حثُّ الأحبةِ على الاستغفارِ و التوبةِ [2]
و بعد فهذا الجزء الثاني، من موضوع "حثُّ الأحبةِ على الاستغفارِ و التوبةِ"، تضمن الكلام عن فضائل التوبة و الاستغفار، أسأل الله تعالى أن ينفعنا به و يوفقنا للعمل الصالح.
منْ فضائلِ الاستغفارِ و التوبةِ
1 _ اللهُ تعالى يحب عباده التوابين، قال الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة 222].
2 _ الاستغفار من خصال متقين الذين أثنى عليهم الله، فقال تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران 135].
3 _ الاستغفار من صفات عباد الله المستحقين للجنة، فقال {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15) الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16)} [آل عمران].
4 _ الاستغفار من صفات أولي الألباب الذين أثنى عليهم ربهم، فقال عز و جل {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران 193].
5 _ الاستغفار من خصال عباد الله الذين أثنى عليهم، فقال ربنا {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ} [المؤمنون 109].
6 _ التوبة من خصال الداخلين الجنة، قال تعالى {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} [مريم 60].
7 _ التوبة من أسباب تبديل الله سيئات العبد حسنات، قال تعالى {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان 70].
8 _ التوبة من سبل الفلاح، قال الله تعالى {فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} [القصص 67].
و قال تعالى {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور 31].
9 _ مما امتن الله تعالى على نبيه صلى الله عليه و سلم و المهاجرين و الأنصار أن تاب عليهم، فقال {لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة 117].
10 _ الاستغفار من أسباب إنعام الله تعالى على عباده، قال الله تعالى {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12)} [نوح].
و قال تعالى {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}[هود 52].
11 _ التوبة و الاستغفار من أسباب نيل التمتع من الله تعالى، فقال ربنا {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [هود 3].
12 _ الله تعالى يفرح بتوبة عبده إذا تاب، روى مسلم عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لله أشد فرحا بتوبة أحدكم، من أحدكم بضالته، إذا وجدها".
وله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة".
و للبخاري عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "للهُ أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا وبه مهلكة، ومعه راحلته، عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله، قال : أرجع إلى مكاني، فرجع فنام نومة، ثم رفع رأسه، فإذا راحلته عنده".
13 _ الاستغفار جزاؤه عظيم، روى البيهقي في الشعب عبد الله بن بسر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "طوبى لمن وجد في صحيفته من الاستغفار". صححه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب و الترهيب (161.
14 _ الله تعالى كما يحب أن يحسن إلى المحسن يحب أن يتجاوز عن المسيء [مستفاد من كلام المناوي في فيض القدير (5/305]، روى مسلم عن أبي أيوب الأنصاري، أنه قال حين حضرته الوفاة : كنت كتمت عنكم شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول : "لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون يغفر لهم".
و في رواية : "لو أنكم لم تكن لكم ذنوب، يغفرها الله لكم، لجاء الله بقوم لهم ذنوب، يغفرها لهم".
و له عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله فيغفر لهم".
15 _ التائب من الذنب كمن لا ذنب له، روى الطبراني في الكبير عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". قال الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب و الترهيب (3145) : حسن لغيره.
هذا ما يسر الله تعالى جمعه من فضائل التوبة و الاستغفار، و ما هي إلا قطرة من بحر، نفني الله و إخواني بها.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين و الحمد لله رب العالمين.
هذا ما يسر الله تعالى جمعه من فضائل التوبة و الاستغفار، و ما هي إلا قطرة من بحر، نفني الله و إخواني بها.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين و الحمد لله رب العالمين.
يوسف صفصاف
22 جمادى الأولى 1436
الموافق لـ 13 فيفري 2015