محاورة مع رجل وقع في عيب رجل من أهل الدين
قع رجل في رجل من أهل الدين , وجعل يعيبه ويعين بعض ما يعيبه به , فقال بعض الحاضرين له : أريد أن أسألك :
هل أنت متيقن ما عبته فيه ؟ ومن أي طريق أخبرت به ؟ ثم إذا كان الأمر الذي ذكرته يقينا ؛ فهل يحل لك أن تعيبه أم لا ؟
أما الأول : فإني أعرف أنك لم تجالس الرجل وربما أنك لم تجتمع به , وإنما ينبت كلامك على ما يقوله بعض الناس عنه , وهذا معلوم أنه لا يحل لك أن تبني على كلام الناس , وقد علم منهم الصادق والكاذب والمخبر عما رأى والمخبر عما سمع , والكاذب الذي يخلق ما يقول ؛ فاتضح أنه على كل هذه التقادير لا يحل لك القدح فيه .
ثم ننتقل معك إلى المقام الثاني , وهو أنك متيقن أن فيه العيب الذي ذكرته , وقد وصل إليك بطريق يقيني ؛فهل تكلمت معه ونصحته ونظرت هل له عذر أم لا ؟ وهل يقبل النصيحة أم لا ؟ فقال : لم أتكلم معه في هذا بالكلية .
فقال له : هذا لا يحل لك , إنما يجب عليك إذا علمت من أخيك معيباً أن تنصحه بكل ما تقدر عليه قبل كل شيء , ثم إذا نصحته وأصر على العناد ؛ فانظر هل في عيبك له عند الناس مصلحة وردع , أم في ذلك خلاف ذلك ؟ وعلى الأحوال كلها , فأنت أظهرت في عيبك هذا له الغيرة على الدين وإنكار المنكر , وأنت في الحقيقة الذي فعل المنكر ,وما أكثر من يجري منه مثل هذه الأمور الضارة التي يحمل عليها ضعف البصيرة وقلة الورع ! والله أعلم .
*******************
مجموع الفوائد واقتناص الأوابد (ص 44 – 45 ) للشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله
تعليق