ينبغي للإنسان أن يحب للناس ما يحب لنفسه ويعمل لهم كما يعمل لنفسه، وينبغي أن يستخير الله في أموره المشتبهة في نفعها وفي أيها يقدم، فإذا بان له الصواب؛ فليتوكل على الله وينجزها بهمة صادقة وعزيمة جازمة مستمرة؛ فبذلك ينجح و تتم الأمور، وينبغي أن يكون عمل العبد الديني والدنيوي منظما محكما يأتيه في طمأنينة وتأنِّ، وأن يكون معتدلا لا يميل إلى أحد الطرفين الناقصين: الغلو أو التقصير، الإسراف أو البخل، وينبغي أن يكون مستمعا أكثر مما يكون متكلما، إلا إذا ترجحت المصلحة في أن يكون متكلما لتعليم ونحوه، وينبغي أن يعَوِّد نفسه على الصبر والحلم وكظم الغيظ والعفو عن الناس ليحصل له الثواب، ويستريح باله.
وإياك والغل والحقد والحسد، وأكثر من الدعاء والتحقق بمعنى هذا الدعاء: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
[الحشر: 10]. وعليك أن تصغي إلى الناصحين وتبدي لهم الشكر أصابوا أو أخطئوا، وتكون سريع الرجوع عن أخطائك؛ فإن هذا عنوان الإخلاص والفضل. وإياك أن تثني على نفسك وتقدح في غيرك؛ فإن هذا عنوان النقص والحمق، وإذا عانيت عملا من الأعمال؛ فالزم الثبات عليه.
وإياك والملل والضجر؛ فإن هذا عنوان الفشل والخيبة، واحذر من الكبر والغرور واحتقار الخلق، وعليك بالتواضع والاهتمام بالخلق ورؤية فضل ذي الفضل منهم، واللين والبشاشة لكل أحد مع الإخلاص لله وإرادة إدخال السرور عليهم؛ ففي ذلك من المصالح والفوائد ما لا يعد ولا يحصى، وإذا غلبت في أمر من الأمور؛ فلا يستولي عليك الفشل، بل لا تزال قوي الإرادة إلى كل ما ينفعك في حالة الانتصار وحالة ضده.
وإياك والتحسر على الأمور الماضية التي لم تقدر لك من فقد صحة أو مال أو عمل دينوي ونحوها، وليكن همك في إصلاح عمل يومك؛ فإن الإنسان ابن يومه لا يحزن لما مضى ولا يتطلع للمستقبل حيث لا ينفعه التطلع، وعليك بالصدق والوفاء بالعهد والوعد والإنصاف في المعاملات كلها، وأداء الحقوق كاملة موفرة بنفس مطمئنة وإيمان صادق خالص، واشتغل بعيوبك وشؤونك عن عيوب الناس وشؤونهم، وعامل كل أحد بحسب ما يليق بحاله من كبير وصغير وذكر وأنثى ورئيس ومرؤوس، وكن دقيقا رحيما لكل أحد حتى للحيوان البهيم؛ فإنما يرحم الله من عباده الرحماء، وكن مقتصدا في أمورك كلها، وافتح ذهنك لكل فائدة دينية أو دنيوية.
وإياك والتعصب الذميم وسوء الظن الذي لا يبنى على أساس، وحاسب نفسك وسدد نقصك، واستغفر الله من تقصيرك وإفراطك.
المصدر: فوائد إشارة إلى إرشادة نافعة (152)
مجموع الفوائد واقتناص الأوابد
تأليف العلامة الإمام
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
1307 ـ 1376 هـ
وإياك والغل والحقد والحسد، وأكثر من الدعاء والتحقق بمعنى هذا الدعاء: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
[الحشر: 10]. وعليك أن تصغي إلى الناصحين وتبدي لهم الشكر أصابوا أو أخطئوا، وتكون سريع الرجوع عن أخطائك؛ فإن هذا عنوان الإخلاص والفضل. وإياك أن تثني على نفسك وتقدح في غيرك؛ فإن هذا عنوان النقص والحمق، وإذا عانيت عملا من الأعمال؛ فالزم الثبات عليه.
وإياك والملل والضجر؛ فإن هذا عنوان الفشل والخيبة، واحذر من الكبر والغرور واحتقار الخلق، وعليك بالتواضع والاهتمام بالخلق ورؤية فضل ذي الفضل منهم، واللين والبشاشة لكل أحد مع الإخلاص لله وإرادة إدخال السرور عليهم؛ ففي ذلك من المصالح والفوائد ما لا يعد ولا يحصى، وإذا غلبت في أمر من الأمور؛ فلا يستولي عليك الفشل، بل لا تزال قوي الإرادة إلى كل ما ينفعك في حالة الانتصار وحالة ضده.
وإياك والتحسر على الأمور الماضية التي لم تقدر لك من فقد صحة أو مال أو عمل دينوي ونحوها، وليكن همك في إصلاح عمل يومك؛ فإن الإنسان ابن يومه لا يحزن لما مضى ولا يتطلع للمستقبل حيث لا ينفعه التطلع، وعليك بالصدق والوفاء بالعهد والوعد والإنصاف في المعاملات كلها، وأداء الحقوق كاملة موفرة بنفس مطمئنة وإيمان صادق خالص، واشتغل بعيوبك وشؤونك عن عيوب الناس وشؤونهم، وعامل كل أحد بحسب ما يليق بحاله من كبير وصغير وذكر وأنثى ورئيس ومرؤوس، وكن دقيقا رحيما لكل أحد حتى للحيوان البهيم؛ فإنما يرحم الله من عباده الرحماء، وكن مقتصدا في أمورك كلها، وافتح ذهنك لكل فائدة دينية أو دنيوية.
وإياك والتعصب الذميم وسوء الظن الذي لا يبنى على أساس، وحاسب نفسك وسدد نقصك، واستغفر الله من تقصيرك وإفراطك.
المصدر: فوائد إشارة إلى إرشادة نافعة (152)
مجموع الفوائد واقتناص الأوابد
تأليف العلامة الإمام
عبد الرحمن بن ناصر السعدي
1307 ـ 1376 هـ