صدق العبودية
إنّ تاريخَ سلفِنا الصّالحِ حافلٌ بروائعِ الأمثلةِ الدّالةِ على صدقِ العبوديّةِ للهِ - سبحانه- وسُكونِ النّفْسِ عند المحنِ، وذلكم هو ما حلّ بشيخِ الإسلامِ ابنِ تيميّةَ - رحمه اللهُ - عندما سُجن في قلعةِ دمشقَ وحُبِس معه تلميذُه الإمامُ ابنُ القيّمِ - رحمه اللهُ - الذي يصف لنا حالَ شيخِه آنذاك فيقول: «وسمعتُ شيخَ الإسلامِ ابنَ تيميّةَ – قدّس اللهُ روحَه – يقول: «إنّ في الدّنيا جنّةً مَن لم يدخلْها لا يدخل جنّةَ الآخرةِ». وقال لي مرّةً: «ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنّتي وبستاني في صدري، أين رُحْتُ فهي معي لا تفارقني، إنّ حبسي خلوةٌ، وقتلي شهادةٌ، وإخراجي مِن بلدي سياحةٌ». وكان يقول في محبسِه في القلعةِ: «لو بذلتُ مِلْءَ هذه القاعةِ ذهبًا ما عدل عندي شُكْرَ هذه النّعمةِ»، أو قال: «ما جزَيْتُهم على ما تسبّبوا لي فيه مِنَ الخير»، ونحو هذا. وكان يقول في سجودِه وهو محبوسٌ: «اللّهمَّ أعِنّي على ذكرِك وشكرِك وحُسْنِ عبادتِك»... وقال لي مرّةً: «المحبوسُ مَن حُبِسَ قلبُه عن ربِّه تعالى، والمأسورُ مَن أسره هواه»...
وعَلِمَ اللهُ، ما رأيتُ أحدًا أطيبَ عيشًا منه قطُّ، مع ما كان فيه مِن ضيقِ العيشِ وخلافِ الرّفاهيّةِ والنّعيمِ بل ل ضدِّها، ومع ما كان فيه مِنَ الحبسِ والتّهديدِ والإرهاقِ، وهو مع ذلك مِنْ أطيبِ النّاسِ عيشًا، وأشرحِهم صدرًا، وأقواهم قلبًا، وأسرِّهم نفسًا، تلوح نضرةُ النّعيمِ على وجهِه.
وكنّا إذا اشتدّ بنا الخوفُ، وساءتْ منّا الظّنونُ، وضاقتْ بنا الأرضُ، أتيناه فما هو إلاّ أنْ نراه ونسمعَ كلامَه، فيذهبُ عنا ذلك كلُّه، وينقلبُ انشراحًا وقوّة ويقينًا وطمأنينةً».
[«الوابل الصيّب مِن الكلم الطيّب» لابن القيّم (66)]
وعَلِمَ اللهُ، ما رأيتُ أحدًا أطيبَ عيشًا منه قطُّ، مع ما كان فيه مِن ضيقِ العيشِ وخلافِ الرّفاهيّةِ والنّعيمِ بل ل ضدِّها، ومع ما كان فيه مِنَ الحبسِ والتّهديدِ والإرهاقِ، وهو مع ذلك مِنْ أطيبِ النّاسِ عيشًا، وأشرحِهم صدرًا، وأقواهم قلبًا، وأسرِّهم نفسًا، تلوح نضرةُ النّعيمِ على وجهِه.
وكنّا إذا اشتدّ بنا الخوفُ، وساءتْ منّا الظّنونُ، وضاقتْ بنا الأرضُ، أتيناه فما هو إلاّ أنْ نراه ونسمعَ كلامَه، فيذهبُ عنا ذلك كلُّه، وينقلبُ انشراحًا وقوّة ويقينًا وطمأنينةً».
[«الوابل الصيّب مِن الكلم الطيّب» لابن القيّم (66)]