المطويات الدعوية ...197
الحقد
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله :
الحقد اصطلاحا:
قال الجرجانيّ: الحقد: هو طلب الانتقام، وتحقيقه: أنّ الغضب إذا لزم كظمه لعجز عن التشفّي في الحال رجع إلى الباطن واحتقن فيه فصار حقدا التعريفات ص 95.
الألفاظ المرادفة أو المقاربة للحقد:
وردت في اللغة ألفاظ عديدة يقترب معناها من الحقد بمعناه الاصطلاحيّ، وربّما استعملت في نفس معناه منها:
1- الضغينة: إذا فسّرت كما سبق بأنّها الحقد الشديد أو الحقد المصحوب بالعداوة (الظاهرة).
2- النقمة: وهي الكراهية الّتي تصل إلى حدّ السخط.
3- الغلّ: وممّن استعمل ذلك القرطبيّ في تفسيره عندما قال: الغلّ: هو الحقد الكامن في الصّدر.
4- الدخن: وممّن استعمل الدخن في معنى الحقد أو فسّره به ابن حجر في الفتح عندما قال:
الدخن: وهو الحقد.
5- الدخل: قال الفرّاء: هو الدغل والخديعة والمكر، وقال أبو عبيدة: هو الغلّ والغشّ.
6- الغشّ (المتعلّق بالقلب).
7- البغضاء.
8- الداغلة: قال في اللسان: هي الحقد المكتتم ، ومثلها الدغل.
سبب الحقد وعلاجه:
إنّ من آذاه شخص بسبب من الأسباب، وخالفه في غرضه بوجه من الوجوه، أبغضه قلبه وغضب عليه، ورسخ في قلبه الحقد عليه، والحقد يقتضي التشفّي والانتقام، فإن عجز المبغض (الحقود) أن يتشفّى بنفسه أحبّ أن يتشفّى من خصمه الزمان، وقد يحدث الحقد بسبب خبث النفس وشحّها بالخير لعباد اللّه تعالى.
أمّا علاج الحقد فيكمن أوّلا في القضاء على سببه الأصليّ وهو الغضب ، فإذا حدث ذلك الغضب ولم تتمكّن من قمعه بالحلم وتذكّر فضيلة كظم الغيظ ونحوهما، فإنّ الشعور بالحقد يحتاج إلى مجاهدة النفس والزهد في الدنيا، وعليه أن يحذّر نفسه عاقبة الانتقام، وأن يعلم أنّ قدرة اللّه عليه أعظم من قدرته، وأنّه سبحانه بيده الأمر والنهي لا رادّ لقضائه ولا معقّب لحكمه، هذا من ناحية العلم، أمّا من حيث العمل فإنّ من أصابه داء الحقد فإنّ عليه أن يكلّف نفسه أن يصنع بالمحقود عليه ضدّ ما اقتضاه حقده فيبدّل الذمّ مدحا، والتكبّر تواضعا، وعليه أن يضع نفسه في مكانه ويتذكّر أنّه يحبّ أن يعامل بالرّفق والودّ فيعامله كذلك. إنّ العلاج الأنجع لهذا الدّاء يستلزم أيضا من المحقود عليه إن كان عاديا على غيره أن يقلع عن غيّه ويصلح سيرته، وأن يعلم أنّه لن يستلّ الحقد من قلب خصمه إلّا إذا عاد عليه بما يطمئنه ويرضيه وعليه أن يصلح من شأنه ويطيّب خاطره، وعلى الطرف الآخر أن يلين ويسمح ويتقبّل العذر، وبهذا تموت الأحقاد وتحلّ المحبّة والألفة.
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (الحقد)
1-قال: عثمان- رضي اللّه عنه- ما أسرّ أحد سريرة إلّا أظهرها اللّه- عزّ وجلّ- على صفحات وجهه وفلتات لسانه.
2-قال زيد بن أسلم- رضي اللّه عنه-:
دخل على أبي دجانة وهو مريض، وكان وجهه يتهلّل، فقيل له: ما لوجهك يتهلّل؟ فقال: ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين: كنت لا أتكلّم فيما لا يعنيني، أمّا الأخرى فكان قلبي للمسلمين سليما.
3- وقال قتادة- رضي اللّه عنه- في تفسير قوله تعالى: إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ (محمد/ 37): قد علم اللّه أنّ في سؤال الأموال خروج الأضغان.
