بسـم الله الرحمـــن الرحيـــم
اخواني واخواتي حفظكم الله هذا جواب لشيخ الإسلام رحمه الله ورضي عنه ورفعه في عليين مع النبيين والصديقين وجمعنا به تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله
وأما قول السائل: ما السبب في أن الفرج يأتي عند انقطاع الرجاء عن الخلق؟ وما الحيلة في صرف القلب عن التعلق بهم وتعلقه بالله؟
فيقال: سبب هذا تحقيق التوحيد: توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية
فتوحيد الربوبية أنه لا خالق إلا الله فلا يستقل شيء سواه بإحداث أمر من الأمور بل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فكل ما سواه إذا قدر سببا فلا بد له من شريك معاون وضد معوق فإذا طلب مما سواه إحداث أمر من الأمور طلب فيه ما لا يستقل به ولا يقدر وحده عليه حتى ما يطلب من العبد من الأفعال الاختيارية لا يفعلها إلا بإعانة الله له كأن يجعله فاعلا لها بما يخلقه فيه من الإرادة الجازمة ويخلقه له من القدرة التامة وعند وجود القدرة التامة والإرادة الجازمة يجب وجود المقدور
فمشيئة الله وحده مستلزمة لكل مايريده فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وما سواه لا تستلزم إرادته شيئا بل ما أراده لا يكون إلا بأمور خارجة عن مقدوره إن لم يعنه الرب بها لم يحصل مراده ونفس إرادته لا تحصل إلا بمشيئة الله تعالى كما قال تعالى: { لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } وقال تعالى: { فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا * وما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما * يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما } وقال: { فمن شاء ذكره * وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة }
والراجي لمخلوق طالب بقلبه لما يريده من ذلك المخلوق وذلك المخلوق عاجز عنه ثم هذا من الشرك الذي لا يغفره الله فمن كمال نعمته وإحسانه إلى عباده المؤمنين أن يمنع حصول مطالبهم بالشرك حتى يضرف قلوبهم إلى التوحيد ثم إن وحده العبد توحيد الإلهية حصلت له سعادة الدنيا والآخرة
وإن كان ممن قيل فيه: { وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون } وفي قوله: { وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا } كان ما حصل له من وحدانيته حجة عليه
كما احتج سبحانه على المشركين الذين يقرون بأنه خالق كل شيء ثم يشركون ولا يعبدونه وحده لا شريك له قال تعالى: { قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون } وقال تعالى: { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون } وهذا قد ذكر في اقرآن في غير موضع
فمن تمام نعمة الله على عباده المؤمنين أن ينزل بهم الشدة والضر وما يلجئهم إلى توحيده فيدعونه مخلصين له الدين ويرجونه لا يرجون أحدا سواه وتتعلق قلوبهم به لا لغيره
فيحصل لهم من التوكل عليه والإنابة إليه وحلاوة الإيمان وذوق طعمه والبراءة من الشرك ما هو أعظم نعمة عليهم من زوال المرض والخوف أو الجدب أو حصول اليسر وزوال العسر في المعيشة فإن ذلك لذات بدنية ونعم دنيوية قد يحصل للكافر منها أعظم مما يحصل للمؤمن
وأما ما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدين فأعظم من أن يعبر عن كنهه مقال أو يستحضر تفصيله بال ولكل مؤمن من ذلك نصيب بقدر إيمانه ولهذا قال بعض السلف: يا بن آدم ! لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها من قرع باب سيدك وقال بعض الشيوخ: إنه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجل قضاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك لأن النفس لا تريد إلا حظها فإذا قضى انصرفت وفي بعض الإسرائيليات يا بن آدم ! البلاء يجمع بيني وبينك والعافية تجمع بينك وبين نفسك
وهذا المعنى كثير وهو موجود مذوق محسوس بالحس الباطن للمؤمن وما من مؤمن إلا وقد وجد من ذلك ما يعرف به ما ذكرناه فإن ذلك من باب الذوق والحس لا يعرفه إلا من كان له ذوق وحس بذلك
ولفظ الذوق وإن كان قد يظن أنه في الأصل مختص بذوق اللسان فاستعماله في الكتاب والسنة يدل على أنه أعم من ذلك مستعمل في الإحساس بالملائم والمنافر كما أن لفظ الإحساس في عرف الاستعمال عام فيما يحس بالحواس الخمس بل وبالباطن
وأما في اللغة فأصله الرؤيا كما قال: { هل تحس منهم من أحد }
والمقصود لفظ الذوق قال تعالى: { فأذاقها الله لباس الجوع والخوف } فجعل الخوف والجوع مذوقا وأضاف إليهما اللباس ليشعر أنه لبس الجائع والخائف فشمله وأحاط به إحاطة اللباس باللباس بخلاف من كان الألم لا يستوعب مشاعره بل يختص ببعض المواضع وقال تعالى:
