إعـــــــلان

تقليص
1 من 3 < >

تحميل التطبيق الرسمي لموسوعة الآجري

2 من 3 < >

الإبلاغ عن مشكلة في المنتدى

تساعدنا البلاغات الواردة من الأعضاء على منتدى الآجري في تحديد المشكلات وإصلاحها في حالة توقف شيء ما عن العمل بشكل صحيح.
ونحن نقدّر الوقت الذي تستغرقه لتزويدنا بالمعلومات عبر مراسلتنا على بريد الموقع ajurryadmin@gmail.com
3 من 3 < >

فهرسة جميع الشروح المتوفرة على شبكة الإمام الآجري [مبوبة على حسب الفنون] أدخل يا طالب العلم وانهل من مكتبتك العلمية

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه - وعلى آله ومن ولاه وبعد :

فرغبة منا في تيسير العلم واشاعته بين طلابه سعينا لتوفير جميع المتون وشروحها المهمة لتكوين طلبة العلم ، وقد قطعنا شوطا لابأس به في ذلك ولله الحمد والمنة وحده ، إلا أنه إلى الآن يعاني بعض الأعضاء والزوار من بعض الصعوبات في الوصول للشروح والمتون المرادة لتداخل الشروح أو لقلة الخبرة التقنية .

من أجل هذا وذاك جاء هذا الموضوع ليكون موضوعا مرجعا جامعا مرتبا بإذن الله لكل المواد العلمية الموضوعة حاليا في شبكتنا ومرتبا على حسب أبواب الفنون العلمية (العقيدة، الفقه، الحديث،...)وسنحاول أيضا ترتيبها على مستويات الطلب (المبتدئ ، المتوسط ، المنتهي) سيتم تحديثه تبعا بعد إضافة أي شرح جديد .

من هـــــــــــنا
شاهد أكثر
شاهد أقل

فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [فوائد مستخلصة] فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.

    بسم الله الرحمن الرحيم
    فوائد منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.
    الفائدة الأولى:

    الفائدة الأولى
    لله تعالى على العبد عبودية الضراء وله عبودية عليه فيما يكره كما له عبودية فيما يحب
    وأكثر الخلق يعطون العبودية فيما يحبون والشأن في إعطاء العبودية في المكاره ففيه تفاوت مراتب العباد وبحسبه كانت منازلهم عند الله تعالى
    فالوضوء بالماء البارد في شدة الحر عبودية ومباشرة زوجته الحسناء التي يحبها عبودية ونفقته عليها وعلى عياله ونفسه عبودية
    هذا والوضوء بالماء البارد في شدة البرد عبودية وتركه المعصية التي اشتدت دواعي نفسه إليها من غير خوف من الناس عبودية ونفقته في الضراء عبودية
    ولكن فرق عظيم بين العبودتين فمن كان عبدا لله في الحالتين قائما بحقه في المكروه والمحبوب فذلك الذي تناوله قوله تعالى : { أليس الله بكاف عبده } وفي القراءة الأخرى { عبادة } وهما سواء لأن المفر مضاف فينعم عموم الجمع فالكفاية التامة مع العبودية التامة والناقصة فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .

    يتبع

  • #2
    رد: فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.

    الفائدة الثانية
    إذا أراد الله بعبده خيرا فتح له من أبواب ( التوبة ) والندم والانكسار والذل والافتقار والاستعانة به وصدق اللجأ إليه ودوام التضرع والدعاء والتقرب إليه بما أمكن من الحسنات ما تكون تلك السيئة به رحمته حتى يقول عدو الله : يا ليتني تركته ولم أوقعه
    وهذا معنى قول بعض السلف : إن العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة ويعمل الحسنة يدخل بها النار قالوا : كيف ؟ قال : يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه منه مشفقا وجلا باكيا نادما مستحيا من ربه تعالى ناكس الرأس بين يديه منكسر القلب له فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بما ترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنة
    ويفعل الحسنة فلا يزال يمن بها على ربه ويتكبر بها ويرى نفسه ويعجب بها ويستطيل بها ويقول فعلت وفعلت فيورثه من العجب والكبر والفخر والاستطالة ما يكون سبب هلاكه فإذا أراد الله تعالى بهذا المسكين خيرا ابتلاه بأمر يكسره به ويذل به عنقه ويصغر به نفسه عنده وإن أراد به غير ذلك خلاه وعجبه وكبره وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه.

