إعلامُ الكرامِ ببعضِ آدابِ السَّلامِ
إن الحمد لله نحمده، و نستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا، و من سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل لله و من يضلل فلا هادي.
و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله.
أما بعد : فإن الله تعالى بعث نبينا محمدا صلى الله عليه و سلم، و جعله آخر الأنبياء و المرسلين، فارتضى له الإسلام دينا، و جعل القرآن له خلقا، و امتن عليه بالصفات الفاضلة و الآداب السامية، ثم أثنى عليه قائلا {و إنك لعلى خلق عظيم}، و نبينا محمد صلى الله عليه و سلم بلغ الرسالة و أدّى الأمانة، و علم أمته مكارم الأخلاق و محاسن الآداب، و من الآداب التي اعتنى بها ديننا الإسلام : آداب السلام، شرعه ربنا العلام لمصلحة الأنام، يثبت المتحابين و يقرب المتخاصمين، سبب للمحبة و السلامة و الدخول إلى دار الكرامة.
لذلك ينبغي لذي العقل السليم المحافظة على سنة الكريم، و يكون بنبيه متأسيا و لثواب ربه راجيا، سائلا ربه أن يكون في الآخرة ناجيا.
فأحببت أن أكتب هذه الأسطر القليلة، قصد الانتفاع بها لنفسي أولا و لإخواني ثانيا، سائلا الله عز و جل أن يوفقنا لأحسن العمل.
معنى السلام
_ قال العلامة بن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (3/119) : "و السلام بمعنى الدعاء بالسلامة من كل آفة، فإذا قلت لشخص (السلام عليك) فهذا يعني أنك تدعو له بأن الله يسلمه من كل آفة : يسلمه من المرض، يسلمه من الجنون، يسلمه من شر الناس، يسلمه من المعاصي و أمراض القلوب، يسلمه من النار. فهو لفظ عام، معناه : الدعاء للمُسَلَّم عليه بالسلامة من كل آفة".
_ قال الحافظ النووي النووي رحمه الله في شرح مسلم (14/15 : "و قيل السلام بمعنى السلامة، أي : السلامة ملازمة لك".
حكم السلام
_ قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله في الاستذكار (27/135) : "و إنما قلنا هذا؛ لإجماع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة، و أن الرد فرض لقوله تعالى {و إذاحيِّيتم بتحية فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها} [النساء 86].
_ قال الإمام القرطبي رحمه الله في في الجامع لأحكام القرآن (6/490) : "أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة مرغب فيها، و رده فريضة لقوله تعالى {فحيّوا بأحسن منها أو ردّوها} [النساء 86]".
_ قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (14/157) : "و اعلم أن ابتداء السلام سنة و رده واجب".
_ و قال في كتابه الأذكار (451) : "اعلم أن ابتداء السلام سنة مستحبة ليس بواجب، و هو سنة على الكفاية : فإن كان المسلِّم جماعة، كفى عنهم تسليم واحد منهم، و لو سلموا كلهم كان أفضل".
_ قال شرف الحق آبادي رحمه الله في عون المعبود (14/92) : قال القاري : اعلم أن ابتداء السلام سنة مستحبة ليست بواجبة، و هي سنة على الكفاية، فإن كانوا جماعة كفى عنهم تسليم واحد، و لو سلموا كلهم كان أفضل.
_ و قال أيضا رحمه الله في عون المعبود (14/92) : "قال القاري : و هذا فرض كفاية بالاتفاق [أي : يجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم]، و لو ردوا كلهم كان أفضل كما هو شأن فروض الكفاية كلها".
السلام من سنن الأنبياء و عمل الملائكة
_ قال الله تعالى{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ (25)} [الذاريات 24 – 25].
_ و قال تعالى {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الأنعام 54].
_ و قال تعالى {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود 69].
_ و قال تعالى {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل 32].
_ و قال تعالى {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم 33].
_ و قال تعالى {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم 47].
_ و قال تعالى {فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ} [طه 47].
_ قال العلامة بن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (3/120) : "فتبين من هذا أن السلام من سنن الرسل السابقين، و أنه أيضا من عمل الملائكة المقربين".
1 _ كيف بدء السلام؟ :
_ روى البخاري –و اللفظ له- و مسلم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال : اذهب فسلم على أولئك، النفر من الملائكة [عند مسلم : وهم نفر من الملائكة]، جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال : السلام عليكم، فقالوا : السلام عليك ورحمة الله، فزادوه : ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن".
_ قال الجيلاني رحمه الله في فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد (2/443) : "(بدء السلام) أي : كيف ظهر السلام في الكون؟، و كيف وجد؟، و المراد ظهور ذلك النوع (فيض الباري)".
_ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (11/7) : "قال ابن بطال : يحتمل أن يكون علمه الله كيفية ذلك تنصيصا، ويحتمل أن يكون فهِم ذلك من قوله : (فسلم). قلت : و يحتمل أن يكون ألهمه ذلك".
_ و قال أيضا (11/7) : "و استدل به على أن هذه الصيغة هي المشروعة لابتداء السلام لقوله : (فهي تحيتك و تحية ذريتك)".
_ قال العلامة بن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (3/126) [قلت : قاله في سياق ذكر فوائد الحديث] : "أن السلام متلقن من الملائكة بأمر الله، حيث قال سبحانه و تعالى (إنها تحيتك و تحية ذريتك)".
فضل السلام
2 _ السلام اسم من أسماء الله تعالى :
_ قال الله تعالى {هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون} (الحشر 23).
_روى البخاري و مسلم -و اللفظ له- و غيرهما، عن عبد الله بن مسعود، قال : كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم : السلام على الله السلام على فلان. فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم : "إن الله هو السلام، فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قالها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم يتخير من المسألة ما شاء".
_ روى البزار في مسنده و الطبراني في الكبير، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض، فأفشوا بينكم، فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب". صححه الألباني رحمه الله، انظر صحيح الترغيب و الترهيب (2705).
_ روى البخاري في الأدب المفرد، عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : "إن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وضعه في الأرض، فأفشوا السلام بينكم". حسنه الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد، و انظر الصحيحة (184 و 1607).
معنى اسم الله تعالى السلام :
_ قال العلامة بن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (3/119) : "(إن الله هو السلام) يعني السالم من كل نقص و عيب –جل وعلا-".
_ قال الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله في فقه الأسماء الحسنى (ص 225) : "و معنى هذا الاسم الكريم أي : السلام من جميع العيوب و النقائص، لكماله في ذاته و أفعاله، فهو جل و علا السلام الحق بكل اعتبار، سلام في ذاته عن كل عيب و نقص يتخيله وهم، و سلام في صفاته من كل عيب و نقص، و سلام في أفعاله من كل عيب و نقص و شر و ظلم و فعل واقع على غير الحكمة، و سبحانه السلام من الصاحبة و الولد، و السلام من النظير و الكفء و السميّ و المماثل، و السلام من الند و الشريك".
_ قال العلامة عبد الرحمن ابن السعدي رحمه الله في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص 817) : "{القدوس السلام} أي : المقدس السالم من كل نقص و عيب".
3 _ إفشاء السلام و بذله من أسباب دخول الجنة :
_ روى ابن حبان في صحيحه و ابن ماجه و الترمذي -و اللفظ له-، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اعبدوا الرحمن، وأطعموا الطعام، وأفشوا السلام، تدخلوا الجنة بسلام [عند ابن حبان : تدخلوا الجنان]" صححه الألباني رحمه الله، و انظر صحيح الترغيب و الترهيب (269 و الصحيحة (571).
_ قال العلامة المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (5/610) : "(تدخلوا الجنة بسلام) أي : فإنكم إذا فعلتم ذلك، و متم عليه، دخلتم الجنة آمنين، لا خوف عليكم، و لا أنتم تحزنون".
_ قال المناوي رحمه الله في فيض القدير شرح الجامع الصغير (1/536) : "و المراد أن فعل المذكورات من الأسباب الموصلة للجنة".
_ روى الطبراني و ابن حبان في صحيحه، عن أبي شريح قال : يا رسول الله! أخبرني بشيء يوجب لي الجنة؟ قال : "طيب الكلام و بذل السلام، و إطعام الطعام". صححه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب و الترهيب (2699).
_ "بَذْل" :
_ قال ابن منظور رحمه الله في لسان العرب : "البَذْل ضد المَنْع بَذَله يَبْذِله ويَبْذُله بَذْلاً أَعطاه وجادَ به وكل من طابت نفسه بإِعطاء شيء فهو باذل له".
_ قال الزبيدي رحمه الله في تاج العروس : "البَذْلُ : م معروفٌ وهو الإعطاءُ عن طِيبِ نَفْسٍ".
