عنوان الكتاب:
صحيح المقال في مسألة شد الرحال - رد على أغاليط
تأليف:
حمود بن عبد الله التويجري
الناشر:
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
السنة الحادية عشرة, العدد الثاني، غرة ذي الحجة عام 1398هـ/1978م
بقلم حمود بن عبد الله التوريجرى
اطلعت على مقال لأبي هاشم نشر في الصفحة الخامسة من جريدة الندوة الصادرة في يوم السب 14 محرم 1397هـ عنوانه (مسجد الخندق بالمدينة المنورة).
قال الكاتب ما نصه (سمي هذا المسجد بمسجد الأحزاب لأن غزوة الأحزاب وقعت عنده كما سمي أيضاً باسم مسجد الخندق لأن الخندق كان يمر بجانب المسجد وهو الخندق الذي اقتراحه سلمان الفارسي رضي الله عنه على الرسول عليه الصلاة والسلام فكان أن حفره المسلمون ويبدأ من أسفل جبل ذباب أو ذوباب والذي أطلق عليه بعد ذلك جبل الراية لأن راية الرسول صلى الله عليه وسلم نصبت عليه.
ويسمى هذا المسجد أيضاً بمسجد الفتح وهو الاسم الخالد في كتب السيرة والتاريخ الإسلامي لأن الآية الكريمة {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في موضع عليه.ويقع المسجد على قطعة صغيرة من جبل سلع الكبير والذي كان يسمى من قبل جبل ثواب. وإلى جانب المسجد تقوم خمسة مساجد أخرى. فالمسجد الذي تحته رأساً هو مسجد الصديق ومن وراء مسجد الصديق مسجد الفاروق وبجانبه من جهة الغرب مسجد عثمان. ثم مسجد صغير هو مسجد علي بن أبي طالب. ثم مسجد سلمان الفارسي. والمساجد الستة هذه تقع وسط وادى بطحان الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم إنه من أودية الجنة وهذه المساجد هي مصلى الصحابة الخمسة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسلمان الفارسي رضي الله عنهم بالليل حيث كانوا يتهجدون في مواضعها طول الليل. انتهي كلام الكاتب.
وأقول لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أسس في المدينة مسجداً سوى مسجده
ص -88- ومسجده قباء. ومن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى في المدينة مسجداً غير هذين المسجدين فقوله بعيد من الصحة وكذلك لم يثبت عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسلمان رضي الله عنهم أنهم بنوا مساجد عند الخندق أو أنهم كانوا يتهجدون في مواضعها طوال الليل ومن زعم ذلك فقوله بعيد من الصحة.
والذي يظهر والله أعلم أن هذه المساجد كانت من إنشاء المفتونين بالآثار ونسبتها إلى الأكابر ليكون لذلك موقع عند الجهال.
وأما قول الكاتب ويسمى هذا المسجد مسجد الفتح وهو الاسم الخالد في كتب السيرة والتاريخ الإسلامي لأن الآية الكريمة {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} نزلت على رسول الله صلى الله عليه وهو في موضع عليه.
فجوبه أن يقال إن الفتح المذكور في الآية من سورة الأنفال لم يكن بالمدينة كما قد توهم ذلك كاتب المقال. وإنما كان ببدر حين التقى الجمعان كما ذكر ذلك المفسرون وأهل السير والأخبار. قال محمد بن إسحاق حدثني الزهري عن عبد الله بن ثعلبة أن أبا جهل قال يوم بدر اللهم أينا كان أقطع للرحم وأتانا بما لا يعرف فأحنه الغداة وكان استفتاحاً منه فنزلت {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} إلى آخر الآية. وقد رواه الإمام أحمد والنسائي وابن جرير والحاكم في مستدركه من طريق محمد بن إسحاق وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه. وفي رواية لابن جرير عن ابن شهاب الزهري قال أخبرني عبد الله بن ثعلبة بن صغيرة العدوي حليف بني زهرة أن المستفتح يومئذ أبو جهل وأنه قال حين التقى القوم: أينا أقطع للرحم وأتانا بما لا يعرف فأحنه الغدوة فكان ذلك استفتاحه فأنزل الله في ذلك {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} الآية.
قال ابن كثير وروى نحو هذا عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة ويزيد بن رومان وغير واحد وأما قول الكاتب أن الرسول صلى الله عليه قال في وادى بطحان إنه من أودية الجنة.
فجوابه أن يقال هذا الحديث لا أصل له فلا يغتر به. وقد ورد في حديث ضعيف جداً أن بطحان على بركة من برك الجنة. رواه البزار من حديث عائشة رضي الله عنها وفيه راولم يسم وما كان كذلك فلا يعمد عليه ولا يثبت به شيء. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
حمود بن عبد الله التويجرى