    الفائدة الثالثة
    قال شيخ الإسلام : العارف يسير إلى الله بين مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل وهذا معنى قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح من حديث بريدة رضي الله تعالى عنه (( سيد الاستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )) فجمع في قوله صلي الله عليه وسلم أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي مشاهدة المنة ومطالعة عيب النفس والعمل
    فمشاهدة المنة توجب له المحبة والحمد والشكر لولي النعم والإحسان ومطالعة عيب النفس والعمل توجب له الذل والانكسار والافتقار والتوبة في كل وقت وأن لا يرى نفسه إلا مفلسا وأقرب باب دخل منه العبد على الله تعالى هو الإفلاس فلا يرى لنفسه حالا ولا مقاما ولا سببا يتعلق به ولا وسيلة منه يمن بها بل يدخل على الله تعالى من باب الافتقار الصرف والافلاس المحض... ولا طريق إلى الله أقرب من العبودية ولا حجاب أغلظ من الدعوى والعبودية مدارها على قاعدتين هما أصلها : حب كامل وذل تام ومنشأ هذين الأصلين عن ذينك الأصلي المتقدمين وهما مشاهدة المنة التي تورث المحبة ومطالعة عيب النفس والعمل التي تورث الذل التام وإذا كان العبد قد بنى سلوكه إلى الله تعالى على هذين الأصلين لم يظفر عدوه به إلا على غره وغيلة وما أسرع ما ينعشه الله عز و جل ويجبره ويتداركه برحمته

    الفائدة الرابعة
    وقد قضى الله تعالى قضاء لا يرد ولا يدفع أن من أحب شيئا سواه عذب به ولا بد وأن من خاف غيره سلط عليه وأن من اشتغل بشيء غيره كان شؤما عليه ومن آثر غيره عليه لم يبارك فيه ومن أرضى غيره بسخطه أسخطه عليه ولا بد.

    تعليق


    • #3
      رد: فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.

      الفائدة الخامسة
      الحسنات والسيئات تتدافع وتتقابل ويكون الحكم فيها للغالب
      الحسنات والسيئات تتدافع وتتقابل ويكون الحكم فيها للغالب وهو يقهر المغلوبين ويكون الحكم له حتى كان المغلوب لم يكن، فإذا غلبت على العبد الحسنات رفعت حسناته الكثيرة سيئاته ومتى تاب من السيئة ترتبت على توبته منها حسنات كثيره قد تربى وتزيد على الحسنة التي حبطت بالسيئة فإذا عزمت التوبة وصحت ونشأت من صميم القلب أحرقت ما مرت عليه من السيئات حتى كأنها لم تكن فإن التائب من الذنب لا ذنب له
      وقد سأل حكيم بن حزام رضى الله عنه النبي صلى الله عليه و سلم عن عتاقة وصلة وبر فعله في الشرك : هل يثاب عليه ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم (( أسلمت على ما أسلفت )) من خير فهذا يقتضي أن الاسلام أعاد عليه ثواب تلك الحسنات التي كانت باطلة بالشرك فلما تاب من الشرك عاد إليه ثواب حسناته المتقدمة فهكذا إذا تاب العبد توبة نصوحا صادقة خالصة أحرقت ما كان قبلها من السيئات وأعادت عليه ثواب حسناته

      قال الشاعر :
      ( لعل عتبك محمود عواقبه ... وربما صحت الأجسام بالعلل

      الفائدة السادسة
      دلائل تعظيم الأمر والنهي )
      وأما علامات تعظيم المناهي فالحرص على التباعد من مظانها وأسبابها وما يدعو إليها ومجانبة كل وسيلة تقرب منها كمن يهرب من الأماكن التي فيها الصور التي تقع بها الفتنة خشية الافتتان بها وأن يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس وأن يجانب الفضول من المباحثات خشية الوقوع في المكروه ومجانبة من يجاهر بارتكابها ويحسنها ويدعو اليها ويتهاون بها ولا يبالي ما ركب منها فإن مخالطة مثل هذا داعية إلى سخط الله ومن علامات تعظيم النهي أن يغضب لله عز و جل إذا انتهكت محارمه وأن يجد في قلبه حزنا وكسرة إذا عصى الله تعالى في أرضه ومن علامات تعظيم الأمر والنهي أن لا يسترسل مع الرخصة إلى حد يكون صاحبه جافيا غير مستقيم على المنهج الوسط .... فحقيقة التعظيم للامر والنهي أن لا يعارضا بترخص جاف ولا يعرضا لتشديد غال فإن المقصود هو الصراط المستقيم الموصل إلى الله عز و جل.

      ومن علامات تعظيم الأمر والنهي أن لا يحمل الأمر على علة تضعف الانقياد والتسليم لأمر الله عز و جل بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه ممتثلا ما أمر به سواء ظهرت له حكمته أو لم تظهر فإن ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه حمله ذلك على مزيد الانقياد والتسليم ولا يحمله ذلك على الانسلاخ منه وتركه.

      تعليق


      • #4
        رد: فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.


        الفائدة السابعة

        ( الشيطان والنفس والهوى )ثلاثة مسلطون آمرون فيبعثون الجوارح في قضاء وطرهم والجوارح آلة منقادة فلا يمكنها إلا الانبعاث فهذا شأن هذه الثلاثة وشأن الجوارح فلا تزال الجوارح في طاعتهم كيف أمروا وأين يمموا
        هذا مقتضى حال العبد فاقتضت رحمة ربه العزيز الرحيم به أن أعانه بجند آخر وأمده بمدد آخر يقاوم به هذا الجند الذي يريد هلاكه فأرسل إليه رسوله وأنزل عليه كتابه وأيده بملك كريم يقابل عدوه الشيطان فإذا أمره الشيطان بأمر أمره الملك بأمر ربه وبين له ما في طاعة العدو من الهلاك فهذا يلم به مرة وهذا مرة والمنصور من نصره الله عز و جل والمحفوظ من حفظه الله تعالى وجعل له مقابل نفسه الأمارة نفسا مطمئنة إذا أمرته النفس الأمارة بالسوء نهته عنه النفس المطمئنة وإذا نهته الأمارة عن الخير أمرته به النفس المطمئنة فهو يطيع هذه مرة وهذه مرة وهو الغالب منهما وربما انقهرت إحداهما بالكلية قهرا لا تقوم معه أبدا وجعل له مقابل الهوى الحامل له على طاعة الشيطان والنفس الأمارة ( نورا وبصيرة وعقلا يرده ) عن الذهاب مع الهوى فكلما أراد أن يذهب مع الهوى ناداه العقل والبصيرة والنور : الحذر الحذر فإن المهالك والمتالف بين يديك وأنت صيد الحرامية وقطاع الطريق إن سرت خلف هذا الدليل فهو يطيع الناصح مرة فيبن له رشده ونصحه ويمشي خلف دليل الهوى مرة فيقطع عليه الطريق ويؤخذ ماله ويسلب ثيابه فيقول : ترى من أين أتيت ؟
        والعجب أنه يعلم من أين أتي ويعرف الطريق التي قطعت عليه وأخذ فيها ويأبى إلا سلوكها لأن دليلها قد يمكن منه وتحكم فيه وقوي عليه ولو أضعفه بالمخالفة له وزجره إذا دعاه ومحاربته إذا أراد أخذه لم يتمكن منه ولكن هو مكنه من نفسه وهو أعطاه يده فهو بمنزلة الرجل يضع يده في يد عدوه فيباشر ثم يساومه سوء العذاب فهو يستغيث فلا يغاث فهكذا يستأسر للشيطان والهوى ولنفسه الأمارة ثم يطلب الخلاص فيعجز عنه فلما أن بلي العبد بما بلي به أعين بالعساكر والعدد والحصون وقيل : قاتل عدوك وجاهده فهذه الجنود خذ منها ما شئت وهذه الحصون تحصن بأي حصن شئت منها ورابط إلى الموت فالأمر قريب ومدة المرابطة يسيرة جدا فكأنك بالملك الأعظم وقد أرسل إليك رسله فنقلوك إلى داره واسترحت من هذا الجهاد وفرق بينك وبين عدوك وأطلقت في دار الكرامة تتقلب فيها كيف شئت وسجن عدوك في أصعب الحبوس وأنت تراه فالسجن الذي كان يريد أن يودعك فيه قد أدخله وأغلقت عليه أبوابه وأيس من الروح والفرج وأنت فيما اشتهت نفسك وقرت عينك جزاء على صبرك في تلك المدة اليسيرة ولزومك الثغر للرباط وما كانت إلا ساعة ثم انقضت وكأن الشدة لم تكن فإن ضعفت النفس عن ملاحظة قصر الوقت وسرعة انقضائه فليتدبر قوله عز و جل : { كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة

