السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه فائدة نفسية من الإمام بن قدامة المقدسي من كتابه الماتع : (مختصر منهاج القاصدين)
قال :
المعنى الأول : حضور القلب كما ذكرنا ، ومعناه أن يفرغ القلب من غير ما هو ملابس له ، وسبـب ذلك الهمة ، فإنه متى أهمَّك أمر حضر قلبك ضرورة ، فلا علاج لإحضاره إلا صرف الهمة إلى الصلاة ، وانصراف الهمة يقوى ويضعف بحسب قوة الإيمان بالآخرة واحتقار الدنيا ، فمتى رأيت قلبك لا يحضر في الصلاة ، فاعلم أن سبـبه ضعف الإيمان ، فاجتهد في تقويته .
والمعنى الثاني : التفهم لمعنى الكلام فإنه أمر وراء حضور القلب ، لأنه ربما كان القلب حاضرًا مع اللفظ دون المعنى ، فينبغي صرف الذهن إلى إدراك المعنى بدفع الخواطر الشاغلة وقطع موادها ، فإن المواد إذا لم تنقطع لم تنصرف الخواطر عنها .
المعنى الثالث : التعظيم لله والهيـبة ، وذلك يتولد من شيئين : معرفة جلال اللَّه تعالى وعظمته ، ومعرفة حقارة النفس وأنها مستعبدة ، فيتولد من المعرفتين الاستكانة ، والخشوع .
ومن ذلك الرجاء : فإنه زائد على الخوف ، فكم من معظم مَلكًا يهابه لخوف سطوته كما يرجو بره .
والمصلي ينبغي أن يكون راجيًا بصلاته الثواب ، كما يخاف من تقصيره العقاب .
وينبغي للمصلي أن يحضر قلبه عند كل شيء من الصلاة ، فإذا سمع نداء المؤذن فليمثل النداء للقيامة ويشمر للإجابة ، ولينظر ماذا يجيـب ، وبأي بدن يحضر .
وإذا ستر عورته فليعلم أن المراد من ذلك تغطية فضائح بدنه عن الخلق ، فليذكر عورات باطنه وفضائح سره التي لا يطلع عليها إلا الخالق ، وليس لها عنه ساتر ، وأنها يكفرها الندم ، والحياء ، والخوف .
وإذا استقبل القبلة فقد صرف وجهه عن الجهات إلى جهة بـيت اللَّه تعالى ، فصرف قلبه إلى اللَّه تعالى أولى من ذلك ، فكما أنه لا يتوجه إلى جهة البـيت إلا بالانصراف عن غيرها ، كذلك القلب لا ينصرف إلى اللَّه تعالى إلا بالانصراف عما سواه .
وإذا كبّرت أيها المصلي ، فلا يُكَذّبَنَّ قلبك لسانك ، لأنه إذا كان في قلبك شيء أكبر من اللَّه تعالى فقد كذبت ، فاحذر أن يكون الهوى عندك أكبر بدليل إيثارك موافقته على طاعة اللَّه تعالى .
فإذا استعذت ، فاعلم أن الاستعاذة هي ملجأ إلى اللَّه سبحانه ، فإذا لم تلجأ بقلبك كان كلامك لغوًا ، وتفهم معنى ما تتلو ، وأحضر التفهم بقلبك عند قولك : [ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ]، واستحضر لطفه عند قولك : [الرحْمنِ الرَّحِيمِ] ، وعظمته عند قولك :[ مالك يومالدِّينِ] ، وكذلك في جميع ما تتلو .
وقد روينا عن زرارة بن أبـي أوفى رضي اللَّه عنه أنه قرأ في صلاته : [ فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ] [ المدثر : 8 ] فخر ميتًا ، وما ذاك إلا لأنه صور تلك الحال فأثّرت عنده التلف .
واستشعر في ركوعك التواضع ، وفي سجودك زيادة الذل ، لأنك وضعت النفس موضعها ، ورددت الفرع إلى أصله بالسجود على التراب الذي خُلقت منه وتفهم معنى الأذكار بالذوق .
واعلم : أن أداء الصلاة بهذه الشروط الباطنة سبـب لجلاء القلب من الصدأ ، وحصول الأنوار فيه التي بها تتلمح عظمة المعبود ، وتطلع على أسراره [وما يعقلها إلا العالمون] .
فأما من هو قائم بصورة الصلاة دون معانيها ، فإنه لا يطلع على شيء من ذلك بل ينكر وجوده .
