صوتية مميزة
أشبه مرض بإتباع الهوى
أشبه مرض بإتباع الهوى
للشيخ أبي ذر عبد العزيز بن يحيى البرعي
-حفظه الله-
-حفظه الله-
إتباع الهوى عمى قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾[محمد:14] الذي على بينة من ربه يمشي في وضح يمشي في ضياء وذاك يمشي في ظلمات لأنه ما عمل بالحق ولا عمل بكلام الله ولا بكلام رسول الله صَلَّىٰ ٱللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ فما نفعه الله بالقرآن ولا أثر في قلبه وعظ الواعظين الذين يسمع حديثهم ليلا ونهار، نعم أيها الناس. يا أيها الإخوة صاحب الهوى لو جاءه النص كالشمس فإنه لا يتبعه لأنه قد أعجب برأيه وأعجبه قوله فتأتيه بالدليل كالشمس في رابعة النهار فيقول: لكن. فطيح الدليل بـ لكن يسقط الدليل بـ لكن، تثبت له الدلة على أنه على معصية فيسمع الأدلة على تحريم ما هو عليه وبعد سماعها وفهمها يقول لكن، وأطاح بالأدلة، لكن هذه أطاحت بآيات وأحاديث وخالفوا بها شرع الله، يا فلان، مصافحة النساء الأجنبيات حرام. قال: لكن أنا قلبي طاهر؛ لكن عاداتنا وتقاليدنا هكذا.. بكلمة لكن خالف شرع الله. يا فلان، حلق اللحية حرام. قال: نعم؛ لكن أنا موظف أنا أعمل في شركة أنا أصدقائي عرفوني هكذا منذ بالداية، زوجتي وأولادي عرفوني هكذا.. كلمة لكن أطاحت بالأدلة. وهكذا إخواني في الله كم من مرتكب لكبائر الذنوب دافع عن نفسه بلكن، وهو إتباع الهوى ولقد شبه النبي صَلَّىٰ ٱللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ إتباع الهوى بمرض غريب عجيب ويا له من مثال وهو مرض الكلب داء الكلب هذا الداء أيها الإخوة يأتي في الكلاب فيسمى الكلب مسعورا وبلغة الناس الدارجة اليوم يقولون: (معلول) هذا هو الكلْب الكلِب، الكلب الكلِب إذا عض إنسانا لا يظهر عليه شيء عضة، فتجلس تجري في جسده تلك السموم وتبدأ الملامح تتغير ويتغير مجازه حتى لقد جاءني شخص بأحد أقربائه يظن أن به مس يحتاج إلى رقية ثم ما هي إلا أيام وإذا بآثار مرض الكلب قد تمكنت فيه وفاتهم علاجه فمات بسبب ذلك المرض فإذا تمكن المرض. ولعله في نحو أربعين يوما يصبح الرجل نفسه مسعورا فإن مسكك بأظافره أصابك وإن عضك بأسنانه أصابك ويحرص على أن يعضك أو يخمشك بأظافره ويشتهي الماء في غاية من الظمأ؛ ولكنه مع ذلك لا يحتمل الماء يكره الماء جدا وهو في غاية الظمأ ولا يريد حتى نفخة هواء فلا حل له إلا أن يغلق عليه في غرفة ويرمى له بطعامه وشرابه حتى يموت لا حل له إلا هذا، وليس عند المستشفيات الآن علاج لمن تمكن منه داء الكلب، يحاولون ساعة ما يعض في الأسبوع والأسبوعين الأول والثاني وانتهى أما أن يتمكن فيه فما بقي حل إلا الموت؟ فيقول النبي صَلَّىٰ ٱللهُ عَلَيْهِ وَعَلَىٰ آلِهِ وَسَلَّمَ: «لا يزال الهوى بصاحبه كما يستسري الكلب بصاحبه حتى لا يبقى عرق ولا مفصل إلا دخله»، فلننتقل إلى المبتدع إذا تمكنت منه بدعته وهواه فإنه يصبح كأنه مسعور حريص على نشر باطله كما أن أصحاب الكلب حريص على أن يعض أي شخص أو يخمش أي شخص، وهو في أمس الحاجة إلى القرآن والسنة كما أن صاحب الكلب في أمس الحاجة إلى الماء؛ ولكنه لا يحتمل القرآن الكريم ولا يحب سماع الكلب لا يحتمل الماء ولا الهواء فلا حل لصاحب البدعة الذي تمكن منه الهوى إلى هذا الحد إلا أن يهجر حتى يموت كما أن صاحب الكلب يرمى في غرفة حتى يموت.
هكذا أيها الإخوة إذا استسرى الكلب بصاحبه وهكذا إذا استسرى الهوى بصاحبه فلا حل له إلا بهذا الحال الذي سمعتم.