الزنا التقني
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
ففي برامج التواصل الإلكتروني من المحرمات والمخالفات الشرعية ما الله به عليم.
منها الزنا عند طريق إطلاق النظر والكلام والسماع مع الفتيات والنساء - الزنا التقني - الذي هو بريد الزنا.
فمحادثة النساء والتلذذ بأصواتهن والكلام معهن والنظر إليهن عبر تلك البرامج أو اطلاق البصر إلى الصور الخليعة والأفلام اﻹباحية والمقاطع الهابطة - وهذه أشدها على القلب فالنظرة سهم من سهام إبليس - هذه القبائح تثير الغريزة وتهيج الشهوة وتُوقع كثيرا من الشباب في نكاح اليد بل قد تصل بهم للزنا والسحاق واللواط والعياذ بالله.
فهذه الحواس التي أنعم الله تعالى بها علينا يجب أن نسخرها فيما يرضي الله عز وجل والتمتع بها فيما أباحه لنا.
فاستعمال هذه الحواس في طاعة الله من شكر النعمة التي منحنا الله تعالى إياها، وقد حرمها غيرنا، لا أن نقابله عز شأنه بتلك المعاصي فنكفر النعمة بالوقوع في الزنا التقني وفيما هو أشد منه.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه)).
أخرجه البخاري ومسلم.
فالمجرمون أطلقوا لحواسهم العنان فغرقوا في تلك القاذورات.
وأولياء الله حفظوا تلك الحواس واستعملوها في رضي الرحمن وعملوا الطاعات وتركوا المحرمات.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قال: ((من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه)).
أخرجه البخاري.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح الأربعون النووية)): ((فإذا أحببته كنت سمعه الذي سمع به - أي: سددته في كل ما يسمع فلا يسمع إلا ما فيه الخير له وليس المعنى أن الله يكون سمع الإنسان لأن سمع الإنسان صفه من صفاته أي: صفات الإنسان محدث بعد أن لم يكن، وهو صفة فيه أي: في الإنسان وكذلك يقال في بصره الذي يبصر به أي: أن الله فيما يرى إلا ما كان فيه خير ولا ينظر إلا إلى ما كان فيه خير)) اهـ.
هذا وأسأل الله أن يحفظ علينا أبصارنا وأسماعنا وأقوالنا، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والله أعلم وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 4 ذي القعدة سنة 1439 هـ
الموافق 17 يوليو 2018 ف