الحمد لله القوي الجبار مكور الليل على النهار، والصلاة والسلام على نبينا المختار، وعلى آله وصحبه الأبرار.
أما بعد:
فقد قال الله عز وجل ذاكرًا من صفات نبيه يحيى عليه الصلاة والسلام: {وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً} [مريم: 14].
وقال الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه عيسى عليه الصلاة والسلام: {قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ ءَاتَانِىَ الْكِتَبَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً * وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلَوةِ وَالزَّكَوةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً} [مريم: 30-32].
قال الأزهري رحمه الله في ((تهذيب اللغة)): ((وقال اللحياني: والجبار المُتكبر عن عبادة الله تعالى، ومنه قول الله تعالى: {ولَمْ يكُنْ جبَّاراً عَصِياَّ}، وكذلك قول عيسى: {ولَمْ يَجْعَلَني جبَّاراً شَقِيّا} أي: متكبراً عن عبادة الله.
والجبار أيضا: القاهر المُسلَّط. قال الله: {وما أَنْتَ عليهم بِجَبّار}، أي بمُسَلَّط فتقهرهم على الإسلام.
ثم قال:
وروى سلمة عن الفراء أنه قال: لم أسمع فَعَّالاً من أَفْعَل إلا في حرفين وهما: جبار من أَجْبَرْتُ، ودرَّاك من أَدركتُ.
قلت: جعل جبّاراً في صفة العباد من الإجبار، وهو القهر والإكراه لا من " جَبرَ ")) اهـ.
بهذا لا يكون نبيٌّ قاهرًا لعباد الله، ولا يتصور أن يعق نبي، فالعقوق كبيرة من الكبائر ممتنعة في حق الأنبياء والمرسلين لعصمة الله عز وجل لهم.
وفي الآيات السابقة أن صفة التجبر منتفية عن الأنبياء، وأن كل عاق متجبر.
أخرج الطبري في ((تفسيره)) عن عبد الله بن واقد أبي رجاء الهرويّ قال: لا تجد سيِّئ المِلكة إلا وجدته مختالا فخورًا. وتلا: {وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورًا}؛ ولا عاقًّا إلا وجدته جبارًا شقيًا. وتلا: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [سورة مريم: 32].
وأخرج ابن أبى حاتم في ((تفسيره)) عن العوّام بن حوشب، قال: إنك لا تكاد تجد عاقا، إلا تجده جبارا، ثم قرأ: {وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا}.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الاثنين 23 رمضان سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 19 يونيو سنة 2017 ف
أما بعد:
فقد قال الله عز وجل ذاكرًا من صفات نبيه يحيى عليه الصلاة والسلام: {وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً} [مريم: 14].
وقال الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه عيسى عليه الصلاة والسلام: {قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ ءَاتَانِىَ الْكِتَبَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً * وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلَوةِ وَالزَّكَوةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً} [مريم: 30-32].
قال الأزهري رحمه الله في ((تهذيب اللغة)): ((وقال اللحياني: والجبار المُتكبر عن عبادة الله تعالى، ومنه قول الله تعالى: {ولَمْ يكُنْ جبَّاراً عَصِياَّ}، وكذلك قول عيسى: {ولَمْ يَجْعَلَني جبَّاراً شَقِيّا} أي: متكبراً عن عبادة الله.
والجبار أيضا: القاهر المُسلَّط. قال الله: {وما أَنْتَ عليهم بِجَبّار}، أي بمُسَلَّط فتقهرهم على الإسلام.
ثم قال:
وروى سلمة عن الفراء أنه قال: لم أسمع فَعَّالاً من أَفْعَل إلا في حرفين وهما: جبار من أَجْبَرْتُ، ودرَّاك من أَدركتُ.
قلت: جعل جبّاراً في صفة العباد من الإجبار، وهو القهر والإكراه لا من " جَبرَ ")) اهـ.
بهذا لا يكون نبيٌّ قاهرًا لعباد الله، ولا يتصور أن يعق نبي، فالعقوق كبيرة من الكبائر ممتنعة في حق الأنبياء والمرسلين لعصمة الله عز وجل لهم.
وفي الآيات السابقة أن صفة التجبر منتفية عن الأنبياء، وأن كل عاق متجبر.
أخرج الطبري في ((تفسيره)) عن عبد الله بن واقد أبي رجاء الهرويّ قال: لا تجد سيِّئ المِلكة إلا وجدته مختالا فخورًا. وتلا: {وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورًا}؛ ولا عاقًّا إلا وجدته جبارًا شقيًا. وتلا: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [سورة مريم: 32].
وأخرج ابن أبى حاتم في ((تفسيره)) عن العوّام بن حوشب، قال: إنك لا تكاد تجد عاقا، إلا تجده جبارا، ثم قرأ: {وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا}.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الاثنين 23 رمضان سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 19 يونيو سنة 2017 ف