بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فكيد الشيطان للمسلم لا يتوقف حتى يوسد الأرض ويواري التراب، فمازال جند إبليس يفتنون المسلمين وخاصة عند الاحتضار.
فيا عبد الله مادامت روحك في جسدك والشيطان لك بالمرصاد؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال إبليس: وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم. فقال: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني)).
رواه أحمد والحاكم وحسَّنه الألباني في ((صحيح الترغيب والترهيب)).
ومن فتنة الشياطين عند الاحتضار تزينه لبعض المسلمين دين النصارى واليهود.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((أما عرض الأديان على العبد وقت الموت فليس هو أمرا عاما لكل أحد ولا هو أيضا منتفيا عن كل أحد بل من الناس من تعرض عليه الأديان قبل موته ؛ ومنهم من لا تعرض عليه وقد وقع ذلك لأقوام. وهذا كله من فتنة المحيا والممات التي أمرنا أن نستعيذ منها في صلاتنا منها: ما في الحديث الصحيح أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ في صلاتنا من أربع: من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال)). ولكن وقت الموت أحرص ما يكون الشيطان على إغواء بني آدم؛ لأنه وقت الحاجة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((الأعمال بخواتيمها)) وقال صلى الله عليه وسلم ((إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع؛ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن العبد ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع؛ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)). ولهذا روي: ((أن الشيطان أشد ما يكون على ابن آدم حين الموت يقول لأعوانه: دونكم هذا فإنه إن فاتكم لن تظفروا به أبدا)) اهـ.
وقال رحمه الله: ((وأما عرض الأديان وقت الموت فيبتلى به بعض الناس دون بعض)) اهـ.
ومن قصص التي تذكر في هذا الباب ما قصه القرطبي رحمه الله في ((التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة)) قال: ((وقد سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي بثغر الإسكندرية يقول: حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد بن محمد القرطبي بقرطبة وقد احتضر.
فقيل له: قل: لا إله إلا الله.
فكان يقول: لا لا.
فلما أفاق ذكرنا له ذلك فقال: أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي يقول أحدهما: مت يهوديا فإنه خير الأديان والآخر يقول: مت نصرانيا فإنه خير الأديان؛ فكنت أقول لهما: لا لا إلي تقولان هذا؟ وقد كتبت بيدي في كتاب الترمذي والنسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان يأتي أحدكم عند موته فيقول: مت يهوديا مت نصرانيا))، فكان الجواب لهما لا لكما.
قلت: ومثل هذا عن الصالحين كثير يكون الجواب للشيطان لا لمن يلقنه الشهادة.
وقد تصفحت كتاب الترمذي أبي عيسى وسمعت جميعه فلم أقف على هذا الحديث فيه فإن كان في بعض النسخ فالله أعلم.
وأما كتاب النسائي فسمعت بعضه وكان عندي كثير منه فلم أقف عليه وهو نسخ فيحتمل أن يكون في بعضها والله أعلم)) اهـ.
فعلى المسلم أن يلتجأ إلى الله أن يعصمه من الشيطان حال الاحتضار، وينطرح بين يدي مولاه أن لا يضله الشيطان عند الموت، ويدعو بما كان يدعو به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعن أبي اليسر السلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الهدم والتردي والهرم والغرق والحريق وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت وأن أقتل في سبيلك مدبرا وأن أموت لديغا)).
أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم في ((المستدرك)) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الإمام الألباني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال)) أخرجه البخاري.
وفي لفظ لمسلم: ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع , يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم)).
فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستعيذ بالله من فتنة الممات وأن يتخبطه الشيطان عند الموت، فنحن أحوج وأحوج.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 10 رجب سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 6 أبريل سنة 2017 ف
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، ومن اتبع هداه.
أما بعد:
فكيد الشيطان للمسلم لا يتوقف حتى يوسد الأرض ويواري التراب، فمازال جند إبليس يفتنون المسلمين وخاصة عند الاحتضار.
فيا عبد الله مادامت روحك في جسدك والشيطان لك بالمرصاد؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال إبليس: وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم. فقال: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني)).
رواه أحمد والحاكم وحسَّنه الألباني في ((صحيح الترغيب والترهيب)).
ومن فتنة الشياطين عند الاحتضار تزينه لبعض المسلمين دين النصارى واليهود.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في ((مجموع الفتاوى)): ((أما عرض الأديان على العبد وقت الموت فليس هو أمرا عاما لكل أحد ولا هو أيضا منتفيا عن كل أحد بل من الناس من تعرض عليه الأديان قبل موته ؛ ومنهم من لا تعرض عليه وقد وقع ذلك لأقوام. وهذا كله من فتنة المحيا والممات التي أمرنا أن نستعيذ منها في صلاتنا منها: ما في الحديث الصحيح أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ في صلاتنا من أربع: من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال)). ولكن وقت الموت أحرص ما يكون الشيطان على إغواء بني آدم؛ لأنه وقت الحاجة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((الأعمال بخواتيمها)) وقال صلى الله عليه وسلم ((إن العبد ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع؛ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن العبد ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع؛ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)). ولهذا روي: ((أن الشيطان أشد ما يكون على ابن آدم حين الموت يقول لأعوانه: دونكم هذا فإنه إن فاتكم لن تظفروا به أبدا)) اهـ.
وقال رحمه الله: ((وأما عرض الأديان وقت الموت فيبتلى به بعض الناس دون بعض)) اهـ.
ومن قصص التي تذكر في هذا الباب ما قصه القرطبي رحمه الله في ((التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة)) قال: ((وقد سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي بثغر الإسكندرية يقول: حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد بن محمد القرطبي بقرطبة وقد احتضر.
فقيل له: قل: لا إله إلا الله.
فكان يقول: لا لا.
فلما أفاق ذكرنا له ذلك فقال: أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي يقول أحدهما: مت يهوديا فإنه خير الأديان والآخر يقول: مت نصرانيا فإنه خير الأديان؛ فكنت أقول لهما: لا لا إلي تقولان هذا؟ وقد كتبت بيدي في كتاب الترمذي والنسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان يأتي أحدكم عند موته فيقول: مت يهوديا مت نصرانيا))، فكان الجواب لهما لا لكما.
قلت: ومثل هذا عن الصالحين كثير يكون الجواب للشيطان لا لمن يلقنه الشهادة.
وقد تصفحت كتاب الترمذي أبي عيسى وسمعت جميعه فلم أقف على هذا الحديث فيه فإن كان في بعض النسخ فالله أعلم.
وأما كتاب النسائي فسمعت بعضه وكان عندي كثير منه فلم أقف عليه وهو نسخ فيحتمل أن يكون في بعضها والله أعلم)) اهـ.
فعلى المسلم أن يلتجأ إلى الله أن يعصمه من الشيطان حال الاحتضار، وينطرح بين يدي مولاه أن لا يضله الشيطان عند الموت، ويدعو بما كان يدعو به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعن أبي اليسر السلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الهدم والتردي والهرم والغرق والحريق وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت وأن أقتل في سبيلك مدبرا وأن أموت لديغا)).
أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم في ((المستدرك)) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الإمام الألباني.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال)) أخرجه البخاري.
وفي لفظ لمسلم: ((إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع , يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم)).
فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستعيذ بالله من فتنة الممات وأن يتخبطه الشيطان عند الموت، فنحن أحوج وأحوج.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 10 رجب سنة 1438 هـ
الموافق لـ: 6 أبريل سنة 2017 ف