرسل، من أجلها أنزل الله الكتب، تدعوا الناس إلى هذا الأمر الذي خلقوا له، تدعوهم إلى توحيد الله، إلى أن يقولوا لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، كلمة التوحيد من أجلها حلق الله الخلق، من أجلها أرسل الله الرسل، من أجلها انزل الله الكتب، من أجلها خلقت الجنة و النار، من أجلها انقسم الناس إلى شقي و سعيد، من أجلها حقت الحاقة و وقعن الواقعة و قامت القيامة، من أجلها افترق الناس إلى سعداء و أشقياء، إلى أبرار و فجار، إلى مؤمنين و كفار، لابد أن يملأ الإنسان وقته بمعرفة الله عز و جل و توحيده و إخلاص الدين له، لابد أن يملأ الإنسان وقته بتحقيق هذه الكلمة، كلمة التوحيد لا إله إلا الله، لابد أن تقولها أيها المسلم عن علم و عن معرفة، هذه الكلمة لها ركنان لا تصلح إلا بهما، قائمة على ركنين، الركن الأول النفي و البراءة، من كل معبد سوى الله، و الركن الثاني الإيمان بالله و إخلاص الدين له، لا إله إلا الله معناها لا معبود حق إلا الله، الركن الأول: لا إله هذا النفي، تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله و تتبرأ من كل معبود سوى الله و هذا هو الكفر بالطاغوت، الكفر بالطاغوت تعتقد بطلان عبادة غير الله و تنفيها و تنكرها و تبغضها و تبغض أهلها و تعاديهم، ثم تعبد الله و توحد الله و تخلص له العبادة، لابد من هذين الأمرين حتى يكون الإنسان موحدا مسلما، أن يتبرأ من كل معبود سوى الله و ينفي العبادة عن غير الله ثم يؤمن بالله وحده، يتخلى من كل عبادة سوى الله و يتبرأ منها، تخلية ثم يتحلى بالإيمان، قال الله تعالى في كتابه العظيم{فمن يكفر الطاغوت و يؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها و الله سميع عليم}، {فمن يكفر بالطاغوت} هذا هو الركن الأول، يعني كلمة التوحيد، أي البراءة من كل معبود سوى الله، {و يؤمن بالله} هذا هو الركن الثاني، ليس هناك توحيد إلا بهذين الركنين، بالنفي و الإثبات، بالبراءة من كل معبود سوى الله و بالإيمان بالله، فالبراءة بقولك لا إله، و الإيمان بقولك إلا الله، لابد لكل مسلم أن يكون على علم بذلك، و أنه لا يحصل التوحيد إلا يهذين الأمرين، لا يكون الإنسان موحدا و لا مؤمنا إلا بهذين الأمرين، ركنين، الركن الأول النفي و هو البراءة من كل معبود سوى الله، البراءة من المشركين، و البراءة من أديانهم، و البراءة من كل معبود سوى الله، و إنكارها و نفيها و بغضها و عداوتها و معاداتها و معادات أهلها، ثم يتحلى بالإيمان، فلو نفى الإنسان العادة و سكت لصار مشركا، و لو قال أنا أعبد الله و لا أتبرأ من عبادة سوى الله كان أيضا مشركا، فلابد من الأمرين، ثم إذا وحد الإنسان ربه و قال لا إله إلا الله و أخلص العبادة لله، لابد أن يأتي بحقوق هذا التوحيد و الإيمان، حقوق التوحيد و الإيمان هي الأعمال الصالحات، في أداء الواجبات و ترك المحرمات، و لهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني أموالهم و دماءهم إلا بحقها و حسابهم على الله عز و جل"، حق هذه الكلمة، حقوق هذه الكلمة الواجبات و أعظم واجب الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و بر الوالدين و صلة الأرحام و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، هذه حقوقها، و كذلك ترك المحرمات التي أعظمها و أغلظها الشرك بالله و العدوان على الناس في الدماء في القتل أو قطع عضو أو جرح جسد، العدوان على الأموال عن طريق السرقة أو الغصب أو السلب أو النهب أو الغش أو الخداع أو تنفيق السلعة بالحلف الكاذب أو جحد الدين و الحق إلى غير ذلك ن أكل أموال الناس بالباطل، و كذلك العدوان على الناس في الأعراض بالزنا و السخرية و الإستهزاء و الغيبة و النميمة و احتقار الناس و ازدرائهم و من المحرمات شرب الخمر و التعبد بالربا و عقوق الوالدين و قطيعة الرحم، هذه هي حقوق التوحيد، حقوق هذه الكلمة و هي التي يملأ بها الإنسان فراغه،
