قصة الراهب الذى تركت له فتاة كى يحافظ عليها ! فزنا بها !, فحملت فقتلها ثم دفنها !, ثم سجد للشيطان فكفر بالله العظيم .. خطوات_الشيطان
التفريغ. تلك القصة التي ذكرها ابنُ كثير -رحمه الله تعالى- في سورةِ الحشرِ، وليست سببا في نزول الآيات، (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَا) الصف:(16)، لم تكن القصة سببا لنزول الآية، وإنما ذكر ذلك كالشرحِ لها والتأويلِ، وذكر أن ثلاثةً من بني إسرائيلَ أصابتهم القُرعةُ، وكانت لهم أختٌ كأجملِ ما تكونُ النساءُ؛ فقالوا: إلى من نعهدْ بهذه عند الغيابِ؟
وكان هنالك راهبٌ قد اتّخذ صومعةً يعبدُ اللهَ فيها وكان جادًّا في عبادتِه، مقبلًا على ربِّه، فأتَوا بها إليه، وقالوا إن من شأنِنَا كذا وكذا، وإنا لَنَسْتَوْدِعُكَها، حتى نرجعَ.
فقال: وأين أذهبُ بها؟ -يعني لا يمكن أن أستقبلَها في صومعتي-!!
فقالوا: نتخذ لها بيتًا بإزاءِ الصومعةِ، وإنما نطلب منكَ أن تراعي أحوالَها من بعيدٍ، لا نطلبُ منك مخالطَتَها، فقبل!!
هذه خطوة...
ثم جاء الشيطانُ بخطوةٍ أخرى... هي في المنزلِ الذي نزلت فيه، وهو في صومعتِه يعبد الله، فأتاه الشيطانُ، قال: وَيَجْمُلُ بك وأنتَ الرجلُ الكاملُ في رجولتِهِ، السويُّ في عبادتِهِ، الزاهدُ في الدنيا، المنقطعُ للآخرةِ أن تبقى هذه المسكينةُ من غير أن تسألَها عن حاجتِها؟ أَوَيَجْمُلُ بك ذلك؟! فذهب فناداها يا هنتاه!!
فأجابت!
قال: ألكِ حاجة؟
فإذا كان لها حاجة طلبتْها فتوسَّل إلى قضائِها، ثم جعلها على بابِها وانصرفَ، فهذهِ خطوةٌ.
وجاء الشيطانُ بخطوةٍ أخرى...
قال: ويجملُ بك وأنت بالمِحَل الذي أنت به، ألا تُؤْنِس هذه المسكينة، وقد ذهب إخوتُها، وليس لها أحدٌ سواك يُؤْنِس وحشتَها، ويبدِّد قربتها، ويسلبها غربتَها، حتى تكون في أنس ومودة؟
فكان يأتي فيجلسُ على عتبةِ الباب وهي من وراء الباب، فيكلمها من أجل أن يؤنسها -لا أكثر-!
ثم جاء الشيطانُ بخطوةٍ أخرى، قال: أو يجمل بكَ أن يروحَ الناسُ ويجيئونَ وأنت جالسٌ على بابِ هذه المسكينة، فتُظَنُّ بك الظنونُ وبها؟
ادخل، واجعل الباب مواربا، فدخل ثم جعل الباب مغلقًا، ثم وقع عليها فَأَحبَلَها، فلما وقع ذلك!! همَّ وَلَم يدر ما يصنع فقتلها، ثم دخل، فلما جاءَ إخوتُها، قالوا له أين أختنا؟
دفع إلى وجنتيه من عينيه عبرةً أو عبرتين، وقال ماتت، وقد قمت على شأنِها أحسنَ قيام، حتى واريتها في قبرها، فصدقوه واستعبروا باكين وانصرفوا، ثم ناموا من ليلتِهم فأتاهم الشيطانُ وأتاهم جميعا بشيءٍ واحدٍ رأوه في المنام، أن الراهب وقع على أختهم فَأَحْبَلَهَا، ثم قتلها ودفنها في الموضعِ الفلانيِّ ، فانتبهوا جميعا فزعين فتكلم أصغرهم، قال أرأيتم مثل ما رأيت؟
فلما يَجْرُؤَا على أن يردا عليه، فقال: رأيت كذا وكذا، فقالا: رأينا مثل ما رأيت، فذهبوا إلى الموضع فنبشوه فاستخرجوها، فاستعدوا الملك عليه، فجيء به.
