بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله على آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فهذه فائدة قيمة للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى يقول في كتابه الفوائد:
لَا تتمّ الرَّغْبَة فِي الْآخِرَة إِلَّا بالزهد فِي الدُّنْيَا وَلَا يَسْتَقِيم الزّهْدفِي الدُّنْيَا إِلَّا بعد نظرين صَحِيحَيْنِ
فِي الدُّنْيَا إِلَّا بعد نظرين صَحِيحَيْنِ نظر فِي الدُّنْيَا وَسُرْعَة زَوَالهَا وفنائها واضمحلالها ونقصها وخسّتها وألم الْمُزَاحمَة عَلَيْهَا والحرص عَلَيْهَا وَمَا فِي ذَلِك من الْغصَص والنغص والأنكاد وَآخر ذَلِك الزَّوَال والانقطاع مَعَ مَا يعقب من الْحَسْرَة والأسف فطالبها لَا يَنْفَكّ من هم قبل حُصُولهَا وهم حَال الظفر بهَا وغم وحزن بعد فَوَاتهَا فَهَذَا أحد النظرين
النّظر الثَّانِي النّظر فِي الْآخِرَة وإقبالها ومجيئها وَلَا بُد ودوامها وبقائها وَشرف مَا فِيهَا من الْخيرَات والمسرات والتفاوت الَّذِي بَينه وَبَين مَا هُنَا فهى كَمَال الله سُبْحَانَهُ {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأبقى} فَهِيَ خيرات كَامِلَة دائمة وَهَذِه خيالات نَاقِصَة مُنْقَطِعَة مضمحلة فَإِذا تمّ لَهُ هَذَانِ النظران آثر مَا يَقْتَضِي الْعقل إيثاره وزهد فِيمَا يَقْتَضِي الزّهْد فِيهِ فَكل أحد مطبوع على أَن لَا يتْرك النَّفْع العاجل واللذة الْحَاضِرَة إِلَى النَّفْع الآجل واللذة الغائبة المنتظرة الى إِذا تبين لَهُ فضل الآجل على العاجل وقويت رغبته فِي الْأَعْلَى الْأَفْضَل فَإِذا آثر الفاني النَّاقِص كَانَ ذَلِك إِمَّا لعدم تبين الْفضل لَهُ وَإِمَّا لعدم رغبته فِي الْأَفْضَل وكل وَاحِد من الْأَمريْنِ يدل على ضعف الْإِيمَان وَضعف الْعقل والبصيرة فَإِن الرَّاغِب فِي الدُّنْيَا الْحَرِيص عَلَيْهِ الْمُؤثر لَهَا إِمَّا أَن يصدّق بِأَن مَا هُنَاكَ أشرف وَأفضل وَأبقى وَإِمَّا أَن لَا يصدّق بذلك كَانَ عادما للْإيمَان رَأْسا وَإِن صدّق بذلك وَلم يؤثره كَانَ فَاسد الْعقل سيء الِاخْتِيَار لنَفسِهِ وَهَذَا تَقْسِيم حَاضر ضَرُورِيّ لَا يَنْفَكّ العَبْد من أحد الْقسمَيْنِ مِنْهُ فإيثار الدُّنْيَا على الْآخِرَة إِمَّا من فَسَاد فِي الْإِيمَان وَإِمَّا من فَسَاد فِي الْعقل وَمَا أَكثر مَا يكون مِنْهُمَا وَلِهَذَا نبذها رَسُول الله وَرَاء ظَهره هُوَ وَأَصْحَابه وصرفوا عَنْهَا قُلُوبهم وأطرحوها وَلم يألفوها وهجورها وَلم يميلوا إِلَيْهَا وعدّوها سجنا لَا جنّة فزهدوا فِيهَا حَقِيقَة الزّهْد وَلَو أرادوها لنالوا مِنْهَا كل مَحْبُوب لوصلوا مِنْهَا إِلَى كل مَرْغُوب فقد عرضت عَلَيْهِ مَفَاتِيح كنوزها فردّها وفاضت على أَصْحَابه فآثروا بهَا وَلم يبيعوا حظهم من الْآخِرَة بهَا وَعَلمُوا أَنَّهَا معبر وممر لَا دَار مقَام ومستقر وَأَنَّهَا دَار عبور لَا دَار سرُور وَأَنَّهَا سَحَابَة صيف تنقشع عَن قَلِيل وخيال طيف مَا استتم الزِّيَارَة حَتَّى آذن بالرحيل
قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (مَالِي وللدنيا إِنَّمَا أَنا كراكب قَالَ فِي ظلّ شَجَرَة ثمَّ رَاح وَتركهَا)
وَقَالَ: (مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا كَمَا يدْخل أحدكُم إصبعه فِي اليم فَلْينْظر بِمَا ترجع)
وَقَالَ خَالِقهَا سُبْحَانَهُ: (إِنَّمَا مثل حَيَاة الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فَأخْبر عَن خسة الدُّنْيَا وزهَّد فِيهَا وَأخْبر عَن دَار السَّلَام ودعا إِلَيْهَا
وَقَالَ تَعَالَى {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ على كل شَيْء مُقْتَدِراً الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخير أملا}
وَقَالَ تَعَالَى {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور}
وَقَالَ تَعَالَى: (زين لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالله وَعِنْده حُسْنُ المآب قل أؤنتبكم بِخَير مِنْكُم لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بالعباد)
..وَالله الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان
فهذه فائدة قيمة للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى يقول في كتابه الفوائد:
لَا تتمّ الرَّغْبَة فِي الْآخِرَة إِلَّا بالزهد فِي الدُّنْيَا وَلَا يَسْتَقِيم الزّهْدفِي الدُّنْيَا إِلَّا بعد نظرين صَحِيحَيْنِ
فِي الدُّنْيَا إِلَّا بعد نظرين صَحِيحَيْنِ نظر فِي الدُّنْيَا وَسُرْعَة زَوَالهَا وفنائها واضمحلالها ونقصها وخسّتها وألم الْمُزَاحمَة عَلَيْهَا والحرص عَلَيْهَا وَمَا فِي ذَلِك من الْغصَص والنغص والأنكاد وَآخر ذَلِك الزَّوَال والانقطاع مَعَ مَا يعقب من الْحَسْرَة والأسف فطالبها لَا يَنْفَكّ من هم قبل حُصُولهَا وهم حَال الظفر بهَا وغم وحزن بعد فَوَاتهَا فَهَذَا أحد النظرين
النّظر الثَّانِي النّظر فِي الْآخِرَة وإقبالها ومجيئها وَلَا بُد ودوامها وبقائها وَشرف مَا فِيهَا من الْخيرَات والمسرات والتفاوت الَّذِي بَينه وَبَين مَا هُنَا فهى كَمَال الله سُبْحَانَهُ {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأبقى} فَهِيَ خيرات كَامِلَة دائمة وَهَذِه خيالات نَاقِصَة مُنْقَطِعَة مضمحلة فَإِذا تمّ لَهُ هَذَانِ النظران آثر مَا يَقْتَضِي الْعقل إيثاره وزهد فِيمَا يَقْتَضِي الزّهْد فِيهِ فَكل أحد مطبوع على أَن لَا يتْرك النَّفْع العاجل واللذة الْحَاضِرَة إِلَى النَّفْع الآجل واللذة الغائبة المنتظرة الى إِذا تبين لَهُ فضل الآجل على العاجل وقويت رغبته فِي الْأَعْلَى الْأَفْضَل فَإِذا آثر الفاني النَّاقِص كَانَ ذَلِك إِمَّا لعدم تبين الْفضل لَهُ وَإِمَّا لعدم رغبته فِي الْأَفْضَل وكل وَاحِد من الْأَمريْنِ يدل على ضعف الْإِيمَان وَضعف الْعقل والبصيرة فَإِن الرَّاغِب فِي الدُّنْيَا الْحَرِيص عَلَيْهِ الْمُؤثر لَهَا إِمَّا أَن يصدّق بِأَن مَا هُنَاكَ أشرف وَأفضل وَأبقى وَإِمَّا أَن لَا يصدّق بذلك كَانَ عادما للْإيمَان رَأْسا وَإِن صدّق بذلك وَلم يؤثره كَانَ فَاسد الْعقل سيء الِاخْتِيَار لنَفسِهِ وَهَذَا تَقْسِيم حَاضر ضَرُورِيّ لَا يَنْفَكّ العَبْد من أحد الْقسمَيْنِ مِنْهُ فإيثار الدُّنْيَا على الْآخِرَة إِمَّا من فَسَاد فِي الْإِيمَان وَإِمَّا من فَسَاد فِي الْعقل وَمَا أَكثر مَا يكون مِنْهُمَا وَلِهَذَا نبذها رَسُول الله وَرَاء ظَهره هُوَ وَأَصْحَابه وصرفوا عَنْهَا قُلُوبهم وأطرحوها وَلم يألفوها وهجورها وَلم يميلوا إِلَيْهَا وعدّوها سجنا لَا جنّة فزهدوا فِيهَا حَقِيقَة الزّهْد وَلَو أرادوها لنالوا مِنْهَا كل مَحْبُوب لوصلوا مِنْهَا إِلَى كل مَرْغُوب فقد عرضت عَلَيْهِ مَفَاتِيح كنوزها فردّها وفاضت على أَصْحَابه فآثروا بهَا وَلم يبيعوا حظهم من الْآخِرَة بهَا وَعَلمُوا أَنَّهَا معبر وممر لَا دَار مقَام ومستقر وَأَنَّهَا دَار عبور لَا دَار سرُور وَأَنَّهَا سَحَابَة صيف تنقشع عَن قَلِيل وخيال طيف مَا استتم الزِّيَارَة حَتَّى آذن بالرحيل
قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (مَالِي وللدنيا إِنَّمَا أَنا كراكب قَالَ فِي ظلّ شَجَرَة ثمَّ رَاح وَتركهَا)
وَقَالَ: (مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَة إِلَّا كَمَا يدْخل أحدكُم إصبعه فِي اليم فَلْينْظر بِمَا ترجع)
وَقَالَ خَالِقهَا سُبْحَانَهُ: (إِنَّمَا مثل حَيَاة الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَار السَّلَام وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فَأخْبر عَن خسة الدُّنْيَا وزهَّد فِيهَا وَأخْبر عَن دَار السَّلَام ودعا إِلَيْهَا
وَقَالَ تَعَالَى {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ على كل شَيْء مُقْتَدِراً الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخير أملا}
وَقَالَ تَعَالَى {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاع الْغرُور}
وَقَالَ تَعَالَى: (زين لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالله وَعِنْده حُسْنُ المآب قل أؤنتبكم بِخَير مِنْكُم لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بالعباد)
..وَالله الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان