قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 358 تحت حديث "ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة...":
أخرجه أبو داود ( 2 / 503 - 504 ) ، و الدارمي ( 2 / 241 ) و أحمد ( 4 / 102 )
و كذا الحاكم ( 1 / 128 ) و الآجري في " الشريعة " ( 18 ) و ابن بطة في
" الإبانة " ( 2 / 108 / 2 ، 119 / 1 ) و اللالكائي في " شرح السنة "
( 1 / 23 / 1 ) من طريق صفوان قال : حدثني أزهر بن عبد الله الهوزني عن
أبي عامر عبد الله بن لحي عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فينا فقال : ألا
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال .... فذكره .
و قال الحاكم و قد ساقه عقب أبي هريرة المتقدم :
" هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا الحديث " . و وافقه الذهبي .
و قال الحافظ في " تخريج الكشاف " ( ص 63 ) : " و إسناده حسن " .
قلت : و إنما لم يصححه ، لأن أزهر بن عبد الله هذا لم يوثقه غير العجلي
و ابن حبان و لما ذكر الحافظ في " التهذيب " قول الأزدي : " يتكلمون فيه " ،
تعقبه بقوله :
" لم يتكلموا إلا في مذهبه " . و لهذا قال في " التقريب " .
" صدوق ، تكلموا فيه للنصب " .
و الحديث أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره ( 1 / 390 ) من رواية أحمد ، و لم
يتكلم على سنده بشيء ، و لكنه أشار إلى تقويته بقوله :
" و قد ورد هذا الحديث من طرق " .
و لهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " المسائل " ( 83 / 2 ) .
" هو حديث صحيح مشهور " . و صححه أيضا الشاطبي في " الاعتصام " ( 3 / 38 ) .
و من طرق الحديث التي أشار إليها ابن كثير ، و فيها الزيادة ، ما ذكره الحافظ
العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 199 ) قال :
" رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو و حسنه ، و أبو داود من حديث معاوية ،
و ابن ماجه من حديث أنس و عوف بن مالك ، و أسانيدها جياد " .
قلت : و لحديث أنس طرق كثيرة جدا تجمع عندي منها سبعة ، و فيها كلها الزيادة
المشار إليها ، مع زيادة أخرى يأتي التنبيه عليها ، و هذه هي :
الطريق الأولى : عن قتادة عنه .
أخرجه ابن ماجة ( 2 / 480 ) ، و قال البوصيري في " الزوائد " :
" إسناده صحيح ، رجاله ثقات " .
قلت : و في تصحيحه نظر عندي لا ضرورة لذكره الآن ، فإنه لا بأس به في الشواهد .
الثانية : عن العميري عنه .
أخرجه أحمد ( 3 / 120 ) ، و العميري هذا لم أعرفه ، و غالب الظن أنه محرف من
( النميري ) و اسمه زياد بن عبد الله فقد روى عن أنس ، و عنه صدقة بن يسار ،
و هو الذي روى هذا الحديث عنه ، و النميري ضعيف ، و بقية رجاله ثقات .
الثالثة : عن ابن لهيعة حدثنا خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عنه . و زاد :
" قالوا : يا رسول الله من تلك الفرقة ؟ قال : الجماعة الجماعة " .
أخرجه أحمد أيضا ( 3 / 145 ) و سنده حسن في الشواهد .
الرابعة : عن سلمان أو سليمان بن طريف عنه .
أخرجه الآجري في " الشريعة " ( 17 ) و ابن بطة في " الإبانة " ( 2 / 118 / 2 )
و ابن طريف هذا لم أجد له ترجمة .
الخامسة : عن سويد بن سعيد قال : حدثنا مبارك بن سحيم عن عبد العزيز ابن صهيب
عن أنس .
أخرجه الآجري ، و سويد ضعيف ، و أخرجه ابن بطة أيضا ، و لكني لا أدري إذا كان
من هذا الوجه أو من طريق آخر عن عبد العزيز فإن كتابه بعيد عني الآن .
السادسة : عن أبي معشر عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن زيد بن أسلم عن أنس به .
و فيه الزيادة .
أخرجه الآجري ( 16 ) . و أبو معشر اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي و هو ضعيف .
و من طريقه رواه ابن مردويه كما في " تفسير ابن كثير " ( 2 / 76 - 77 ) .
السابعة : عن عبد الله بن سفيان المدني عن يحيى بن سعيد الأنصاري عنه .
و فيه الزيادة بلفظ : " قال : ما أنا عليه و أصحابي " .
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 207 - 208 ) و الطبراني في " الصغير "
( 150 ) و قال :
" لم يروه عن يحيى إلا عبد الله بن سفيان " .
و قال العقيلي : " لا يتابع على حديثه " .
