التوبة
الصفة السابعة عشر من صفات المؤمنين المتقين التوبة:
بعد الذنب وعدم الإصرار عليه، وقد ذكر الله -تعالى- هذه الصفة في أوصاف المتقين الذين وعدهم بالمغفرة لذنوبهم، وأعد لهم الجنة جزاء لهم على أعمالهم الطيبة، وأمر عباده بالمسارعة إلى المغفرة والجنة، وذلك بالمسارعة إلى أسباب ذلك، وهي الأعمال الصالحة، فقال -تعالى-: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ .
فوصف الله -تعالى- المؤمنين المتقين بأنه إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار، ولم يصرّوا على ما فعلوا من الذنب، فلم يقيموا ولم يثبتوا عليه غير مقلعين عنه، وهم يعلمون أن الإصرار ضار، وأن من تاب تاب الله عليه، وأن الله يغفر الذنوب ولا يتعاظمه العفو عنها، وإن كثرت، بل تابوا من ذنوبهم ورجعوا إلى الله عن قريب، ولم يستمروا على المعصية.
وهذا كقوله -تعالى-: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ.
وقوله -تعالى-: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .
وقوله -تعالى-: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا .
فأخبر الله -تعالى- عن كرمه وجوده أن كل من تاب تاب الله عليه من أي ذنب كان صغيرًا أو كبيرًا، وهذا فيه بيان من الله -تعالى- لعباده بسعة رحمته ومغفرته وحلمه وكرمه.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن رجلا أذنب ذنبًا، فقال: يا رب، إني أذنبت ذنبًا فاغفره لي، فقال الله -عز وجل-: عبدي عمل ذنبًا، فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، ثم عمل ذنبا آخر فقال: رب إني عملت ذنبا فاغفره، فقال -تبارك وتعالى-: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنوب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، ثم عمل ذنبًا آخر فقال: رب إني عملت ذنبا فاغفره لي، فقال -عز وجل-: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، ثم عمل ذنبًا آخر فقال: رب إني عملت ذنبًا فاغفره، فقال الله -عز وجل-: عبدي علم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، أشهدكم أني قد غفرت لعبدي، فليعمل ما شاء أخرجه الشيخان البخاري ومسلم وأخرجه الإمام أحمد أيضا
أقول: وليس هذا الحديث إذنًا في الذنب، بل المعنى أن العبد لا يضره الذنب، مادام إذا وقع في الذنب تاب وندم وأقلع.
والتوبة من الذنوب والمعاصي عبادة يجب إخلاصها لله -عز وجل-، ولا أحد يغفر الذنوب غير الله -عز وجل-، قال الله -تعالى-: وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ.
وروى الإمام أحمد -رحمه الله- عن الأسود بن سريع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أُتِي بأسير فقال: اللهم إني أتوب إليك، ولا أتوب إلى محمد، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: عرف الحق لأهله .
ويتأكد الوضوء وصلاة ركعتين عند التوبة: لما رواه الإمام أحمد -رحمه الله- بسنده، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: كنت إذا سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا يقضي إليه بما شاء منه، وإذا حدثني غيره استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وإن أبا بكر حدثني، وصدق أبو بكر أنه سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ما من رجل يذنب ذنبا، فيتوضأ ويحسن الوضوء - قال مسعر - فيصلي - وقال سفيان: ثم يصلي - ركعتين، فيستغفر الله -عز وجل- إلا غفر له .
قال الحافظ بن كثير -رحمه الله-: روى هذا الحديث أهل السنن وابن حبان في صحيحه، والبزار والدارقطني من طريق عن عثمان بن المغيرة بسند الإمامأحمد
وقال الترمذي هو حديث حسن. وبالجملة فهو حديث حسن، وهو من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن خليفة النبي -صلى الله عليه وسلم- أبي بكر -رضي الله عنهما-، قال: ومما يشهد بصحة هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ- الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إلا فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء .
وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه توضأ لهم وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيها نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه .
ثم قال -رحمه الله-: فقد ثبت هذا الحديث من رواية الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين عن سيد الأولين والآخرين، ورسول رب العالمين، كما دلّ عليه الكتاب المبين، من أن الاستغفار من الذنب ينفع العاصين.
الصفة السابعة عشر من صفات المؤمنين المتقين التوبة:
بعد الذنب وعدم الإصرار عليه، وقد ذكر الله -تعالى- هذه الصفة في أوصاف المتقين الذين وعدهم بالمغفرة لذنوبهم، وأعد لهم الجنة جزاء لهم على أعمالهم الطيبة، وأمر عباده بالمسارعة إلى المغفرة والجنة، وذلك بالمسارعة إلى أسباب ذلك، وهي الأعمال الصالحة، فقال -تعالى-: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ .
فوصف الله -تعالى- المؤمنين المتقين بأنه إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار، ولم يصرّوا على ما فعلوا من الذنب، فلم يقيموا ولم يثبتوا عليه غير مقلعين عنه، وهم يعلمون أن الإصرار ضار، وأن من تاب تاب الله عليه، وأن الله يغفر الذنوب ولا يتعاظمه العفو عنها، وإن كثرت، بل تابوا من ذنوبهم ورجعوا إلى الله عن قريب، ولم يستمروا على المعصية.
وهذا كقوله -تعالى-: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ.
وقوله -تعالى-: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ .
وقوله -تعالى-: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا .
فأخبر الله -تعالى- عن كرمه وجوده أن كل من تاب تاب الله عليه من أي ذنب كان صغيرًا أو كبيرًا، وهذا فيه بيان من الله -تعالى- لعباده بسعة رحمته ومغفرته وحلمه وكرمه.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن رجلا أذنب ذنبًا، فقال: يا رب، إني أذنبت ذنبًا فاغفره لي، فقال الله -عز وجل-: عبدي عمل ذنبًا، فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، ثم عمل ذنبا آخر فقال: رب إني عملت ذنبا فاغفره، فقال -تبارك وتعالى-: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنوب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، ثم عمل ذنبًا آخر فقال: رب إني عملت ذنبا فاغفره لي، فقال -عز وجل-: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، ثم عمل ذنبًا آخر فقال: رب إني عملت ذنبًا فاغفره، فقال الله -عز وجل-: عبدي علم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، أشهدكم أني قد غفرت لعبدي، فليعمل ما شاء أخرجه الشيخان البخاري ومسلم وأخرجه الإمام أحمد أيضا
أقول: وليس هذا الحديث إذنًا في الذنب، بل المعنى أن العبد لا يضره الذنب، مادام إذا وقع في الذنب تاب وندم وأقلع.
والتوبة من الذنوب والمعاصي عبادة يجب إخلاصها لله -عز وجل-، ولا أحد يغفر الذنوب غير الله -عز وجل-، قال الله -تعالى-: وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ.
وروى الإمام أحمد -رحمه الله- عن الأسود بن سريع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أُتِي بأسير فقال: اللهم إني أتوب إليك، ولا أتوب إلى محمد، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: عرف الحق لأهله .
ويتأكد الوضوء وصلاة ركعتين عند التوبة: لما رواه الإمام أحمد -رحمه الله- بسنده، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: كنت إذا سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثا يقضي إليه بما شاء منه، وإذا حدثني غيره استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وإن أبا بكر حدثني، وصدق أبو بكر أنه سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ما من رجل يذنب ذنبا، فيتوضأ ويحسن الوضوء - قال مسعر - فيصلي - وقال سفيان: ثم يصلي - ركعتين، فيستغفر الله -عز وجل- إلا غفر له .
قال الحافظ بن كثير -رحمه الله-: روى هذا الحديث أهل السنن وابن حبان في صحيحه، والبزار والدارقطني من طريق عن عثمان بن المغيرة بسند الإمامأحمد
وقال الترمذي هو حديث حسن. وبالجملة فهو حديث حسن، وهو من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن خليفة النبي -صلى الله عليه وسلم- أبي بكر -رضي الله عنهما-، قال: ومما يشهد بصحة هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ- الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إلا فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء .
وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه توضأ لهم وضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيها نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه .
ثم قال -رحمه الله-: فقد ثبت هذا الحديث من رواية الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين عن سيد الأولين والآخرين، ورسول رب العالمين، كما دلّ عليه الكتاب المبين، من أن الاستغفار من الذنب ينفع العاصين.