بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القدوس السلام، والصلاة والسلام على خير الأنام، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم على الدوام.
أما بعد:
فقد حثت الشريعة على المسارعة للخيرات والمبادرة للأعمال الصالحات.
قال الله تعالى: {فاستبقوا الخيرات} [البقرة: 148]، وقال تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين} [آل عمران: 133].
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((واستبقوها يعني: استبقوا إليها وهو أبلغ من سابقوا إلى الخيرات فالاستباق معناه أن الإنسان يسبق إلى الخير ويكون من أول الناس في الخير)) اهـ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((بادروا بالأعمال)) أخرجه مسلم.
وفي هذا المبادرة والمسارعة لفعل الخيرات على وجه العموم.
أما المسابقة بالسلام والمبادرة به، فعن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام)).
أخرجه أبو داود وصححه الإمام الألباني رحمه الله.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((خير الناس من يبدأ الناس بالسلام وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق يبدأ من لقيه بالسلام فاحرص على أن تكون أنت الذي تسلم قبل صاحبك ولو كان أصغر منك لأن خير الناس من يبدؤهم بالسلام وأولى الناس بالله من يبدؤهم بالسلام فهل تحب أن تكون أولى الناس عند الله كلنا يحب ذلك إذن فابدأ الناس بالسلام)) اهـ.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه، قيل: يا رسول الله، الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟.
قال: ((أولاهما بالله تعالى)).
أخرجه الترمذي وصححه الإمام الألباني رحمه الله.
قال العلامة فيصل آل مبارك رحمه الله في ((تطريز رياض الصالحين)): ((صار البادئ بالسلام أولى بالله لما صنع من المبادرة إلى طاعة الله والمسارعة إليها)) اهـ.
أما ما جاء عن سلفنا الصالح في حرصهم على مبادرة بالسلام.
عن الأغر - أغر مزينة - رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر لي بجريب من تمر عند رجل من الأنصار فمطلني به فكلمت فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اغد يا أبا بكر فخذ له تمره)).
فوعدني أبو بكر المسجد إذا صلينا الصبح فوجدته حيث وعدني فانطلقنا فكلما رأى أبا بكر رجل من بعيد سلم عليه.
فقال أبو بكر رضي الله عنه: (أما ترى ما يصيب القوم عليك من الفضل لا يسبقك إلى السلام أحد).
فكنا إذا طلع الرجل من بعيد بادرناه بالسلام قبل أن يسلم علينا.
قال المنذري رحمه الله في ((الترغيب والترهيب)): ((رواه الطبراني في الكبير والأوسط وأحد إسنادي الكبير رواته محتج بهم في الصحيح)) اهـ.
وحسنه الإمام الألباني رحمه الله.
وعن الطفيل بن أبي بن كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا سلم عليه.
قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يوما فاستتبعني إلى السوق.
فقلت له: ما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق.
وأقول: اجلس بنا ههنا نتحدث.
فقال: (يا أبا بطن - وكان الطفيل ذا بطن - إنما تغدو من أجل السلام نسلم على من لقيناه).
قال النووي رحمه الله في ((رياض الصالحين)): ((رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح)) اهـ.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((وفي هذا دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يمل من كثرة السلام لو قابلت مائة شخص فيما بينك وبين المسجد مثلا فسلم إذا سلمت على مائة شخص تحصل على ألف حسنة هذه نعمة كبيرة وفي هذا أيضا دليل على حرص السلف الصالح على كسب الحسنات ولأنهم لا يفرطون فيها بخلاف وقتنا الحاضر تجد الإنسان يفرط في حسنات كثيرة وابن عمر رضي الله عنهما من أحرص الناس إلى المبادرة إلى فعل الخير لما حدثه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من تبع الجنازة حتى يصلى عليها كتب له قيراط ومن شهدها حتى تدفن كتب له قيراطان قيل وما القيراطان يا رسول الله قال مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أحد ولما حدث ابن عمر بهذا الحديث قال والله لقد فرطنا في قراريط كثرة ثم صار لا تحصل جنازة إلا تبعها رضي الله عنه وهكذا السلف الصالح إذا علموا ما في الأعمال من الخير والثواب بادروا إليها وحرصوا عليها فالذي ينبغي للمؤمن أن يكون حريصا على فعل الخير كلما بأن له خصلة خير فليبادر إليها)) اهـ.
وذكر ابن بشكوال في ((الصلة)) عند ترجمة موسى بن عبد الرحمن؛ يعرف: بابن جوشن: من أهل طليطلة.
قال: ((وكان خيراً فاضلاً له أخلاق حسان، وآداب لطيفة، حسن اللقاء. كان لا يمر بأحد إلا سلم عليه توفي سنة ثمان وأربعين وأربع مائة. ذكره ابن مطاهر)) اهـ.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالكرام فلاح
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم السبت 18 رجب سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 15 أبريل سنة 2017 ف
الحمد لله القدوس السلام، والصلاة والسلام على خير الأنام، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم على الدوام.
