بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصل اللهم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
في تعليق جميل على حديث النبي-صلى الله عليه وسلم-: (لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها خلقًا آخر)[1]، قال فضيلة الشيخ العلَّامة عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري-حفظه الله-[2]:
أقول: هنا أمر خطير هو في الحقيقة معول في هدم العشرة الحسنة، وتحويل حال الزوجين إلى نكد وتنغيص، وذلكم الأمر:
أن كلًّا منهما يرصد الآخر، يرصده رصدًا قويًّا، حتى يعاقبه على خطئه نحوه، ولربما كان هذا من أول ليلة، كل منهم مسلط نظره إلى الآخر، هل يمشي بالقسطاس المستقيم أو لأ!، فإن مشى بالقسطاس المستقيم ولم يخطئ فذاك صاحبه، وإن أخطأ فالويل له، وهذا هو ما حذَّر منه النبي-صلى الله عليه وسلم-في هذا الحديث: (لا يفرك مؤمن...) يعني: لا يبغض (...مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي آخر).
فإن الحياة مع جميع من تتعامل معهم ومن تربطك بهم رابطة لا بد فيها من اللين وغض الطرف ما لم ترتكب محارم الله-عز وجل-، فمحارم الله لا يسمح باقترابها، فتجد أحيانًا المرأة تحاسب زوجها لأنه تأخر ساعة، والرجال محل العمل والحركة وهو مستقيم معها في كل أحواله لكن هذه الليلة تأخر أو ليال فإنها تصرخ في وجهه، وهو كذلك إذا عاد ووجد بعض الواجبات تأخر صرخ وصاح وزمجر وكأنه أسد ينتظر الفريسة.
لا يا بني الإسلام، غض الطرف!!!.
أحيانًا الشيطان يدخل هنا وينزغ فيحدث طلاق-طلاق لا رجعة فيه البتَّة-، ثمَّ إظهارًا للشجاعة كما يزعم ذلك الرجل، إظهارٌ للشجاعة والقوة وأنه لا يشق له غبار لا يرده إلَّا المحكمة، طيب هذا أمر كون الطلاق أثبت في المحكمة هذا أمر قد يكون معتادًا لا بأس، لكن الثلاث حتى ما تكون رجعة، قال: هي كذا ثمَّ كذا ثمَّ كذا، طالق ثمَّ طالق ثمَّ طالق، طلقتها ثلاثًا؟، نعم طلقتها ثلاث مرَّات، فإذا صدر الصَّك الشرعي وأصبح الحبل مقطوعًا لا يقبل الوصل، في ذاك الوقت يندم ويسلك السبل وهيهات، يسلك السبل التي تعيدها إليه وتعيده إليها ولكن ولات حين مندم لا ينفع.
والمقصود: أنه ينبغي أن تكون حياة المعاملة فيها غضٌ للطرف وتحمُّل، والشاعر أحسن إذ قال:
إذا كنت في كل الأمـور معـاتبًا......صديقـك لَمْ تَلْـقَ الذي لا تُعَاتِبُه
إذا كنت في كل شيء ترصد كل صغيرة وكل كبيرة وكل وكل، ما بقي إذًا هناك-ما بقي شخص لا يعاتب-أبدًا لا يوجد، نعم.
لسماع المادة الصوتية:
(هنا أمر خطير هو في الحقيقة معول في هدم العشرة الحسنة)
قام بتفريغها: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
السبت الموافق: 26/ ربيع أول/ 1433 للهجرة النبوية الشريفة.
(هنا أمر خطير هو في الحقيقة معول في هدم العشرة الحسنة)
قام بتفريغها: أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد
السبت الموافق: 26/ ربيع أول/ 1433 للهجرة النبوية الشريفة.
[1] (رواه مسلم)
[2] لفضيلة الشيخ العلَّامة عبيد بن عبد الله الجابري (التعليق المختار على بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار للعلَّامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى)