مَن أراد المعصية بقلبه إرادةً غير جازمة، بمعنى لم يفعل شيئًا مع القدرة، تركها -إذن-، هل يثاب أو لا يثاب؟
نقول: إن تركها لله أُثيب. رجلٌ حدّث نفسه بالزنا -والعياذ بالله- ولم يحرّك ساكنًا، وترك هذا الأمر، لكن لماذا تركه؟ قال: أعوذ بالله، لذة لشيءٍ يسير من الزمن تُغضب الله -سبحانه وتعالى- أُقدِم عليها؟! عقابها تُنُّور في النار يوم القيامة، أعوذ بالله؛ فتركها؛ هذا يُكتَب له حسنة.آخر هَمّ، نوى، لكنه لم يفعل شيئًا ولم يحرّك ساكنًا مع القدرة، وقال: سبحان الله! لذة ساعة تجلب لي العار عند الناس، يعيبني الناس بالزنا، قد يراني جاري، قد يراني العسكر، قد يراني الناس! فتركها، من أجل من؟! من أجل الناس، هذا لا يُكتَب له ولا عليه.
بل نقول أيضًا -يا إخوة-: من نوى المعصية إرادةً جازمةً، وفعل ما يمكن، ثم ترك ذلك لله؛ فإنه يثاب، يثاب على ماذا؟ يثاب على التوبة، هذه توبة. إنسان أراد الزنا -والعياذ بالله- إرادةً جازمة -نسأل الله أن يعيذ المسلمين-، فذهب إلى مكان الزنا، مشى، لكن ما وجد امرأة، هذا يستحق العقاب! فلما جاء ما وجد المرأة قال: أعوذ بالله، ماذا سأفعل بنفسي أنا؟ أُغضِب الله بالزنا؟ أعوذ بالله، أتوب إلى الله، أستغفر الله، أرجع إلى الله. يُثاب على توبته.
بل لو أنّ مسلمًا أراد الزنا إرادةً جازمة -والعياذ بالله- وذهب إليه فوقع له حادث في الطريق فأُصيب بعجز وأصبح لا يستطيع أن يزني أصلًا؛ فتاب إلى الله ورجع إلى الله وتحققت فيه شروط التوبة، ندم، وبالتالي لا شك أنه أقلع لأنه لن يفعل، وعزم أنه لا يرجع ولا يفعل؛ يقبل الله توبته عند أهل السنة والجماعة، وهو ما يسمى بــ: تـوبة العاجز، كالمجبوب، والمشلول. رجل كان لصًا يسرق بيوت الناس فوقع يومًا من السور فشُلَّ؛ أصبح لا يستطيع السرقة، عاجز؛ فتاب توبةً صادقة؛ تُقبل توبته عند أهل السنة والجماعة، قال أهل السنة والجماعة: "تُقبل توبة العاجز".
إذن؛ انتبهوا يا إخوة، نعود فنقول:
¨من أراد الشر إرادةً جازمة ففعل المقدور؛ كان مستحقًا للعقوبة ولو لم يفعل نفس المعصية.
¨ومن لم يُرِد إرادةً جازمة لا يستحق العقوبة.