خطر التنصير على على شمال إفريقيا
للشيخ أبي عبدالباري عبد الحميد العربي الجزائري -حفظه الله
http://www.abd-alhamid.com/doc/46.pdf
للشيخ أبي عبدالباري عبد الحميد العربي الجزائري -حفظه الله
إنّ الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" [آل عمران 102].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" [النساء:1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً" [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإنّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور مُحدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النّار.
وبعد: المقدمة.
إن الذين يستبشرون بالهلاك والشرك الذي عند النصارى، ويهرعون إلى اعتناقه ناجم عن نقص معرفتهم بالحق الذي جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعن جهلهم بالعفن الذي عند النصارى، وبعض المساكين عندنا يتظاهرون باعتناق دين النصارى للحصول على بعض المكاسب الدنياوية، كتأشيرة إلى بعض دول الغرب، أو مساعدة مالية تأتيه من خزينة الفتيكان، ولهذا يستحسن قبل البدء في ذكر خطر التنصير على المسلمين في شمال إفريقيا وبالخصوص في الجزائر الغر اء، وبالأخص في منطقة القبائل الكبرى أعرج على بعض النقاط التي أرى أنها ضرورية بين يدي المحاضرة.
أولا: وجوب معرفة دين الإسلام من مصادره الأصلية.
إنّ الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم واضح بيّن لمن حباه الله ويسره له، قال تعالى في سورة القمر: ((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ))، فيسر الله تعالى لفظه وتلاوته ومعناه للفهم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير في الصحيحين: (الحلال بيّن والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات).
إن كفر النصارى وضلالهم لا يروج يا أبناء الجزائر إلا على من لا علم عنده ولا معرفة ولا اعتناء له بنصوص الكتاب والسنة المطهرة وأقوال الصحابة والتابعين، ولا خبرة عنده بالتناقضات والأباطيل التي ضمنها النصارى كتبهم.
قال الإمام أحمد رحمه الله كما في إعلام الموقعين: (إنّما جاء خلاف من خالف؛ لقلة معرفتهم بما جاء عن النّبي صلى الله عليه وسلم).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي له دراية كبيرة بما عليه النصارى من ضلال في مجموع الفتاوى (27/315-316): (فالحق يعرفه كل أحد، فإن الحق الذي بعث الله به الرسل لا يشتبه بغيره على العارف، كما لا يشتبه الذهب الخالص بالمغشوش على الناقد).
إن الشريعة الغراء يا شباب الأمة نصت بأتقن عبارة على ما يعصم البشرية من الهلاك، من هلاك الشرك، والمعاصي والإنتحار الذي صار ملاذ اليائسين من رحمة الله، الجاهلين بحجم جرم الإنتحار، والمقتافين سبيل النصارى والمادين من الشيوعيين في الخلاص من متاعب الدنيا، وما علموا أنهم أوبقوا أنفسهم، وأردوها سوء العذاب.
وأريد أن أسأل سؤالا أيها الإخوة: منذ أن دخلت فرنسا إلى الجزائر في سنة 1830 إلى سنة 1962 وهو عام الإستقلال، ولا يخفى عليهم الحالة التي كان يعيشها الشعب الجزائري إبّان الإستعمار أو الإستدمار على تعبير الأستاذ ملود قاسم، وخاصة سكان القبائل الكبرى من حرمان، وجوع، وفقر، وخوف، وأن الواحد فيهم إذا حصل على الماء فإنه لا يجد الخبز، مع كل هذه المأسات الإنسانية التي كانت تطغى على حياة سكان القبائل الكبرى؛ فإنني لا أعلم لظاهرة الإنتحار وجودا في منطقة القبائل، وأما الآن واللعياذ بالله، وبعد أن طغى الجانب المادي على الجانب الروحي، وضعف عند القوم الإيمان بالقضاء والقدر، وانتشر ضلال النصارى في المجتمع فإننا نسمع أسبوعيا عن حالتين أوثلاثة لشباب في مقتبل العمر ينتحرون هروبا من الواقع!
وهذه الكبيرة من الكبائر تحتاج إلى جهود المخلصين للحد من انتشارها بين الشباب، وذلك بنشر فقه السلف في باب القضاء والقدر، وتحفيظ الناس لكتاب ابن قيم الجوزية شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، بل أرى أن يكون ظمن المقرر المدرسي لطلاب المرحلة الثناوية، إذا أراد المجتمع أن يخفف إذا لم أقل يقضي على ظاهرة الانتحار.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض: (إن الشارع عليه الصلاة والسلام، نصّ على كلّ ما يعصم من المهالك نصّا قاطعا للعذر).