قلت : و هو على كل حال خير من الأبرد بن أشرس فإنه روى هذا الحديث أيضا عن يحيى
بن سعيد به ، فإنه قلب متنه ، و جعله بلفظ :
" تفترق أمتي على سبعين أو إحدى و سبعين فرقة كلهم في الجنة إلا فرقة واحدة ،
قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : الزنادقة و هم القدرية " .
أورده العقيلي أيضا و قال :
" ليس له أصل من حديث يحيى بن سعيد " و قال الذهبي في " الميزان " :
" أبرد بن أشرس قال ابن خزيمة : كذاب و ضاع " .
قلت : و قد حاول بعض ذوي الأهواء من المعاصرين تمشية حال هذا الحديث بهذا اللفظ
الباطل ، و تضعيف هذا الحديث الصحيح ، و قد بينت وضع ذاك في " سلسلة الأحاديث
الضعيفة " رقم ( 1035 ) ، و الغرض الآن إتمام الكلام على هذا اللفظ الصحيح ،
فقد تبين بوضوح أن الحديث ثابت لا شك فيه ، و لذلك تتابع العلماء خلفا عن سلف
على الاحتجاج به حتى قال الحاكم في أول كتابه " المستدرك " : " إنه حديث كبير
في الأصول " و لا أعلم أحدا قد طعن فيه ، إلا بعض من لا يعتد بتفرده و شذوذه ،
أمثال الكوثري الذي سبق أن أشرنا إلى شيء من تنطعه و تحامله على الطريق الأولى
لهذا الحديث ، التي ليس فيها الزيادة المتقدمة : " كلها في النار " ، جاهلا بل
متجاهلا حديث معاوية و أنس على كثرة طرقه عن أنس كما رأيت . و ليته لم يقتصر
على ذلك إذن لما التفتنا إليه كثيرا ، و لكنه دعم رأيه بالنقل عن بعض الأفاضل ،
ألا و هو العلامة ابن الوزير اليمني ، و ذكر أنه قال في كتابه : " العواصم
و القواصم " ما نصه :
" إياك أن تغتر بزيادة " كلها في النار إلا واحدة " فإنها زيادة فاسدة ، و لا
يبعد أن تكون من دسيس الملاحدة . و قد قال ابن حزم : إن هذا الحديث لا يصح " .
وقفت على هذا التضعيف منذ سنوات . ثم أوقفني بعض الطلاب في " الجامعة الإسلامية
" على قول الشوكاني في تفسيره " فتح القدير " ( 2 / 56 ) :
" قال ابن كثير في تفسيره : و حديث افتراق الأمم إلى بضع و سبعين ، مروي من طرق
عديدة ، قد ذكرناها في موضع آخر . انتهى . قلت : أما زيادة كونها في النار إلا
واحدة " فقد ضعفها جماعة من المحدثين ( ! ) ، بل قال ابن حزم : إنها موضوعة " .
و لا أدري من الذين أشار إليهم بقوله : " جماعة ... " فإني لا أعلم أحدا من
المحدثين المتقدمين ضعف هذه الزيادة ، بل إن الجماعة قد صححوها و قد سبق ذكر
أسمائهم ، و أما ابن حزم فلا أدري أين ذكر ذلك ، و أول ما يتبادر للذهن أنه في
كتابه " الفصل في الملل و النحل " و قد رجعت إليه ، و قلبت مظانه فلم أعثر عليه
ثم إن النقل عنه مختلف ، فابن الوزير قال عنه : " لا يصح " ، و الشوكاني قال
عنه : " إنها موضوعة " ، و شتان بين النقلين كما لا يخفى ، فإن صح ذلك عن ابن
حزم ، فهو مردود من وجهين :
الأول : أن النقد العلمي الحديثي قد دل على صحة هذه الزيادة ، فلا عبرة بقول من
ضعفها .
و الآخر : أن الذين صححوها أكثر و أعلم بالحديث من ابن حزم ، لاسيما و هو معروف
عند أهل العلم بتشدده في النقد ، فلا ينبغي أن يحتج به إذا تفرد عند عدم
المخالفة فكيف إذا خالف ؟ !
و أما ابن الوزير ، فكلامه الذي نقله الكوثري يشعر بأنه لم يطعن في الزيادة من
جهة إسنادها ، بل من حيث معناها ، و ما كان كذلك فلا ينبغي الجزم بفساد المعنى
لامكان توجيهه وجهة صالحة ينتفي به الفساد الذي ادعاه . و كيف يستطاع الجزم
بفساد معنى حديث تلقاه كبار الأئمة و العلماء من مختلف الطبقات بالقبول و صرحوا
بصحته ، هذا يكاد يكون مستحيلا !