4 _ بذل السلام من موجبات مغفرة الذنوب :
_ روى الطبراني في المعجم الكبير، عن أبي شريح قال : يا رسول الله! دلني على عمل يدخلني الجنة؟ قال : "إن من موجبات المغفرة : بذل السلام و حسن الكلام". صححه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب و الترهيب (2699).
_ "موجبات" :
_ قال الزبيدي رحمه الله في التّاج : "قيل : إِنَّ المُوجِبَةَ تكونُ من الحَسَنَات والسَّيِّئات وهي الَّتي تُوجِبُ النّارَ أَو الجَنَّةَ".
_ قال ابن منظور رحمه الله في اللّسان : "والمُوجِبةُ الكبيرةُ من الذنوب التي يُسْتَوْجَبُ بها العذابُ، وقيل إِن المُوجِبَةَ تَكون من الحَسَناتِ والسيئات وفي الحديث اللهم إِني أَسأَلك مُوجِبات رَحْمَتِك".
5 _ إفشاء السلام من الإسلام :
_ قال الحافظ بن حجر رحمه الله في الفتح (1/77) : (من الإسلام) للأصيلي (من الإيمان)، أي : من خصال الإيمان".
_ روى البخاري و مسلم في صحيحيهما، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم : أي الإسلام خير ؟ قال : "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف".
_ قال الحافظ بن حجر رحمه الله في الفتح (1/77) : "قوله : (أيّ الإسلام) إن قيل الإسلام مفرد، و شرط أي أن تدخل على متعدد، أجيب بأن فيه حذفا تقديره : أي ذوي الإسلام أفضل؟ و يؤيده رواية مسلم : أي المسلمين أفضل؟ و الجامع بين اللفظين أن فضيلة المسلم حاصلة بهذه الخصلة".
_ قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (2/ 14) : "قوله (أيّ الإسلام خير) معناه : أي خصاله و أموره و أحواله؟".
_ قال شرف الحق آبادي رحمه الله في عون المعبود شرح سنن أبي داود (14/80) : "(أيّ الإسلام خير) أي : خصال الإسلام خير".
6 _ إفشاء السلام من أسباب السلامة :
_ روى ابن حبان في صحيحه و البخاري في الأدب المفرد، عن البراء بن عازب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : "أفشوا السلام تسلموا". قال الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب و الترهيب (2696): حسن، كما حسنه في صحيح الأدب المفرد.
_ و رواه أحمد في المسند عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أفشوا السلام تسلموا، والأشرة شر". حسنه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (2781) و في صحيح الأدب المفرد.
_ قال المناوي في فيض القدير (2/22) : "(أفشوا) بهمزة قطع مفتوحة (السلام) بينكم (تسلموا) من التنافر و التقاطع و تدوم لكم المودة و تجمع القلوب و تزول الضغائن و الحروب فأخبر المصطفي صلى الله عليه و سلم أن السلام يبعث على التحابب و ينفي التقاطع".
7 _ حسد اليهود لهذه الأمة لأجل السلام :
_ روى ابن ماجه في سننه و البخاري في الأدب المفرد، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال : "ما حسدتكم اليهود على شيء، ما حسدتكم على السلام والتأمين". صححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه و صحيح الأدب المفرد و في الصحيحة (691)، و قال الوادعي رحمه الله في الجامع الصحيح (3536) : هذا حديث حسن على شرط مسلم.
_ قال المناوي رحمه الله في فيض القدير (5/440) : "(ما حسدتكم اليهود على شيء، ما حسدتكم على السلام) الذي هو تحية أهل الجنة (والتأمين) قالوا لم تكن التأمين قبلنا إلا لموسى و هارون، ذكره الحكيم في نوادره".
_ قال الأمير الصنعاني رحمه الله في التنوير شرح الجامع الصغير (9/385) : "(ما حسدتكم اليهود على شيء) مما أعطيتم من الآداب (ما حسدتكم على السلام) فيما بينكم، و فيه أن السلام من خصائص هذه الأمة إلا أنه جاء في حديث خلق آدم، أن الله جعل السلام لآدم و ذريته، قلت : يمكن أن يقال قد تركه بنو إسرائيل فلما جاء من طريق المسلمين حسدوهم عليه".
8 _ إفشاء السلام من أسباب التحاب بين المسلمين :
_ روى مسلم و ابن حبان و ابن ماجة و الترمذي و غيرهم، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا [عند مسلم : "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا" دون قوله "والذي نفسي بيده"]، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم". صححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه و انظر صحيح الترغيب و الترهيب (2694).
_ قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (2/43) : "(و لا تؤمنوا حتى تحابوا) معناه : لا يكمل إيمانكم، و لا يصلح حالكم في الإيمان إلا بالتحابب.
و أما قوله : (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا) فهو على ظاهره و إطلاقه، فلا يدخل الجنة إلا من مات مؤمنا، و إن لم يكن كامل الإيمان، فهذاغ هو الظاهر من الحديث".
- قال شرف الحق آبادي رحمه الله في عون المعبود (14/80) : "(حتى تحابّوا) بحذف إحدى التائين و تشديد الموحدة المضمومة، أي : حتى يحبَّ كلٌّ منكم صاحبه".
9 _ إفشاء السلام من حقوق المؤمن على أخيه :
_ روى الترمذي في سننه، عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "للمؤمن على المؤمن ست خصال، يعوده إذا مرض ويشهده إذا مات، ويجيبه إذا دعاه، ويسلم عليه إذا لقيه، ويشمته إذا عطس، وينصح له إذا غاب أو شهد". صححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي و في الصحيحة (832).
_ قال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي (8/5) : "يعني للمسلم على المسلم خصال ست متلبسة بالمعروف، وهو ما يرضاه الله من قول أو عمل".
_ قال الأمير الصنعاني رحمه الله في التنوير (9/99) : "(للمسلم على المسلم) بجامع الإسلام (ست بالمعروف) شرعت بسبب أنها من الذي عرف في الشرع حسنة (يسلم عليه إذا لقيه) يقول السلام عليكم و إن تقرر اللقاء و تعدد".
10 _ السلام من حقوق الطريق :
_ روى البخاري في الأدب المفرد، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المجالس بالصُّعُدات، فقالوا : يا رسول الله، ليشق علينا الجلوس في بيوتنا؟ قال : "فإن جلستم فأعطوا المجالس حقها"، قالوا : وما حقها يا رسول الله؟ قال : "إدلال السائل، ورد السلام، وغض الأبصار، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر". صححه الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد، و انظر الصحيحة (1561)، و قال الوادعي رحمه الله : حديث حسن، كما في الجامع الصحيح (3550).
_ قال ابن الأثير رحمه الله في النهاية : (الصُّعُدات) : هي الطرق و هي جمع صُعُدٍ.
_ قال الجيلاني رحمه الله في في فضل الله الصمد (2/563) : "(و ردّ السلام) أي : إكرام من يمر عليكم. قال الرحماني : و ليس عليكم بدء السلام".
11 _ أجر السلام و أجر من سلم على أخيه بتمامه:
_ روى الطبراني في المعجم الكبير، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قال : السلام عليكم، كُتب له عشر حسنات، ومن قال : السلام عليكم ورحمة الله كتب له عشرون حسنة، ومن قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثون حسنة". قال الالباني رحمه الله في صحيح الترغيب و الترهيب : صحيح لغيره (2711).
_ روى البخاري في الأدب المفرد –و اللفظ له- و ابن حبان في صحيحه، عن أبي هريرة، أن رجلا مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال : السلام عليكم ، فقال : "عشر حسنات"، فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله، فقال : "عشرون حسنة"، فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال : "ثلاثون حسنة"، فقام رجل من المجلس ولم يسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما أوشك ما نَسِيَ صاحبكم، إذا جاء أحدكم المجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، وإذا قام فليسلم، ما الأولى بأحق من الآخرة" قال الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد : صحيح. و انظر الصحيحة (183) و انظر صحيح الترغيب و الترهيب (2712).
_ قال شرف الحق آبادي رحمه الله في عون المعبود (14/81) : "(فقال النبي صلى الله عليه و سلم : عشر) أي : له عشر حسنات، أو كُتب، أو حصل له عشر، و كذا التقدير في قوله : (عشرون) و قوله : (ثلاثون)".
12 _ أبخل الناس من بخل بالسلام :
_ روى ابن حبان في صحيحه، عن أبي هريرة قال : "قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا تمرا فأصابني منها خمس أو أربع تمرات، قال : فرأيت الحشفة هي أشد لضرسي". قال أبو هريرة : "إن أبخل الناس من بخل بالسلام، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء" صححه الألباني رحمه الله في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، و في الصحيحة (601).
