إتحاف الأنيس بالتحذير من مقالة الكبر ( أنا ) كما قالها إبليس
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعدُ:
فقد جاءت أحكام متنوعة في قول (أنا) منها المشروع ومنها الممنوع، ومما ينهي عنده ويمنع، مَن يقول (أنا) على سبيل التفاخر والتكبر، وهذا فيه تشبه بإبليس عندما تكبر على أبونا آدم عليه الصلاة والسلام بقوله: { أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ } [الأعراف:12].
قال ابن القيم رحمه الله في ((زاد المعاد)): ((وليحذر كل الحذر من طغيان أنا ولي وعندي، فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلي بها إبليس وفرعون وقارون، { فأنا خير منه } لإبليس، { ولي ملك مصر } لفرعون، { وإنما أوتيته على علم عندي} لقارون.
وأحسن ما وضعت أنا في قول العبد أنا العبد المذنب المخطىء المستغفر المعترف ونحوه ولي في قوله لي الذنب ولي الجرم ولي المسكنة ولي الفقر والذل وعندي في قوله اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي)) اهـ.
وهذا ما استعمله صاحب الجنة المتكبر، كما في قوله سبحانه تعالى: { فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا } [الكهف:34].
لهذا وغيره جاء الوعيد الشديد للمتكبرين.
فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان، فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال)).
أخرجه الترمذي وغيره وحسنه الإمام الألباني رحمه الله.
هذا والله أعلم وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الثلاثاء 14 جمادى الأول سنة 1439 هـ
الموافق لـ: 30 يناير سنة 2018 ف