و إن مما يؤيد ما ذكرته أمرين :
الأول : أن ابن الوزير في كتاب آخر له قد صحح حديث معاوية هذا ، ألا و هو كتابه
القيم : " الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم " فقد عقد فيه فصلا خاصا في
الصحابة الذين طعن فيهم الشيعة و ردوا أحاديثهم ، و منهم معاوية رضي الله عنه ،
فسرد ما له من الأحاديث في كتب السنة مع الشواهد من طريق جماعة آخرين من
الصحابة لم تطعن فيه الشيعة ، فكان هذا الحديث منها !
الأمر الآخر : أن بعض المحققين من العلماء اليمانيين ممن نقطع أنه وقف على كتب
ابن الوزير ، ألا و هو الشيخ صالح المقبلي ، قد تكلم على هذا الحديث بكلام جيد
من جهة ثبوته و معناه ، و قد ذكر فيه أن بعضهم ضعف هذا الحديث فكأنه يشير بذلك
إلى ابن الوزير . و أنت إذا تأملت كلامه وجدته يشير إلى أن التضعيف لم يكن من
جهة السند ، و إنما من قبل استشكال معناه ، و أرى أن أنقل خلاصة كلامه المشار
إليه لما فيه من الفوائد . قال رحمه الله تعالى في " العلم الشامخ في إيثار
الحق على الآباء و المشايخ " ( ص 414 ) :
" حديث افتراق الأمة إلى ثلاث و سبعين فرقة ، رواياته كثيرة يشد بعضها بعضا
بحيث لا يبقى ريبة في حاصل معناها . ( ثم ذكر حديث معاوية هذا ، و حديث ابن
عمرو بن العاص الذي أشار إليه الحافظ العراقي و حسنه الترمذي ثم قال : )
و الإشكال في قوله : " كلها في النار إلا ملة " ، فمن المعلوم أنهم خير الأمم ،
و أن المرجو أن يكونوا نصف أهل الجنة ، مع أنهم في سائر الأمم كالشعرة البيضاء
في الثور الأسود حسبما صرحت به الأحاديث ، فكيف يتمشى هذا ؟ فبعض الناس تكلم في
ضعف هذه الجملة ، و قال : هي زيادة غير ثابتة . و بعضهم تأول الكلام . قال :
و من المعلوم أن ليس المراد من الفرقة الناجية أن لا يقع منها أدنى اختلاف ،
فإن ذلك قد كان في فضلاء الصحابة . إنما الكلام في مخالفة تصير صاحبها فرقة
مستقلة ابتدعها . و إذا حققت ذلك فهذه البدع الواقعة في مهمات المسائل ، و فيما
يترتب عليه عظائم المفاسد لا تكاد تنحصر ، و لكنها لم تخص معينا من هذه الفرق
التي قد تحزبت و التأم بعضهم إلى قوم و خالف آخرون بحسب مسائل عديدة .
ثم أجاب عن الإشكال بما خلاصته :
" إن الناس عامة و خاصة ، فالعامة آخرهم كأولهم ، كالنساء و العبيد و الفلاحين
و السوقة و نحوهم ممن ليس من أمر الخاصة في شيء ، فلا شك في براءة آخرهم من
الابتداع كأولهم .
و أما الخاصة ، فمنهم مبتدع اخترع البدعة و جعلها نصب عينيه ، و بلغ في تقويتها
كل مبلغ ، و جعلها أصلا يرد إليها صرائح الكتاب و السنة ، ثم تبعه أقوام من
نمطه في الفقه و التعصب ، و ربما جددوا بدعته و فرعوا عليها و حملوه ما لم
يتحمله ، و لكنه إمامهم المقدم و هؤلاء هم المبتدعة حقا ، و هو شيء كبير ( تكاد
السماوات يتفطرن منه و تنشق الأرض و تخر الجبال هدا ) ، كنفي حكمة الله تعالى ،
و نفي إقداره المكلف ، و ككونه يكلف ما لا يطاق ، و يفعل سائر القبائح و لا
تقبح منه ، و أخواتهن ! و منها ما هو دون ذلك ، و حقائقها جميعها عند الله
تعالى ، و لا ندري بأيها يصير صاحبها من إحدى الثلاث و سبعين فرقة .
