سؤال :
ورد في كتاب اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي قول بعض السلف: "بالأدب تفهم العلم"، ما تفسير ذلك؟
الجواب :
هذه العبارة جاءت في كتاب "اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (ص: 31)
وَقَالَ يُوسُفُ بن الحسين : «بِالْأَدَبِ تَفْهَمُ الْعِلْمَ، وَبِالْعِلْمِ يَصِحُّ لَكَ الْعَمَلُ، وَبِالْعَمَلِ تَنَالُ الْحِكْمَةَ، وَبِالْحِكْمَةِ تَفْهَمُ الزُّهْدَ وَتُوَفَّقُ لَهُ، وَبِالزُّهْدِ تَتْرُكُ الدُّنْيَا، وَبِتَرْكِ الدُّنْيَا تَرْغَبُ فِي الْآخِرَةِ، وَبِالرَّغْبَةِ فِي الْآخِرَةِ تَنَالُ رِضَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
أقول:
والأدب الذي تفهم به العلم على أنحاء:
الأدب مع الله سبحانه وتعالى.
الأدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم.
الأدب مع الصحابة رضوان الله عليهم.
الأدب مع العلماء رحمهم الله أحياء وأمواتا.
فإذا تأدبت مع الله ورسوله فلم تقدم بين يدي قول الله وقول رسوله الرأي ، وإنما اعتمدت دلالة النصوص.
وأعملت في هذه الدلالة ما جاء عن السلف ففهمت القرآن والحديث على طريقة السلف الصالح.
وتابعت في ذلك كلام العلماء الذين يقتدون بالسلف الصالح فهم ورثة الأنبياء؛
عندها وعندها فقط تفهم العلم الفهم الصحيح.
أمّا إذا لم تتأدب مع الله ورسوله فقدمت العقل والرأي والهوى على كلام الله وكلام رسوله فقد حرمت العلم، ولم ولن تفهمه إلا أن يهديك الله.
وإذا تركت ما جاء عن الصحابة، وجعلته منك ظهريا وصرت مثل الشيعة والخوارج والجهمية والمعتزلة والعقلانيين وأشباههم يردون ما جاء عن الصحابة و لا يلتفتون إليه، فقد حرمت العلم، ولن ولم تفهمه إلا أن يهديك الله.
وإذا لم ترجع إلى كلام أهل العلم المعتبرين، ولم تحسن الظن بهم، و لم تتعجل بتهمتهم، والرد عليهم، وطرت بهواك وافتخرت بفهمك وعقلك وركبت متن الهوى والتمنى في تفسير القرآن والسنة ، فأنت قد غادرت حياض العلم، وانتقلت إلى
مهاوي الهوى، إلا أن يهديك الله.
فبالأدب تفهم العلم .
هذا مراده والله اعلم.