        تعليق


        • #5
          رد: فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.

          الفائدة الثامنة
          ( أنواع القلوب )

          القلوب ثلاثة : قلب خال من الإيمان وجميع الخير فذلك قلب مظلم قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه لأنه قد اتخذ بيتا ووطنا وتحكم فيه بما يريد وتمكن منه غاية التمكن
          القلب الثاني : قلب قد استنار بنور الإيمان وأوقد فيه مصباحه لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الاهوية فللشيطان هنالك إقبال وإدبار ومجالات ومطامع فالحرب دول وسجال وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة فمنهم من أوقات غلبته لعدوه أكثر ومنهم من أوقات غلبة عدوه له أكثر ومنهم من هو تارة وتارة
          ( القلب الثالث ) قلب محشو بالإيمان قد استنار بنور الإيمان وانقشعت عنه حجب الشهوات وأقلعت عنه تلك الظلمات فلنوره في صدره إشراق ولذلك الإشراق إيقاد لو دنا منه الوسواس احترق به فهو كالسماء التي حرست بالنجوم فلو دنا منها الشيطان يتخطاها رجم فاحترق وليست السماء بأعظم حرمة من المؤمن وحراسة الله تعالى له أتم من حراسة السماء والسماء متعبد الملائكة ومستقر الوحي وفيها أنوار الطاعات وقلب المؤمن مستقر التوحيد والمحبة والمعرفة والإيمان وفيه أنوارها فهو حقيق أن يحرس ويحفظ من كيد العدو فلا ينال منه شيئا إلا خطفه.


