بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَبِهِ نَسْتَعِينُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ:« قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ؟ قَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»صَحِيحٌ([1]).وَعَنْ عَائِشَةَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ:«كَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَصُومَهُ شَعْبَانُ، ثُمَّ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ» صَحِيحٌ ([2]).
وَعَنْهَا-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ:«كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاَّ قَلِيلاً»متفقٌ عَلَيْهِ ([3]).
وَعَنْهَا-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ»متفقٌ عَلَيْهِ ([4]).
وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِرَجُلٍ:«هَلْ صُمْتَ مِنْ سُرَرِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا؟» قَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:«فَإِذَا أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ ([5]).
فَضَائِلُ الصِّيَامِ وَخَصَائِصِهِ: اَلْصِّيَامُ لَهُ فَضَائِلٌ وَخَصَائِصٌ عَظِيِمِةٌ عَلَى النَّحَوِ اَلْآتِي:
(1)- الصِّيَامِ مِنْ الأَعْمَالِ الَّتِي هِيَ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ وَالْأَجْرِ الْعَظِيِمِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35].
(2)- الصِّيَامِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ التَّقْوَىَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
(3)- الصِّيَامِ خَيْرٌ لِكَ لَوْ كَنْتَ تَعْلَمُ:قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184].
(4)- الصِّيَامِ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:« قَالَ رَبُّنَا عز وجل: الصِّيَامُ جُنَّةٌ ([6]) يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ وَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ » صَحِيحٌ ([7])، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-:« يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، الصُّومُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَالصَّلاَةُ بُرْهَانٌ» صَحِيحٌ ([8])، وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ:«الصِّيَامُ جُنَّةٌ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ» صَحِيحٌ ([9]).
(5)- الصِّيَامِ حِصْنٌ حَصِيِنٌ مِنْ النَّارِ: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:« الصِّيَامُ جُنَّةٌ وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ » صَحِيحٌ ([10]).
(6)- صِيَامُ يَوْمٍ فِي سَبِيِلِ الله يُبَاعِدِ الله النَّارَ عَنْ وَجْهِ صَاحِبْهِ سَبْعِينَ سَنَةٍ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:«مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ([11])، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:«مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ، خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ» صَحِيحٌ ([12]).
(7)- الصَوْمُ يُدْخِلُ الجَنَّةَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ:عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ:«فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ» أَخْرَجَهُ: اَلْبُخَارِيُّ ([13]).
(- مَنْ خُتِمَ لَهُ بِصِيَامِ يَوْمٍ يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللهِ أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ: عَنْ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: أَسْنَدْتُ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى صَدْرِى فَقَالَ:« مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ صَامَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، خُتمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ » صَحِيحٌ ([14]).
(9)- أَعَدَ اللهُ الْغُرَفَ الْعَالِيَاتِ فِي الجَنَّةِ لِمَنْ تَابَعَ الصِّيَامَ المَشْرُوُعِ: عَنْ أَبِى مَالِكٍ الأَشْعَرِىِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:« إِنَّ فِى الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَلاَنَ الْكَلاَمَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَأَفْشَى السَّلَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» صَحِيحٌ ([15]).
(10)- النَّهْيُ عَنْ الصَّومِ بَعْدَ انْتِصَافِ شَعْبَانَ ِلَمنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَادَة: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:« إِذَا بَقِىَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلاَ تَصُومُوا » صَحِيحٌ ([16])، وعَنْهُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:« لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ »متفقٌ عَلَيْهِ ([17]).
(11)- مَا صَحَّ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَطَّلِعُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ» وَفِي رِوَايَة: عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ:« إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ اطَّلَعَ اللهُ إِلَى خَلْقِهِ فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِ، وَيُمْلِي لِلْكَافِرِينَ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدَعُوهُ » صَحِيحٌ ([18]).
(12)- الصَّوْمُ يُزِيلُ الْأَحْقَادِ وَالضَغَائِنِ وَالْوَسْوَسَةِ مِنْ الصُدُورِ: عَنْ ابْنِ عَبَّاس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ:«صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصُّدُورِ([19])» صَحِيحٌ ([20]).
(13)- الصَوْمُ وَصِيِةِ اَلْنَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَا مِثْلَ لَهُ، وَلَا عِدْلَ لَهُ: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مُرْنِي بِعَمَلٍ أَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ، فَقَالَ:«عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا عِدْلَ لَهُ»، وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ:« عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ»، قَالَ: فَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ لَا يُرَى فِي بَيْتِهِ الدُّخَانُ نَهَارًا إِلَّا إِذَا نَزَلَ بِهِمْ ضَيْفٌ. صَحِيحٌ ([21]).
تحقيق مسألة تحويل القبلة:
(1)- متى كانت الهجرة: قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-:((وَجَزَمَ اِبْن حَزْم بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَكَّة لِثَلَاثِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ صَفَر، وَهَذَا يُوَافِق قَوْل هِشَام بْن الْكَلْبِيّ إِنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْغَار لَيْلَة الِاثْنَيْنِ أَوَّل يَوْم مِنْ رَبِيع الْأَوَّل فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّ قُدُومه قُبَاء كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَامِن رَبِيع الْأَوَّل، وَإِذَا ضُمَّ إِلَى قَوْل أَنَس إِنَّهُ أَقَامَ بِقُبَاءَ أَرْبَع عَشْرَة لَيْلَة خَرَجَ مِنْهُ أَنَّ دُخُوله الْمَدِينَة كَانَ لِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ مِنْهُ)) " الفتح " ( 11/236).
(2)- حديث البراء -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- وتحويل القبلة: عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:(( كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ - أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ - مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلاَةٍ صَلاَّهَا صَلاَةَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ، وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ )) البخاري ومسلم.
قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-: قَوْله: وقَوْله: (سِتَّة عَشَر شَهْرًا أَوْ سَبْعَة عَشَر): كَذَا وَقَعَ الشَّكّ فِي رِوَايَة زُهَيْر هَذِهِ هُنَا، وَالْجَمْع بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ سَهْل بِأَنْ يَكُون مَنْ جَزَمَ بِسِتَّةَ عَشَر لَفَّقَ مِنْ شَهْر الْقُدُوم وَشَهْر التَّحْوِيل شَهْرًا وَأَلْغَى الزَّائِد، وَمَنْ جَزَمَ بِسَبْعَةَ عَشَر عَدَّهُمَا مَعًا، وَمَنْ شَكَّ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ.
قَوْله: ( سِتَّة عَشَر شَهْرًا أَوْ سَبْعَة عَشَر ): كانت هجرة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في شهر ربيع الأول. وعلى القول بـ(سِتَّة عَشَر شَهْرًا) يكون التحويل في شهر جمادى الآخرة .
وعلى القول بـ(سَبْعَة عَشَر شَهْرًا) يكون التحويل في شهر رجب.
وإن قلنا بما يقول به الناس اليوم أن الهجرة كانت في شهر الله المحرم إذاً سيكون حادث تحويل القبلة في شهر ربيع الآخر على القول بـ(سِتَّة عَشَر شَهْرًا)، وفي جمادى الأولى على القول بـ(سَبْعَة عَشَر شَهْرًا).وَذَلِكَ أَنَّ الْقُدُوم كَانَ فِي شَهْر رَبِيع الْأَوَّل بِلَا خِلَاف، وَكَانَ التَّحْوِيل فِي نِصْف شَهْر رَجَب مِنْ السَّنَة الثَّانِيَة عَلَى الصَّحِيح، وَبِهِ جَزَمَ الْجُمْهُور، وَرَوَاهُ الْحَاكِم بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ اِبْن عَبَّاس. " الفتح " ( 1/64).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] - أَخْرَجَه: (س) 2357 , (حم) 21801 , صَحِيح الْجَامِع: 3711 ,الصَّحِيحَة: 1898.
