بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد :لقد طالعتنا جريدة النهار الصادرة بتاريخ الثلاثاء(10/3/2013)الموافق ل(6جمادي الأولى1434هـ ) بمقال على الصفحة الأولى بالخط العريض بعنوان :(( فركوس ليس عالما.. وهو جبان )) وتحت العنوان علي بن حاج يبارك تأسيس الحزب السلفي الجديد ، ولما قرأت المقال الذي أعده مروان .س والذي حكى فيه أن هذا كان ضمن لقاء خاص من برنامج (( بكل موضوعية لتلفزيون النهار )) التي استضافت فيه كل من الحزبي التكفيري المحترق - زراوي حمداش - كرئيس للحزب التلفي ، وليس السلفي - معاذ الله - والصوفي عبد القادر ياسين رئيس المنظمة الوطنية للزوايا ، والذي استوقفني في المقال ، ودفعني لكتابة هذه السطور أدافع فيها عن الشيخ الفاضل عالم الجزائر ، محمد علي فركوس – حفظه الله – عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : << من رد عن عرض أخيه بالغيب رد الله عن وجهه النار يوم القيامة >> . أحمد والترمذي حديث صحيح انظر صحيح الجامع (613وفي رواية :<< من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار >> صحيح الجامع (6116).
هو وقاحة الحزبي الهالك حمداش ونيله من الشيخ الفاضل فركوس ، ووصفه له بالجبان والرعديد في سابقة عجيبة وغريبة لم يسبقه إليها أحد ، وهذا أقل ما أستطيع أن قدمه في زمن طغى فيه الإعلام وفتح الباب على مصراعيه لأهل الأهواء يقولون ما يشاءون ويبحون بمعتقداتهم الضالة في حين يوصد الباب أمام العدول الثقات من المشايخ والأئمة وطلبة العلم السلفيين ، وسكوت الأفاضل العلماء عن هؤلاء وعدم الرد عليهم بأسمائهم في الجرائد لا يعني إطلاقا عجزهم أو تقصيرهم بل نزاهتهم وتورعهم وعدم مبالاتهم بهؤلاء فلا يعطونهم أكثر من حجمهم ، وكذلك اشتغالهم بما هو أهم من نشر العلم والسنة ، وأما في غير الجرائد فهم يقومون بما يستطيعون من البيان والردود سواء عن طريق الكتابة والخطب والدروس والفتاوى والحمد لله .
فأقول : وبالله تعالى التوفيق .
أولا : إن الشيخ العلامة الأصولي محمد علي فركوس - حفظه الله - زكاه أهل الفضل والعلم ، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووا الفضل ، وليس مثل الشيخ من يحتاج إلى الدفاع عنه ، وبيان مكانته العلمية ، من مثلي وغيري بعد تزكية أهل العلم الكبار من أهل الحديث أهل الاختصاص في الجرح والتعديل العارفين بأسبابه المتكلمين بالعلم والعدل والورع ، فلا عبرة لمن يقع فيه ويطعن فيه بوقاحة وهو دون ذلك بمفاوز ، بل ربما لم يجلس يوما إلى عالم من العلماء ولم يذق طعم ذل العلم ساعة ، حتى طلع علينا بجرأة قبيحة ، وسوءة فضيحة أبان فيها عما كانت تنطوي عليه سريرته من غل وحقد وبغض ، فنفث نفثته المسمومة المذمومة يساند بها أهل الأهواء من كل جنس، ويؤلبهم على رمز من رموز العلم السلفيين ، وتجاهل حقيقة الشيخ وفضله على هذا البلد، وشعبه المسلم.
ثانيا : الشيخ محمد علي فركوس – حفظه الله –معروف بسيرته العلمية لدى العلماء السلفيين وطلبة العلم وحتى عوام المسلمين من أهل السنة بسلفيته وصحة معتقده وسلامة منهجه ، ومعروف بعلمه وأدبه وسمته الصالح ورزانته ، ومعروف بنشره للسنة ودفاعه عن منهج السلف الحق ، فلا يتكلم إلا بعلم ، ولا يسكت إلا عن حلم .