"أغتنم خمسا قبل خمس:
"أغتنم شبابك قبل هرمك": تغتنم شبابك بأي شيء؟ أغتنم شبابك ووحد الله و اخلص له العبادة، أغتنم شبابك بأن تتعلم معنى هذه الكلمة "لا إله إلا الله" و أن تعرف معناها و تحقق شروطها، أملأ فراغك بهذا، أغتنم شبابك بمعرفة هذه الكلمة٠
و اغتنم فراغك قبل شغلك و اغتنم حياتك قبل أن تموت و اغتنم غناك قبل أن غناك قبل أن تفتقر و تنشغل عن معرفة هذه الكلمة و حقوقها، اغتنم شبابك و اغتنم فراغك و اغتنم غناك و اغتنم حياتك، تغتنمها بأي شيء؟ أغتنمها بأن تؤدي ما أوجب الله عليك، من التوحيد و حقوقه و بهذا تكون سعيدا، تكون سعيدا و تنجو من عذاب الله، و تكون من أهل السعادة، هذا هو الموفق الذي يغتنم حياته بأن يتعلم الأمر الذي خلقه الله من أجله، يتعلم التوحيد يعلم بأن التوحيد لابد فيه من البراءة من كل معبود سوى الله و لابد فيه من الإيمان بالله و لابد فيه من الإتيان بحقوق هذا التوحيد و هي الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و سائر الواجبات و ترك المحرمات، تفعلها مستصحبا أمرين :
الأمــر الأول: يعملها على إخلاص، يريد بذلك وجه الله
و الأمـر الثاني: عن متابعة لرسول الله.
يصلي مخلصا صلاته لله، يصلي عن إخلاص و رغبة و رهبة، يصلي متابعا للنبي صلى الله عليه و سلم، فلو صلى رياء أو سمعة لم تصح صلاته، و لو صلى خالصا لله لكنه خالف السنة فصلى المغرب أربع ركعات أو نقص منها من أركانها أو زاد متعمدا لم تصح صلاته، إذن لابد من أمرين، لابد أن تتعلم، تتعلم كيف تؤدي الواجبات، تؤديها عن إخلاص تريد بذلك وجه الله، تؤديها عن متابعة لرسول الله صلى الله عليه و سلم٠ الرسل الكرام عليهم الصلاة و السلام لماذا أرسلهم الله؟ هل أرسلهم الله يعلمون الناس التجارات؟ كيف يبيعون؟ كيف يشترون؟ كيف يزرعون؟ كيف يحرثون؟ كيف يبنون؟ لا، هذه أمور يعرفها الناس، يعرفونها لأنهم فطروا عليها، لكن أرسلهم الله ليعلمون الناس التوحيد، يعلمون الناس الأمر الذي خلقوا له، كل نبي أرسله الله بادئ ذي بدء يأمر الناس بعبادة الله و ترك عبادة ما سواه قال الله تعالى في كتابه العظيم {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} {أعبدوا الله} هذا إيمان بالله، {ما لكم من إله غيره} هذا براءة من كل معبود سواه و هذا هو معنى لا إله إلا الله، {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قومي اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}، هود بماذا دعا قومه؟ {و إلى عاد أخاهم هود قال يا قومي اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}، صالح بماذا دعا قومه؟ أول ما دعا قومه {و إلى ثمود أخاهم صلحا، قال يا قومي اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}، شعيب، بماذا دعا قومه؟ {و إلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قومي اعبدوا الله ما لكم من إله غيره}، و كل نبي بعثه الله يدعو إلى التوحيد و ينهاهم عن الشرك، كما قال سبحانه {و لقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت} و قال سبحانه {و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} هذا الأمر العظيم الذي خلقنا الله من أجله، العاقل اللبيب الفطن الموفق هو الذي يملأ فراغه بتحقيق التوحيد الذي خلقه الله من أجله، قال النبي صلى الله عليه و سلم "أغتنم خمسا قبل خمس، أغتنم شبابك قبل هرمك" أغتنم شبابك في تحقيق التوحيد في أداء الواجبات و ترك المحرمات في تعلم العلم، تعلم تبصر تفقه في دينك لأن التعلم وسيلة، وسيلة إلى العبادة، يتعلم الإنسان ثم يعمل، تبصر تعلم العلم الشرعي، و أصل العلوم و منبع العلوم كتاب الله عز و جل، كتاب الله العظيم الذي فيه الهدى و النور، إقرأ القرآن أحفظ القرآن أكثر من تلاوة القرآن تعلم معان القرآن، كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا معانيها و العمل بها كما قال أبو عبد الرحمن السلمي التابعي الجليل "حدثنا الذين يُقرؤون القرآن عبد الله بن مسعود و عثمان بن عفان أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا معانيها و العمل بها" بذا يملأ الإنسان فراغه، تعلم، أحفظ القرآن و أنت صغير، على الآباء أن يسجلوا أولادهم في المدارس، مدارس تحفيظ القرآن الكريم حتى يحفظوا كتاب الله و هم في الصغر، و كذلك في المدارس النسائية، البنات و الزوجات يسجّلُون في هذه المدارس حتى يحفظوا كتاب الله، كتاب الله فيه و النور فيه البشارة فيه النذارة {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم و يبشر المؤمنون الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا}، كتاب الله يدعو إلى التوحيد إلى العمل الصالح، إلى الخلق الفاضل، ينهى عن الشرك، يبين صفات المؤمنين و يحث عليها، يبين صفات الكفار و يحذر منها، يبين صفات المنافقين و يحذر منها، من قرأ كتاب الله و تعلم و عمل بما فيه فهو السعيد المغبوط، محسود حسد غبطة كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "لا حسد إلا في اثنتين" و المراد بالحسد هنا الغبطة، الحسد حسدان، حسد مذموم يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب و هو أن يتمنى الإنسان أن تزول النعمة عن أخيه المسلم و يبقى مُعدِما منها، هذا الحسد المذموم الذي قال الله فيه {و من شر حاسد إذا حسد} هذا الحسد الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، هذا الحسد الذي أخرج إبليس من الجنة، حسد ٠٠٠﴿كلمة غير واضحة﴾ على النعمة التي أعطاه الله إياه، هذا لا يجوز، الثاني حسد الغبطة و هي أن تتمنى أن يكن لك من الخير و النعمة مثل ما لأخيك من غير أن تتمنى زوالها، رأيت الإنسان موفق في حفظ القرآن تتمنى أن تكون مثله، من غير أن ٠٠٠﴿كلمة غير واضحة﴾ فليس أن تنتقل النعمة عنه و يبقى معدما منها فهذا الحسد المذموم، رأيت أخا لك أعطاه الله مالا من كسب حلال و ينفق في المشاريع الخيرية تتمنى أن تكون مثله و يبقى هو على ما هو عليه من خير، لا تتمنى زوالها هذا حسد الغبطة، قال عليه الصلاة و السلام : "لا حسد ﴿هذا غبطة﴾ إلا في اثنتين" إلا في خصلتين "رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل و آناء النهار، و رجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل و آناء النهار" و في لفظ "لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها و يعلمها" الحكمة القرآن، بخلاف القرآن "و رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق" أي على إنفاقه في الخير، هذا هو الأمر الذي ينبغي للإنسان أن يغتنمه، و أن يغتنم شبابه، أغتنم شبابك في تعلم العلم الشرعي، في حفظ القرآن، في حضور الدروس الشرعية، قراءة الكتب النافعة، سماع الدروس العلمية لأهل العلم و أهل البصيرة المعروفون بسلامة المعتقد، سؤال أهل العلم مهاتفتهم و سؤالهم حتى تتبصر و تتفقه في شريعة الله، حتى تعبد الله على بصيرة، هذا هو الأمر الذي خلقت لأجله٠