[2] - أَخْرَجَه: أبو داود (2431)، والنسائي (2349) وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب(1024(.
[3] - أَخْرَجَه: البخاري 3/50 (1970) ، ومسلم 3/161 (1156) (176).
[4] - أَخْرَجَه: البخاري ( 1969 ) ، ومسلم 3/161 (1156) (176).
[5] - فِي صَحِيحِهِ ( 1161 ) ( 200 ). السرر : قيل أول الشهر وقيل وسطه وقيل آخره.
[6]- الصوم جُنَّةٌ: أي يقي صاحبه من النار، والجنة: الوقاية. [النهاية في غريب الحديث باب الجيم مع النون، مادة جنن، 1/ 308].
[7] - أَخْرَجَه: أحمد، 23/ 33، برقم 14669، و23/ 411، برقم 15264، حسن: أَنْظُرْ: ((صحيح الجامع)) ح (430.
[8] - أَخْرَجَه: أحمد (3/321، رقم 14481). صحيح: أَنْظُرْ:«التعليق الرغيب» (3/ 150)، «الظلال» (756).
[9] - أَخْرَجَه: أحمد 26/ 202، برقم 6273، و26/ 205، برقم 16278، و29/ 433، برقم 17902، صحيح:أَنْظُرْ: ((صحيح الجامع)) ح (3879).
[10] - أَخْرَجَه:أحمد 15/123، برقم 9225، وصحح إسناده محققو المسند، 15/123، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب،1/578:((حسن لغيره)).
[11]- أَخْرَجَه: اَلْبُخَارِيُّ، كِتَابُ الجِهَادِ وَالسِّيَرِ ، بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ،برقم 2840، ومسلم، كِتَابُ الصِّيَامِ ، بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ فِي سَبِيلِ اللهِ لِمَنْ يُطِيقُهُ، بِلَا ضَرَرٍ وَلَا تَفْوِيتِ حَقٍّ ، برقم 1153.
[12] - أَخْرَجَه: الترمذي، كتاب فضائل، الجهاد، باب فضل الصوم في سبيل الله، برقم 1624،وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي،2/ 223: ((حسن صحيح))،وانظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني، برقم 563.
[13]- أَخْرَجَه: اَلْبُخَارِيُّ، كِتَابُ بَدْءِ الخَلْقِ، بَابُ صِفَةِ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، برقم 3257.
[14] - أَخْرَجَه: أحمد، 5/ 391، وفي المحقق 38/ 350، برقم 23324، وقال محققو المسند: ((صحيح لغيره))، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 579.
[15] - أَخْرَجَه: أحمد في المسند، 5/ 343، والترمذي عن علي t، برقم 2527،وحسنه الألباني في صحيح الترمذي،3/ 7. وفي صحيح الجامع، 2/ 220، برقم 2119.
[16] - أَخْرَجَه: رواه الترمذي (73 وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (73.
[17] - أَخْرَجَه: البخاري 3/35 (1914) ، ومسلم 3/125 (1082) (21).
[18] - حسن ـ ((التعليق الرغيب)) (3/ 282 ـ 283) , ((الصحيحة)) (1144، 1563)، ((صحيح الجامع)) (1819).
[19]- وحر الصدر: غشه، وحقده، ووساوسه. [النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، 5/ 160].
[20] - أَخْرَجَه: أحمد، 38/ 168، برقم 3070، ورقم 23077، و 34/ 240، برقم 20737، وأخرجه البزار، برقم 1057،وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب،1/ 599: ((حسن صحيح)).
[21] - أَخْرَجَه: أحمد 5/ 280، وأبي داود في الصوم (2433)، والترمذي في الصوم (759)، وأخرجه ابن ماجه في الصيام (1715) وأخرجه الدارمي في الصيام 2/ 21، وابن خزيمة 3/ 298 برقم (2115)، والبيهقي في الصيام 4/ 293. أنظر :(( صحيح ابن حبان )) ح (3416).