السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن المتأمل في واقع المجتمعات الإسلامية اليوم ، في المدارس والجامعات ومؤسسات العمل ليرى الاختلاط قد عم وطم بأشكال وأنواع كثيرة كانت سببا في القضاء على كثير من قيم ديننا الحنيف ، فالحياء قد رفع ، والحشمة قد ولت ، والعفة كادت أن تغطيها الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
أهذا هو الاختلاط المباح ياقوم؟ [ج2]
ولقد قص علينا القرآن قصصا حتى نتعظ بها، ونأخذ منها العبر والفوائد ، منها قصة موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم لما خرج من مصر فارا بدينه من فرعون وقومه
فلما ورد ماء مدين أي وقف عليه ، وجد أمة من الناس يسقون ، ووجد من دونهم امرأتين تذودان ، قال : ما خطبكما ؟ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاة وأبونا شيخ كبير .
استغرب موسى وجودهما هناك في ذلك المكان الذي اعتاده الرعاة من الرجال ، فسألهما عن سر وجودهما هناك خارج البيت، مع أن مكانهما داخله ، فقال ما خطبكما ؟ أي ما الذي جاء بكما إلى هذا المكان ؟ فقالتا : لا نسقي حتى يصدر الرعاة ، أي خرجنا نطلب الماء ، وهو ضروري للحياة ، بل لا ضرورة أضر منه ، ولكن لما رأينا الرجال اعتزلناهم ، ولم نختلط بهم كما ترى فنحن معتزلتان الرجال بعيدتان عنهم منتظرتان رجوعهم لكي نسقي ، والسبب في ذلك أنه لا يوجد لدينا من يسقي لنا وأبونا شيخ كبير لا يقوى على ذلك ، فألجأتنا الضرورة للخروج من البيت للسقي .
فهذه قصة عجيبة تبين ما كانت عليه المرأة المؤمنة في كل مكان وفي جميع الأزمان من التزامها البيت، وعدم اختلاطها بالرجال ، وأنها لا تخرج منه إلا لضرورة .
أما اليوم وقد رفع الحياء أو كاد أن يرفع نرى المرأة خارج البيت في أي وقت من الأوقات ولغير حاجة أو ضرورة ، ولكن لتتسكع في الشوارع ، وأمام المحلات في الأسواق ، وفي كل مكان ، أو لتعرض مفاتنها على المتسكعين من الشباب والرجال الضائعين .
وأما الخروج للجامعات بحجة الدراسة ، ففساد الاختلاط فيه أشد وأعظم ضررا عليها وهي تدرك ذلك ، وتعلم أن خروجها لذلك المكان ليس بضرورة .
ولقد حدثني كثير من الطلاب بأمور تقشعر لها النفوس وتتفطر لها القلوب وأستحي من ذكرها ، وقد ذكر لي بعضهم أن إحصائية عن إقامة جامعية واحدة في قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري بلغت 146 طالبة حاملة حملا غير شرعيا في ستة أشهر فقط ، وأكثر من 600 حالة اغتصاب ، والعدد مرشح للارتفاع ، وهذا أمر فظيع يدق به أبواب الخطر ..
وهؤلاء الذين يبيحون الخروج للدراسة وسط الاختلاط اللامحدود يعتذرن بقول البعض : أن هذا الاختلاط يشبه الاختلاط في الصلاة ، والطواف بالكعبة ، ففي المدرج تجلس الطالبات في الصفوف الأخيرة ، والطلاب في الصفوف الأولى ، وكذلك الأمر في الصلاة في المسجد ، فأقول شتان بين الأمرين ، وهذا قياس مع الفارق ، فهو باطل ، وبيان ذلك كالآتي :
أولا : شرف الزمان والمكان ، فإن الزمان زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد عظمه الله تعالى إذ أقسم به في قوله : {{ والعصر إن الإنسان لفي خسر }} فقد فسره بع السلف بأنه عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، والأمر كذلك لأنه زمن نزول الوحي ، وزمن الخيرية التي أشرقت شمسها على البشرية ، وزمن خير الأجيال الذين اختارهم الله سبحانه ليتناسبوا ومقام النبوة مع قدره صلى الله عليه وسلم فقد قال : << خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ..>> أخرجه الشيخان، ويدخل فيه الرجال والنساء .