أما أنت يا حمداش فمجهول عند العلماء وطلبة العلم ، ولا تعرف بالعلم ، ولا أحد منهم زكاك أو أثنى عليك ولو بشيء قليل يخرجك من جهالتك العينية إلى جهالة الحال ، والذي يطلع على موقعك من طلاب العلم والمشايخ يعرف أنك حاطب ليل تهرف بما لا تعرف ، وأنك جمعت بين الإفراط والتفريط وبين الجفاء والتمييع ، طالب دنيا وجاه ، تنتقل من بدعة إلى أخرى ، تهلث وراء الشهرة والكراسي ، وانظر إلى أقوالك وأفعالك المصورة على اليوتوب من مظاهرات واعتصامات وما فيها من مخالفات لهدي الإسلام وهدي السلف الصالح ، وأنظر إلى خرجاتك إلى الشارع لتعلم أنك رجل شارع ولست رجل شرع ..ولا رجل علم يتقيد بنصوص الوحي.
ثالثا : يا زراوي أنت لم تظهر إلا في الفتن والفوضى والقلاقل مستغلا طيبة الشعب وعواطف الشباب السدج ، وأن الإعلام هو الذي نفخ فيك وأظهرك وإلا فأنت مغمور لا أحد يأبه لك أو يسمع بك قبل هذا . ومصداق ذلك أنظر إلى اللقاء الذي أجرته معك قناة الجزيرة وكيف تلاعب بك القوم وأجلسوك أمام الرأي العام العالمي مع امرأة متبرجة ، سافرة ، فلم تستح من ربك ولا من الجهور الذي يراك حتى من أتباعك وخرجت تنفث سمومك بجهل وتعالم .
رابعا: ما مثلك بطعنك في الشيخ إلا كمثل الوعل الذي أراد أن ينطح الصخرة في الجبل فتكسر قرنه ، فاعلم أن ذمك للشيخ ما زادة إلا رفعة عند أهل السنة السلفيين المعتدلين .
وأما أنت فما زادتك بذاءتك وجرأتك إلا خيبة وخسارة وذلة وحقارة ، وعرف الناس مكانتك وسلاطة لسانك بالقبح لأهل الفضل والعلم على غرار شيخك وصاحبك في الضلالة علي بن حاج ، الذي بارك تحزبك وخروجك عن فتاوى العلماء المعروفين بالعلم الذين ذموا الحزبية التي حذرنا الله منها في أكثر من عشرين موضعا في كتابه العزيز ، ولم يمدحها إلا في موضعين حيث جعل جميع المؤمنين حزبا واحدا وهو حزب الله تعالى في قوله : (( ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون))المائدة ، وقوله : (( رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون )) والمجادلة وفي غيرهما ذم الله التحزب .وسأفرده بمقال إن شاء الله.
خامسا : أسألك هذا السؤال الذي يقطع حجتك ، فهل أنت ومن بارك حزبك ( التلفي ) تمثلون حزب الله الغالب المفلح ، وغيركم من الأحزاب الأخرى التي تنتسب للإسلام ليست كذلك ؟ أم أنكم تباركونها ديمقراطيا ظاهرا وتضللونها باطنا وربما علنا ؟ أم أنكم جميعا تقطعتم أمركم بينكم كما قال تعالى : (( فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديه فرحون )) فأين أنتم من هذه الآية والتي قبلها التي تذم الحزبية أم عندكم قرآنا نسخها؟؟ ألا قاتل الله الجهل المركب والتعصب المقيت للهوى.
سادسا وأخيرا : أسوق هذا التذكير لأولئك الطاعنين عليه وعلى غيره من المشايخ والعلماء وطلبة العلم السلفيين في الجزائر وغيرها ... - والذكرى نافعة لأهل الخير- قال الله تعالى : (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) النساء (112).
قال أبو جعفر ابن جرير الطبري( 59/179)يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يعمل خطيئة، وهي الذنب(أو إثمًا)، وهو ما لا يحلّ من المعصية.
وإنما فرق بين (الخطيئة) و( الإثم )، لأن ( الخطيئة) قد تكون من قبل العَمْد وغير العمد، و( الإثم) لا يكون إلا من العَمْد، ففصل جل ثناؤه لذلك بينهما فقال: ومن يأت (خطيئة) على غير عمد منه لها ، أو ( إثمًا) على عمد منه.(ثم يرم به بريئًا) يعني: ثم يُضيف ما له من خطئه أو إثمه الذي تعمده ( بريئًا) مما أضافه إليه ونحله إياه( فقد احتمل بُهتانًا وإثمًا مبينًا) يقول: فقد تحمّل بفعله ذلك فريَة وكذبًا وإثمًا عظيمًا. يعني، وجُرْمًا عظيمًا، على علم منه وعمدٍ لما أتى من معصيته وذنبه.