{ فذوقوا العذاب } وقال تعالى: { ذق إنك أنت العزيز الكريم } وقال تعالى: { ذوقوا مس سقر } وقال: { لا يذوقون فيها الموت }
وقال تعالى: { لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا }
وقال: { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر }
وقد قال النبي [ ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ]
فاستعمال لفظ الذوق في إدراك الملائم والمنافر كثير وقال النبي :
[ ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ] كما تقدم ذكر الحديث فوجود المؤمن حلاوة الإيمان في قلبه وذوق طعم الإيمان أمر يعرفه من حصل له هذا الوجد
وهذا الذوق أصحابه فيه يتفاوتون
فالذي يحصل لأهل الإيمان عند تجريد توحيد قلوبهم إلى الله وإقبالهم عليه دون ما سواه بحيث يكونون حنفاء له مخلصين له الدين لا يحبون شيئا إلا له ولا يتوكلون إلا عليه ولا يوالون إلا فيه ولا يعادون إلا له ولا يسألون إلا إياه ولا يرجون إلا إياه ولا يخافون إلا إياه يعبدونه ويستعينون له وبه بحيث يكونون عند الحق بلا خلق وعند الخلق بلا هوى قد فنيت عنهم إرادة ما سواه بإرادته ومحبة ما سواه بمحبته وخوف ما سواه بخوفه ورجاء ما سواه برجائه ودعاء ما سواه بدعائه هو أمر لا يعرفه بالذوق والوجد إلا من له نصيب وما من مؤمن إلا له منه نصيب
وهذا هو حقيقة الإسلام الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب وهو قطب القرآن الذي تدور عليه رحاه والله سبحانه أعلم
من مجموع الفتاوى المجلد العاشر ( كتاب السلوك ) والصفحة انتم ابحثوا عنه لأن كتاب السلوك لا يستغنى الناصح لقلبه عنه
أسال الله القريب المجيب الولي والمولى النصير أن يفرج كربنا جميعا وعن اخواننا واخواتنا في فسلطين وفي كل مكان ويعجل لنا بنصره
وينزل بأسه الشديد وعذابه البئيس الذي لا يرد عن القوم المجرمين من اليهود الظالمين ومن شايعهم وناصرهم على المسلمين
وعلى جميع السحرة والشياطين وجنودهم يارب العالمين
بكيده المتين ومكره العظيم
والله أشد بأسا وأشد تنكيلا والله خير الماكرين
وجزى الله عنا شيخ الإسلام ومفتي الأنام المجاهد الصارم البتار على الكفار والفجار خير الجزاء وأعظمه وأدومه وأبركه
اخواني واخواتي حفظكم الله هذا جواب لشيخ الإسلام رحمه الله ورضي عنه ورفعه في عليين مع النبيين والصديقين وجمعنا به تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله
وأما قول السائل: ما السبب في أن الفرج يأتي عند انقطاع الرجاء عن الخلق؟ وما الحيلة في صرف القلب عن التعلق بهم وتعلقه بالله؟
فيقال: سبب هذا تحقيق التوحيد: توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية
فتوحيد الربوبية أنه لا خالق إلا الله فلا يستقل شيء سواه بإحداث أمر من الأمور بل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فكل ما سواه إذا قدر سببا فلا بد له من شريك معاون وضد معوق فإذا طلب مما سواه إحداث أمر من الأمور طلب فيه ما لا يستقل به ولا يقدر وحده عليه حتى ما يطلب من العبد من الأفعال الاختيارية لا يفعلها إلا بإعانة الله له كأن يجعله فاعلا لها بما يخلقه فيه من الإرادة الجازمة ويخلقه له من القدرة التامة وعند وجود القدرة التامة والإرادة الجازمة يجب وجود المقدور
فمشيئة الله وحده مستلزمة لكل مايريده فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وما سواه لا تستلزم إرادته شيئا بل ما أراده لا يكون إلا بأمور خارجة عن مقدوره إن لم يعنه الرب بها لم يحصل مراده ونفس إرادته لا تحصل إلا بمشيئة الله تعالى كما قال تعالى: { لمن شاء منكم أن يستقيم * وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين } وقال تعالى: { فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا * وما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما * يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما } وقال: { فمن شاء ذكره * وما يذكرون إلا أن يشاء الله هو أهل التقوى وأهل المغفرة }
والراجي لمخلوق طالب بقلبه لما يريده من ذلك المخلوق وذلك المخلوق عاجز عنه ثم هذا من الشرك الذي لا يغفره الله فمن كمال نعمته وإحسانه إلى عباده المؤمنين أن يمنع حصول مطالبهم بالشرك حتى يضرف قلوبهم إلى التوحيد ثم إن وحده العبد توحيد الإلهية حصلت له سعادة الدنيا والآخرة
وإن كان ممن قيل فيه: { وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون } وفي قوله: { وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا } كان ما حصل له من وحدانيته حجة عليه
كما احتج سبحانه على المشركين الذين يقرون بأنه خالق كل شيء ثم يشركون ولا يعبدونه وحده لا شريك له قال تعالى: { قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل أفلا تذكرون * قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون لله قل أفلا تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون } وقال تعالى: { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون } وهذا قد ذكر في اقرآن في غير موضع
فمن تمام نعمة الله على عباده المؤمنين أن ينزل بهم الشدة والضر وما يلجئهم إلى توحيده فيدعونه مخلصين له الدين ويرجونه لا يرجون أحدا سواه وتتعلق قلوبهم به لا لغيره
فيحصل لهم من التوكل عليه والإنابة إليه وحلاوة الإيمان وذوق طعمه والبراءة من الشرك ما هو أعظم نعمة عليهم من زوال المرض والخوف أو الجدب أو حصول اليسر وزوال العسر في المعيشة فإن ذلك لذات بدنية ونعم دنيوية قد يحصل للكافر منها أعظم مما يحصل للمؤمن
وأما ما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدين فأعظم من أن يعبر عن كنهه مقال أو يستحضر تفصيله بال ولكل مؤمن من ذلك نصيب بقدر إيمانه ولهذا قال بعض السلف: يا بن آدم ! لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها من قرع باب سيدك وقال بعض الشيوخ: إنه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجل قضاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك لأن النفس لا تريد إلا حظها فإذا قضى انصرفت وفي بعض الإسرائيليات يا بن آدم ! البلاء يجمع بيني وبينك والعافية تجمع بينك وبين نفسك
وهذا المعنى كثير وهو موجود مذوق محسوس بالحس الباطن للمؤمن وما من مؤمن إلا وقد وجد من ذلك ما يعرف به ما ذكرناه فإن ذلك من باب الذوق والحس لا يعرفه إلا من كان له ذوق وحس بذلك
ولفظ الذوق وإن كان قد يظن أنه في الأصل مختص بذوق اللسان فاستعماله في الكتاب والسنة يدل على أنه أعم من ذلك مستعمل في الإحساس بالملائم والمنافر كما أن لفظ الإحساس في عرف الاستعمال عام فيما يحس بالحواس الخمس بل وبالباطن
وأما في اللغة فأصله الرؤيا كما قال: { هل تحس منهم من أحد }
والمقصود لفظ الذوق قال تعالى: { فأذاقها الله لباس الجوع والخوف } فجعل الخوف والجوع مذوقا وأضاف إليهما اللباس ليشعر أنه لبس الجائع والخائف فشمله وأحاط به إحاطة اللباس باللباس بخلاف من كان الألم لا يستوعب مشاعره بل يختص ببعض المواضع وقال تعالى:
{ فذوقوا العذاب } وقال تعالى: { ذق إنك أنت العزيز الكريم } وقال تعالى: { ذوقوا مس سقر } وقال: { لا يذوقون فيها الموت }
وقال تعالى: { لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا }
وقال: { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر }
وقد قال النبي [ ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ]
فاستعمال لفظ الذوق في إدراك الملائم والمنافر كثير وقال النبي :
[ ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان ] كما تقدم ذكر الحديث فوجود المؤمن حلاوة الإيمان في قلبه وذوق طعم الإيمان أمر يعرفه من حصل له هذا الوجد
وهذا الذوق أصحابه فيه يتفاوتون
فالذي يحصل لأهل الإيمان عند تجريد توحيد قلوبهم إلى الله وإقبالهم عليه دون ما سواه بحيث يكونون حنفاء له مخلصين له الدين لا يحبون شيئا إلا له ولا يتوكلون إلا عليه ولا يوالون إلا فيه ولا يعادون إلا له ولا يسألون إلا إياه ولا يرجون إلا إياه ولا يخافون إلا إياه يعبدونه ويستعينون له وبه بحيث يكونون عند الحق بلا خلق وعند الخلق بلا هوى قد فنيت عنهم إرادة ما سواه بإرادته ومحبة ما سواه بمحبته وخوف ما سواه بخوفه ورجاء ما سواه برجائه ودعاء ما سواه بدعائه هو أمر لا يعرفه بالذوق والوجد إلا من له نصيب وما من مؤمن إلا له منه نصيب
وهذا هو حقيقة الإسلام الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب وهو قطب القرآن الذي تدور عليه رحاه والله سبحانه أعلم
من مجموع الفتاوى المجلد العاشر ( كتاب السلوك ) والصفحة انتم ابحثوا عنه لأن كتاب السلوك لا يستغنى الناصح لقلبه عنه
أسال الله القريب المجيب الولي والمولى النصير أن يفرج كربنا جميعا وعن اخواننا واخواتنا في فسلطين وفي كل مكان ويعجل لنا بنصره
وينزل بأسه الشديد وعذابه البئيس الذي لا يرد عن القوم المجرمين من اليهود الظالمين ومن شايعهم وناصرهم على المسلمين
وعلى جميع السحرة والشياطين وجنودهم يارب العالمين
بكيده المتين ومكره العظيم
والله أشد بأسا وأشد تنكيلا والله خير الماكرين
وجزى الله عنا شيخ الإسلام ومفتي الأنام المجاهد الصارم البتار على الكفار والفجار خير الجزاء وأعظمه وأدومه وأبركه