* * * * *
مطوية / أسبـاب زيـادة الأيمان ونقصانه
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
------------------------
نسخة للطبع المنزلي بالابيض والاسود
سهلة للطبع العادي او النسخ -فوتوكوبي-
*****
نص المطوية :
ولزيادة الإيمان أسباب منها:
1 - معرفة أسماء الله وصفاته، فإن العبد كلما ازداد معرفة بها وبمقتضياتها، وآثارها، ازداد إيماناً بربه وحبًّا له وتعظيماً.
2 - النظر في آيات الله الكونية والشرعية، فإن العبد كلما نظر فيها وتأمل ما اشتملت عليه من القدرة الباهرة، والحكمة البالغة، ازداد إيماناً ويقيناً بلا ريب.
3 - فعل الطاعة تقرباً إلى الله تعالى، فإن الإيمان يزداد به بحسب حسن العمل وجنسه وكثرته، فكلما كان العمل أحسن كانت زيادة الإيمان به أعظم، وحسن العمل يكون بحسب الإخلاص والمتابعة.
وأما جنس العمل فإن الواجب أفضل من المسنون، وبعض الطاعات أوكد وأفضل من البعض الآخر، وكلما كانت الطاعة أفضل كانت زيادة الإيمان بها أعظم، وأما كثرة العمل فإن الإيمان يزداد بها؛ لأن العمل من الإيمان فلا جرم أن يزيد بزيادته.
4 - ترك المعصية خوفاً من الله عزّ وجل، وكلما قوي الداعي
إلى فعل المعصية كانت زيادة الإيمان بتركها أعظم؛ لأن تركها مع قوة الداعي إليها دليل على قوة إيمان العبد، وتقديمه ما يحبه الله ورسوله على ما تهواه نفسه.
وأما نقص الإيمان فله أسباب منها :
1 - الجهل بالله تعالى وأسمائه وصفاته.
2 - الغفلة والإعراض عن النظر في آيات الله وأحكامه الكونية والشرعية، فإن ذلك يُوجب مرض القلب أو موته باستيلاء الشهوات والشبهات عليه.
3 - فعل المعصية، فينقص الإيمان بحسب جنسها، وقدرها، والتهاون بها، وقوة الداعي إليها أو ضعفه.
فأما جنسها وقدرها فإن نقص الإيمان بالكبائر أعظم من نقصه بالصغائر، ونقص الإيمان بقتل النفس المحرمة أعظم من نقصه بأخذ مال محترم، ونقصه بمعصيتين أكثر من نقصه بمعصية واحدة، وهكذا.
وأما التهاون بها فإن المعصية إذا صدرت من قلب متهاون بمن عصاه ضعيف الخوف منه كان نقص الإيمان بها أعظم من نقصه إذا صدرت من قلب معظم لله تعالى شديد الخوف منه، لكن فرطت منه المعصية.
وأما قوة الداعي إليها فإن المعصية إذا صدرت ممن ضعفت منه دواعيها كان نقص الإيمان بها أعظم من نقصه إذا صدرت ممن قويت منه دواعيها، ولذلك كان استكبار الفقير، وزنى الشيخ أعظم إثماً من استكبار الغني، وزنى الشاب، كما في الحديث: " ثلاثة لا يُكلّمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم " (1) . وذكر منهم الأشيمط الزاني، والعائل المستكبر، لقلة داعي تلك المعصية فيهما.
4 - ترك الطاعة فإن الإيمان ينقص به، والنقص به على حسب تأكد الطاعة، فكلما كانت الطاعة أوكد كان نقص الإيمان بتركها أعظم، وربما فقد الإيمان كله كترك الصلاة.
ثم إن نقص الإيمان بترك الطاعة على نوعين: نوع يعاقب عليه، وهو: ترك الواجب بلا عذر. ونوع لا يعاقب عليه وهو: ترك الواجب لعذر شرعي، أو حسي، وترك المستحب، فالأول كترك المرأة الصلاة أيام الحيض، والثاني كترك صلاة الضحى. والله أعلم.
(1) -رواه مسلم (107) كتاب الإيمان، 46 - باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية ...
واللفظ المذكور للطبراني في "الثلاثة". قال الهيثمي في "المجمع" (48/7) و المنذري في "الترغيب": رجاله رجال الصحيح.
وقال الأخير: الأشيمط مصغر أشمط، وهو مَنِ ابيضّ بعض شعر رأسه كبراً، واختلط بأسوده.
وصححه الألباني (1788 - صحيح الترغيب) .