          الفائدة التاسعة
          استطابة الله عز وجل لا تماثل استطابة المخلوقين
          ....عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم [ كل عمل ابن آدم له إلا الصيام والصيام لي وأنا أجزي به ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ]....
          ومن المعلوم أن أطيب ما عند الناس من الرائحة رائحة المسك فمثل النبي صلى الله عليه و سلم هذا الخلوف عند الله تعالى بطيب رائحة المسك عندنا وأعظم ونسبة استطابة ذلك إليه سبحانه وتعالى كنسبة سائر صفاته وأفعاله إليه فإنها استطابة لا تماثل استطابة المخلوقين كما أن رضاه وغضبه وفرحه وكراهته وحبه وبغضه لا تماثل ما للمخلوق من ذلك كما أن ذاته سبحانه وتعالى لا تشبه ذوات خلقه وصفاته لا تشبه صفاتهم وأفعالهم وهو سبحانه وتعالى يستطيب الكلم الطيب فيصعد إليه والعمل الصالح فيرفعه وليست هذه الاستطابة كاستطابتنا ....
          : وفصل النزاع في المسألة أن يقال : حيث أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بأن ذلك الطيب يكون يوم القيامة فلأنه الوقت الذي يظهر فيه ثواب الأعمال وموجباتها من الخير والشر فيظهر للخلق طيب ذلك الخلوف على المسك كما يظهر فيه رائحة دم المكلوم في سبيله كرائحة المسك وكما تظهر فيه السرائر وتبدو على الوجوه وتصير علانية ويظهر فيه قبح رائحة الكفار وسواد وجوههم وحيث أخبر بأن ذلك حين يخلف وحين يمسون فلأنه وقت ظهور أثر العبادة ويكون حينئذ طيبها على ريح المسك عند الله تعالى وعند ملائكته وإن كانت تلك الرائحة كريهة للعباد فرب مكروه عند الناس محبوب عند الله تعالى وبالعكس فإن الناس يكرهونه لمنافرته طباعهم والله تعالى يستطيبه ويحبه لموافقته أمره ورضاه ومحبته فيكون عنده أطيب من ريح المسك عندنا فإذا كان يوم القيامة ظهر هذا الطيب للعباد وصار علانية وهكذا سائر آثار الأعمال من الخير والشر
          وإنما يكمل ظهورها ويصير علانية في الآخرة وقد يقوى العمل ويتزايد حتى يستلزم ظهور بعض أثره على العبد في الدنيا في الخير والشر كما هو مشاهد بالبصر والبصيرة
          قال ابن عباس : أن للحسنة ضياء في الوجه ونورا في القلب وقوة في البدن وسعة في الرزق ومحبة في قلوب الخلق وإن للسيئة سوادا في الوجه وظلمة في القلب ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغضة في قلوب الخلق وقال عثمان بن عفان : ما عمل رجل عملا إلا ألبسه الله رداءه إن خيرا فخير وإن شرا فشر وهذا أمر معلوم يشترك فيه وفي العلم به أصحاب البصائر وغيرهم حتى إن الرجل الطيب البر لتشم منه رائحة طيبة وإن لم يمس طيبا فيظهر طيب رائحة روحه على بدنه وثيابه والفاجر بالعكس والمزكوم الذي أصابه الهوى لا يشم لا هذا ولا هذا بل زكامه يحمله على الإنكار فهذا فصل الخطاب في هذه المسألة والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

          تعليق


          • #6
            رد: فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.

            الفائدة العاشرة
            قوله صلى الله عليه و سلم [ لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ] ليس المراد تقييد نفي الإيمان المطلق عنه حالة مباشرة تلك الأفعال فقط بحيث إذا كملت مباشرته وانقطع فعله عاد إليه الإيمان بل هذا النفي مستمر إلى حين التوبة وإلا فما دام مصرا وإن لم يباشر الفعل فالنفي لاحق به ولا يزول عنه اسم الذنب والأحكام المترتبة على المباشرة إلا بالتوبة النصوح والله سبحانه وتعالى أعلم

            تعليق


            • #7
              رد: فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.

              الفائدة الحادي عشر
              الفرق بين الشح والبخل
              الفرق بين الشح والبخل أن الشح هو شدة الحرص على الشيء والاحفاء في طلبه والاستقصاء في تحصيله وجشع النفس عليه والبخل منع إنفاقه بعد حصوله وحبه وإمساكه فهو شحيح قبل حصوله بخيل بعد حصوله فالبخل تمرة الشح والشح يدعو إلى البخل والشح كامن في النفس فمن بخل فقد أطاع شحه ومن لم يبخل فقد عصي شحه ووقي شره وذلك هو المفلح { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون }والسخي قريب من الله تعالى ومن خلقه ومن أهله وقريب من الجنة وبعيد من النار والبخيل بعيد من خلقه بعيد من الجنة قريب من النار فجود الرجل يحببه إلى أضداده وبخله يبغضه إلى أولاده :
              ( ويظهر عيب المرء في الناس ... بخله ويستره عنهم جميعا سخاؤه )
              ( تغط بأثواب السخاء فإنني ... أرى كل عيب فالسخاء غطاؤه )
              ( وقارن إذا قارنت حرا فإنما ... يزين ويزري بالفتى قرناؤه )
              ( وأقلل إذا ... ما اسطعت قولا فإنه إذا قل قول المرء قل خطاؤه )
              ( إذا قل مال المرء قل صديقه ... وضاقت عليه أرضه وسماؤه )
              ( وأصبح لا يدري وأن كان حازما ... أقدامه خير له أم وراؤه )
              ( إذا المرء لم يختر صديقا لنفسه فناد به في الناس هذا جزاؤه )

              تعليق


              • #8
                رد: فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.

