أحسن الله إليكم.. فضيلة الشيخ..
كيف يوازن طالب العلم بين جِده واجتهاده في طلب العلم وبين الحقوق الواجبة عليه تجاه الوالدين والأهل؟
فبعض الشباب بمجرد التزامه يقطع صلة الرحم بينه وبين أهله !
الجواب للشيخ محمد بن هادي المدخلي:
ما شاء الله ! هذه ثمرة العلم؟! هذه ثمرة التمسك؟!
التمسك بالشرع: تأخذ بكل ما جاء فيه، ومما جاء فيه: فهَلْ عَسَيْتُمْ إِن توَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الذِين لعَنهُمُ اللهُ فأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصارَهُمْ (23)
أولئك الذين لعنهم الله - عياذاً بالله من ذلك - فأصمهم عن سماع الحق والتنبيه عليه والتذكير به، وأعمى أبصارهم عن الأخذ به وقبوله، عياذاً بالله من ذلك.
هذا باب خطير جدًا.. الذين يقطعون ما أمر الله - سبحانه وتعالى - به أن يوصل، أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار.. نعوذ بالله من ذلك.
فطلبة العلم، وكل من دخل في السلم كافة وأقبل على التمسك بهذا الدين، ينبغي أن يعرف الواجبات ويعرف المحرمات ويبدأ بالأهم ثم المهم. فالوالدين ثم الأرحام، ذوي الأرحام، هؤلاء لهم حقوق، فلا تقطعها وقم بأدائها.
وأداء حق الوالدين لا يتعارض مع عملك ولا يتعارض مع اجتهادك في طلب العلم أبدًا. يجمعون حاجاتهم التي يريدونها فتقضيها لهم، وباقي الوقت كله لك.. ما التعارض؟!
طيب أنا سأذكر لكم في المقابل صورة أخرى. هذا السؤال قد ورد كثيرًا، تجد بعض أحبتنا وأبنائنا وإخواننا ممن ذكر هذا الوصف فيه، يتثاقل أن يجلس مع أبيه وأمه نصف ساعة، ولكن يجلس مع أصحابه خمس ساعات ! يتثاقل أن يقضي لأبيه وأمه غرضًا هيناً سهلاً من البقالة، ولكن يذهب مع أصحابه مئتين كيلو في نزهة برية !
يتثاقل أن يسافر بأبيه وأمه أربعين كيلو متر، خمسين كيلو متر، لأداء بعض الحقوق والواجبات إذا كانت الأسر قد تباعدت في السُكنى، يتثاقل ذلك، ساعة ذهابًا ومجيئًا، وجلوس مع ذوي قرابته، أخته عمته خالته جدته مع أمه ساعتين يجلس معها، ويعود بذهاب ومجيء ساعة، ثلاث ساعات. بقي له من الوقت كم؟ واحد وعشرين ساعة، يستثقلها !
لكن، يسافر مع اخوانه من الصباح إلى المساء، ويعود يراها سريعًا انقضت !
اذاً القضية ليست في: كيف يوفق. القضية في انبعاث القلب لقبول هذا الشأن الذي أمرك الله سبحانه وتعالى. فإذا انبعث القلب هان بعد ذلك على الجوارح وسهل عليها ما تقوم به. هذا ناحية.
ثم اعلم أنك في قيامك هذا، أنت في عبادة. أنت في عبادة.
كل هذا الوقت انت في عبادة.
فأداء حقوق الوالدين وصلة ذوي الأرحام عبادة. اسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب منكم أن يُنسأ له في أثره، ويُبسط له في رزقه، فليصل رحمه".
لو قالوا لك: أنت الآن تدفع عشرة آلاف فيبسط عليك من الآلاف ما لا يعد ولا يحصى. رحت تتسلفها وتأتي بها !
وربنا - جل وعلا - يعدك أن يبسط لك في رزقك وينسأ لك في أثرك أو أجلك، فليصل رحمه، وأنت ما تعمل ! هذا حرمان.