أيجمل بك وأنت بالمنزل الذي تنزل، والمقام الذي تحله، أن تفعل مثل هذا الفعل الشائن القبيح؟
فَأَمرَ به فَصُلبَ فجاءه الشيطانُ، فقال: إني صاحبك، وأنا اليوم أستطيع أن أخلصك، قال: كيف؟
قال: اسجد لي سجدة واحدة، وأنا أخلصك.
فقال: وكيف أسجد لك وأنا بالحال التي ترى؟ -إذ هو مصلوبٌ على خشبة-.
فقال: أومئ برأسك، فسجد مومئًا برأسه، فكفر!!
فتأمل كيف بدأ الأمر؟
فلا تتبعوا خطواتِ الشيطانِ إنه لا يأتي إليك من النهاية، وإنما يستدرجك شيئًا فشيئًا، فاحذر أن تستهين بأمثال هذه الأمور، واقطع الأمر من بَدْئِهِ حتى ينتهي؛ ولذلك أمرنا الله -تبارك وتعالى- بألا نَنْظُرَ إلى المحرماتِ، وأمرنا الله -تبارك وتعالى- بألا نقرب الزنا، فقال -جل وعلا- (ولا تقربوا الزنا)، عند غيرنا... (لا تنزنوا)، وأما عندنا (ولا تقربوا الزنا) فالمقدمات ممنوعة، لا أن يظل المرءُ في حال مخالطة، وفي ممازجةٍ، وفي حال مباسطةٍ، وما يزال الأمرُ يزداد شيئًا فشيئًا، حتى ينتهي إلى هذا الأمر العظيم، فهذا كله من خطوات الشيطان.
الشيخ الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله
التفريغ. تلك القصة التي ذكرها ابنُ كثير -رحمه الله تعالى- في سورةِ الحشرِ، وليست سببا في نزول الآيات، (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَا) الصف:(16)، لم تكن القصة سببا لنزول الآية، وإنما ذكر ذلك كالشرحِ لها والتأويلِ، وذكر أن ثلاثةً من بني إسرائيلَ أصابتهم القُرعةُ، وكانت لهم أختٌ كأجملِ ما تكونُ النساءُ؛ فقالوا: إلى من نعهدْ بهذه عند الغيابِ؟
وكان هنالك راهبٌ قد اتّخذ صومعةً يعبدُ اللهَ فيها وكان جادًّا في عبادتِه، مقبلًا على ربِّه، فأتَوا بها إليه، وقالوا إن من شأنِنَا كذا وكذا، وإنا لَنَسْتَوْدِعُكَها، حتى نرجعَ.
فقال: وأين أذهبُ بها؟ -يعني لا يمكن أن أستقبلَها في صومعتي-!!
فقالوا: نتخذ لها بيتًا بإزاءِ الصومعةِ، وإنما نطلب منكَ أن تراعي أحوالَها من بعيدٍ، لا نطلبُ منك مخالطَتَها، فقبل!!
هذه خطوة...
ثم جاء الشيطانُ بخطوةٍ أخرى... هي في المنزلِ الذي نزلت فيه، وهو في صومعتِه يعبد الله، فأتاه الشيطانُ، قال: وَيَجْمُلُ بك وأنتَ الرجلُ الكاملُ في رجولتِهِ، السويُّ في عبادتِهِ، الزاهدُ في الدنيا، المنقطعُ للآخرةِ أن تبقى هذه المسكينةُ من غير أن تسألَها عن حاجتِها؟ أَوَيَجْمُلُ بك ذلك؟! فذهب فناداها يا هنتاه!!