                الفائدة الثانية عشر
                النفوس كلبية وسبعية وملكية
                فالكلبية تقنع بالعظم والكسرة والجيفة والقذرة والسبعية لا تقنع بذلك بل بقهر النفوس تريد الاستيلاء عليها بالحق والباطل وأما الملكية فقد ارتفعت عن ذلك وشمرت إلى الرفيق الأعلى فهمتها العلم والإيمان ومحبة الله تعالى والإنابة إليه وإيثار محبته ومرضاته وإنما تأخذ من الدنيا ما تأخذ منه لتستعين به على الوصول إلى فاطرها وربها ووليها لا لتنقطع به عنه.


                الفائدة الثالثة عشر
                من فوائد الذكر انه يجمع المتفرق ويفرق المجتمع ويقرب البعيد ويبعد القريب فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته وهمومه وعزومه والعذاب كل العذاب في تفرقتها وتشتتها عليه وانفراطها له والحياة والنعيم في اجتماع قلبه وهمه وعزمه وإرادته،
                ويفرق ما اجتمع عليه من الهموم والغموم والأحزان والحسرات على فوت حظوظه ومطالبه ويفرق أيضا ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره حتى تتساقط عنه وتتلاشى وتضمحل ويفرق أيضا ما اجتمع على حربه من جند الشيطان فإن إبليس لا يزال يبعث له سرية وكلما كان أقوى طلبا لله سبحانه وتعالى وأمثل تعلقا به وإرادة له كانت السرية أكثف وأكثر وأعظم شوكة بحسب ما عند العبد من مواد الخير والإرادة ولا سبيل إلى تفريق هذا الجمع إلا بدوام الذكر
                وأما تقريبه البعيد فإنه يقرب إليه الآخرة التي يبعدها منه الشيطان والأمل فلا يزال يلهج بالذكر حتى كأنه قد دخلها وحضرها فحينئذ تصغر في عينه الدنيا وتعظم في قلبه الآخرة ويبعد القريب إليه وهي الدنيا التي هي أدنى إليه من الآخرة فإن الآخرة متى قربت من قلبه بعدت منه الدنيا كلما قربت منه هذه مرحلة بعدت منه هذه مرحلة ولا سبيل إلى هذا إلا بدوام الذكر
                وكذلك إن في الاشتغال بالذكر اشتغالا عن الكلام الباطل من الغيبة واللغو ومدح الناس وذمهم وغير ذلك فإن الإنسان لا يسكت البتة : فإما لسان ذاكر وإما لسان لاغ ولا بد من أحدهما فهي النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل وهو القلب إن لم تسكنه محبة الله عز و جل سكنه محبة المخلوقين ولا بد فاختر لنفسك إحدى الخطتين وأنزلهها في إحدى المنزلتين.

                تعليق


                • #9
                  رد: فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.

                  الفائدة الرابعة عشر



                  من أنواع الذكر ( الخبر عن الرب تعالى بأحكام أسمائه وصفاته ) نحو قولك : الله عز و جل يسمع أصوات عباده ويرى حركاتهم ولا تخفى عليه خافية من أعمالهم وهو أرحم بهم من آبائهم وأمهاتهم وهو على كل شيء قدير وهو أفرح بتوبة عبده من الفاقد راحلته ونحو ذلك؛وأفضل هذا النوع الثناء عليه بما أثنى به على نفسه وبما أثنى به رسول الله صلى الله عليه و سلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تشبيه ولا تمثيل وهذا النوع أيضا ثلاثة أنواع : حمد وثناء ومجدفالحمد لله الإخبار عنه بصفات كماله سبحانه وتعالى مع محبته والرضاء به فلا يكون المحب الساكت حامدا ولا المثني بلا محبة حامدا حتى تجتمع له المحبة والثناءفإن كرر المحامد شيئا بعد الشيء كانت ثناء فإن كان المدح بصفات الجلال والعظمة والكبرياء والملك كان مجدا وقد جمع الله تعالى لعبده الأنواع الثلاثة في أول الفاتحة فإذا قال العبد : { الحمد لله رب العالمين } قال الله تعالى : حمدني عبدي وإذا قال : { الرحمن الرحيم } قال : أثنى علي عبدي وإذا قال : { مالك يوم الدين } قال : مجدني عبدي.

                  تعليق


                  • #10
                    رد: فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.

                    الفائدة الخامسة عشر
                    ذكر الله يكون بالقلب واللسان تارة وذلك أفضل الذكر وبالقلب وحده تارة وهي الدرجة الثانية وباللسان وحده تارة وهي الدرجة الثالثة فأفضل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان وإنما كان ذكر القلب وحده أفضل من ذكر اللسان وحده لأن ذكر القلب يثمر المعرفة ويهيج المحبة ويثير الحياء ويبعث على المخافة ويدعو إلى المراقبة ويزع عن التقصير في الطاعات والتهاون في المعاصي والسيئات وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئا منها فثمرته ضعيفة.

                    تعليق


                    • #11
                      رد: فوائد قيمة منتقاة من كتاب الوابل الصيب لابن قيم رحمه الله تعالى.

                      الفائدة السادسة عشر
                      قراءة القرآن أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الدعاء

                      هذا من حيث النظر لكل منهما مجردا وقد يعرض للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل فلا يجوز أن يعدل عنه إلى الفاضل وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما بل القراءة فيهما منهي عنها نهي تحريم أو كراهة وكذلك التسبيح والتحميد في محلهما أفضل من القراءة وكذلك التشهد وكذلك [ رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني ] بين السجدتين أفضل من القراءة وكذلك الذكر عقيب السلام من الصلاة ـ ذكر التهليل والتسبيح والتكبير والتحميد ـ أفضل من الاشتغال عنه بالقراءة وكذلك إجابة المؤذن والقول كما يقول أفضل من القراءة
                      وإن كان فضل القرآن على كل كلام كفضل الله تعالى على خلقه لكن لكل مقام مقال متى فات مقاله فيه وعدل عنه إلى غيره اختلت الحكمة وفقدت المصلحة المطلوبة منه

                      وهكذا الأذكار المقيدة بمحال مخصوصة أفضل من القراءة المطلقة والقراءة المطلقة أفضل من الأذكار المطلقة اللهم إلا أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القرآن مثاله أن يتفكر في ذنوبه فيحدث ذلك له توبة من استغفار أو يعرض له ما يخاف أذاه من شياطين الإنس والجن فيعدل إلى الأذكار والدعوات التي تحصنه وتحفظه وكذلك أيضا قد يعرض للعبد حاجة ضرورية إذا اشتغل عن سؤالها أو ذكر لم يحضر قلبه فيهما وإذا أقبل على سؤالها والدعاء إليها اجتمع قلبه كله على الله تعالى وأحدث له تضرعا وخشوعا وابتهالا فهذا يكون اشتغاله بالدعاء والحالة هذه أنفع وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجرا
                      وهذا باب نافع يحتاج إلى فقه نفس وفرقان بين فضيلة الشيء في نفسه وبين فضيلته العارضة فيعطي كل ذي حق حقه ويوضع كل شيء موضعه : فللعين موضع وللرجل موضع وللماء موضع وللحم موضع وحفظ المراتب هو من تمام الحكمة التي هي نظام الأمر والنهي والله تعالى الموفق
                      ...قلت لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يوما : سئل بعض أهل العلم أيهما أنفع للعبد التسبيح أو الاستغفار ؟ فقال : إذا كان الثوب نقيا فالبخور وماء الورد أنفع له وإذا كان دنسا فالصابون والماء الحار أنفع له فقال لي رحمه الله تعالى : فكيف والثياب لا تزال دنسة ؟ ومن هذا الباب أن سورة { قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن ومع هذا فلا تقوم مقام آيات المواريث والطلاق والخلع والعدد ونحوها بل هذه الآيات في وقتها وعند الحاجة إليها أنفع من تلاوة سورة الإخلاص

                      تعليق

                      يعمل...
                      X