إنّ الجهل بالإسلام وبقيمه العالية، ومبادئه السامية جرّ صنفا من أبنائنا إلى الجري وراء عرفيج النصارى، وبث فيهم معادة أهل الحق، ونصب الخصومة لهم.
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله في هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (ص1: (والأسباب المانعة من قبول الحق كثيرة جدا؛ فمنها: الجهل به، وهذا السبب هو الغالب على أكثر النفوس، فإن من جهل شيئا عداه وعاد أهله).
إن معرفة الحق يكون عن طريق الأنبياء والرسل، وقد كان الناس قاطبة على ملة التوحيد، كما قال تعالى في سورة البقرة: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، وقال تعالى في سورة يونس: (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
أي على دين واحد، وملة واحدة، وشريعة من الحق فاختلفوا، فأرسل الله الأنبياء لكشف الخلاف وبيان مور الضلال الذي وقعت فيه البشرية حتى يجتنبوه.
فأنبياء الله هم صفوته من خلقه، والواسطة بينه وبين عباده في تبليغ أمره ونهيه، وخبره وموعظته، قال تعالى في سورة النساء: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).
إن الدين الذي بعث الله به أنبياءه من أولهم إلى آخرهم واحد؛ وهو الإسلام، الذي معناه الإستسلام لله تعالى، قال تعالى في سورة آل عمران: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
ودعوة الأنبياء واحدة، وهي تقرير التوحيد في الأرض، ونفي الشرك والنّد عن الله تعالى، قال سبحانه في سورة الأنبياء: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).
ومفتاح دعوتهم التي يبادئون بها الخلق واحدة: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ)، وقال تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، وقال تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم)، وقال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
ومنهج الأنبياء واحد قال تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ).
ومن هذه المقدمة أيها الإخوان نخلص إلى قاعدة متينة وهامة، وهي لا يجوز التفريق بين رسل الله، وقد جمعهم الله، ووحّد أصل دعوتهم، قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)، وقد حكم الله تعالى بالكفر على من فرق بينه وبين رُسُله، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
وأعود إلى بعض شبابنا الذين استأنسوا بضلال النصارى، وأقول: إن انغماسكم في دين النصارى يحتم عليكم الكفر بكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ونبذكم للتوحيد الذي اجتمعت عليه دعوة جميع الأنبياء، وتفريقكم بين رسل الله كفر بواح، فهل يقبل ابنُ الجزائرِ الأبية أن يرمي بنفسه في حوامض الكفر والجاهلية بعد أن هداه الله إلى ملة الإسلام الطاهرة التي جاهد أجداده الصليبية عهودا بعد عهود لتبقى ملة الإسلام طاهرة ساطعة منيرة درب سكان شمال إفريقيا.
أيها الحضور رعاكم الله من كل شبهة وبدعة، إن رسل الله جميعا مستسلمون لله تعالى، كما بين الله تعالى في كتابه العزيز.
فهذا نبي الله نوح يخبر الله تعالى عنه فيقول في سورة يونس: (فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
وهذا نبي الله إبراهيم؛ قال تعالى عنه: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ). وقال تعالى عنه: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
وهذا نبي الله إسماعيل، قال تعالى عنه: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
ووصف بذلك أنبياء بني إسرائيل قاطبة فقال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ).
وقال تعالى عن يعقوب وبنيه: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).
وقال تعالى عن لوط وأهله: (فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ).
وقال تعالى عن يوسف عليه السلام: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).
وقال تعالى عن موسى وقومه: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ).
وقال السحرة بعد ما عرفوا الحق: (وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ).
واعلموا يا أيها الحضور الكريم أنّ ما أمر الله به الأولين من الأنبياء والرسل، أمر به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)، وقال تعالى: (قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)، وقال تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ)، وقال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ).
وبعد هذه الجولة السريعة أيها الإخوة كرام مع أنبياء الله، تبيّن لنا أن دين الله تعالى هو الإسلام، وأنه لا دين سواه، ولهذا أرشد الله جل جلاله نبيه محمدا أن يعتصم بهذا الأصل العظيم، ويأوي إلى هذا الركن المتين عند مجادلته لأهل الكتاب وغيرهم، ويفاصلهم على أساسه، فقال تعالى: (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ).
