السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
هذا مقتطف من كتاب الوابل الصيب من الكلم الطيب
المؤلف : أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن القيم الجوزية
رحمه الله تعالى.
يقول المؤلف......والالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان
احدهما التفات القلب عن الله عز وجل إلى غير الله تعالى الثاني التفات البصر وكلاهما منهى عنه ولا يزال الله مقبلا على عبده ما دام العبد مقبلا على صلاته فادا التفت بقلبه أو بصره اعرض الله تعالى عنه وقد سئل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن التفات الرجل في صلاته فقال اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد, وفي اثر يقول الله تعالى
إلى خير مني إلى خير مني. ومثل من يلتفت في صلاته ببصره أو بقلبه مثل رجل قد استدعاه السلطان فاوقفه بين يديه واقبل يناديه و يخاطبه وهو فى خلال ذلك يلتفت عن السلطان يمينا و شمالا وقد انصرف قلبه عن السلطان فلا يفهم ما يخاطبه به لان قلبه ليس حاضرا معه فما ظن هذا الرجل ان يفعل به السلطان افليس اقل المراتب فى حقه ان ينصرف من بين يديه ممقوتا مبعدا قد سقط من عينيه
فهذا المصلى لا يستوى والحاضر القلب المقبل على الله تعالى فى صلاته الذى قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه فامتلا قلبه من هيبته وذلت عنقه له واستحيى من ربه تعالى ان يقبل على غيره أو يلتفت عنه وبين صلاتيهما
كما قال حسان بن عطية ان الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة وان مابينهما في الفضل كما بين السماء والأرض وذلك ان أحدهما مقبل على الله عز وجل والآخر ساه غافل
فادا اقبل العبد على مخلوق مثله وبينه حجاب لم يكن اقبالا ولا تقريبا فما الظن بالخالق عز وجل واذا اقبل على الخالق عز وجل وبينه وبينه حجاب الشهوات والوساوس والنفس مشغوفة بها ملاى منها فكيف يكون ذلك اقبالا وقد الهته الوساوس والافكار وذهبت به كل مذهب. والعبد اذا قام في الصلاة غار الشيطان منه فانه قد قام في اعظم مقام واقربه واغيظه للشيطان واشده عليه فهو يحرص ويجتهد ان لا قيمة فيه بل لايزال به يعده ويمنيه وينسيه و يجلب عليه بخيله ورجله حتى يهون عليه شان الصلاة
فيتهاون بها فيتركها
فان عجز عن ذلك منه و عصاه العبد وقام في ذلك المقام اقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينه وبين نفسه ويحول بينه وبين قلبه فيذكره في الصلاة مالم يذكر قبل دخوله فيها حتى ربما كان قد نسي شئ من الحاجة وايس منها فيذكره اياها في الصلاة ليشغل قلبه بها ويأخذه عن الله عز وجل فيقوم فيها بلا قلب فلا ينال من اقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما يناله المقبل على ربه عز وجل الحاضر بقلبه في صلاته فينصرف من صلاته مثل ما دخل فيها بخطاياه. وذنوبه واثقاله لم تخف عنه بالصلاة, فان الصلاة انما تكفر سيئات من ادى حقها واكمل خشوعها ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقابله فهذا اذا انصرف منها وجد خفة من نفسه واحس باثقال قد وضعت عنه فوجد نشاطا وراحة وروحا حتى يتمنى انه لم يكن خرج منها لانها قرة عينه ونعيم روحه وجنة قلبه ومستراحه في الدنيا فلا يزال كانه في سجن وضيق حتى يدخل فيها فيستريح بها لا منها. فالمحبون يقولون نصلي فنستريح بصلاتنا كما قال امامهم وقدوتهم ونبيهم ( صلى الله عليه وسلم )
يا بلال ارحنا بالصلاة ولم يقل ارحنا منها وقال ( صلى الله عليه وسلم )
جعلت قرة عيني في الصلاة فمن جعلت قرة عينه في الصلاة كيف تقر عينه ( صلى الله عليه وسلم ) بدونها وكيف يطيق الصبر عنها فصلاة هذا الحاضر بقلبه الذي قرة عينه في الصلاة هي التي تصعد ولها نور وبرهان حتى يستقل بها الرحمن عز وجل فتقول حفظك الله تعالى كما حفظتني واما صلاة المفرط المضيع لحقوقها وحدودها وخشوعها فانها تلف كما يلف الثوب الخلق ويضرب بها وجه صاحبها وتقول ضيعك الله كما ضيعتني وقد روي في حديث مرفوع رواه بكر بن بشر عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما يرفعه انه قال ما من مؤمن يتم الوضوء إلى امكانه ثم يقوم إلى الصلاة في وقتها فيؤديها لله عز وجل لم ينقص من وقتها وركوعها وسجودها ومعالمها شيئا الا رفعت له إلى الله عز وجل بيضاء مسفرة يستضئ بنورها ما بين الخافقين حتى ينتهي بها إلى الرحمن عز وجل ومن قام إلى الصلاة فلم يكمل وضوءها واخرها عن وقتها واسترق ركوعها وسجودها ومعالمها رفعت عنه سوداء مظلمة ثم لاتجاوز شعر راسه تقول ضيعك الله كما ضيعتني ضيعك كما ضيعتني فالصلاة المقبولة والعمل المقبول ان يصلي العبد صلاة تليق بربه عز وجل فإذا كانت صلاة تصلح لربه تبارك وتعالى وتليق به كانت مقبولة.
إنتهى كلامه رحمه الله تعالى.
هذا مقتطف من كتاب الوابل الصيب من الكلم الطيب
المؤلف : أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن القيم الجوزية
رحمه الله تعالى.
يقول المؤلف......والالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان
احدهما التفات القلب عن الله عز وجل إلى غير الله تعالى الثاني التفات البصر وكلاهما منهى عنه ولا يزال الله مقبلا على عبده ما دام العبد مقبلا على صلاته فادا التفت بقلبه أو بصره اعرض الله تعالى عنه وقد سئل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن التفات الرجل في صلاته فقال اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد, وفي اثر يقول الله تعالى
إلى خير مني إلى خير مني. ومثل من يلتفت في صلاته ببصره أو بقلبه مثل رجل قد استدعاه السلطان فاوقفه بين يديه واقبل يناديه و يخاطبه وهو فى خلال ذلك يلتفت عن السلطان يمينا و شمالا وقد انصرف قلبه عن السلطان فلا يفهم ما يخاطبه به لان قلبه ليس حاضرا معه فما ظن هذا الرجل ان يفعل به السلطان افليس اقل المراتب فى حقه ان ينصرف من بين يديه ممقوتا مبعدا قد سقط من عينيه
فهذا المصلى لا يستوى والحاضر القلب المقبل على الله تعالى فى صلاته الذى قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه فامتلا قلبه من هيبته وذلت عنقه له واستحيى من ربه تعالى ان يقبل على غيره أو يلتفت عنه وبين صلاتيهما
كما قال حسان بن عطية ان الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة وان مابينهما في الفضل كما بين السماء والأرض وذلك ان أحدهما مقبل على الله عز وجل والآخر ساه غافل
فادا اقبل العبد على مخلوق مثله وبينه حجاب لم يكن اقبالا ولا تقريبا فما الظن بالخالق عز وجل واذا اقبل على الخالق عز وجل وبينه وبينه حجاب الشهوات والوساوس والنفس مشغوفة بها ملاى منها فكيف يكون ذلك اقبالا وقد الهته الوساوس والافكار وذهبت به كل مذهب. والعبد اذا قام في الصلاة غار الشيطان منه فانه قد قام في اعظم مقام واقربه واغيظه للشيطان واشده عليه فهو يحرص ويجتهد ان لا قيمة فيه بل لايزال به يعده ويمنيه وينسيه و يجلب عليه بخيله ورجله حتى يهون عليه شان الصلاة
فيتهاون بها فيتركها
فان عجز عن ذلك منه و عصاه العبد وقام في ذلك المقام اقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينه وبين نفسه ويحول بينه وبين قلبه فيذكره في الصلاة مالم يذكر قبل دخوله فيها حتى ربما كان قد نسي شئ من الحاجة وايس منها فيذكره اياها في الصلاة ليشغل قلبه بها ويأخذه عن الله عز وجل فيقوم فيها بلا قلب فلا ينال من اقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما يناله المقبل على ربه عز وجل الحاضر بقلبه في صلاته فينصرف من صلاته مثل ما دخل فيها بخطاياه. وذنوبه واثقاله لم تخف عنه بالصلاة, فان الصلاة انما تكفر سيئات من ادى حقها واكمل خشوعها ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقابله فهذا اذا انصرف منها وجد خفة من نفسه واحس باثقال قد وضعت عنه فوجد نشاطا وراحة وروحا حتى يتمنى انه لم يكن خرج منها لانها قرة عينه ونعيم روحه وجنة قلبه ومستراحه في الدنيا فلا يزال كانه في سجن وضيق حتى يدخل فيها فيستريح بها لا منها. فالمحبون يقولون نصلي فنستريح بصلاتنا كما قال امامهم وقدوتهم ونبيهم ( صلى الله عليه وسلم )
يا بلال ارحنا بالصلاة ولم يقل ارحنا منها وقال ( صلى الله عليه وسلم )
جعلت قرة عيني في الصلاة فمن جعلت قرة عينه في الصلاة كيف تقر عينه ( صلى الله عليه وسلم ) بدونها وكيف يطيق الصبر عنها فصلاة هذا الحاضر بقلبه الذي قرة عينه في الصلاة هي التي تصعد ولها نور وبرهان حتى يستقل بها الرحمن عز وجل فتقول حفظك الله تعالى كما حفظتني واما صلاة المفرط المضيع لحقوقها وحدودها وخشوعها فانها تلف كما يلف الثوب الخلق ويضرب بها وجه صاحبها وتقول ضيعك الله كما ضيعتني وقد روي في حديث مرفوع رواه بكر بن بشر عن سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما يرفعه انه قال ما من مؤمن يتم الوضوء إلى امكانه ثم يقوم إلى الصلاة في وقتها فيؤديها لله عز وجل لم ينقص من وقتها وركوعها وسجودها ومعالمها شيئا الا رفعت له إلى الله عز وجل بيضاء مسفرة يستضئ بنورها ما بين الخافقين حتى ينتهي بها إلى الرحمن عز وجل ومن قام إلى الصلاة فلم يكمل وضوءها واخرها عن وقتها واسترق ركوعها وسجودها ومعالمها رفعت عنه سوداء مظلمة ثم لاتجاوز شعر راسه تقول ضيعك الله كما ضيعتني ضيعك كما ضيعتني فالصلاة المقبولة والعمل المقبول ان يصلي العبد صلاة تليق بربه عز وجل فإذا كانت صلاة تصلح لربه تبارك وتعالى وتليق به كانت مقبولة.
إنتهى كلامه رحمه الله تعالى.