الأذان من أفضل الأعمال، وهو أفضل من الإمامة،
الأذان من أفضل الأعمال، وهو أفضل من الإمامة، يعني أن مرتبة المؤذن في الأجر أفضل من مرتبة الإمام؛ لأن المؤذن يعلن لتعظيم الله وتوحيده والشهادة للرسول بالرسالة، وكذلك أيضاً يدعو الناس إلى الصلاة وإلى الفلاح في اليوم خمس مرات، والإمام لا يحصل منه ذلك، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة، ولهذا كان الأذان مرتبته في الشرع أعلى من مرتبة الإمامة.
فإن قال قائل: إذا كان كذلك لماذا لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يؤذن ولا الخلفاء الراشدون؟
أجاب العلماء عن هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين كانوا مشغولين بمصالح العباد؛ لأنهم أئمة وخلفاء يدبرون أمور الأمة، والأذان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ليس كالأذان في وقتنا، الآن إذا أراد الإنسان أن يؤذن ليس عليه سوى أن ينظر إلى الساعة ويعرف الوقت حل أو لم يحل، لكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يراقبون الشمس ويتابعون الظل حتى يعرفوا أن الشمس قد زالت، وكذلك أيضاً يراقبونها حتى يعرفوا أنها قد غربت ثم يراقبون الشفق، ثم يراقبون الفجر، ففيه صعوبة عظيمة، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون لا يتولون الأذان لا لأن فضله أقل من الإمامة، ولكن لأنهم مشغولون بما هم فيه عن الأذان .وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فضيلته بأن الناس: (لو يعلمون ما في النداء ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لا ستهموا) سبحان الله العظيم! فمعنى هذا أن الناس لو يعلمون ما في الأذان من فضل وأجر لكانوا يقترعون أيهم الذي يؤذن، بينما الناس الآن مع الأسف يتدافعونه.
. إذا فرغ المؤذن من الأذان فإنك تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تقول:(اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لاتخلف الميعـاد) هذا الحديث رواه البخاري إلى قوله: (الذي وعدته) لكن قد صحت الزيادة (إنك لا تخلف المعياد) فينبغي أن يقولها الإنسان؛ لأنها صحيحة، ولأن هذا دعاء المؤمنين:(ربنا وءاتنا ماوعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد).
المصدر فوائد من شرح الشيخ ابن عثيمين لكتاب رياض الصالحين المجلد الخامس