الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
وبعد :
هذه عشر وصايا بعضها من محاضرات وكتب محتلفة لعلمائنا السلفيين والباقي أكملت به العشرة ،
أسأل الله أن ينفعنا و إياكم بها.
[ الوصية الأولى ]
يا أيها الناس - رحمني الله و إياكم - اتقوا الله و اعملوا صالحا ، و لتنظر نفس ما قدمت لغد ، و اتقوا الله لعلكم تفلحون ، فوالله لن تنالوا سعادة الدارين ، إلا بتقوى الله في السر و العلن في المنشط و المكره في العسر و اليسر ، في الشدة والرخاء.
[ الوصية الثانية ]
اعلموا - أرشدني الله و إياكم لطاعته - أن أعظم واجب علينا اتجاه ربنا هو التوحيد و أعظم ذنب ، الشرك بالله ، و منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله كان يبدأ بالأساس وهو التوحيد و عبادة الله مع الإخلاص ، فلا يُدعى لشيء قبله مِن فعل الواجبات و ترك المحرمات حتى يُقام التوحيد و تثبت العقيدة الصحيحة في نفوس و قلوب و أعمال العباد ، فلا تغني صلاة و لا زكاة و لا صوم و لا حج عن مشركٍ بالله شيئا و لا يقبل الله منه صرفا و لاعدلا ، حتى يصلح عقيدته و تصح بعدها أعماله .
[ الوصية الثالثة ]
اعلموا – أكرمني الله و إياكم بهداه – أن هناك فرقا بين اثنين : بين مَن عمّر وقته و أمضى عمره في تعلّم العقيدة و التوحيد و المنهج و استَقَام على ذلك حق الإستقامة ، حيث نهل من كتب العلماء الربانيين الراسخين و تعلَّمَ أصول الدين ، و بين مَن بنى دينه على قصص القصاصين و أناشيد المنشدين ، فهذا ترى قلبه ذاكرا حينا غافلا سنينا ، فشتّان بين الإثنين ، فالأول تعلّمَ الأصول و فاز بالوصول ، و الثاني ضيعَ الأصول فحُرِم الوصول .
[ الوصية الرابعة ]
اعلموا – وفقني الله و إياكم لِمرضاته – أن الثبات على دين الله يُنال بأسبابٍ مِن أعظمها : إخلاص الدين لله و تقواه و مراقبته في السر و العلن ، فلا يهمك أخا الإسلام ، رزق و لا عيش مادمتَ متمسكا بحبل الله الذي هو سبيل الفلاح في الدارين ، ألم تسمع قوله تعالى : " و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب و من يتوكل على الله فهوحسبه " ؟؟ فامضِ على بركة الله ، أيها المتوكل على الله المتقيه حق تقواه ، لا تخاف ظلما و لا هضما ، فأنت في كفالة من له مقاليد السموات و الأرض ، القائل في كتابه المبين " أليس الله بكاف عبده " ، بلى و الله .
[ الوصية الخامسة ]
لو كان تحقيق المتابعة لرسول الله – صلى الله عليه و سلم – سهلا ، لما افترقت الأمة على ثلاث و سبعين فرقة ، لا يكوننّ من أحدكم من يتكئ على سريره و يقول يكفيني ما في القرآن ، ألا إن رسول الله – صلى الله عليه و سلم – أوتي القرآن و مثله معه ، فمن أخذ بهما معا أخذ بحظ وافر ، فالنبي – عليه الصلاة و السلام – تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، فتمسكوا عباد الله – وفقني الله و إياكم – بسنة رسولكم الكريم ، و اتبعوا آثار السلف الصالحين ، وقولوا بما قالوا و قفوا حيث وقفوا ، فإنه يسعنا ما وسعهم .
[ الوصية السادسة ]
أخي – رحمني الله و إياك – اجعل الآخرة نُصب عينيك و اتقي الله في الدنيا يهديك ، و احذر من غضبه يرضيك ، فلا تقل بلسانك إلا كل خير ، ألم تسمع لقول خير البشر – عليه الصلاة و السلام – " من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت " ؟ و لا تسمع إلا لقول حسن ، يرضي الله و انظر و تأمل في ملكوت الله و اصرف بصرك عن محارم الله ، و ابذل الخير للناس و امر بالمعروف و انه عن المنكر ، و سأل الله الثبات فلا شك بعد هذه الدنيا ممات و ستُسأل في قبرك عن ثلاث ، فتزود بخير الزاد و ازهد في الدنيا و اشغل نفسك بالباقيات الصالحات .
[ الوصية السابعة ]
أيها الناس – أنتم الفقراء إلى الله و الله هو الغني الحميد ، أيها الناس اعلموا أنكم عن هذه الدنيا راحلين و غدا بين يدي الله مسؤولين ، فهل أعددتم للسؤال جوابا ؟ أيها الناس إنما هي جنة عالية أو نار حامية ، أيها الناس دونكم الصراط ستمرون عليه حتما و تحتكم جهنم " و إن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا " فأين هي أعمالكم التي تثبتكم ، فأما من أعطى و اتقى و أحسن في الدنيا ، فيجد عند الله الحسنى و زيادة ، و أما من بخل و استغنى و فرط في الدنيا ، فدونه نار تلظى ، فالله الله في سرائركم أصلحوها قبل أن تُبلى عند مولاكم " يوم تبلى السرائر فما له من قوة ولا ناصر" ، و الله الله في أعمالكم قبل أن توزن على موازينكم ، و اهجروا الأمل فما بقي قدر الذي فات ، وكل ماهو آت قريب .
[ الوصية الثامنة ]
احذر الشيطان و النفس و الهوى ، فهؤلاء طرق الشر كله ، و لو سلِمتَ منهم سلِمتَ من الشر كله فاستعذ برب و ملك الناس من الشيطان الوسواس الخناس ، فمن حصّن نفسه بذكر الله و بحُسن الإستعانة عليه ، فعلى الشيطان الهزائم و الخسران و صبِّر نفسك على طاعة الله و احبسها عن معصية الله ، وحاسبها فهي الشريك الخوان و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ، بل أرغمه على اتباع شرع الله ، فقد نفى المصطفى – عليه الصلاة و السلام – نفى عنّا كمال الإيمان حتى يكون هوانا تبعا لما جاء به من الهدى و دين الحق ، فطوبى لمن أرغم أنف شيطانه و روض نفسه و قويَ إيمانه و نبذه هواه واراءه .
[ الوصية التاسعة ]
صاحب العقيدة السلفية السليمة ، يصلح له شأنه كله لأن العقيدة هي الأساس ، فإذا صلح الأصل صلح الفرع ، فعقيدته تنهاه عن الشرك بالله ، وهو أي الشرك ، الذنب الذي لم يُعصَ الله بمثله على وجه البسيطة و بلغ في الفحش نهايته ، كيف لا وهو أن تجعل لله ندا وهو خلقك ورَزَقك وسَوَّاك فعدلك ؟؟ وصاحب العقيدة السلفية متسمك بهدي نبيه لأنه عرف أنهُ خير الهدي و اجتَنَب سبيل البدع ، وصلاته تنهاه عن الفحشاء والمنكر، لأنه يصلي كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ، فيمضي في سيره إلى الله والدار الآخرة متمسكا بهذين الاصلين العظيمين وهما الإخلاص لله عز وجل والمتابعة لرسول الله – عليه الصلاة و السلام - ، فيوضع له القَبول في الأرض كيف لا وقد اختار الطريق الذي شقه المصطفى – عليه السلاة و السلام – وضمِن السلامة والنجاة في الدارين لمن سار عليه .
[ الوصية العاشرة ]
لا تكن أخي – أكرمني الله وإياك بتقواه – ممّن غرتهم الحياة الدنيا و غرهم بالله الغَرور و ركبوا أمواج الأماني و انقادوا برياح الهوى فاجتالتهم الشياطين من كل مكان ، مالهم و ما تركوا لأنفسهم من الله من عاصم ، فإياك و إياهم ، واركب في سفينة النجاة التي من ركبها سلِم ومن دعا لها غنِم ، فسنة رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام مثل سفينة نوح في هذا الزمن من ركبها نجى ومن تولى عنها ضل وغوى . فهذا القرآن بين أيدكم فأدوا حقه تلاوة وأحِلوا حلاله وحرِّموا حرامه وقِفوا عند متشابهه ، وهذه السنة الغراء بين أيديكم فعضوا عليها بالنواجذ وتمسكوا بها في زمن الفتن ، أعاذنا الله وإياكم مما ظهر منها و ما بطن. ا هـ
مقتطف من عشر وصايا للأخت: أم أمة الله السلفية -وفقها الله وسدد خطاها بالخير-
تعليق