4- ذكر الذّهبيّ أنّ أبا إسحاق (الشيرازيّ) نزع عمامته- وكانت بعشرين دينارا- وتوضّأ في دجلة، فجاء لصّ فأخذها، وترك عمامة رديئة بدلها، فطلع الشيخ فلبسها، وما شعر حتّى سألوه وهو يدرّس، فقال: لعلّ الّذي أخذها محتاج.
5- قال ابن كثير في قوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ (محمد/ 29): والأضغان جمع ضغن وهو ما في النفوس من الحسد والحقد للإسلام وأهله والقائمين بنصره.
6- قال ابن عقيل: للإيمان روائح ولوائح لا تخفى على اطّلاع مكلّف وذلك بالتّلمّح للمتفرّس، وقلّ أن يضمر مضمر شيئا إلّا وظهر مع الزّمان على فلتات لسانه وصفحات وجهه.
7- قال الشيخ تقيّ الدين بن تيميّة- رحمه اللّه- معلّقا على الحديث «ألا إنّ فى الجسد مضغة ...»: أخبر أنّ صلاح القلب مستلزم لصلاح سائر الجسد، وفساده مستلزم لفساده، فإذا رأى أحد ظاهر الجسد فاسدا غير صالح علم أنّ القلب ليس بصالح بل فاسد، ويمتنع فساد الظاهر مع صلاح الباطن كما يمتنع صلاح الظاهر مع فساد الباطن، إذ كان صلاح الظاهر وفساده ملازما لصلاح الباطن وفساده.
8- قال: ابن القيّم- رحمه اللّه تعالى-: من أراد صفاء قلبه فليؤثر اللّه على شهواته، إذ القلوب المتعلّقة بالشّهوات محجوبة عن اللّه تعالى بقدر تعلّقها، القلوب آنية اللّه في أرضه، فأحبّها إليه أرقّها وأصلبها وأصفاها، وإذا غذّي القلب بالتّذكّر وسقي بالتّفكّر ونقّي من الدغل رأى العجائب وألهم الحكمة.
من مضار (الحقد)
(1) الحقد يفضي إلى التنازع والتقاتل واستغراق العمر في غمّ وحزن.
(2) الحقد مرض عضال من أمراض القلب، يخشى معه أن يتسرّب الإيمان من هذا القلب المريض.
(3) الأحقاد نزغ من عمل الشيطان لا يستجيب له إلّا من خفّت أحلامهم وطاشت عقولهم.
(4) الحقد مصدر للعديد من الرذائل مثل الحسد والافتراء والبهتان والغيبة.
(5) في الحقد دليل على غباء صاحبه ووضاعته لأنّه ينظر إلى الأمور نظرة قاصرة لا تجاوز شهواته الخاصّة.
(6) الحقد يغضب الربّ عزّ وجلّ ويؤدّي بصاحبه إلى الخسران المبين في الدنيا والآخرة.
(7) الحاقد قلق النفس دائما لا يهدأ له بال طالما رأى نعمة اللّه يسعد بها سواه.
( الحاقد ساقط الهمّة، ضعيف النفس، واهن العزم، كليل اليد.
(9) الحاقد رجل مضلّل ضائع، مخطيء في تقديره فهو محصور التفكير في الدنيا ومتاعها ويتّبع بالغيظ من نال منها حظّا أوفر.
(10) الحاقد جاهل بربّه وبسننه في هذا الكون، لأنّ للّه حكما قد لا تظهر فى التوّ واللحظة، وقد يكون ما ظنّه الحاقد نعمة فاتته وأدركت غيره مجرّد ابتلاء واختبار تجلب على صاحبها من العناء ما لا يطيقه الحاقد الّذي يتمنّاها.
(11) الحقد يظهر عيوب الإنسان ويكشف عن الداء الدفين فيه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
من موسوعة روضة النعيم
أعد المطويات: أبو أسامة سمير الجزائري
قدم لها الشيخ: علي الرملي حفظه الله المشرف العام على شبكة الدين القيم
مدونة المطويات
http://www.ahlos-sunnah.com/matwyat
قدم لها الشيخ: علي الرملي حفظه الله المشرف العام على شبكة الدين القيم
مدونة المطويات
http://www.ahlos-sunnah.com/matwyat