فأنا أسألك أيها المحب، إذا جمعت في يوم واحد الأعمال التي يكلفك بها الوالد أو الوالدة، احسبها كم ساعة تأخذ منك؟ ما تصل والله - في الغالب - في هذا الوقت ما تصل ساعتين أو ثلاث.
فسبحان الله ! تتبرم منهم وهُم كان وقتهم كله لك، هذا عجب ! هذا والله العجب ! هذا والله الجفاء !
النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حق الأم: "الزمها، فإن الجنة عند قدميها". الزمها. الأم ما مثلها.
كذلك الوالد أوسط أبواب الجنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم، فإن شئت فاحفظه وإن شئت فضيعه. هل هذا تخيير؟ لا، تهديد.. هذا تهديد، مثل قوله: قل آمنوا به أو لا تؤمنوا. تهديد.
هذا تهديد ووعيد.
فأنت إذا رتبت وقتك وعملك، ورتبت الجدول لزيارة الوالدين إذا ما كنت بعيدًا عنهم، أو لقضاء حوائجهما إذا كنت عندهما، فإنك إن شاء الله لا تجد تعارضًا في ذلك كله.
أمك تغسل لك وتطبخ لك وتكوي لك وتهيئ فراشك لك وتجهز لك كل شيء لترتاح.. تبخل عليها بساعة؟! هذا والله الحرمان.
لو جلسنا هذه المحاضرة كلها نتكلم في هذا ما مللنا.
الوالدان حقهما عظيم يا إخوتي.
فيا أخي، انظر إلى الأسباب التي جعلتك تسأل مثل هذا السؤال، أنا انصحك بهذا، ستجد إن شاء الله أشياء تحبها أنت قلبك يهواها تريد أن تقضي الوقت فيها فتهوى ذلك وتبتعد به عن النافع لك في الدنيا وفي الآخرة !
نسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياك، وأن يهيئ لنا وإياك، وأن يعيننا وإياك على أنفسنا.
رابط المقطع الصوتي:
http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=54466&d=1488039718
كيف يوازن طالب العلم بين جِده واجتهاده في طلب العلم وبين الحقوق الواجبة عليه تجاه الوالدين والأهل؟
فبعض الشباب بمجرد التزامه يقطع صلة الرحم بينه وبين أهله !
الجواب للشيخ محمد بن هادي المدخلي:
ما شاء الله ! هذه ثمرة العلم؟! هذه ثمرة التمسك؟!
التمسك بالشرع: تأخذ بكل ما جاء فيه، ومما جاء فيه: فهَلْ عَسَيْتُمْ إِن توَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الذِين لعَنهُمُ اللهُ فأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصارَهُمْ (23)
أولئك الذين لعنهم الله - عياذاً بالله من ذلك - فأصمهم عن سماع الحق والتنبيه عليه والتذكير به، وأعمى أبصارهم عن الأخذ به وقبوله، عياذاً بالله من ذلك.
هذا باب خطير جدًا.. الذين يقطعون ما أمر الله - سبحانه وتعالى - به أن يوصل، أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار.. نعوذ بالله من ذلك.
فطلبة العلم، وكل من دخل في السلم كافة وأقبل على التمسك بهذا الدين، ينبغي أن يعرف الواجبات ويعرف المحرمات ويبدأ بالأهم ثم المهم. فالوالدين ثم الأرحام، ذوي الأرحام، هؤلاء لهم حقوق، فلا تقطعها وقم بأدائها.
وأداء حق الوالدين لا يتعارض مع عملك ولا يتعارض مع اجتهادك في طلب العلم أبدًا. يجمعون حاجاتهم التي يريدونها فتقضيها لهم، وباقي الوقت كله لك.. ما التعارض؟!
طيب أنا سأذكر لكم في المقابل صورة أخرى. هذا السؤال قد ورد كثيرًا، تجد بعض أحبتنا وأبنائنا وإخواننا ممن ذكر هذا الوصف فيه، يتثاقل أن يجلس مع أبيه وأمه نصف ساعة، ولكن يجلس مع أصحابه خمس ساعات ! يتثاقل أن يقضي لأبيه وأمه غرضًا هيناً سهلاً من البقالة، ولكن يذهب مع أصحابه مئتين كيلو في نزهة برية !