و من الناس من تبع هؤلاء و ناصرهم و قوى سوادهم بالتدريس و التصنيف ، و لكنه
عند نفسه راجع إلى الحق ، و قد دس في تلك الأبحاث نقوضها في مواضع لكن على وجه
خفي ، و لعله تخيل مصلحة دنيئة ، أو عظم عليه انحطاط نفسه و إيذاؤهم له في عرضه
و ربما بلغت الأذية إلى نفسه . و على الجملة فالرجل قد عرف الحق من الباطل ، و
تخبط في تصرفاته ، و حسابه على الله سبحانه ، إما أن يحشره مع من أحب بظاهر
حاله ، أو يقبل عذره ، و ما تكاد تجد أحدا من هؤلاء النظار إلا قد فعل ذلك ،
لكن شرهم و الله كثير ، فلربما لم يقع خبرهم بمكان ، و ذلك لأنه لا يفطن لتلك
اللمحة الخفية التي دسوها إلا الأذكياء المحيطون بالبحث ، و قد أغناهم الله
بعلمهم عن تلك اللمحة ، و ليس بكبير فائدة أن يعلموا أن الرجل كان يعلم الحق
و يخفيه . و الله المستعان .
و من الناس من ليس من أهل التحقيق ، و لا هيء للهجوم على الحقائق ، و قد تدرب
في كلام الناس ، و عرف أوائل الأبحاث ، و حفظ كثيرا من غثاء ما حصلوه و لكن
أرواح الأبحاث بينه و بينها حائل . و قد يكون ذلك لقصور الهمة و الاكتفاء
و الرضا عن السلف لوقعهم في النفوس . و هؤلاء هم الأكثرون عددا ، و الأرذلون
قدرا ، فإنهم لم يحظوا بخصيصة الخاصة ، و لا أدركوا سلامة العامة . فالقسم
الأول من الخاصة مبتدعة قطعا . و الثاني ظاهره الابتداع ، و الثالث له حكم
الابتداع .
و من الخاصة قسم رابع ثلة من الأولين ، و قليل من الآخرين ، أقبلوا على الكتاب
و السنة و ساروا بسيرها ، و سكتوا عما سكتا عنه ، و أقدموا و أحجموا بهما
و تركوا تكلف مالا يعنيهم ، و كان تهمهم السلامة ، و حياة السنة آثر عندهم من
حياة نفوسهم ، و قرة عين أحدهم تلاوة كتاب الله تعالى ، و فهم معانيه على
السليقة العربية و التفسيرات المروية ، و معرفة ثبوت حديث نبوي لفظا و حكما .
فهؤلاء هم السنية حقا ، و هم الفرقة الناجية ، و إليهم العامة بأسرهم ، و من
شاء ربك من أقسام الخاصة الثلاثة المذكورين ، بحسب علمه بقدر بدعتهم و نياتهم .
إذا حققت جميع ما ذكرنا لك ، لم يلزمك السؤال المحذور و هو الهلاك على معظم
الأمة ، لأن الأكثر عددا هم العامة قديما و حديثا ، و كذلك الخاصة في الأعصار
المتقدمة ، و لعل القسمين الأوسطين ، و كذا من خفت بدعته من الأول ، تنقذهم
رحمة ربك من النظام في سلك الابتداع بحسب المجازاة الأخروية ، و رحمة ربك أوسع
لكل مسلم ، لكنا تكلمنا على مقتضى الحديث و مصداقة ، و أن أفراد الفرق المبتدعة
و إن كثرت الفرق فلعله لا يكون مجموع أفرادهم جزءا من ألف جزء من سائر المسلمين
: فتأمل هذا تسلم من اعتقاد مناقضة الحديث لأحاديث فضائل الأمة المرحومة " .
قلت : و هذا آخر كلام الشيخ المقبلي رحمه الله ، و هو كلام متين يدل على علم
الرجل و فضله و دقة نظره ، و منه تعلم سلامة الحديث من الإشكال الذي أظن أنه
عمدة ابن الوزير رحمه الله في إعلاله إياه . و الحمد لله على أن وفقنا للإبانة
عن صحة هذا الحديث من حيث إسناده ، و إزالة الشبهة عنه من حيث متنه .
و هو الموفق لا إله إلا هو .
ثم وقفت على كلام لأحد الكتاب في العصر الحاضر ينكر في كتابه " أدب الجاحظ "
( ص 90 ) صحة هذا الحديث للدفاع عن شيخه الجاحظ ! فهو يقول : " و لو صح هذا
الحديث لكان نكبة كبرى على جمهور الأمة الإسلامية . إذ يسجل على أغلبيتها
الخلود في الجحيم و لو صح هذا الحديث لما قام أبو بكر في وجه مانعي الزكاة
معتبرا إياهم في حالة ردة ... " إلى آخر كلامه الذي يغني حكايته عن تكلف الرد
عليه ، لوضوح بطلانه لاسيما بعد قراءة كلام الشيخ المقبلي المتقدم .
على أن قوله " الخلود في الجحيم " ليس له أصل في الحديث ، و إنما أورده الكاتب
المشار إليه من عند نفسه ليتخذ ذلك ذريعة للطعن في الحديث . و هو سالم من ذلك
كله كما بينا و الحمد لله على توفيقه .