وشرف الزمان أيضا وقت أداء صلاة العصر التي أمر الله فيه بالخشوع والخضوع ، والقنوت ، وزيادة على ذلك فقد منع المرأة في ذلك الزمان والمكان و العبادة التي هي فيها أرقب ما تكون فيها إلى ربها من الكلام ، فقال : << التسبيح للرجال ، والتصفيق للنساء >> فجعل لها تصفيقا حتى لا تتكلم و يسمع صوتها الرجال وهم في الصلاة .
وهذه قصة أخرى عجيبة وقعت في عصر النبوة تبين حرص الإسلام على الفصل بين الجنسين ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت امرأة تصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم [ حسناء ]من أجمل النساء ، فكان ناس يصلون في آخر صفوف الرجال فينظرون إليها ، فكان أحدهم ينظر إليها من تحت إبطه [ إذا ركع ] ، وكان أحدهم يتقدم إلى الصف الأول حتى لا يراها ، فأنزل الله ـ عز وجل ـ هذه الآية : {{ ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين }} فقال النبي صلى الله عليه وسلم : << خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها >> وفي هذا أبلغ تحذير من الاقتراب من النساء حتى في أطهر الأوقات والأماكن ، فما بالك في شر الأوقات والبقاع إلى الله .
أما شرف المكان فهو مسجده ، وقد قال لامرأة أبي حميد الساعدي :<< لقد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك أفضل >> مع ذلك فإن حرمة مسجده ليست كحرمة الجامعة ، وكذلك المسجد الحرام ، الذي عظمه المولى ، بالقسم به في قوله :{{ لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ..}}وقال فيه :{{ .. ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم }} ، فلا نقيس هذا المكان الذي جاء فيه هذا الوصف وجاءت فيه أدلة تفضله على غيره بغيره ممن لم يأت فيه شيء من الاعتبار بل جاء فيه ما يذمه ..
ومن الأدلة أيضا على منع الاختلاط قول النبي صلى الله عليه وسلم :<< شر صفوف النساء أولها ، وخيرها آخرها >> يريد بذلك أن يبعد المرأة عن الرجل لأنهما فتنة لبعضهما البعض ، فقد قال :<< ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء ..>> البخاري ومسلم ، والعكس كذلك ، ولذلك تمنى أن يجعل للنساء بابا خاصا بهن إلى مصلاهن حتى يفرق بينهما ، ولا يختلط بهن الرجال ، وقد أمر الرجال عند انتهاء الصلاة أن يتأخروا حتى ينصرف النساء ، حتى لا يختلطوا بهن ، وهذا من باب سد الذرائع وهو باب عظيم للقضاء على كثير من المفاسد أو تقليلها ، بل إن درء المفاسد مقدم على جلب المالح ، وهذا في المساجد وفي مقدمتهم المسجدين الحرم المكي والنبوي ، فأين القياس يا قوم ؟؟؟
أما زماننا هذا ؛ زمن المدرجات ، وحرم الجامعة ، وما أدراك ما حرم الجامعة من حيث الشرفية والخيرية ، فلا شرف ولا خير ، فهو آخر الزمان الذي ظهر فيه الفساد في البر والبحر ، والخير فيه قليل ، ومن المعلوم دائما أن آخر الشيء يكون أقل شرفا وفضلا من أوله قال صلى الله عليه وسلم : << خير الناس قرني ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، ثم يجيء قوم لا خير فيهم >> صحيح الجامع ]3288] وقال : << خير هذه الأمة أولها ، وشرها آخرها >> وقال :<< لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق >> ونسبة تلك الخيرية هي حسب وجود نسبة العلم والعلماء على منهج النبوة .
هذا الزمان الذي عاد الإسلام فيه غريبا كما بدأ ، فنسبة الخير تقدر بنسبة الغربة ، فطوبى للغرباء ، وهم أناس قليلون صالحون في أناس سوء كثير ؛ من يعصهم أكثر ممن يطيعهم ، وهم النزاع من القبائل ، وهم الغرباء في ذويهم وأقاربهم ، فكيف بغربتهم في مجتمع ساده الفساد ، وطغت عليه الرذيلة حتى اعتادها الناس وأصبحت فضيلة ، والفضيلة تأخر ورجعية ، والسنة بدعة، والبدعة سنة مرضية ، فكيف بغربة مؤمنات قليلات ملتزمات في وسط مؤسسات أقل ما يقال فيها أنها أصبحت أوكارا لفساد الأخلاق ، وقتلا للفضيلة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم :<< يأتي زمان على الناس يفشو الجهل ، ويكثر الزنا ، والهرج >> قيل وما الهرج ؟ قال : القتل ، القتل >> رواه البخاري ، وقد فشا الجهل حتى أنك لا تكاد تعرف من الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ،وكان عليه أصحابه إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه، وكثر الزنا حتى أصبح له سمة وعلامات في بعض الشوارع ،والأماكن ، وانتشر القتل بغير مبرر شرعي ولا قانوني ، حتى أصبح قتل المسلم أهون من قتل الذباب ، في مثل هذا الزمان والحال تجد من تتعذر لك بأعذار هي أقبح من ذنب لتذهب إلى هذا الوسط الذي لا تحصل فيه الفقه في الدين على منهج سبيل المؤمنين ، بل لتهتك ما بينها وبين رب العالمين ،ولا حول ولا قوة إلا بالله ، والأقبح من هذا أن تسمع بعض من يحسب على العلم يفتي بجواز الدراسة في هذا الاختلاط الفاضح، والفساد الصارخ ..
وزيادة على ذلك فإن العلم الذي تطلبينه هناك ليس مطلوبا لذاته ، بل هو وسيلة لأغراض مختلفة ، والأغلبية الذين يطلبون العلم اليوم هناك لا يطلبونه للتفقه ورفع الجهل عن أنفسهم وأمتهم ، وإنما يطلبونه من أجل الدنيا ليس إلا ، فالحرص على الشهادات من أجل الوظائف ، وكسب الرزق الذي تكفل الله تعالى لهم به ، والخوف من المستقبل إن لم تحصل على الشهادة ، وماذا يقول الناس لو تركت الدراسة وغير ذلك من الأعذار التي هي ربما تكون أقبح من الذنوب كما ذكرت . أفيقي أيتها الغافلة ..
إن المتأمل في واقع المجتمعات الإسلامية اليوم ، في المدارس والجامعات ومؤسسات العمل ليرى الاختلاط قد عم وطم بأشكال وأنواع كثيرة كانت سببا في القضاء على كثير من قيم ديننا الحنيف ، فالحياء قد رفع ، والحشمة قد ولت ، والعفة كادت أن تغطيها الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
أهذا هو الاختلاط المباح ياقوم؟ [ج2]
ولقد قص علينا القرآن قصصا حتى نتعظ بها، ونأخذ منها العبر والفوائد ، منها قصة موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم لما خرج من مصر فارا بدينه من فرعون وقومه
فلما ورد ماء مدين أي وقف عليه ، وجد أمة من الناس يسقون ، ووجد من دونهم امرأتين تذودان ، قال : ما خطبكما ؟ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاة وأبونا شيخ كبير .
استغرب موسى وجودهما هناك في ذلك المكان الذي اعتاده الرعاة من الرجال ، فسألهما عن سر وجودهما هناك خارج البيت، مع أن مكانهما داخله ، فقال ما خطبكما ؟ أي ما الذي جاء بكما إلى هذا المكان ؟ فقالتا : لا نسقي حتى يصدر الرعاة ، أي خرجنا نطلب الماء ، وهو ضروري للحياة ، بل لا ضرورة أضر منه ، ولكن لما رأينا الرجال اعتزلناهم ، ولم نختلط بهم كما ترى فنحن معتزلتان الرجال بعيدتان عنهم منتظرتان رجوعهم لكي نسقي ، والسبب في ذلك أنه لا يوجد لدينا من يسقي لنا وأبونا شيخ كبير لا يقوى على ذلك ، فألجأتنا الضرورة للخروج من البيت للسقي .
فهذه قصة عجيبة تبين ما كانت عليه المرأة المؤمنة في كل مكان وفي جميع الأزمان من التزامها البيت، وعدم اختلاطها بالرجال ، وأنها لا تخرج منه إلا لضرورة .