أغتنم شبابك قبل أن يأتيك الهرم، فإذا جاء الهرم ضعف الإنسان، في الشباب قوة و نشاط و انساط، و في الهرم و الشيخوخة ضعف و نقص و تعب، أغتنم شابك في تعلم العلم، في البصيرة تتبصر في شريعة الله في عبادة الله في أداء الواجبات في ترك المحرمات في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، في المساهمة في الخير، في إحسان العمل و إتقانه قبل أن يأتي وقت الهرم٠
أغتنم حياتك قبل موتك، الحياة ميدان فسيح للعمل، فإذا مات الإنسان انقطع عمله و لا يستطيع أن يعمل، أغتنم وقت الحياة بالخير فيما يقربك إلى الله، تعلم العلم ما دمت في الحياة، أنفق مما أعطاك الله، أكسب الأموال في الوجوه المشروعة و أنفقها في وجوه الخير، أنفق على الفقراء، أحسن إلى الأيتام و الأرامل، مر بالمعروف و انه عن المنكر، أدع إلى الله على بصيرة، أحب لأخيك ما تحب لنفسك ما دمت في الحياة قبل الموت٠
أغتنم الفراغ قبل الشغل، إذا كان الإنسان عنده فراغ يغتنم هذا الفراغ قبل أن يشغل، يشغل إما بطلب المعيشة بالأولاد لا ﴿أظنه قال: لا يجد﴾ ما ينفق عليهم فيضطر إلى أن يكسب العيش له و لأولاده و لا يتفرغ لطلب العلم و لا يتفرغ لأعمال أخرى، إغتنم وقت الفراغ قبل أن يأتي الوقت الذي تشغل٠
أغتنم وقت الغنى قبل ما دمت قد أعطاك الله ما يسدد حاجتك قبل أن تفتقر فتنشغل بطلب لقمة العيش لك و لأولادك٠
أغتنم شبابك قبل أن يأتي وقت الهرم وقت الشيخوخة، اغتنم وقت الغنى قبل أن يأتي وقت الفقر، أغتنم وقت الحياة قبل أن يأتيك الموت ، بماذا تغتنمه؟ تغتنمه بما يقربك إلى الله عز وجل لتتعلم و تتبصر، التفقه في شريعة الله أعظم ما يشغل الإنسان به نفسه في هذه الحياة و يقربه إلى الله عز وجل من توحيد الله و الإنتصار لدين الله، حق الله، حق الله على العباد أن يعبدوه و لا يشركوا به شيئا، ثبت في الصحيحين من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له و كان رديفا له على حمار، قال له: "يا معاذ بن جبل"، فقال لبيك و سعديك يا رسول الله، "أتدري ما حق الله على العباد؟" قال: لا، كرر له، قال: "يا معاذ بن جبل"، قال: لبيك و سعديك، ثم سار ساعة، قال: "يا معاذ بن جبل"، قال: لبيك و سعديك، ثم سار ساعة، قال : "أتدري ما حق الله على العباد؟" أتاه بصيغة الإستفهام حتى يتشوق، و يتهيأ، فقال معاذ: الله و رسوله أعلم، فال : "حق الله على العباد أن يعبدوه و لا يشركوا به شيئا" ثم قال : "أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟" قلت: الله و رسوله أعلم، قال: "حق العباد أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا"، هذا الأمر العظيم الذي خلقنا الله من أجله، هو الذي ينبغي للإنسان أن يشغل به وقته، شبابه و فراغه و صحته و حياته و غناه، يغتنم و قت الشباب، يغتنم وقت الحياة، يغتنم و قت الغنى، يغتنم وقت الفراغ، يغتنم و قت الحياة، في أي شيء يغتنمه؟ بما يقربه إلى الله عز وجل ، بتحقيق التوحيد و الإيمان، تحقيق كلمة التوحيد، تحقيق هذه الكلمة التي خلقوا لأجلها و التي أرسلت الرسل و أنزلت الكتب لأجلها، حقق هذه الكلمة، كثير من الناس يقول لا إله إلا الله لكن لا يعرف معناها، لابد أن تقولها عن علم ينافي الجهل، العلم الذي ينافي الجهل أن تعلم أنها مكونة من نفي و إثبات، و أنها قائمة على ركنين:
► النفي: و هي نفي العبادة عن غير الله،
► و الإثبات: إثبات العبادة لله
يتبع .........
تعليق