فأجابت!
قال: ألكِ حاجة؟
فإذا كان لها حاجة طلبتْها فتوسَّل إلى قضائِها، ثم جعلها على بابِها وانصرفَ، فهذهِ خطوةٌ.
وجاء الشيطانُ بخطوةٍ أخرى...
قال: ويجملُ بك وأنت بالمِحَل الذي أنت به، ألا تُؤْنِس هذه المسكينة، وقد ذهب إخوتُها، وليس لها أحدٌ سواك يُؤْنِس وحشتَها، ويبدِّد قربتها، ويسلبها غربتَها، حتى تكون في أنس ومودة؟
فكان يأتي فيجلسُ على عتبةِ الباب وهي من وراء الباب، فيكلمها من أجل أن يؤنسها -لا أكثر-!
ثم جاء الشيطانُ بخطوةٍ أخرى، قال: أو يجمل بكَ أن يروحَ الناسُ ويجيئونَ وأنت جالسٌ على بابِ هذه المسكينة، فتُظَنُّ بك الظنونُ وبها؟
ادخل، واجعل الباب مواربا، فدخل ثم جعل الباب مغلقًا، ثم وقع عليها فَأَحبَلَها، فلما وقع ذلك!! همَّ وَلَم يدر ما يصنع فقتلها، ثم دخل، فلما جاءَ إخوتُها، قالوا له أين أختنا؟
دفع إلى وجنتيه من عينيه عبرةً أو عبرتين، وقال ماتت، وقد قمت على شأنِها أحسنَ قيام، حتى واريتها في قبرها، فصدقوه واستعبروا باكين وانصرفوا، ثم ناموا من ليلتِهم فأتاهم الشيطانُ وأتاهم جميعا بشيءٍ واحدٍ رأوه في المنام، أن الراهب وقع على أختهم فَأَحْبَلَهَا، ثم قتلها ودفنها في الموضعِ الفلانيِّ ، فانتبهوا جميعا فزعين فتكلم أصغرهم، قال أرأيتم مثل ما رأيت؟
فلما يَجْرُؤَا على أن يردا عليه، فقال: رأيت كذا وكذا، فقالا: رأينا مثل ما رأيت، فذهبوا إلى الموضع فنبشوه فاستخرجوها، فاستعدوا الملك عليه، فجيء به.
أيجمل بك وأنت بالمنزل الذي تنزل، والمقام الذي تحله، أن تفعل مثل هذا الفعل الشائن القبيح؟
فَأَمرَ به فَصُلبَ فجاءه الشيطانُ، فقال: إني صاحبك، وأنا اليوم أستطيع أن أخلصك، قال: كيف؟
قال: اسجد لي سجدة واحدة، وأنا أخلصك.
فقال: وكيف أسجد لك وأنا بالحال التي ترى؟ -إذ هو مصلوبٌ على خشبة-.
فقال: أومئ برأسك، فسجد مومئًا برأسه، فكفر!!
فتأمل كيف بدأ الأمر؟
فلا تتبعوا خطواتِ الشيطانِ إنه لا يأتي إليك من النهاية، وإنما يستدرجك شيئًا فشيئًا، فاحذر أن تستهين بأمثال هذه الأمور، واقطع الأمر من بَدْئِهِ حتى ينتهي؛ ولذلك أمرنا الله -تبارك وتعالى- بألا نَنْظُرَ إلى المحرماتِ، وأمرنا الله -تبارك وتعالى- بألا نقرب الزنا، فقال -جل وعلا- (ولا تقربوا الزنا)، عند غيرنا... (لا تنزنوا)، وأما عندنا (ولا تقربوا الزنا) فالمقدمات ممنوعة، لا أن يظل المرءُ في حال مخالطة، وفي ممازجةٍ، وفي حال مباسطةٍ، وما يزال الأمرُ يزداد شيئًا فشيئًا، حتى ينتهي إلى هذا الأمر العظيم، فهذا كله من خطوات الشيطان.
الشيخ الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله