بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
أدب كظم الغيظ مِن مجاهدة العبد نفسه لله عزَّ وجلَّ
للشَّيخ خالد عبدالرَّحمن حفظه الله
أدب كظم الغيظ مِن مجاهدة العبد نفسه لله عزَّ وجلَّ
للشَّيخ خالد عبدالرَّحمن حفظه الله
الآن جُلُّ النَّاس -إلاَّ مَن رحم ربُّك- ما أنْ يُنال مِن عِرضه قيد أنملة حتَّى يُنزِّل عشرة أشرطة في الرَّدِّ على فُلانٍ وفُلانٍ.
وكلٌّ يدَّعي أنَّه يُريد نصرَ الإسلام، وترى إذا لم يُنلْ جانبُه لا يَعرِض لفُلانٍ، فإذا نِيل مِن جانبِه قيد أنملة ألَّف الكُتب وكتب الرسائل وأنزل الأشرطة، وكلُّهم -إلاَّ مَن رحم ربُّك- يتستَّر خلف سِتار: إنَّما نفعل ذلك صيانةً للدِّين. ولو حُقّ الأمر لظهر أنَّه إنَّما هو انتقامٌ للنَّفس، وقد يكون بحقٍّ وقد يكون بباطل.
لذلك قلَّ أنْ يُوجد هذا الأدب إلاَّ عند القليل مِن عباد الله؛ إذا ظُلِمتَ واتُّهِمتَ في شخصِك واعتُدِيَ عليك فاكْظِمْ، وتأدَّبْ.
وقد سمعتُ والدَنا وأُستاذنا الشَّيخ ربيع -حفظه الله- وكان دار كلام في بعض الأُمور، فقال: يا ولدي تبلغني عن بعض النَّاس كلمات في شخصي كالجبال، ونبلعها ونحتمل لأجل مصلحة الدَّعوة، ولأجل أنْ لا نُفرِّق هذه الأُمَّة، كلمات كالجبال في الطَّعنِ فِيَّ، يقول: ونبلعُها؛ هذا هو الأدب وهذا هو خُلُقُ الأنبياء ومَن سَلَك مسلَكهم.
ولذلك فإنَّ مِن السَّفاهة أنْ تضِيع أعمار النَّاس في القيل والقال، وأنْ لا يكظمُوا غيظَهم، وأشدُّ مِن ذلك أنْ يتستَّر مَن يتستَّر أنَّه إنَّما يُدافع عن نفسِه لأجلِ دينِ اللهِ.
النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُؤذى -كما عند البُخاريِّ- لَمَّا حكَم في قضيَّة، فقيل له: أنْ كان ابن عمَّتك؟ فغضب، واحمرَّ وجهه عليه الصَّلاة والسَّلام، ولكن كان يكظم غيظَه، ويُؤذى في نفسه فيكظِم؛ وهذا هو مُجاهدة العبد نفسه لله عزَّ وجلَّ.