أما اليوم وقد رفع الحياء أو كاد أن يرفع نرى المرأة خارج البيت في أي وقت من الأوقات ولغير حاجة أو ضرورة ، ولكن لتتسكع في الشوارع ، وأمام المحلات في الأسواق ، وفي كل مكان ، أو لتعرض مفاتنها على المتسكعين من الشباب والرجال الضائعين .
وأما الخروج للجامعات بحجة الدراسة ، ففساد الاختلاط فيه أشد وأعظم ضررا عليها وهي تدرك ذلك ، وتعلم أن خروجها لذلك المكان ليس بضرورة .
ولقد حدثني كثير من الطلاب بأمور تقشعر لها النفوس وتتفطر لها القلوب وأستحي من ذكرها ، وقد ذكر لي بعضهم أن إحصائية عن إقامة جامعية واحدة في قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري بلغت 146 طالبة حاملة حملا غير شرعيا في ستة أشهر فقط ، وأكثر من 600 حالة اغتصاب ، والعدد مرشح للارتفاع ، وهذا أمر فظيع يدق به أبواب الخطر ..
وهؤلاء الذين يبيحون الخروج للدراسة وسط الاختلاط اللامحدود يعتذرن بقول البعض : أن هذا الاختلاط يشبه الاختلاط في الصلاة ، والطواف بالكعبة ، ففي المدرج تجلس الطالبات في الصفوف الأخيرة ، والطلاب في الصفوف الأولى ، وكذلك الأمر في الصلاة في المسجد ، فأقول شتان بين الأمرين ، وهذا قياس مع الفارق ، فهو باطل ، وبيان ذلك كالآتي :
أولا : شرف الزمان والمكان ، فإن الزمان زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد عظمه الله تعالى إذ أقسم به في قوله : {{ والعصر إن الإنسان لفي خسر }} فقد فسره بع السلف بأنه عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، والأمر كذلك لأنه زمن نزول الوحي ، وزمن الخيرية التي أشرقت شمسها على البشرية ، وزمن خير الأجيال الذين اختارهم الله سبحانه ليتناسبوا ومقام النبوة مع قدره صلى الله عليه وسلم فقد قال : << خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ..>> أخرجه الشيخان، ويدخل فيه الرجال والنساء .
وشرف الزمان أيضا وقت أداء صلاة العصر التي أمر الله فيه بالخشوع والخضوع ، والقنوت ، وزيادة على ذلك فقد منع المرأة في ذلك الزمان والمكان و العبادة التي هي فيها أرقب ما تكون فيها إلى ربها من الكلام ، فقال : << التسبيح للرجال ، والتصفيق للنساء >> فجعل لها تصفيقا حتى لا تتكلم و يسمع صوتها الرجال وهم في الصلاة .
وهذه قصة أخرى عجيبة وقعت في عصر النبوة تبين حرص الإسلام على الفصل بين الجنسين ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت امرأة تصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم [ حسناء ]من أجمل النساء ، فكان ناس يصلون في آخر صفوف الرجال فينظرون إليها ، فكان أحدهم ينظر إليها من تحت إبطه [ إذا ركع ] ، وكان أحدهم يتقدم إلى الصف الأول حتى لا يراها ، فأنزل الله ـ عز وجل ـ هذه الآية : {{ ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين }} فقال النبي صلى الله عليه وسلم : << خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها >> وفي هذا أبلغ تحذير من الاقتراب من النساء حتى في أطهر الأوقات والأماكن ، فما بالك في شر الأوقات والبقاع إلى الله .
أما شرف المكان فهو مسجده ، وقد قال لامرأة أبي حميد الساعدي :<< لقد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك أفضل >> مع ذلك فإن حرمة مسجده ليست كحرمة الجامعة ، وكذلك المسجد الحرام ، الذي عظمه المولى ، بالقسم به في قوله :{{ لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ..}}وقال فيه :{{ .. ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم }} ، فلا نقيس هذا المكان الذي جاء فيه هذا الوصف وجاءت فيه أدلة تفضله على غيره بغيره ممن لم يأت فيه شيء من الاعتبار بل جاء فيه ما يذمه ..