هذه فائدة نفسية من الإمام بن قدامة المقدسي من كتابه الماتع : (مختصر منهاج القاصدين)
قال :
المعنى الأول : حضور القلب كما ذكرنا ، ومعناه أن يفرغ القلب من غير ما هو ملابس له ، وسبـب ذلك الهمة ، فإنه متى أهمَّك أمر حضر قلبك ضرورة ، فلا علاج لإحضاره إلا صرف الهمة إلى الصلاة ، وانصراف الهمة يقوى ويضعف بحسب قوة الإيمان بالآخرة واحتقار الدنيا ، فمتى رأيت قلبك لا يحضر في الصلاة ، فاعلم أن سبـبه ضعف الإيمان ، فاجتهد في تقويته .
والمعنى الثاني : التفهم لمعنى الكلام فإنه أمر وراء حضور القلب ، لأنه ربما كان القلب حاضرًا مع اللفظ دون المعنى ، فينبغي صرف الذهن إلى إدراك المعنى بدفع الخواطر الشاغلة وقطع موادها ، فإن المواد إذا لم تنقطع لم تنصرف الخواطر عنها .
المعنى الثالث : التعظيم لله والهيـبة ، وذلك يتولد من شيئين : معرفة جلال اللَّه تعالى وعظمته ، ومعرفة حقارة النفس وأنها مستعبدة ، فيتولد من المعرفتين الاستكانة ، والخشوع .
ومن ذلك الرجاء : فإنه زائد على الخوف ، فكم من معظم مَلكًا يهابه لخوف سطوته كما يرجو بره .
والمصلي ينبغي أن يكون راجيًا بصلاته الثواب ، كما يخاف من تقصيره العقاب .
وينبغي للمصلي أن يحضر قلبه عند كل شيء من الصلاة ، فإذا سمع نداء المؤذن فليمثل النداء للقيامة ويشمر للإجابة ، ولينظر ماذا يجيـب ، وبأي بدن يحضر .
وإذا ستر عورته فليعلم أن المراد من ذلك تغطية فضائح بدنه عن الخلق ، فليذكر عورات باطنه وفضائح سره التي لا يطلع عليها إلا الخالق ، وليس لها عنه ساتر ، وأنها يكفرها الندم ، والحياء ، والخوف .
وإذا استقبل القبلة فقد صرف وجهه عن الجهات إلى جهة بـيت اللَّه تعالى ، فصرف قلبه إلى اللَّه تعالى أولى من ذلك ، فكما أنه لا يتوجه إلى جهة البـيت إلا بالانصراف عن غيرها ، كذلك القلب لا ينصرف إلى اللَّه تعالى إلا بالانصراف عما سواه .
وإذا كبّرت أيها المصلي ، فلا يُكَذّبَنَّ قلبك لسانك ، لأنه إذا كان في قلبك شيء أكبر من اللَّه تعالى فقد كذبت ، فاحذر أن يكون الهوى عندك أكبر بدليل إيثارك موافقته على طاعة اللَّه تعالى .
فإذا استعذت ، فاعلم أن الاستعاذة هي ملجأ إلى اللَّه سبحانه ، فإذا لم تلجأ بقلبك كان كلامك لغوًا ، وتفهم معنى ما تتلو ، وأحضر التفهم بقلبك عند قولك : [ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ]، واستحضر لطفه عند قولك : [الرحْمنِ الرَّحِيمِ] ، وعظمته عند قولك :[ مالك يومالدِّينِ] ، وكذلك في جميع ما تتلو .
وقد روينا عن زرارة بن أبـي أوفى رضي اللَّه عنه أنه قرأ في صلاته : [ فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ] [ المدثر : 8 ] فخر ميتًا ، وما ذاك إلا لأنه صور تلك الحال فأثّرت عنده التلف .
واستشعر في ركوعك التواضع ، وفي سجودك زيادة الذل ، لأنك وضعت النفس موضعها ، ورددت الفرع إلى أصله بالسجود على التراب الذي خُلقت منه وتفهم معنى الأذكار بالذوق .
واعلم : أن أداء الصلاة بهذه الشروط الباطنة سبـب لجلاء القلب من الصدأ ، وحصول الأنوار فيه التي بها تتلمح عظمة المعبود ، وتطلع على أسراره [وما يعقلها إلا العالمون] .
فأما من هو قائم بصورة الصلاة دون معانيها ، فإنه لا يطلع على شيء من ذلك بل ينكر وجوده .
تعليق