الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد :
كلمة فضيلة الشّيخ الدّكتور:
عبد المجيد جمعة -حفظه الله-
يوم: الأربعاء 28 / ربيع الثّاني / 1433 هـ
بحضور جمع غفير من طلبة العلم
وقد شارك في هذا اللّقاء:
فضيلة الشيّخ العلاّمة محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله-
وفضيلة الشّيخ الدّكتور: عبد الله بن عبد الرحيم البخاري -حفظه الله-
(لسماع كلمة الشيخ)
التّفريغ:
وفرّغه:/ أبو عبد الرحمن أسامة
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.
المصدر
كلمة فضيلة الشّيخ الدّكتور:
عبد المجيد جمعة -حفظه الله-
يوم: الأربعاء 28 / ربيع الثّاني / 1433 هـ
بحضور جمع غفير من طلبة العلم
وقد شارك في هذا اللّقاء:
فضيلة الشيّخ العلاّمة محمد بن هادي المدخلي -حفظه الله-
وفضيلة الشّيخ الدّكتور: عبد الله بن عبد الرحيم البخاري -حفظه الله-
(لسماع كلمة الشيخ)
التّفريغ:
الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله.
أمّا بعد:
فالحقّ والحقّ أقول صريحة فصيحة ما كان لي أن أتكلّم بين يدي مشايخنا وعلمائنا، وأعتقد أنّ ما قاله فضيلة الشّيخ الإمام العلاّمة محمد بن هادي كان كافياً وشافياً، وأخشى أن أتطفّل، فكما هو مقرّر أنّ آخر كلام يُنسي أوّله فأخشى أن يُنسي كلامي كلام الشّيخ وكلام شيخنا كان غضًّا طريًّا وقد أصاب المحزّ.
وتتميماً لكلامه وتأكيداً فيما ذكره فلا شكّ أن الفتن تموج كموج البحر وقد تخطّفت عقولاً كثيرة، ولعلّ المخرج من هذه الفتن هُو العلم النّافع، والعلم النّافع أو العلم لا يكون نافعاً إلاّ إذا كان مُستمدًّا من كتاب الله عزّ وجلّ وسُنّة رسوله –صلّى الله عليه وسلّم- على فهم سلفنا الصّالح، وقد قال الإمام ابن القيّم –رحمه الله تعالى- في نونيّته:
العلمُ قال الله قال رسوله *** قال الصّحابة هُم أولوا العرفانِ
ما العلمُ نصبك للخلافِ سفاهةً *** بين الرّسول وبين رأي فلانِ
وقال في إعلام الموقعين:
العلمُ قال الله قال رسوله *** قال الصّحابة ليس بالتمويهِ
ما العلمُ نصبك للخلافِ سفاهةً *** بين الرّسول وبين رأي فقيهِ
فالعلم النّافع هو الذي يقي المرء من الشّبهات ومن الشّهوات، وقد أشار شيخنا استدلالاً بحديث العرباض بن سارية –رضي الله عنه- الذي يُعتبر قاعدةً عظيمة وأصلاً مُهمًّا من أصول هذه الدّعوة بل هو المحكّ والميزان الذي تُوزن به هذه المناهج المُتباينة، حيثُ أشار النبي –صلّى الله عليه وسلّم- إلى سعادة العبد في الدّارين في الدّنيا والآخرة، أمّا سعادته في الدّنيا فبطاعة ولاة الأمور لأنّها سبب في استثباب الأمن وظهور الرّخاء والأمن من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومن تأمّل في العالم الإسلامي وما أصابه من هنّات ونكبات يُدرك جليًّا أنّ سبب هذه الفتن هُو إضاعة هذا الأصل حيث تعجّل قوم في إزالة المُنكر فوقعوا في مُنكرٍ أشدّ منه.
