من السنن المهجورة:
إفشاء السلام ولو بعد فراقٍ يسير
لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدر -حفظه الله -
[من شرح الأدب المفرد / ش133]
¨قال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: "مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ حَائِطٌ، ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ".
==================================================حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: "مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ حَائِطٌ، ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ".
ثم أورد -رحمه الله تعالى- هذا الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، موقوفا عليه؛ قال: "مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ"؛ التقيتَ بأحد إخوانك في طريقٍ تُسلِّم عليه، ثم إذا مضيتما معًا تمشيان سويًّا وفَصَلت بينكما نخلة أو شجرة أو عمود أو سيارة أو أي شيء آخر، أيضا بعد أن تلتقي مع هذا الفصل القليل تُسلِّم عليه.
وهذه سنة يغفل عنها كثير من الناس؛ إما أنهم لا يعرفونها أو أنهم لا يعتنون بتطبيقها.
فيقول: "مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ حَائِطٌ، ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ".
ومن شواهد هذا الصنيع قوله -عليه الصلاة والسلام-: « أفشوا السلام بينكم » (1)، أي: لِيَكن السلام بينكم منتشرا حتى ولو كان عند أدنى فراق، حتى لو لم يفصل بينك وبين أخيك فراقٌ إلا للحظةٍ يسيرة؛ شجرة فَصلت بينكم أو عمود أو سارية أو سيارة أو دابة.. أو أي شيء آخر؛ أَلْقِ السلام، أفشوا السلام.
أي لتَكن حريصا على إلقاء السلام ولو لم يطل الفصل، حتى وإن غبتَ غيبةً يسيرة ورجعت، مثل ما جاء في حديث المسيء صلاته؛ صلى ثم جاء إلى مجلس النبي -عليه الصلاة والسلام- وسلم، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اِرجع فصلِّ؛ فإنك لم تصل»، فرجع فصلى، في المسجد، قريبا منهم، ثم جاء وسلّم، قال: «اِرجع فصلِّ؛ فإنك لم تصل»، رجع وصلى أيضا قريبا منهم، ورجع وسلم؛ فالسلام مطلوب وإن كان الفراق قليلا، وهذا كله داخل في إفشاء السلام.
وأَذْكُــر: كنتُ صغيرًا في السِّن، وإلى جَنْب الشيـــخ الألبــــاني -رحمة الله عليه- هنا في المدينة، وكنتُ أمشي بجنبه، وَحْدنا، فَفَصل بيني وبينه سـاريـة، فلما لقيني -بعد السّارية- التفتَ إليَّ مبتسمًا،
وقال: السلام عليكم.
قلتُ: وعليكم السلام.
قال: لماذا سلَّمتُ عليك؟!
[فمَا كنتْ أعرف هذا الحديث ولم يسبق لي معرفة به]، ابتسمتْ، وقلتُ له: السلام طيب.
وذكر لي الحديث.
فكانت أول معرفة لي بهذا الحديث من الشيخ -رحمة الله عليه-.
الشاهد: أنَّ إلقاء السلام ولو كان الفصل قليلا أو يسيرا، فينبغي أن يحرص عليه المسلم إفشاءً للسلام وتحقيقًا لكسب هذه الفضائل والخيرات العظيمة.
وهذه سنة يغفل عنها كثير من الناس؛ إما أنهم لا يعرفونها أو أنهم لا يعتنون بتطبيقها.
فيقول: "مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ حَائِطٌ، ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ".
ومن شواهد هذا الصنيع قوله -عليه الصلاة والسلام-: « أفشوا السلام بينكم » (1)، أي: لِيَكن السلام بينكم منتشرا حتى ولو كان عند أدنى فراق، حتى لو لم يفصل بينك وبين أخيك فراقٌ إلا للحظةٍ يسيرة؛ شجرة فَصلت بينكم أو عمود أو سارية أو سيارة أو دابة.. أو أي شيء آخر؛ أَلْقِ السلام، أفشوا السلام.
أي لتَكن حريصا على إلقاء السلام ولو لم يطل الفصل، حتى وإن غبتَ غيبةً يسيرة ورجعت، مثل ما جاء في حديث المسيء صلاته؛ صلى ثم جاء إلى مجلس النبي -عليه الصلاة والسلام- وسلم، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: «اِرجع فصلِّ؛ فإنك لم تصل»، فرجع فصلى، في المسجد، قريبا منهم، ثم جاء وسلّم، قال: «اِرجع فصلِّ؛ فإنك لم تصل»، رجع وصلى أيضا قريبا منهم، ورجع وسلم؛ فالسلام مطلوب وإن كان الفراق قليلا، وهذا كله داخل في إفشاء السلام.
