بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذا محاضرة طيبة للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله و رفع درجته في عليين ، بعنوان : أوزارنا
[ التفريغ ]
ووضعنا عنك وزرك : وضعناه أي طرحناه و عفونا و سامحنا و تجاوزنا " عنك وزرك " أي إثمك " الذي أنقض ظهرك " ، أي أن الله تعالى غفر لنبيه صلى الله عليه و على آله و سلم ، وزره و خطيئته ، حتى بقي مغفورا له ، الحاصل أن الله تبارك و تعالى ، وضع عن محمد صلى الله عليه وسلم وزره وبين ان هذا الوزر قد أنقض ظهره أي أقضه وأتعبه و إذا كان هذا وزر الرسول صلى الله عليه وسلم،فكيف بأوزار غيره أوزارنا تقض ظهورنا وتنقضها وتثقلها وتتعبها ولكن كأننا لم نعمل شيئا ،كأننا لم نعمل شيئا وذلك لضعف إيماننا و بصيرتنا و كثرة غفلتنا نسأل الله ان يعاملنا بالعفو. في بعض الآثار،المؤمن إذا أذنب ذنبا صار عنده كالجبل فوق رأسه، وإن المنافق إذا أذنب ذنبا صار عنده كذباب وقع على أنفه وقال به هكذا يعني أنه لا يهتم، فالمؤمن تهمه خطاياه وتلحقه الهم حتى يتخلص منها ، بتوبة و استغفار أو حسنات جليلة تمحو آثار هذه السيئة وأنت إذا رأيت من قبلك الغفلة عن ذنوبك فاعلم أن قلبك مريض لان القلب الحي لا يمكن أن يرضى بالمرض، و مرض القلوب هي الذنوب ، كما قال عبد الله بن المبارك رحمه الله :
رأيت الذنوب تميت القلوب * و قد يورث الذل إدمانها
و ترك الذنوب حياة القلوب * و خير لنفسك عصيانها
على كل حال أنا أقول يجب علينا – و أوجه هذا القول لنفسي قبلكم و نسأل الله العون للجميع – أقول إنه يجب علينا أن نهتم بأنفسنا و أن نحاسبها ، و إذا كان التجار لا ينامون حتى يراجعون دفاتر تجارتهم ماذا صرفوا ماذا أنفقوا وماذا كسبوا ، فإن تجار الآخرة ينبغي أن يكونوا أشد اهتماما لأن تجارتهم أعظم ، تجارة أهل الدنيا ماذا تفيدهم ؟ غاية ما تفيدهم- إن أفادتهم – هو إتراف البدن فقط ، على هذه التجارة يلحقها من الهم والغم و إذا خسر في سلعة اهتم لذلك و إذا كان في بلده مخاوف ، قطاع طريق أو سراق صار أشد قلقا ، لكن تجارة الآخرة على العكس من هذا ، " يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، تؤمنون بالله و رسوله و تجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم و يدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار " تنجي من العذاب و يغفر الله بها الذنوب ، و يُدخل بها الجنات ، جنات عدن يعني إقامة و مساكن طيبة، في جنات عدن مساكن طيبة في بنايتها و في مادة البناء ، أتظنون أن بناء الجنة من إسمنت و حصى؟ لا ، كما قال النبي عليه الصلاة و السلام ، جنات من ذهب آنيتهما و ما فيهما ، و جنتان من فضة آنيتهما و ما فيهما ، والله لو يبقى الإنسان في سجدة منذ بلغ إلى يوم يموت ، لكان هذا ثمنا بسيطا بالنسبة إلى هذه الغنيمة العظيمة، ولو لم يكن إلا أن ينجو الإنسان من النار لكفى ، أحيانا الإنسان يفكر يقول : يا ليتني لم أولد أو يكفيني أن أنجو من النار ، و هاهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول يا ليتني شجرة تعبد ،يا ليت أمي لم تلدني لأن الإنسان يخاف قد يظن أنه آمن الآن لأنه يصلي و يصوم و يتصدق و يحج ويبر بوالديه و ما أشبه ذلك ، و لكن قد يكون في قلبه نسال الله السلامة و العافية حُسيكة تؤدي إلى سوء الخاتمة و العياذ بالله ، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : " إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع – يعني مدة قريبة لموته ، ليس بينه و بينها إلا ذراع بالعمل لأن عمله كله هباء هو يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار كما جاء في الحديث الصحيح لكن قوله " حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع " ليس معناه أن عمله أوصله إلى قريب من الجنة ، لا المعنى حتى لا يبقى عليه إلا مدة قليلة في الحياة ، ثم يعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، لكن هذا فيما إذا كان عمل الإنسان للناس ، كما قال عليه الصلاة و السلام : " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار " يعني الإنسان إذا مر عليه مثل هذه النصوص يخاف على نفسه يخاف من الرياء يخاف من العُجب يخاف من الاقبال على الله يعمله ، فنسأل الله تعالى أن يحمينا و إياكم من سيئات أعمالنا ، اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا و نستغفرك و نتوب إليك. اهـ
[ المادة الصوتية في المرفقات ]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذا محاضرة طيبة للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله و رفع درجته في عليين ، بعنوان : أوزارنا
[ التفريغ ]
ووضعنا عنك وزرك : وضعناه أي طرحناه و عفونا و سامحنا و تجاوزنا " عنك وزرك " أي إثمك " الذي أنقض ظهرك " ، أي أن الله تعالى غفر لنبيه صلى الله عليه و على آله و سلم ، وزره و خطيئته ، حتى بقي مغفورا له ، الحاصل أن الله تبارك و تعالى ، وضع عن محمد صلى الله عليه وسلم وزره وبين ان هذا الوزر قد أنقض ظهره أي أقضه وأتعبه و إذا كان هذا وزر الرسول صلى الله عليه وسلم،فكيف بأوزار غيره أوزارنا تقض ظهورنا وتنقضها وتثقلها وتتعبها ولكن كأننا لم نعمل شيئا ،كأننا لم نعمل شيئا وذلك لضعف إيماننا و بصيرتنا و كثرة غفلتنا نسأل الله ان يعاملنا بالعفو. في بعض الآثار،المؤمن إذا أذنب ذنبا صار عنده كالجبل فوق رأسه، وإن المنافق إذا أذنب ذنبا صار عنده كذباب وقع على أنفه وقال به هكذا يعني أنه لا يهتم، فالمؤمن تهمه خطاياه وتلحقه الهم حتى يتخلص منها ، بتوبة و استغفار أو حسنات جليلة تمحو آثار هذه السيئة وأنت إذا رأيت من قبلك الغفلة عن ذنوبك فاعلم أن قلبك مريض لان القلب الحي لا يمكن أن يرضى بالمرض، و مرض القلوب هي الذنوب ، كما قال عبد الله بن المبارك رحمه الله :
رأيت الذنوب تميت القلوب * و قد يورث الذل إدمانها
و ترك الذنوب حياة القلوب * و خير لنفسك عصيانها
على كل حال أنا أقول يجب علينا – و أوجه هذا القول لنفسي قبلكم و نسأل الله العون للجميع – أقول إنه يجب علينا أن نهتم بأنفسنا و أن نحاسبها ، و إذا كان التجار لا ينامون حتى يراجعون دفاتر تجارتهم ماذا صرفوا ماذا أنفقوا وماذا كسبوا ، فإن تجار الآخرة ينبغي أن يكونوا أشد اهتماما لأن تجارتهم أعظم ، تجارة أهل الدنيا ماذا تفيدهم ؟ غاية ما تفيدهم- إن أفادتهم – هو إتراف البدن فقط ، على هذه التجارة يلحقها من الهم والغم و إذا خسر في سلعة اهتم لذلك و إذا كان في بلده مخاوف ، قطاع طريق أو سراق صار أشد قلقا ، لكن تجارة الآخرة على العكس من هذا ، " يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ، تؤمنون بالله و رسوله و تجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم و يدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار " تنجي من العذاب و يغفر الله بها الذنوب ، و يُدخل بها الجنات ، جنات عدن يعني إقامة و مساكن طيبة، في جنات عدن مساكن طيبة في بنايتها و في مادة البناء ، أتظنون أن بناء الجنة من إسمنت و حصى؟ لا ، كما قال النبي عليه الصلاة و السلام ، جنات من ذهب آنيتهما و ما فيهما ، و جنتان من فضة آنيتهما و ما فيهما ، والله لو يبقى الإنسان في سجدة منذ بلغ إلى يوم يموت ، لكان هذا ثمنا بسيطا بالنسبة إلى هذه الغنيمة العظيمة، ولو لم يكن إلا أن ينجو الإنسان من النار لكفى ، أحيانا الإنسان يفكر يقول : يا ليتني لم أولد أو يكفيني أن أنجو من النار ، و هاهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول يا ليتني شجرة تعبد ،يا ليت أمي لم تلدني لأن الإنسان يخاف قد يظن أنه آمن الآن لأنه يصلي و يصوم و يتصدق و يحج ويبر بوالديه و ما أشبه ذلك ، و لكن قد يكون في قلبه نسال الله السلامة و العافية حُسيكة تؤدي إلى سوء الخاتمة و العياذ بالله ، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم : " إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع – يعني مدة قريبة لموته ، ليس بينه و بينها إلا ذراع بالعمل لأن عمله كله هباء هو يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار كما جاء في الحديث الصحيح لكن قوله " حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع " ليس معناه أن عمله أوصله إلى قريب من الجنة ، لا المعنى حتى لا يبقى عليه إلا مدة قليلة في الحياة ، ثم يعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، لكن هذا فيما إذا كان عمل الإنسان للناس ، كما قال عليه الصلاة و السلام : " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار " يعني الإنسان إذا مر عليه مثل هذه النصوص يخاف على نفسه يخاف من الرياء يخاف من العُجب يخاف من الاقبال على الله يعمله ، فنسأل الله تعالى أن يحمينا و إياكم من سيئات أعمالنا ، اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا و نستغفرك و نتوب إليك. اهـ
[ المادة الصوتية في المرفقات ]
تعليق