ورد المسلم الدائم من الصلاة
للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد حفظه الله
(كلمة ألقيت في المدينة النبوية بتاريخ/ 15-03-1436 هـ)
صفحة تهتم بنشر دروس الشيخ
◀◀ للإستماع وتحميل:◀ من هنا
◀◀◀ للمشاهدة :◀◀
◀◀التفريغ◀◀
تحميل التفريغ
وِرْدُ الْمُسْلِم الدَّائِم مِنَ الصَّلَاة
الحمد لله ربِّ العالمين ، وأشهد أن لا إلـٰه إلَّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين . اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علَّمتنا وزدنا علمًا ، وأصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، اللهم اهدنا إليك صراطًا مستقيمًا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام . أما بعد :
حديثي أيها الإخوة في هذا اللقاء حديثٌ مختصر عن الصلاة ، وما أدراك ما الصلاة ؟ أعظم أركان الدين بعد الشهادتين ، وأول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة ، وهي العهد بين الإيمان والكفر فمن تركها فقد كفر ، وهي أساس سعادة العبد وفلاحه في الدنيا والآخرة ، وهي خير موضوع كما صح بذلكم الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام ؛ أي خير عملٍ وضعه الله سبحانه وتعالى لعباده يتقربون إلى الله تبارك وتعالى به .
وهذه الصلاة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها عباده على قسمين : فرائض ونوافل .
r صلاة مفروضة كتبها الله سبحانه وتعالى على العباد وافترضها عليهم وأنزل جلَّ وعلا افتراضها على العباد من فوق سبع سماوات حيث عُرج بنبينا الكريم عليه الصلاة والسلام إلى فوق السماء السابعة وافتُرضت عليه هذه الصلوات الخمس ، وهذا أمرٌ لم يكن في أيِّ طاعة وعبادة غير هذه الطاعة العظيمة والعبادة الجليلة .
r والقسم الثاني نوافل ورغائب ومستحبات أمر الله سبحانه وتعالى عباده بها أمر ترغيبٍ لا إيجاب .
وينبغي أن تكون محافظة المسلم على الصلاة فرضها ونفلها محافظةً عظيمة وأن تكون عنايته بها عناية دقيقة . وألخِّص في هذا اللقاء فائدة ثمينة أشار إليها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بعض كتبه وأشار إليها الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد ، وهي حقيقة فائدة ثمينة جدًا جديرةٌ بأن ننتبه لها وأن نُعنى بها ألا وهي :
أن الورد الذي ينبغي أن يحافظ عليه المسلم كل يومٍ وليلة فيما يتعلق بهذه الطاعة الصلاة أربعون ركعة ، وهذه الأربعون ينبغي أن تكون وردًا ثابتًا للمسلم كل يوم وليلة إلى أن يتوفاه الله لا يفوِّت هذه الأربعين ، وإن زاد عليها فهو خير من النوافل المطلقة أو المقيدة ، لكن عليه أن يحافظ على هذه الأربعين وردًا يوميًا في أيامه ولياليه ، وكما قال ابن القيم رحمه الله : «فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى هَذَا الْوِرْدِ دَائِمًا إِلَى الْمَمَاتِ، فَمَا أَسْرَعَ الْإِجَابَةَ وَأَعْجَلَ فَتْحَ الْبَابِ لِمَنْ يَقْرَعُهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَرْبَعِينَ مَرَّةً» ؛ وهذا القرع للأبواب -أبواب الرحمة والفوز والرضوان- بهذه الركعات العظيمة والخضوع والتذلل لله سبحانه وتعالى في أيام المرء ولياليه .
والأربعون التي أشار إليها هذان الإمامان هي :
v أولًا وهو أعظم ما يكون سبع عشرة ركعة هذه المكتوبة ؛ العشاء أربع ، والفجر اثنتان ، والظهر أربع ، والعصر أربع ، والمغرب ثلاث . فهذه سبع عشرة ركعة .
v واثنا عشرة ركعة هي النوافل الرواتب والتي جاءت في حديث أم حبيبة في صحيح مسلم ((مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ )) ، وزاد الترمذي ((أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ)) ، وهذه سنن رواتب ، وهذه السنن الرواتب مرتبطة بالصلوات المكتوبة ، منها قبل الصلاة في بعضها ، ومنها بعد الصلاة ، والظهر لها سنة قبلية وبعدية . فسبع عشرة ركعة المكتوبة واثنتا عشرة ركعة هذه الرواتب يكون المجموع تسع وعشرين ركعة .
v فإذا أضفت لها صلاة الليل ، والنبي عليه الصلاة والسلام ما زاد على إحدى عشرة ركعة ؛ فهذه أربعون ركعة .
وينبغي أن يحرص المسلم على هذه الأربعين وردًا يوميًا يحرص أن لا ينقص منها وإن حصلت الزيادة فهذا خيرٌ إلى خير ونورٌ إلى نور ، لكنه ينبغي أن يثبِّت هذا الورد بحيث يكون وردًا يوميًا يكون له في أيامه ولياليه .
وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجعلنا أجمعين من المقيمين الصلاة ، وأن يوفقنا لكل خير ، وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين . أسأله جل وعلا أن يصلح لنا أجمعين ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأن يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأن يصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا ، وأن يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر ، وأن يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات . اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلِّغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا ، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
http://al-badr.net/detail/y61wrqjd7TO2
للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد حفظه الله
(كلمة ألقيت في المدينة النبوية بتاريخ/ 15-03-1436 هـ)
صفحة تهتم بنشر دروس الشيخ
◀◀ للإستماع وتحميل:◀ من هنا
◀◀◀ للمشاهدة :◀◀
◀◀التفريغ◀◀
تحميل التفريغ
وِرْدُ الْمُسْلِم الدَّائِم مِنَ الصَّلَاة
الحمد لله ربِّ العالمين ، وأشهد أن لا إلـٰه إلَّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله ؛ صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين . اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علَّمتنا وزدنا علمًا ، وأصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، اللهم اهدنا إليك صراطًا مستقيمًا يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام . أما بعد :
حديثي أيها الإخوة في هذا اللقاء حديثٌ مختصر عن الصلاة ، وما أدراك ما الصلاة ؟ أعظم أركان الدين بعد الشهادتين ، وأول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة ، وهي العهد بين الإيمان والكفر فمن تركها فقد كفر ، وهي أساس سعادة العبد وفلاحه في الدنيا والآخرة ، وهي خير موضوع كما صح بذلكم الحديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام ؛ أي خير عملٍ وضعه الله سبحانه وتعالى لعباده يتقربون إلى الله تبارك وتعالى به .
وهذه الصلاة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها عباده على قسمين : فرائض ونوافل .
r صلاة مفروضة كتبها الله سبحانه وتعالى على العباد وافترضها عليهم وأنزل جلَّ وعلا افتراضها على العباد من فوق سبع سماوات حيث عُرج بنبينا الكريم عليه الصلاة والسلام إلى فوق السماء السابعة وافتُرضت عليه هذه الصلوات الخمس ، وهذا أمرٌ لم يكن في أيِّ طاعة وعبادة غير هذه الطاعة العظيمة والعبادة الجليلة .
r والقسم الثاني نوافل ورغائب ومستحبات أمر الله سبحانه وتعالى عباده بها أمر ترغيبٍ لا إيجاب .
وينبغي أن تكون محافظة المسلم على الصلاة فرضها ونفلها محافظةً عظيمة وأن تكون عنايته بها عناية دقيقة . وألخِّص في هذا اللقاء فائدة ثمينة أشار إليها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بعض كتبه وأشار إليها الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد ، وهي حقيقة فائدة ثمينة جدًا جديرةٌ بأن ننتبه لها وأن نُعنى بها ألا وهي :
أن الورد الذي ينبغي أن يحافظ عليه المسلم كل يومٍ وليلة فيما يتعلق بهذه الطاعة الصلاة أربعون ركعة ، وهذه الأربعون ينبغي أن تكون وردًا ثابتًا للمسلم كل يوم وليلة إلى أن يتوفاه الله لا يفوِّت هذه الأربعين ، وإن زاد عليها فهو خير من النوافل المطلقة أو المقيدة ، لكن عليه أن يحافظ على هذه الأربعين وردًا يوميًا في أيامه ولياليه ، وكما قال ابن القيم رحمه الله : «فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى هَذَا الْوِرْدِ دَائِمًا إِلَى الْمَمَاتِ، فَمَا أَسْرَعَ الْإِجَابَةَ وَأَعْجَلَ فَتْحَ الْبَابِ لِمَنْ يَقْرَعُهُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَرْبَعِينَ مَرَّةً» ؛ وهذا القرع للأبواب -أبواب الرحمة والفوز والرضوان- بهذه الركعات العظيمة والخضوع والتذلل لله سبحانه وتعالى في أيام المرء ولياليه .
والأربعون التي أشار إليها هذان الإمامان هي :
v أولًا وهو أعظم ما يكون سبع عشرة ركعة هذه المكتوبة ؛ العشاء أربع ، والفجر اثنتان ، والظهر أربع ، والعصر أربع ، والمغرب ثلاث . فهذه سبع عشرة ركعة .
v واثنا عشرة ركعة هي النوافل الرواتب والتي جاءت في حديث أم حبيبة في صحيح مسلم ((مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ )) ، وزاد الترمذي ((أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الفَجْرِ)) ، وهذه سنن رواتب ، وهذه السنن الرواتب مرتبطة بالصلوات المكتوبة ، منها قبل الصلاة في بعضها ، ومنها بعد الصلاة ، والظهر لها سنة قبلية وبعدية . فسبع عشرة ركعة المكتوبة واثنتا عشرة ركعة هذه الرواتب يكون المجموع تسع وعشرين ركعة .
v فإذا أضفت لها صلاة الليل ، والنبي عليه الصلاة والسلام ما زاد على إحدى عشرة ركعة ؛ فهذه أربعون ركعة .
وينبغي أن يحرص المسلم على هذه الأربعين وردًا يوميًا يحرص أن لا ينقص منها وإن حصلت الزيادة فهذا خيرٌ إلى خير ونورٌ إلى نور ، لكنه ينبغي أن يثبِّت هذا الورد بحيث يكون وردًا يوميًا يكون له في أيامه ولياليه .
وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجعلنا أجمعين من المقيمين الصلاة ، وأن يوفقنا لكل خير ، وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم ، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين . أسأله جل وعلا أن يصلح لنا أجمعين ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأن يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأن يصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا ، وأن يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر ، وأن يغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات . اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك ، ومن طاعتك ما تبلِّغنا به جنتك ، ومن اليقين ما تهوِّن به علينا مصائب الدنيا ، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
http://al-badr.net/detail/y61wrqjd7TO2