_ روى الطبراني في الأوسط، عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن أسرق الناس من سرق صلاته" قيل : يا رسول الله، وكيف يسرق صلاته؟ قال : "لا يتم ركوعها ولا سجودها، وأبخل الناس من بخل بالسلام". قال الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب و الترهيب (2715) : صحيح لغيره.
_ قال المناوي رحمه الله في فيض القدير شرح الجامع الصغير (1/556) : "(و أبخل الناس) أي : أمنعهم للفضل و أشحهم بالبذل، (من بخل بالسلام) على من لقيه من المؤمنين ممن يعرفهم و ممن لا يعرفهم، فإنه خفيف المؤنة عظيم المثوبة؛ فلا يهمله إلا من بخل بالقربات، و شح بالمثوبات، و تهاون بمراسم الشريعة، أطلق عليه اسم البخل لكونه منع ما أمر به الشارع من بذل السلام، و جعله أبخل لكونه من بخل بالمال معذور في الجملة لأنه محبوب في النفوس عديل للروح بحسب الطبع و الغريزة، ففي بذله قهر للنفس، و أما السلام فليس فيه بذل مال، فمخالف الأمر في بذله لمن لقيه قد بخل بمجرد النطق فهو أبخل من كل بخيل".
13 _ أمرُ النبي صلى الله عليه و سلم بإفشاء السلام :
_ روى ابن ماجه في سننه، عن أبي أمامة قال : "أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نفشي السلام". صححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجة.
_ قال الأمير الصنعاني رحمه الله في التنوير شرح الجامع الصغير (3/249) : "(أمرنا) نحن و الأمة".
14 _ حدّ السلام :
_ روى أبو داود و الترمذي، عن عمران بن حصين، أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : السلام عليكم، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "عشر". ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "عشرون". ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ثلاثون". صححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي، و في صحيح الترغيب و الترهيب (2710)، و قال الوادعي في الجامع الصحيح : هذا حديث حسن على شرط مسلم (3539).
_ روى البخاري في الأدب المفرد، عن أبي هريرة ، أن رجلا مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال : السلام عليكم، فقال : "عشر حسنات"، فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ، فقال : "عشرون حسنة"، فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال : "ثلاثون حسنة"، فقام رجل من المجلس ولم يسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما أوشك ما نسي صاحبكم، إذا جاء أحدكم المجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، وإذا قام فليسلم، ما الأولى بأحق من الآخرة". قال الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد : صحيح. و انظر الصحيحة (183).
_ روى أحمد في المسند، عن أنس، أو غيره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن على سعد بن عبادة، فقال : "السلام عليكم ورحمة الله"، فقال سعد : وعليك السلام ورحمة الله، ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم حتى سلم ثلاثا، ورد عليه سعد ثلاثا، ولم يسمعه فرجع النبي صلى الله عليه وسلم واتبعه سعد، فقال : يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، ما سلمت تسليمة إلا هي بأذني، ولقد رددت عليك ولم أسمعك، أحببت أن أستكثر من سلامك، ومن البركة، ثم أدخله البيت فقرب له زبيبا، فأكل نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ قال : "أكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون". صححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (1226).
_ روى مالك في الموطأ، عن وهب بن كيسان، عن محمد بن عمرو بن عطاء، أنه قال : كنت جالسا عند عبد الله بن عباس فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثم زاد شيئا مع ذلك أيضا، قال ابن عباس، وهو يومئذ قد ذهب بصره، من هذا؟ قالوا : هذا اليماني الذي يغشاك فعرفوه إياه، قال : فقال ابن عباس : "إن السلام انتهى إلى البركة".
_ قال ابن عبد البر رحمه الله في الاستذكار (27/13 : "قول ابن عباس هذا؛ أخذه من قوله تعالى {رحمة الله عليكم و بركاته أهل البيت} [هود 73].
روى الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال : انتهوا في السلام ياأهل البيت الصالحين، رحمة الله و بركاته عليكم أهل البيت.
و روى ابن جريج عن عطاء أن ابن عباس، أتاهم يوما في مجلس فسلم عليهم، فقال : سلام عليكم و رحمة الله و بركاته، فقلت : و عليك السلام و رحمة الله و بركاته، و عفوه، و مغفرته، فقال : من هذا؟، فقلت عطاء، فقال : انتهى السلام و بركاته، ثم تلا {رحمة الله عليكم و بركاته أهل البيت إنه حميد مجيد} [هود 73] ".