أخرجه أبو داود ( 2 / 503 - 504 ) ، و الدارمي ( 2 / 241 ) و أحمد ( 4 / 102 )
و كذا الحاكم ( 1 / 128 ) و الآجري في " الشريعة " ( 18 ) و ابن بطة في
" الإبانة " ( 2 / 108 / 2 ، 119 / 1 ) و اللالكائي في " شرح السنة "
( 1 / 23 / 1 ) من طريق صفوان قال : حدثني أزهر بن عبد الله الهوزني عن
أبي عامر عبد الله بن لحي عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فينا فقال : ألا
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال .... فذكره .
و قال الحاكم و قد ساقه عقب أبي هريرة المتقدم :
" هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا الحديث " . و وافقه الذهبي .
و قال الحافظ في " تخريج الكشاف " ( ص 63 ) : " و إسناده حسن " .
قلت : و إنما لم يصححه ، لأن أزهر بن عبد الله هذا لم يوثقه غير العجلي
و ابن حبان و لما ذكر الحافظ في " التهذيب " قول الأزدي : " يتكلمون فيه " ،
تعقبه بقوله :
" لم يتكلموا إلا في مذهبه " . و لهذا قال في " التقريب " .
" صدوق ، تكلموا فيه للنصب " .
و الحديث أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره ( 1 / 390 ) من رواية أحمد ، و لم
يتكلم على سنده بشيء ، و لكنه أشار إلى تقويته بقوله :
" و قد ورد هذا الحديث من طرق " .
و لهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " المسائل " ( 83 / 2 ) .
" هو حديث صحيح مشهور " . و صححه أيضا الشاطبي في " الاعتصام " ( 3 / 38 ) .
و من طرق الحديث التي أشار إليها ابن كثير ، و فيها الزيادة ، ما ذكره الحافظ
العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 199 ) قال :
" رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو و حسنه ، و أبو داود من حديث معاوية ،
و ابن ماجه من حديث أنس و عوف بن مالك ، و أسانيدها جياد " .
قلت : و لحديث أنس طرق كثيرة جدا تجمع عندي منها سبعة ، و فيها كلها الزيادة
المشار إليها ، مع زيادة أخرى يأتي التنبيه عليها ، و هذه هي :
الطريق الأولى : عن قتادة عنه .
أخرجه ابن ماجة ( 2 / 480 ) ، و قال البوصيري في " الزوائد " :
" إسناده صحيح ، رجاله ثقات " .
قلت : و في تصحيحه نظر عندي لا ضرورة لذكره الآن ، فإنه لا بأس به في الشواهد .
الثانية : عن العميري عنه .
أخرجه أحمد ( 3 / 120 ) ، و العميري هذا لم أعرفه ، و غالب الظن أنه محرف من
( النميري ) و اسمه زياد بن عبد الله فقد روى عن أنس ، و عنه صدقة بن يسار ،
و هو الذي روى هذا الحديث عنه ، و النميري ضعيف ، و بقية رجاله ثقات .
الثالثة : عن ابن لهيعة حدثنا خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عنه . و زاد :
" قالوا : يا رسول الله من تلك الفرقة ؟ قال : الجماعة الجماعة " .
أخرجه أحمد أيضا ( 3 / 145 ) و سنده حسن في الشواهد .
الرابعة : عن سلمان أو سليمان بن طريف عنه .
أخرجه الآجري في " الشريعة " ( 17 ) و ابن بطة في " الإبانة " ( 2 / 118 / 2 )
و ابن طريف هذا لم أجد له ترجمة .
الخامسة : عن سويد بن سعيد قال : حدثنا مبارك بن سحيم عن عبد العزيز ابن صهيب
عن أنس .
أخرجه الآجري ، و سويد ضعيف ، و أخرجه ابن بطة أيضا ، و لكني لا أدري إذا كان
من هذا الوجه أو من طريق آخر عن عبد العزيز فإن كتابه بعيد عني الآن .
السادسة : عن أبي معشر عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن زيد بن أسلم عن أنس به .
و فيه الزيادة .
أخرجه الآجري ( 16 ) . و أبو معشر اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي و هو ضعيف .
و من طريقه رواه ابن مردويه كما في " تفسير ابن كثير " ( 2 / 76 - 77 ) .
السابعة : عن عبد الله بن سفيان المدني عن يحيى بن سعيد الأنصاري عنه .
و فيه الزيادة بلفظ : " قال : ما أنا عليه و أصحابي " .
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " ( ص 207 - 208 ) و الطبراني في " الصغير "
( 150 ) و قال :
" لم يروه عن يحيى إلا عبد الله بن سفيان " .
و قال العقيلي : " لا يتابع على حديثه " .
