شعار الحج : التلبية
الحمد لله العالمين، و صلى الله على نبينا محمد، و على آله و صحبه أجمعين، و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
و بعد، فإن من عباد الله المسلمين من هو مقبل على عبادة عظيمة وفقهم الله تعالى إليها، و هي الحج، و إن الحاج من وفد الله تعالى كماروى ابن حبان في صحيحه عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الغازي في سبيل الله، والحاج إلى بيت الله، والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه" حسنه الألباني رحمه الله، يفد الحاج إلى ربه بأعمال عظيمة، و من الأعمال التي يبتدئ الحاج بها مناسكه التلبية، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه من بعده.
و التلبية عبادة عظيمة، إذ هي "شعار الحج و عنوان الطاعة و المحبة، و الإقامة و الاستجابة الدائمة إلى داعي الله تعالى" (من تيسير العلام شرح عمدة الأحكام صفحة : 371)، لها صيغ و فضائل ثبتت في سنة نبينا صلى الله عليه و سلم، فأحببت نقل ما يسر الله تعالى تعلمه من دروس مشايخنا الأفاضل، و مما هو مسطر في الكتب و المصنفات.
من صيغ التلبية :
وردت عن النبي صلى الله عليه و سلم عدة صيغ للتلبية منها :
1 _ ما رواه البخاري و مسلم و اللفظ له، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لبيك اللهم، لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك". قال : وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يزيد فيها : "لبيك لبيك، وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل.
2 _ روى ابن ماجة في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في تلبيته : "لبيك! إله الحق، لبيك!". صححه الألباني رحمه الله في "صحيح سنن ابن ماجة"، و انظر الصحيحة 2146.
3 _كذلك ما رواه ابن جابر رضي الله عنه قال : "فأهل بالتوحيد : لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك"، و أهل الناس بهذا الذي يهلون به، (و في رواية : و لبى الناس، و الناس يزيدون : لبيك ذا المعارج لبيك ذا الفواضل)، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه و سلم عليهم شيئا منه". نقلا من "صفة حج النبي صلى الله عليه و سلم" للشيخ العلامة الألباني رحمه الله، صفحة : 55.
* و علق الشيخ الألباني رحمه الله تعالى على هذا لموضع في الكتاب المشار إليه آنفا قال :
"هذا يدل على جواز الزيادة على التلبية النبوية، لإقراره صلى الله عليه و سلم لهم، لكن الفقرة التي بعدها [قلت : و هي قوله : ولزم رسول الله صلى الله عليه و سلم تلبيته] تدل على أن الاكتفاء بتلبيته صلى الله عليه و سلم أفضل لملازمته صلى الله عليه و سلم لها".
بعض فضائل التلبية :
1 _ روى ابن ماجة في سننه عن سهل ابن سعد الساعدي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "ما من ملب يلبي إلا لبى ما عن يمينه و شماله، من حجر أو شجر أو مدر، حتى تنقطع الأرض من ههنا و ههنا". صححه الألباني رحمه الله.
2 _روى ابن ماجة في سننه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل : أي الحج أفضل؟ قال : "العج و الثج". صححه الألباني رحمه الله.
العج : رفع الصوت بالتلبية.[النهاية (3/184)] نقلا عن "العمدة في أعمال الحج و العمرة" للشيخ العلامة محمد علي فركوس حفظه الله، صحفة : 44.
هذا ما يسر الله تعالى جمعه و نقله، أسأله سبحانه أن يوفقنا لأداء هذه العبادة العظيمة، كما أسأله أن ينفعنا بما علمنا، و أن يعلما ما جهلنا.
كتبه : يوسف صفصاف.
21 ذو القَعدة 1435
تعليق