ومن الأدلة أيضا على منع الاختلاط قول النبي صلى الله عليه وسلم :<< شر صفوف النساء أولها ، وخيرها آخرها >> يريد بذلك أن يبعد المرأة عن الرجل لأنهما فتنة لبعضهما البعض ، فقد قال :<< ما تركت فتنة بعدي أضر على الرجال من النساء ..>> البخاري ومسلم ، والعكس كذلك ، ولذلك تمنى أن يجعل للنساء بابا خاصا بهن إلى مصلاهن حتى يفرق بينهما ، ولا يختلط بهن الرجال ، وقد أمر الرجال عند انتهاء الصلاة أن يتأخروا حتى ينصرف النساء ، حتى لا يختلطوا بهن ، وهذا من باب سد الذرائع وهو باب عظيم للقضاء على كثير من المفاسد أو تقليلها ، بل إن درء المفاسد مقدم على جلب المالح ، وهذا في المساجد وفي مقدمتهم المسجدين الحرم المكي والنبوي ، فأين القياس يا قوم ؟؟؟
أما زماننا هذا ؛ زمن المدرجات ، وحرم الجامعة ، وما أدراك ما حرم الجامعة من حيث الشرفية والخيرية ، فلا شرف ولا خير ، فهو آخر الزمان الذي ظهر فيه الفساد في البر والبحر ، والخير فيه قليل ، ومن المعلوم دائما أن آخر الشيء يكون أقل شرفا وفضلا من أوله قال صلى الله عليه وسلم : << خير الناس قرني ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، ثم يجيء قوم لا خير فيهم >> صحيح الجامع ]3288] وقال : << خير هذه الأمة أولها ، وشرها آخرها >> وقال :<< لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق >> ونسبة تلك الخيرية هي حسب وجود نسبة العلم والعلماء على منهج النبوة .
هذا الزمان الذي عاد الإسلام فيه غريبا كما بدأ ، فنسبة الخير تقدر بنسبة الغربة ، فطوبى للغرباء ، وهم أناس قليلون صالحون في أناس سوء كثير ؛ من يعصهم أكثر ممن يطيعهم ، وهم النزاع من القبائل ، وهم الغرباء في ذويهم وأقاربهم ، فكيف بغربتهم في مجتمع ساده الفساد ، وطغت عليه الرذيلة حتى اعتادها الناس وأصبحت فضيلة ، والفضيلة تأخر ورجعية ، والسنة بدعة، والبدعة سنة مرضية ، فكيف بغربة مؤمنات قليلات ملتزمات في وسط مؤسسات أقل ما يقال فيها أنها أصبحت أوكارا لفساد الأخلاق ، وقتلا للفضيلة ، وقد قال صلى الله عليه وسلم :<< يأتي زمان على الناس يفشو الجهل ، ويكثر الزنا ، والهرج >> قيل وما الهرج ؟ قال : القتل ، القتل >> رواه البخاري ، وقد فشا الجهل حتى أنك لا تكاد تعرف من الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ،وكان عليه أصحابه إلا اسمه ومن القرآن إلا رسمه، وكثر الزنا حتى أصبح له سمة وعلامات في بعض الشوارع ،والأماكن ، وانتشر القتل بغير مبرر شرعي ولا قانوني ، حتى أصبح قتل المسلم أهون من قتل الذباب ، في مثل هذا الزمان والحال تجد من تتعذر لك بأعذار هي أقبح من ذنب لتذهب إلى هذا الوسط الذي لا تحصل فيه الفقه في الدين على منهج سبيل المؤمنين ، بل لتهتك ما بينها وبين رب العالمين ،ولا حول ولا قوة إلا بالله ، والأقبح من هذا أن تسمع بعض من يحسب على العلم يفتي بجواز الدراسة في هذا الاختلاط الفاضح، والفساد الصارخ ..
وزيادة على ذلك فإن العلم الذي تطلبينه هناك ليس مطلوبا لذاته ، بل هو وسيلة لأغراض مختلفة ، والأغلبية الذين يطلبون العلم اليوم هناك لا يطلبونه للتفقه ورفع الجهل عن أنفسهم وأمتهم ، وإنما يطلبونه من أجل الدنيا ليس إلا ، فالحرص على الشهادات من أجل الوظائف ، وكسب الرزق الذي تكفل الله تعالى لهم به ، والخوف من المستقبل إن لم تحصل على الشهادة ، وماذا يقول الناس لو تركت الدراسة وغير ذلك من الأعذار التي هي ربما تكون أقبح من الذنوب كما ذكرت . أفيقي أيتها الغافلة ..