قلت : و هو على كل حال خير من الأبرد بن أشرس فإنه روى هذا الحديث أيضا عن يحيى
بن سعيد به ، فإنه قلب متنه ، و جعله بلفظ :
" تفترق أمتي على سبعين أو إحدى و سبعين فرقة كلهم في الجنة إلا فرقة واحدة ،
قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : الزنادقة و هم القدرية " .
أورده العقيلي أيضا و قال :
" ليس له أصل من حديث يحيى بن سعيد " و قال الذهبي في " الميزان " :
" أبرد بن أشرس قال ابن خزيمة : كذاب و ضاع " .
قلت : و قد حاول بعض ذوي الأهواء من المعاصرين تمشية حال هذا الحديث بهذا اللفظ
الباطل ، و تضعيف هذا الحديث الصحيح ، و قد بينت وضع ذاك في " سلسلة الأحاديث
الضعيفة " رقم ( 1035 ) ، و الغرض الآن إتمام الكلام على هذا اللفظ الصحيح ،
فقد تبين بوضوح أن الحديث ثابت لا شك فيه ، و لذلك تتابع العلماء خلفا عن سلف
على الاحتجاج به حتى قال الحاكم في أول كتابه " المستدرك " : " إنه حديث كبير
في الأصول " و لا أعلم أحدا قد طعن فيه ، إلا بعض من لا يعتد بتفرده و شذوذه ،
أمثال الكوثري الذي سبق أن أشرنا إلى شيء من تنطعه و تحامله على الطريق الأولى
لهذا الحديث ، التي ليس فيها الزيادة المتقدمة : " كلها في النار " ، جاهلا بل
متجاهلا حديث معاوية و أنس على كثرة طرقه عن أنس كما رأيت . و ليته لم يقتصر
على ذلك إذن لما التفتنا إليه كثيرا ، و لكنه دعم رأيه بالنقل عن بعض الأفاضل ،
ألا و هو العلامة ابن الوزير اليمني ، و ذكر أنه قال في كتابه : " العواصم
و القواصم " ما نصه :
" إياك أن تغتر بزيادة " كلها في النار إلا واحدة " فإنها زيادة فاسدة ، و لا
يبعد أن تكون من دسيس الملاحدة . و قد قال ابن حزم : إن هذا الحديث لا يصح " .
وقفت على هذا التضعيف منذ سنوات . ثم أوقفني بعض الطلاب في " الجامعة الإسلامية
" على قول الشوكاني في تفسيره " فتح القدير " ( 2 / 56 ) :
" قال ابن كثير في تفسيره : و حديث افتراق الأمم إلى بضع و سبعين ، مروي من طرق
عديدة ، قد ذكرناها في موضع آخر . انتهى . قلت : أما زيادة كونها في النار إلا
واحدة " فقد ضعفها جماعة من المحدثين ( ! ) ، بل قال ابن حزم : إنها موضوعة " .
و لا أدري من الذين أشار إليهم بقوله : " جماعة ... " فإني لا أعلم أحدا من
المحدثين المتقدمين ضعف هذه الزيادة ، بل إن الجماعة قد صححوها و قد سبق ذكر
أسمائهم ، و أما ابن حزم فلا أدري أين ذكر ذلك ، و أول ما يتبادر للذهن أنه في
كتابه " الفصل في الملل و النحل " و قد رجعت إليه ، و قلبت مظانه فلم أعثر عليه
ثم إن النقل عنه مختلف ، فابن الوزير قال عنه : " لا يصح " ، و الشوكاني قال
عنه : " إنها موضوعة " ، و شتان بين النقلين كما لا يخفى ، فإن صح ذلك عن ابن
حزم ، فهو مردود من وجهين :
الأول : أن النقد العلمي الحديثي قد دل على صحة هذه الزيادة ، فلا عبرة بقول من
ضعفها .
و الآخر : أن الذين صححوها أكثر و أعلم بالحديث من ابن حزم ، لاسيما و هو معروف
عند أهل العلم بتشدده في النقد ، فلا ينبغي أن يحتج به إذا تفرد عند عدم
المخالفة فكيف إذا خالف ؟ !
و أما ابن الوزير ، فكلامه الذي نقله الكوثري يشعر بأنه لم يطعن في الزيادة من
جهة إسنادها ، بل من حيث معناها ، و ما كان كذلك فلا ينبغي الجزم بفساد المعنى
لامكان توجيهه وجهة صالحة ينتفي به الفساد الذي ادعاه . و كيف يستطاع الجزم
بفساد معنى حديث تلقاه كبار الأئمة و العلماء من مختلف الطبقات بالقبول و صرحوا
بصحته ، هذا يكاد يكون مستحيلا !
