عُنْــــوَانُ المْـَـــــــادَّةِ
شَرْحُ حَدِيثِ الْمَجَالِسِ بِالْأَمَانَةِ
للشِّيْخِ عَبْدُ المحُْسِنَ الْعَبَّاد -حَفِظَهُ الله-
شَرْحُ حَدِيثِ الْمَجَالِسِ بِالْأَمَانَةِ
للشِّيْخِ عَبْدُ المحُْسِنَ الْعَبَّاد -حَفِظَهُ الله-
قال المصنف -رَحِمَهُ الله تَعَالَى- : حدثنا أحمد بن صالح قال: قرأت على عبد الله بن نافع قال: أخبرني ابن أبي ذئب عن ابن أخي جابر بن عبد الله عن جابر بن عبد الله -رَضِيَ الله عَنْهُمَا- قال: قال رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : « المجالس بالأمانة إلّا ثلاثة مجالس: سفك دمٍ حرامٍ، أو فرجٌ حرام، أو اقتطاع مالٍ بغير حق » . أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله -رَضِيَ الله عَنْهُمَا- عن النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: « المجالس بالأمانة »، أي: أن المجالس التي يكون فيها الحديث بين الناس على الإنسان أن يحافظ على تلك الأحاديث، وألا يفشيها ولا يظهرها، لاسيما إذا كانت المجالس المطلوب فيها الإخفاء، كالمجالس الخاصة بأمور معينة، كتلك التي يختص ما يدور فيها بأعضائها ومن يكون داخلاً تحت من يشملهم ذلك المجلس ومن هم مختصون بذلك المجلس، فإن المجالس بالأمانة، لا يجوز لأحد من أعضاء هذه المجالس أن يفشي تلك الأسرار التي تكون في هذه المجالس؛ لأن مثل ذلك يؤدي إلى أن ينتشر كل خبر وكل أمر يكون في هذه المجالس، وقد يكون المطلوب فيها السرية، وقد تكون من الأمور الرسمية التي تتعلق بالدولة أو تتعلق ببعض الناس وما إلى ذلك، فإن الواجب هو الإمساك عن إظهار تلك الأسرار التي تكون في تلك المجالس، إلا ما كان يمكن أن يفشى وأن يعلن وأن المطلوب إعلانه وإفشاؤه، فإن هذا لا يدخل فيما نهي عن إفشائه، وقد كان شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز -رَحِمَهُ الله- إذا اجتمعنا في مجلس الجامعة وكان هناك دراسة بعض الأمور التي من شأنها الإخفاء وأنها لا تظهر، كان يكرر هذا الحديث ويقول : « المجالس بالأمانة »، أي: أن ما يجري في المجلس من أمور من شأنها الكتمان وليس من شأنها أن تعلن، فإن المطلوب فيها أن تكون مخفاة، وأن كل عضو أو كل شخص مشارك في ذلك المجلس لا يتحدث بهذا الحديث الذي جرى في ذلك المجلس، والذي من شأنه أن يكون من الأمور التي تخفى وليس من الأمور التي تعلن. وقد أورد أبو داود حديث جابر : « المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس: سفك دمٍ حرامٍ، أو فرجٌ حرام، أو اقتطاع مالٍ بغير حق » أي إذا كان قد حصل في المجالس أن شخصاً تكلم بأنه سيفعل فعلاً من الأفعال القبيحة، وأنه يهم بفعل من هذه الأفعال، فإن مثل ذلك يمكن أن يفشى؛ حتى يحال بينه وبين ما يقصده ويريده، كما لو كان يريد أن يقتل إنساناً أو يريد أن يزني بفلانة، أو ما إلى ذلك من الأمور المحرمة، فإن مثل هذا يفشى، وأيضاً قبل ذلك كله ينصح ويحذر، ولكن مع ذلك يفشى مثل هذا الخبر عند من يهمه الأمر وعند من يكون له علاقة مثلاً بالشخص الذي هدده أو المرأة التي فكر بها أو قصدها، حتى يكون كل منهم على حذر، وتنبه لما يجري. فالحاصل: أن المجالس بالأمانة، ولكن يستثنى منها ما إذا كان ذلك الذي حصل أمراً خطيراً سيئاً، فإنه لا يمكن السكوت عليه، ولا ينبغي أن يسكت عليه؛ لأنه يترتب على ذلك ضرر كبير، فعند ذلك لا يكتم مثل هذا الخبر؛ لأن صاحبه أعلن السوء وأعلن عزمه بالسوء، فلا بأس أن ينبه من يهمه الأمر ممن له علاقة بالموضوع، سواء كان فيما يتعلق بسفك الدم أو بالزنا أو غير ذلك، فينبه على ما يريده هذا الشخص، حتى لا يحصل منه الإقدام على ما لا تحمد عقباه. والحديث ضعفه الألباني في سنن أبي داود، ولكنه في الجامع الصغير أورده وحسنه، ولكن بدون هذه الزيادة، والتضعيف هو من أجل هذا الرجل المبهم الذي هو ابن أخي جابر ، ولكنه حسنه لأنه جاء من طريق أخرى مرسلة عن علي -رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ-، فيكون المرسل شاهداً لهذا الحديث.
تراجم رجال إسناد حديث (المجالس بالأمانة...)
قوله: [ حدثناأحمد بن صالح].
هو أحمد بن صالح المصري ، وهو ثقة ، أخرج حديثه البخاري و أبو داود والترمذي في الشمائل.
[ قال: [قرأت على عبدالله بن نافع ].
عبداللّه بن نافع ثقة صحيح الكتاب في حفظه لين، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن.
[ قال: أخبرني ابن أبي ذئب عن ابن أخي جابر بن عبد الله عن جابر بن عبد الله].
ابن أبي ذئب مر ذكره، وابن أخي جابر بن عبد الله غير معروف، فهو مبهم، وجابر بن عبد الله مر ذكره.
شرح سنن أبي داود[554] / للشيخ : عَبْدَ المُحْسِن العَبَّاد
منقول