**الفاصل في الأديان هو التنوع في الشرائع:
قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
وأخرج الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد).
وأخرج الإمام البخاري من طريق الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا أولى الناس بابن مريم والأنبياء أولاد علات، ليس بيني وبينه نبي).
فالأنبياء جميعا متفقون على توحيد الله تعالى ونفي الشريك عنه، ومتأمل في دين النصارى يجد أنهم بنوه على الشرك بالله والطعن فيه، وفي أنبيائه، فهل يرضى الجزائري أن يترك الشرب من المياه المعدنية الصافية، وينتقل إلى الشرب من الصرفي الصحي!!.
من هو عيسى صلى الله عليه وسلم؟
بعث الله تعالى عبده ورسوله وكلمته التي ألقاها إلى مريم، وروحا منه عيسى عليه الصلاة والسلام إلى بني إسرائيل الذين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم؛ آيةً للناس ورحمة منه، مسبوقا بالبشارات النبوية، والملائكة، فقد تقدمه يحي بن زكريا صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ). وقالت الملائكة لأمه مريم: (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ).
وحين شرع عيسى عليه الصلاة والسلام في دعوة بني إسرائيل أيّده الله بروح القدس، فأجرى على يديه الآيات العظام، التي لا يعرض عن الإيمان بها إلا مطموس البصيرة، فقال تعالى: (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
** ما هي دعوة عيسى أيها الناس؟
قال تعالى: (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).
يلاحظ السامع الكريم أن دعوة عيسى هي نفسها دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي عبادة الله بالتوحيد، ونفي الند، والشريك عنه في أفعاله وصفاته وربوبيته، وألوهيته، فهل الذين يتركون دين محمد الخالص من الشرك، وينتقلون إلى دين بولص المليء بالشرك والكذب والضلال، يكونون قد حققوا قفزة عديمة النظير، أم أنهم سقطوا في حفرة عميقة ما لها من قرار؟
أقف عند هذا الحد في الحلقة القادمة أنقل باقي المحاضرة بدءً من مواقف الناس من عيسى بن مريم ورسالته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتبه/ أبو عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي الجزائري.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" [آل عمران 102].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" [النساء:1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً" [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإنّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور مُحدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النّار.
وبعد: المقدمة.
إن الذين يستبشرون بالهلاك والشرك الذي عند النصارى، ويهرعون إلى اعتناقه ناجم عن نقص معرفتهم بالحق الذي جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعن جهلهم بالعفن الذي عند النصارى، وبعض المساكين عندنا يتظاهرون باعتناق دين النصارى للحصول على بعض المكاسب الدنياوية، كتأشيرة إلى بعض دول الغرب، أو مساعدة مالية تأتيه من خزينة الفتيكان، ولهذا يستحسن قبل البدء في ذكر خطر التنصير على المسلمين في شمال إفريقيا وبالخصوص في الجزائر الغر اء، وبالأخص في منطقة القبائل الكبرى أعرج على بعض النقاط التي أرى أنها ضرورية بين يدي المحاضرة.
أولا: وجوب معرفة دين الإسلام من مصادره الأصلية.
إنّ الحق الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم واضح بيّن لمن حباه الله ويسره له، قال تعالى في سورة القمر: ((وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ))، فيسر الله تعالى لفظه وتلاوته ومعناه للفهم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير في الصحيحين: (الحلال بيّن والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات).
إن كفر النصارى وضلالهم لا يروج يا أبناء الجزائر إلا على من لا علم عنده ولا معرفة ولا اعتناء له بنصوص الكتاب والسنة المطهرة وأقوال الصحابة والتابعين، ولا خبرة عنده بالتناقضات والأباطيل التي ضمنها النصارى كتبهم.
قال الإمام أحمد رحمه الله كما في إعلام الموقعين: (إنّما جاء خلاف من خالف؛ لقلة معرفتهم بما جاء عن النّبي صلى الله عليه وسلم).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي له دراية كبيرة بما عليه النصارى من ضلال في مجموع الفتاوى (27/315-316): (فالحق يعرفه كل أحد، فإن الحق الذي بعث الله به الرسل لا يشتبه بغيره على العارف، كما لا يشتبه الذهب الخالص بالمغشوش على الناقد).