و إن مما يؤيد ما ذكرته أمرين :
الأول : أن ابن الوزير في كتاب آخر له قد صحح حديث معاوية هذا ، ألا و هو كتابه
القيم : " الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم " فقد عقد فيه فصلا خاصا في
الصحابة الذين طعن فيهم الشيعة و ردوا أحاديثهم ، و منهم معاوية رضي الله عنه ،
فسرد ما له من الأحاديث في كتب السنة مع الشواهد من طريق جماعة آخرين من
الصحابة لم تطعن فيه الشيعة ، فكان هذا الحديث منها !
الأمر الآخر : أن بعض المحققين من العلماء اليمانيين ممن نقطع أنه وقف على كتب
ابن الوزير ، ألا و هو الشيخ صالح المقبلي ، قد تكلم على هذا الحديث بكلام جيد
من جهة ثبوته و معناه ، و قد ذكر فيه أن بعضهم ضعف هذا الحديث فكأنه يشير بذلك
إلى ابن الوزير . و أنت إذا تأملت كلامه وجدته يشير إلى أن التضعيف لم يكن من
جهة السند ، و إنما من قبل استشكال معناه ، و أرى أن أنقل خلاصة كلامه المشار
إليه لما فيه من الفوائد . قال رحمه الله تعالى في " العلم الشامخ في إيثار
الحق على الآباء و المشايخ " ( ص 414 ) :
" حديث افتراق الأمة إلى ثلاث و سبعين فرقة ، رواياته كثيرة يشد بعضها بعضا
بحيث لا يبقى ريبة في حاصل معناها . ( ثم ذكر حديث معاوية هذا ، و حديث ابن
عمرو بن العاص الذي أشار إليه الحافظ العراقي و حسنه الترمذي ثم قال : )
و الإشكال في قوله : " كلها في النار إلا ملة " ، فمن المعلوم أنهم خير الأمم ،
و أن المرجو أن يكونوا نصف أهل الجنة ، مع أنهم في سائر الأمم كالشعرة البيضاء
في الثور الأسود حسبما صرحت به الأحاديث ، فكيف يتمشى هذا ؟ فبعض الناس تكلم في
ضعف هذه الجملة ، و قال : هي زيادة غير ثابتة . و بعضهم تأول الكلام . قال :
و من المعلوم أن ليس المراد من الفرقة الناجية أن لا يقع منها أدنى اختلاف ،
فإن ذلك قد كان في فضلاء الصحابة . إنما الكلام في مخالفة تصير صاحبها فرقة
مستقلة ابتدعها . و إذا حققت ذلك فهذه البدع الواقعة في مهمات المسائل ، و فيما
يترتب عليه عظائم المفاسد لا تكاد تنحصر ، و لكنها لم تخص معينا من هذه الفرق
التي قد تحزبت و التأم بعضهم إلى قوم و خالف آخرون بحسب مسائل عديدة .
ثم أجاب عن الإشكال بما خلاصته :
" إن الناس عامة و خاصة ، فالعامة آخرهم كأولهم ، كالنساء و العبيد و الفلاحين
و السوقة و نحوهم ممن ليس من أمر الخاصة في شيء ، فلا شك في براءة آخرهم من
الابتداع كأولهم .
و أما الخاصة ، فمنهم مبتدع اخترع البدعة و جعلها نصب عينيه ، و بلغ في تقويتها
كل مبلغ ، و جعلها أصلا يرد إليها صرائح الكتاب و السنة ، ثم تبعه أقوام من
نمطه في الفقه و التعصب ، و ربما جددوا بدعته و فرعوا عليها و حملوه ما لم
يتحمله ، و لكنه إمامهم المقدم و هؤلاء هم المبتدعة حقا ، و هو شيء كبير ( تكاد
السماوات يتفطرن منه و تنشق الأرض و تخر الجبال هدا ) ، كنفي حكمة الله تعالى ،
و نفي إقداره المكلف ، و ككونه يكلف ما لا يطاق ، و يفعل سائر القبائح و لا
تقبح منه ، و أخواتهن ! و منها ما هو دون ذلك ، و حقائقها جميعها عند الله
تعالى ، و لا ندري بأيها يصير صاحبها من إحدى الثلاث و سبعين فرقة .