يتثاقل أن يسافر بأبيه وأمه أربعين كيلو متر، خمسين كيلو متر، لأداء بعض الحقوق والواجبات إذا كانت الأسر قد تباعدت في السُكنى، يتثاقل ذلك، ساعة ذهابًا ومجيئًا، وجلوس مع ذوي قرابته، أخته عمته خالته جدته مع أمه ساعتين يجلس معها، ويعود بذهاب ومجيء ساعة، ثلاث ساعات. بقي له من الوقت كم؟ واحد وعشرين ساعة، يستثقلها !
لكن، يسافر مع اخوانه من الصباح إلى المساء، ويعود يراها سريعًا انقضت !
اذاً القضية ليست في: كيف يوفق. القضية في انبعاث القلب لقبول هذا الشأن الذي أمرك الله سبحانه وتعالى. فإذا انبعث القلب هان بعد ذلك على الجوارح وسهل عليها ما تقوم به. هذا ناحية.
ثم اعلم أنك في قيامك هذا، أنت في عبادة. أنت في عبادة.
كل هذا الوقت انت في عبادة.
فأداء حقوق الوالدين وصلة ذوي الأرحام عبادة. اسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحب منكم أن يُنسأ له في أثره، ويُبسط له في رزقه، فليصل رحمه".
لو قالوا لك: أنت الآن تدفع عشرة آلاف فيبسط عليك من الآلاف ما لا يعد ولا يحصى. رحت تتسلفها وتأتي بها !
وربنا - جل وعلا - يعدك أن يبسط لك في رزقك وينسأ لك في أثرك أو أجلك، فليصل رحمه، وأنت ما تعمل ! هذا حرمان.
فأنا أسألك أيها المحب، إذا جمعت في يوم واحد الأعمال التي يكلفك بها الوالد أو الوالدة، احسبها كم ساعة تأخذ منك؟ ما تصل والله - في الغالب - في هذا الوقت ما تصل ساعتين أو ثلاث.
فسبحان الله ! تتبرم منهم وهُم كان وقتهم كله لك، هذا عجب ! هذا والله العجب ! هذا والله الجفاء !
النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حق الأم: "الزمها، فإن الجنة عند قدميها". الزمها. الأم ما مثلها.
كذلك الوالد أوسط أبواب الجنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم، فإن شئت فاحفظه وإن شئت فضيعه. هل هذا تخيير؟ لا، تهديد.. هذا تهديد، مثل قوله: قل آمنوا به أو لا تؤمنوا. تهديد.
هذا تهديد ووعيد.
فأنت إذا رتبت وقتك وعملك، ورتبت الجدول لزيارة الوالدين إذا ما كنت بعيدًا عنهم، أو لقضاء حوائجهما إذا كنت عندهما، فإنك إن شاء الله لا تجد تعارضًا في ذلك كله.
أمك تغسل لك وتطبخ لك وتكوي لك وتهيئ فراشك لك وتجهز لك كل شيء لترتاح.. تبخل عليها بساعة؟! هذا والله الحرمان.
لو جلسنا هذه المحاضرة كلها نتكلم في هذا ما مللنا.
الوالدان حقهما عظيم يا إخوتي.
فيا أخي، انظر إلى الأسباب التي جعلتك تسأل مثل هذا السؤال، أنا انصحك بهذا، ستجد إن شاء الله أشياء تحبها أنت قلبك يهواها تريد أن تقضي الوقت فيها فتهوى ذلك وتبتعد به عن النافع لك في الدنيا وفي الآخرة !
نسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياك، وأن يهيئ لنا وإياك، وأن يعيننا وإياك على أنفسنا.
رابط المقطع الصوتي:
http://www.ajurry.com/vb/attachment.php?attachmentid=54466&d=1488039718