أما بعد:
فقد حثت الشريعة على المسارعة للخيرات والمبادرة للأعمال الصالحات.
قال الله تعالى: {فاستبقوا الخيرات} [البقرة: 148]، وقال تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين} [آل عمران: 133].
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((واستبقوها يعني: استبقوا إليها وهو أبلغ من سابقوا إلى الخيرات فالاستباق معناه أن الإنسان يسبق إلى الخير ويكون من أول الناس في الخير)) اهـ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((بادروا بالأعمال)) أخرجه مسلم.
وفي هذا المبادرة والمسارعة لفعل الخيرات على وجه العموم.
أما المسابقة بالسلام والمبادرة به، فعن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام)).
أخرجه أبو داود وصححه الإمام الألباني رحمه الله.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((خير الناس من يبدأ الناس بالسلام وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق يبدأ من لقيه بالسلام فاحرص على أن تكون أنت الذي تسلم قبل صاحبك ولو كان أصغر منك لأن خير الناس من يبدؤهم بالسلام وأولى الناس بالله من يبدؤهم بالسلام فهل تحب أن تكون أولى الناس عند الله كلنا يحب ذلك إذن فابدأ الناس بالسلام)) اهـ.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه، قيل: يا رسول الله، الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟.
قال: ((أولاهما بالله تعالى)).
أخرجه الترمذي وصححه الإمام الألباني رحمه الله.
قال العلامة فيصل آل مبارك رحمه الله في ((تطريز رياض الصالحين)): ((صار البادئ بالسلام أولى بالله لما صنع من المبادرة إلى طاعة الله والمسارعة إليها)) اهـ.
أما ما جاء عن سلفنا الصالح في حرصهم على مبادرة بالسلام.
عن الأغر - أغر مزينة - رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر لي بجريب من تمر عند رجل من الأنصار فمطلني به فكلمت فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اغد يا أبا بكر فخذ له تمره)).
فوعدني أبو بكر المسجد إذا صلينا الصبح فوجدته حيث وعدني فانطلقنا فكلما رأى أبا بكر رجل من بعيد سلم عليه.
فقال أبو بكر رضي الله عنه: (أما ترى ما يصيب القوم عليك من الفضل لا يسبقك إلى السلام أحد).
فكنا إذا طلع الرجل من بعيد بادرناه بالسلام قبل أن يسلم علينا.
قال المنذري رحمه الله في ((الترغيب والترهيب)): ((رواه الطبراني في الكبير والأوسط وأحد إسنادي الكبير رواته محتج بهم في الصحيح)) اهـ.
وحسنه الإمام الألباني رحمه الله.
وعن الطفيل بن أبي بن كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا سلم عليه.
قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يوما فاستتبعني إلى السوق.
فقلت له: ما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق.
وأقول: اجلس بنا ههنا نتحدث.
فقال: (يا أبا بطن - وكان الطفيل ذا بطن - إنما تغدو من أجل السلام نسلم على من لقيناه).
قال النووي رحمه الله في ((رياض الصالحين)): ((رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح)) اهـ.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)): ((وفي هذا دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يمل من كثرة السلام لو قابلت مائة شخص فيما بينك وبين المسجد مثلا فسلم إذا سلمت على مائة شخص تحصل على ألف حسنة هذه نعمة كبيرة وفي هذا أيضا دليل على حرص السلف الصالح على كسب الحسنات ولأنهم لا يفرطون فيها بخلاف وقتنا الحاضر تجد الإنسان يفرط في حسنات كثيرة وابن عمر رضي الله عنهما من أحرص الناس إلى المبادرة إلى فعل الخير لما حدثه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من تبع الجنازة حتى يصلى عليها كتب له قيراط ومن شهدها حتى تدفن كتب له قيراطان قيل وما القيراطان يا رسول الله قال مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أحد ولما حدث ابن عمر بهذا الحديث قال والله لقد فرطنا في قراريط كثرة ثم صار لا تحصل جنازة إلا تبعها رضي الله عنه وهكذا السلف الصالح إذا علموا ما في الأعمال من الخير والثواب بادروا إليها وحرصوا عليها فالذي ينبغي للمؤمن أن يكون حريصا على فعل الخير كلما بأن له خصلة خير فليبادر إليها)) اهـ.
وذكر ابن بشكوال في ((الصلة)) عند ترجمة موسى بن عبد الرحمن؛ يعرف: بابن جوشن: من أهل طليطلة.
قال: ((وكان خيراً فاضلاً له أخلاق حسان، وآداب لطيفة، حسن اللقاء. كان لا يمر بأحد إلا سلم عليه توفي سنة ثمان وأربعين وأربع مائة. ذكره ابن مطاهر)) اهـ.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم *** إن التشبه بالكرام فلاح
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم السبت 18 رجب سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 15 أبريل سنة 2017 ف