وأَذْكُــر: كنتُ صغيرًا في السِّن، وإلى جَنْب الشيـــخ الألبــــاني -رحمة الله عليه- هنا في المدينة، وكنتُ أمشي بجنبه، وَحْدنا، فَفَصل بيني وبينه سـاريـة، فلما لقيني -بعد السّارية- التفتَ إليَّ مبتسمًا،
وقال: السلام عليكم.
قلتُ: وعليكم السلام.
قال: لماذا سلَّمتُ عليك؟!
[فمَا كنتْ أعرف هذا الحديث ولم يسبق لي معرفة به]، ابتسمتْ، وقلتُ له: السلام طيب.
وذكر لي الحديث.
فكانت أول معرفة لي بهذا الحديث من الشيخ -رحمة الله عليه-.
الشاهد: أنَّ إلقاء السلام ولو كان الفصل قليلا أو يسيرا، فينبغي أن يحرص عليه المسلم إفشاءً للسلام وتحقيقًا لكسب هذه الفضائل والخيرات العظيمة.
¨قال:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ نِبْرَاسٍ أَبُو الْحَسَنِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَانُوا يَكُونُونَ مُجْتَمِعِينَ فَتَسْتَقْبِلُهُمُ الشَّجَرَةُ، فَتَنْطَلِقُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَنْ يَمِينِهَا وَطَائِفَةٌ عَنْ شِمَالِهَا، فَإِذَا الْتَقَوْا سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.
==================================================حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ نِبْرَاسٍ أَبُو الْحَسَنِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَانُوا يَكُونُونَ مُجْتَمِعِينَ فَتَسْتَقْبِلُهُمُ الشَّجَرَةُ، فَتَنْطَلِقُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَنْ يَمِينِهَا وَطَائِفَةٌ عَنْ شِمَالِهَا، فَإِذَا الْتَقَوْا سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.
وهذا عن أنسٍ -رضي الله عنه- مثل الذي قبله في بيان حال الصحابة في تطبيق هذه السُّنة.
قال: " أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كَانُوا يَكُونُونَ مُجْتَمِعِينَ "؛ " مُجْتَمِعِينَ" أي مجتمعين في السير، يسيرون معًا في طريق واحدة، ثم تفرِّق بينهم الشجرة، فجماعة منهم عن يمينها وجماعة منهم عن يسارها لا يفصل بينهم إلا الشجرة، قال: " فَتَنْطَلِقُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ عَنْ يَمِينِهَا وَطَائِفَةٌ عَنْ شِمَالِهَا، فَإِذَا الْتَقَوْا سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ".
هذه -يا إخوان- حال الصحابة إذا فصلت بينهم شجرة، ما هي حال المسلمين الآن ويفصل بينهم أوقات طويلة وأشياء كثيرة ويلتقون ولا يعتنون بالسلام؟!!
فَرْقٌ بين الصحابة وهديهم -رضي الله عنهم- وعنايتهم بالسلام وبين حال الناس وتفريطهم وتضييعهم للسلام وعدم الاهتمام به، كانت شجرة تفصل بينهم فيُسلِّمون..!
والآن يفصل الأخ عن أخيه أو عن إخوانه وقتًا ويفرط في السلام. وربما أيضا يلقى إخوانه بتحايا ليس فيها السلام، وهذه من المصائب المعاصرة الآن، حتى من كثير من المتديِّنين، يلقى أخاه ولا يلقي السلام أو يُلقي عليه أخوه السلام ولا يَرُد السلام، يأتي بأشياء أخرى.
وأشرتُ بالأمس: أنَّ مَن أُلقيَ عليه السلام ولم يَرُد بالسلام نفسه، وجاء بتحايا.. قُلْ مئة أو ألف لا يسقط عنه الواجب ما لم يرُد السلام، بادئًا بقوله: "وعليك السلام" أو "وعليكم السلام"، وإنْ حب أن يزيد بعد ذلك من التَّحايا والترحيبات ما شاء، لكن إن لم يأتِ بالسلام فإنه لا يَسقط عنه الواجب.
(1) أخرجه مسلم (194)، وأبو داود (5193)، والترمذي (268، وابن ماجه (3692)، وأحمد (9821)، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
تعليق