و قوله:(فقد احتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا)، فإن معناه: فقد تحّمل - هذا الذي رمَى بما أتى من المعصية وركب من الإثم الخطيئة، مَنْ هو بريء مما رماه به.من ذلك( بهتانًا)، وهو الفرية والكذب ، (وإثمًا مبينًا)، يعني وِزْرًا مبينًا، يعني: أنه يبين عن أمر متحمِّله وجراءته على ربه، وتقدّمه على خلافه فيما نهاه عنه لمن يعرف أمرَه.
قال الشيخ السعدي - رحمه الله - وقوله:( وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً ) أي: ذنبا كبيرا (أَوْ إِثْمًا ) ما دون ذلك. ( ثُمَّ يَرْمِ بِهِ ) أي: يتهم بذنبه ( بَرِيئًا ) من ذلك الذنب، وإن كان مذنبا. (فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) أي: فقد حمل فوق ظهره بهتا للبريء وإثمًا ظاهرًا بينًا، وهذا يدل على أن ذلك من كبائر الذنوب وموبقاتها، فإنه قد جمع عدة مفاسد: كسب الخطيئة والإثم، ثم رَمْي مَن لم يفعلها بفعلها، ثم الكذب الشنيع بتبرئة نفسه واتهام البريء، ثم ما يترتب على ذلك من العقوبة الدنيوية، تندفع عمن وجبت عليه، وتقام على من لا يستحقها.ثم ما يترتب على ذلك أيضا من كلام الناس في البريء إلى غير ذلك من المفاسد التي نسأل الله العافية منها ومن كل شر.
وقال صلى الله عليه وسلم : << وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ >> رواه أبو داود (3/305) [ح3598]واللفظ له إلا أنه قال :<< ومن قال في مؤمن >> وأحمد (2/70 ) والطبراني بإسناد جيد نحوه ، وزاد في آخره :<< وليس بخارج >> ورواه الحاكم مطولا ومختصرا وقال في كل منها : صحيح الإسناد ، وقال الشيخ الألباني : صحيح ، الصحيحة ( 438 ).
وليعلم هذا الطاعن وأمثاله في العلماء بالباطل أن لحومهم مسمومة ، وإنما يتجرع السم الذي لا يخرجه من ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج ..
وليعلم أيضا أن النيل من العلماء سم قاتل يصيب مقاتل الواقع فيهم ، ويعود عليه بمجرد أن يحوم حولهم ويغمزهم قال الإمام أحمد فقال : لحوم العلماء مسمومة ، من شمها مرض ، ومن أكلها مات . من كتاب المعيد في أدب المفيد والمستفيد (ص 71) .
وقال الحسن بن ذكوان : وقد ذكر عنده رجل أحد العلماء بشيء . فقال لمن ذكر ذلك العالم ؛ مه لا تذكر العلماء بشيء فيميت الله قلبك ، ثم أنشأ يقول :
لحوم أهل العلم مسمومة - - - ومن يعاديهم يوما سريع الهلاك
فكن لأهل العلم عونا وإن - - - عاديتهـم يوما فخـذ ما أتاك . نفس المصدر السابق .
وليعلم أن الاستخفاف بالعلماء وعدم تقديرهم واحترامهم خطير العاقبة في الدنيا والآخرة ، قال ابن المبارك : من استخف بالعلماء ذهبت آخرته ، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه ، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته ـ سير أعلام النبلاء [ ج8/408] .
وليعلم أن الجناية على العلماء الربانيين أتباع السلف الصالح - تعتبر خرقة في الدين ، وضلال مبين ، فمن ثم قال الإمام الطحاوي - رحمه الله – في عقيدته : وعلماء السلف من السابقين ، ومن بعدهم من التابعين وأتباعهم من أهل الخير والأثر ، وأهل الفقه والنظر ـ لا يذكرون إلا بالخير ، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل ـ شرح الطحاوية بتحقيق الأرناؤوط [ ج2/140] .
هذا والله أسأل أن يتقبله مني خالصا لوجهه الكريم ، دفاعا عن المظلومين بصدق ، وعند الله يلتقي الخلق ، ويقضي الله بينهم في كل ما عظم ودق .
وصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه :أبو بكر يوسف لعويسي