و من الناس من تبع هؤلاء و ناصرهم و قوى سوادهم بالتدريس و التصنيف ، و لكنه
عند نفسه راجع إلى الحق ، و قد دس في تلك الأبحاث نقوضها في مواضع لكن على وجه
خفي ، و لعله تخيل مصلحة دنيئة ، أو عظم عليه انحطاط نفسه و إيذاؤهم له في عرضه
و ربما بلغت الأذية إلى نفسه . و على الجملة فالرجل قد عرف الحق من الباطل ، و
تخبط في تصرفاته ، و حسابه على الله سبحانه ، إما أن يحشره مع من أحب بظاهر
حاله ، أو يقبل عذره ، و ما تكاد تجد أحدا من هؤلاء النظار إلا قد فعل ذلك ،
لكن شرهم و الله كثير ، فلربما لم يقع خبرهم بمكان ، و ذلك لأنه لا يفطن لتلك
اللمحة الخفية التي دسوها إلا الأذكياء المحيطون بالبحث ، و قد أغناهم الله
بعلمهم عن تلك اللمحة ، و ليس بكبير فائدة أن يعلموا أن الرجل كان يعلم الحق
و يخفيه . و الله المستعان .
و من الناس من ليس من أهل التحقيق ، و لا هيء للهجوم على الحقائق ، و قد تدرب
في كلام الناس ، و عرف أوائل الأبحاث ، و حفظ كثيرا من غثاء ما حصلوه و لكن
أرواح الأبحاث بينه و بينها حائل . و قد يكون ذلك لقصور الهمة و الاكتفاء
و الرضا عن السلف لوقعهم في النفوس . و هؤلاء هم الأكثرون عددا ، و الأرذلون
قدرا ، فإنهم لم يحظوا بخصيصة الخاصة ، و لا أدركوا سلامة العامة . فالقسم
الأول من الخاصة مبتدعة قطعا . و الثاني ظاهره الابتداع ، و الثالث له حكم
الابتداع .
و من الخاصة قسم رابع ثلة من الأولين ، و قليل من الآخرين ، أقبلوا على الكتاب
و السنة و ساروا بسيرها ، و سكتوا عما سكتا عنه ، و أقدموا و أحجموا بهما
و تركوا تكلف مالا يعنيهم ، و كان تهمهم السلامة ، و حياة السنة آثر عندهم من
حياة نفوسهم ، و قرة عين أحدهم تلاوة كتاب الله تعالى ، و فهم معانيه على
السليقة العربية و التفسيرات المروية ، و معرفة ثبوت حديث نبوي لفظا و حكما .
فهؤلاء هم السنية حقا ، و هم الفرقة الناجية ، و إليهم العامة بأسرهم ، و من
شاء ربك من أقسام الخاصة الثلاثة المذكورين ، بحسب علمه بقدر بدعتهم و نياتهم .
إذا حققت جميع ما ذكرنا لك ، لم يلزمك السؤال المحذور و هو الهلاك على معظم
الأمة ، لأن الأكثر عددا هم العامة قديما و حديثا ، و كذلك الخاصة في الأعصار
المتقدمة ، و لعل القسمين الأوسطين ، و كذا من خفت بدعته من الأول ، تنقذهم
رحمة ربك من النظام في سلك الابتداع بحسب المجازاة الأخروية ، و رحمة ربك أوسع
لكل مسلم ، لكنا تكلمنا على مقتضى الحديث و مصداقة ، و أن أفراد الفرق المبتدعة
و إن كثرت الفرق فلعله لا يكون مجموع أفرادهم جزءا من ألف جزء من سائر المسلمين
: فتأمل هذا تسلم من اعتقاد مناقضة الحديث لأحاديث فضائل الأمة المرحومة " .
قلت : و هذا آخر كلام الشيخ المقبلي رحمه الله ، و هو كلام متين يدل على علم
الرجل و فضله و دقة نظره ، و منه تعلم سلامة الحديث من الإشكال الذي أظن أنه
عمدة ابن الوزير رحمه الله في إعلاله إياه . و الحمد لله على أن وفقنا للإبانة
عن صحة هذا الحديث من حيث إسناده ، و إزالة الشبهة عنه من حيث متنه .
و هو الموفق لا إله إلا هو .
ثم وقفت على كلام لأحد الكتاب في العصر الحاضر ينكر في كتابه " أدب الجاحظ "
( ص 90 ) صحة هذا الحديث للدفاع عن شيخه الجاحظ ! فهو يقول : " و لو صح هذا
الحديث لكان نكبة كبرى على جمهور الأمة الإسلامية . إذ يسجل على أغلبيتها
الخلود في الجحيم و لو صح هذا الحديث لما قام أبو بكر في وجه مانعي الزكاة
معتبرا إياهم في حالة ردة ... " إلى آخر كلامه الذي يغني حكايته عن تكلف الرد
عليه ، لوضوح بطلانه لاسيما بعد قراءة كلام الشيخ المقبلي المتقدم .
على أن قوله " الخلود في الجحيم " ليس له أصل في الحديث ، و إنما أورده الكاتب
المشار إليه من عند نفسه ليتخذ ذلك ذريعة للطعن في الحديث . و هو سالم من ذلك
كله كما بينا و الحمد لله على توفيقه .