إن الشريعة الغراء يا شباب الأمة نصت بأتقن عبارة على ما يعصم البشرية من الهلاك، من هلاك الشرك، والمعاصي والإنتحار الذي صار ملاذ اليائسين من رحمة الله، الجاهلين بحجم جرم الإنتحار، والمقتافين سبيل النصارى والمادين من الشيوعيين في الخلاص من متاعب الدنيا، وما علموا أنهم أوبقوا أنفسهم، وأردوها سوء العذاب.
وأريد أن أسأل سؤالا أيها الإخوة: منذ أن دخلت فرنسا إلى الجزائر في سنة 1830 إلى سنة 1962 وهو عام الإستقلال، ولا يخفى عليهم الحالة التي كان يعيشها الشعب الجزائري إبّان الإستعمار أو الإستدمار على تعبير الأستاذ ملود قاسم، وخاصة سكان القبائل الكبرى من حرمان، وجوع، وفقر، وخوف، وأن الواحد فيهم إذا حصل على الماء فإنه لا يجد الخبز، مع كل هذه المأسات الإنسانية التي كانت تطغى على حياة سكان القبائل الكبرى؛ فإنني لا أعلم لظاهرة الإنتحار وجودا في منطقة القبائل، وأما الآن واللعياذ بالله، وبعد أن طغى الجانب المادي على الجانب الروحي، وضعف عند القوم الإيمان بالقضاء والقدر، وانتشر ضلال النصارى في المجتمع فإننا نسمع أسبوعيا عن حالتين أوثلاثة لشباب في مقتبل العمر ينتحرون هروبا من الواقع!
وهذه الكبيرة من الكبائر تحتاج إلى جهود المخلصين للحد من انتشارها بين الشباب، وذلك بنشر فقه السلف في باب القضاء والقدر، وتحفيظ الناس لكتاب ابن قيم الجوزية شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، بل أرى أن يكون ظمن المقرر المدرسي لطلاب المرحلة الثناوية، إذا أراد المجتمع أن يخفف إذا لم أقل يقضي على ظاهرة الانتحار.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض: (إن الشارع عليه الصلاة والسلام، نصّ على كلّ ما يعصم من المهالك نصّا قاطعا للعذر).
إنّ الجهل بالإسلام وبقيمه العالية، ومبادئه السامية جرّ صنفا من أبنائنا إلى الجري وراء عرفيج النصارى، وبث فيهم معادة أهل الحق، ونصب الخصومة لهم.
قال ابن قيم الجوزية رحمه الله في هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (ص1: (والأسباب المانعة من قبول الحق كثيرة جدا؛ فمنها: الجهل به، وهذا السبب هو الغالب على أكثر النفوس، فإن من جهل شيئا عداه وعاد أهله).
إن معرفة الحق يكون عن طريق الأنبياء والرسل، وقد كان الناس قاطبة على ملة التوحيد، كما قال تعالى في سورة البقرة: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، وقال تعالى في سورة يونس: (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ).
أي على دين واحد، وملة واحدة، وشريعة من الحق فاختلفوا، فأرسل الله الأنبياء لكشف الخلاف وبيان مور الضلال الذي وقعت فيه البشرية حتى يجتنبوه.
فأنبياء الله هم صفوته من خلقه، والواسطة بينه وبين عباده في تبليغ أمره ونهيه، وخبره وموعظته، قال تعالى في سورة النساء: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا).
إن الدين الذي بعث الله به أنبياءه من أولهم إلى آخرهم واحد؛ وهو الإسلام، الذي معناه الإستسلام لله تعالى، قال تعالى في سورة آل عمران: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
ودعوة الأنبياء واحدة، وهي تقرير التوحيد في الأرض، ونفي الشرك والنّد عن الله تعالى، قال سبحانه في سورة الأنبياء: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).
ومفتاح دعوتهم التي يبادئون بها الخلق واحدة: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ)، وقال تعالى: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، وقال تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم)، وقال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
ومنهج الأنبياء واحد قال تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ).
ومن هذه المقدمة أيها الإخوان نخلص إلى قاعدة متينة وهامة، وهي لا يجوز التفريق بين رسل الله، وقد جمعهم الله، ووحّد أصل دعوتهم، قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)، وقد حكم الله تعالى بالكفر على من فرق بينه وبين رُسُله، فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
وأعود إلى بعض شبابنا الذين استأنسوا بضلال النصارى، وأقول: إن انغماسكم في دين النصارى يحتم عليكم الكفر بكل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ونبذكم للتوحيد الذي اجتمعت عليه دعوة جميع الأنبياء، وتفريقكم بين رسل الله كفر بواح، فهل يقبل ابنُ الجزائرِ الأبية أن يرمي بنفسه في حوامض الكفر والجاهلية بعد أن هداه الله إلى ملة الإسلام الطاهرة التي جاهد أجداده الصليبية عهودا بعد عهود لتبقى ملة الإسلام طاهرة ساطعة منيرة درب سكان شمال إفريقيا.
أيها الحضور رعاكم الله من كل شبهة وبدعة، إن رسل الله جميعا مستسلمون لله تعالى، كما بين الله تعالى في كتابه العزيز.
فهذا نبي الله نوح يخبر الله تعالى عنه فيقول في سورة يونس: (فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
وهذا نبي الله إبراهيم؛ قال تعالى عنه: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ). وقال تعالى عنه: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)
وهذا نبي الله إسماعيل، قال تعالى عنه: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
ووصف بذلك أنبياء بني إسرائيل قاطبة فقال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ).
وقال تعالى عن يعقوب وبنيه: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).
وقال تعالى عن لوط وأهله: (فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ).
وقال تعالى عن يوسف عليه السلام: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).
وقال تعالى عن موسى وقومه: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ).
وقال السحرة بعد ما عرفوا الحق: (وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ).
واعلموا يا أيها الحضور الكريم أنّ ما أمر الله به الأولين من الأنبياء والرسل، أمر به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)، وقال تعالى: (قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)، وقال تعالى: (قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ)، وقال تعالى: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ).
وبعد هذه الجولة السريعة أيها الإخوة كرام مع أنبياء الله، تبيّن لنا أن دين الله تعالى هو الإسلام، وأنه لا دين سواه، ولهذا أرشد الله جل جلاله نبيه محمدا أن يعتصم بهذا الأصل العظيم، ويأوي إلى هذا الركن المتين عند مجادلته لأهل الكتاب وغيرهم، ويفاصلهم على أساسه، فقال تعالى: (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ).
**الفاصل في الأديان هو التنوع في الشرائع:
قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
وأخرج الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد).
وأخرج الإمام البخاري من طريق الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أنا أولى الناس بابن مريم والأنبياء أولاد علات، ليس بيني وبينه نبي).
فالأنبياء جميعا متفقون على توحيد الله تعالى ونفي الشريك عنه، ومتأمل في دين النصارى يجد أنهم بنوه على الشرك بالله والطعن فيه، وفي أنبيائه، فهل يرضى الجزائري أن يترك الشرب من المياه المعدنية الصافية، وينتقل إلى الشرب من الصرفي الصحي!!.
من هو عيسى صلى الله عليه وسلم؟
بعث الله تعالى عبده ورسوله وكلمته التي ألقاها إلى مريم، وروحا منه عيسى عليه الصلاة والسلام إلى بني إسرائيل الذين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم؛ آيةً للناس ورحمة منه، مسبوقا بالبشارات النبوية، والملائكة، فقد تقدمه يحي بن زكريا صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ). وقالت الملائكة لأمه مريم: (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ).
وحين شرع عيسى عليه الصلاة والسلام في دعوة بني إسرائيل أيّده الله بروح القدس، فأجرى على يديه الآيات العظام، التي لا يعرض عن الإيمان بها إلا مطموس البصيرة، فقال تعالى: (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
** ما هي دعوة عيسى أيها الناس؟
قال تعالى: (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).
يلاحظ السامع الكريم أن دعوة عيسى هي نفسها دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، وهي عبادة الله بالتوحيد، ونفي الند، والشريك عنه في أفعاله وصفاته وربوبيته، وألوهيته، فهل الذين يتركون دين محمد الخالص من الشرك، وينتقلون إلى دين بولص المليء بالشرك والكذب والضلال، يكونون قد حققوا قفزة عديمة النظير، أم أنهم سقطوا في حفرة عميقة ما لها من قرار؟
أقف عند هذا الحد في الحلقة القادمة أنقل باقي المحاضرة بدءً من مواقف الناس من عيسى بن مريم ورسالته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتبه/ أبو عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي الجزائري.
http://www.abd-alhamid.com/doc/46.pdf
تعليق