اعلم هديت أن أفضل المنن ***علم يزيل الشك عنك والدرن
ويكشف الحق لذي القلوب**** ويوصل العبد إلى المطلوب
قال العلامة السعدي-رحمه الله-في شرح هذين البيتين من منظومة القواعد الفقهية :
يعني :
أن منن الله على العباد كثيرة، و أفضل ما من الله على عبده به هو : العلم النافع.
و ضابط العلم النافع – كما قلت في النظم - : أنه يزيل عن القلب شيئين: و هما الشبهات و الشهوات.
فـ " الشبهات" : تورث الشك.
و الشهوات: تورث درن القلب و قسوته، و تثبط البدن عن الطاعات.
فعلامة العلم النافع: أن يزيل هذين المرضين العظيمين.
و يجلب للعبد في مقابلتهما شيئين و هما:
" اليقين" : الذي هو ضد الشكوك.
الثاني: " الإيمان التام" : الموصل للعبد لكل مطلوب، المثمر للأعمال الصالحة الذي هو ضد للشهوات.
فكلما ازداد الإنسان من العلم النافع حصل له: كمال اليقين، و كمال الإرادة، و لا تتم سعادة العبد إلا باجتماع هذين الأمرين، و بهما تنال الإمامة في الدين.
قال تعالى : " و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون" ( السجدة: 24).
و درجات اليقين ثلاث كل واحدة أعلى من الأخرى: علم اليقين، و عين اليقين، و حق اليقين.
فعلم اليقين: في (الدنيا) كعلمنا الآن الجنة و النار.
و عين اليقين: إذا ورد الناس يوم القيامة: " و أزلفت الجنة للمتقين * و برزت الجحيم للغاوين" ( الشعراء 90-91) فرأوهما قبل الدخول.
و حق اليقين: إذا دخلوهما.
و حاصل ذلك: أن العلم شجرة تثمر كل قول حسن و عمل صالح.
و الجهل: شجرة تثمر كل قول و عمل خبيث.
و إذا كان العلم بهذه المثابة، فينبغي للإنسان أن يحرص كل الحرص، و يجتهد كل الاجتهاد في تحصيله، و أن يديم الاستعانة بالله في تحصيله، و يبدأ بالأهم فالأهم منه.
و من أهمه : معرفة أصوله و قواعده التي ترجع مسائله إليها.