وقاعدة الشّريعة في مصادرها ومواردها أنّه إذا اجتمعت المصالح والمفاسد فدرءُ المفاسد أولى من جلب المصالح، وأمّا السّعادة الأخرويّة ففي قوله –صلّى الله عليه وسلّم-:(اتّقِ الله حيثُما كنت) فتقوى الله عز وجلّ كفيلة بتحقيق السّعادة الأخرويّة، وطاعة ولاة الأمور كفيل بتحقيق السّعادة الدّنيوية، ثمّ أشار النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- إلى الخلاف الذي يدُبُّ في هذه الأمة فقال –عليه الصّلاة والسّلام-:( فإنّه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً) فقال: اختلافاً نكرة والنّكرة في سياق النّفي تُفيد العموم يعني: أنّ هذا الاختلاف يكون عظيماً، وهذا الحديث من أعلام النبوّة حيث وقع كما أخبر النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- فقد وقع الخلاف في هذه الأمّة ومزّقها شذراً مذراً، وإذا قُلنا إنّ الخلاف وقع في هذه الأمة فلا يُقصد به الخلاف الفقهي فإنّ الخلاف الفقهي قد وقع حتّى في زمن النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- فقد اختلف الصّحابة –رضي الله عنهم- في مسائل كثيرة بين يدي النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- ولا يخفى عليكم حديث عبد الله بن عمر –رضي الله عنه- أنّ النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- قال:(من كان يُؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُصلّيّنّ العصر إلاّ في بني قريظة) فلمّا خرجوا أدركهم وقت العصر فاختلف الصّحابة على قولين؛ فطائفة قالت: لا نُصلّي العصر إلاّ في بني قريظة وأخذوا بظاهر الحديث وهؤلاء هم سلف الظّاهريّة الذين يقفون عند ظواهر النّصوص، والطّائفة الثّانية قالت: أراد منّا الإسراع فصلّوا في الوقت فلم يُعنّف النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- الطّائفتين أو إحدى الطّائفتين، والمقصود بهذا أنّ الخلاف الفقهي وقع في زمن النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- وقد اعتبره بعض العلماء أنّه من سعة الشّريعة ويُسرها، ولكنّ المقصود بالخلاف هُو الخلاف العقائدي فهذا الخلاف هو الذي فرّق هذه الأمّة إلى ثلاث وسبعين فرقة.
وكُنّا نقول لبعض الطلاّب: إنّ المسلمين قد اختلفوا في معبودهم في هذا الإله المعبود بحقّ فطائفة تقولُ: الإله الذي أعبده في كلّ مكان كأصحاب وحدة الوجود، وطائفة تقول: إنّ الإله الذي أعبده ليس هو فوق فتنفي عن الله عز وجلّ الفوقيّة أو الاستواء، وكلّ طائفة وصفت إلهها بما لم يصف به عزّ وجلّ نفسه ولا رسوله –عليه الصّلاة والسّلام-، والمقصود أنّ المسلمين قد اختلفوا في إلههم، فهذا ممّا يُؤكّد على أنّ هذا الاختلاف في العقائد لا يجبُ أن يُتسامح فيه، وإذا قلنا إنّ الخلاف في العقائد لا يُتسامح فيه فإنّه يجرّ أيضاً إلى أنّ الخلاف في المناهج لا يُتسامح فيه.
وقد أشار فضيلة الدّكتور إلى هذا وهو في قوله –صلّى الله عليه وسلّم-:(فعليكم بسُنّتي) فالسُنّة هُنا وسنّة الخلفاء الرّاشدين بمعنى الطّريقة والمنهاج ممّا يُؤكّد على أنّ المنهاج السّليم يُعدّ من أصول الدّين ومن أصول الإيمان خلافاً لمن يُفرّق بين العقائد وبين المناهج ويعتبر أنّ الكلام في المناهج الدّعويّة الحديثة كأنّه مُحدث من القول فقد جهل قائل هذا القول هذا الحديث الصّريح الذي يُؤكّد على أنّ السُنّة أو أنّ المنهج من أصول الدّين، ثمّ إنّ هذا الحديث أيضاً هُو من أعلام النبوّة حيثُ أمر النبيّ –صلّى الله عليه وسلّم- باتّباع سُنّته وقرن ذلك بسُنّة الخلفاء الرّاشدين فكان فيه إشارة إلى أنّه سيكون خلفاء راشدون، ثُمّ وصفهم بوصفين يقتضي وجوب اتّباع هؤلاء الخلفاء الرّاشدين وصفهم بـالرّشاد وفي رواية قال:(المهديّين) وصفهم بالّرشاد وبالهداية فالرّشاد في العقل والهداية في الأفعال، ويكمل الإنسان إذا اكتمل فيه الرّشاد والهداية، وضدّ الرّشاد الغيّ وضدّ الهداية الضّلال، فدلّ هذا على وجب اتّباع هؤلاء الخلفاء الرّاشدين، وكان فيه ردٌّ صريح على أولئك الرّوافض الذين جعلوا دينهم طعن الصّحابة –رضي الله عنهم-.
هذا يعني ما جادت به نفسي مع قلّة البضاعة وضعف الصِّناعة –واللهُ المُستعان-، وأنا أستحي جدًّا من المشايخ ومن الطلاّب -والله المُستعان-.اهـ
قال العلاّمة محمد بن هادي المدخلي بعد كلمة الشّيخ عبد المجيد جمعة –حفظهما الله-:
شكر الله لفضيلة الشّيخ الدّكتور عبد المجيد جمعة ما تفضّل به وجزاه خيراً على ذلك.
وفرّغه:/ أبو عبد الرحمن أسامة
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.
المصدر