بسم الله
تفريغ
هذا يقول. نرجو منكم أن تبينوا لنا علاج قسوة القلب بخطوات عملية نستطيعها ؟
قال الله - عز وجل - : ( فاتقوا الله ما استطعتم ). والإنسان إذا رغب في العمل قدر عليه. وفي حديث ميمون بن أبي شبيب عن معاذ بن جبل عند الترمذي لما قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : [اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار] قال : ( لقد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله عليه ). وفي إسناده ضعف إلا أن مصداقه في قول الله - عز وجل - : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ). فمن صدق في الاجتهاد والجهاد سهل الله - عز وجل - عليه ما ابتغاه من العمل، ولم يكلفنا الله - عز وجل - بما هو خارج عن قُدَرِنَا وطاقاتنا. فإذا كان في الشرع شيء منعوت لأمر من الأمور، فاعلم أن ذلك في طاقتك ووسعك، ولكنك تحتاج إلى مجاهدة كي تقدر عليه. فما أذكره لك بعد هو مما تستطيعه، لكن مع صدق المجاهدة. ومن أعظم ما يحصل به إزالة القلب القاسي دوام ذكر الله - سبحانه وتعالى - لأن الله - عز وجل - قال : ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) واطمئنانها يذهب قسوتها. قال مكحول - رحمه الله - تعالى - [ ذكر الله شفاء وذكر الناس داء ]. وقال عبد الله بن عون : [ ذكر الله دواء وذكر الناس داء ]، فإذا أدمن الإنسان ذكر الله - سبحانه وتعالى - فإن قلبه يلين. وأعظم الذكر الذي ينبغي أن يحافظ عليه ما أوجبه الله - عز وجل - وآكده الصلوات الخمس المفروضة. ووراء ذلك من المستحبات. الأذكار الموظفة في اليوم والليلة. كـ أذكار الصباح والمساء. والنوم والاستيقاظ. والأكل والشرب. فإنه من حافظ على هذه الأذكار الموظفة في اليوم والليلة. كان من الذاكرين الله كثيرا كما بينه أبو عمرو ابن الصلاح وارتضاه ابن القيم رحمه الله تعالى.
فدوام اللهج بذكر الله - عز وجل - يذهب قسوة القلب. ومنها جمع النفس على ما ينفع. فإن من أسباب قسوة القلب اشتغالها بما لا ينفع. فإذا جمعت نفسك على ما ينفعها الآن ذلك قلبك. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه - وسلم قال : ( احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز )، فإذا حرص الإنسان على ما ينفعه كان في ذلك شغلا مما لا ينفعه، وكان جمعه لقلبه على النافع، وكان جمعه لنفسه على النافع دلالة لقلبه، كما أن اشتغالها بالبطالة يضعف قوتها، ويذهب نشاطها، ويورد عليها العلل والأمراض. ولا ينبغي أن يستهين الإنسان بالبطالة، ولو قلت كما قال ابن حزم - رحمه الله - تعالى - : [ بطالة ساعة تفسد رياضة سنة ] . فإن الإنسان إذا أقام نفسه سنة كاملة على أمر من الأمور ربما اشتغل بأحوال أهل البطالة ساعة واحدة، فأفسدت تلك البطالة الرياضة التي كان يرتادها من علم أو عمل. ومن جملة أسباب لين القلب. النظر إلى من فوقك في الدين وإلى من دونك في الدنيا. فإن من أكثر أسباب قسوة القلب استعظام الإنسان منزلته في الدين، واحتقاره منزلة نفسه في الدنيا، فإن كل امرئ يحب أن تكون له منزلة معظمة. فإذا رأيت الإنسان يمدح نفسه في دينه ويثق بعمله، ويطلب من الدنيا أعظم مما هو عليه، فاعلم أن ذلك من أسباب علة قلبه وقسوته، فمما يلين قلبه امتثال ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - به في الصحيح : ( أن ينظر الإنسان في الدين إلى من هو فوقه، وإلى من هو في الدنيا إلى من هو دونه فإنه أجدر ألا يزدري نعمة الله - سبحانه وتعالى - عليه )، فإذا أعملت همتك في الارتقاء إلى منزلة من فوقك في الدين كان في ذلك دلالة لقلبك لأنك تشتغل بأمر عظيم نافع.
وإذا جعلت نظرك في الدنيا إلى من هو دونك أذهبت عن قلبك فساد الاشتغال، بحطام الدنيا وزهرتها وأكسبها، وأكسب ذلك قلبه اللين. ولابن القيم رحمه الله تعالى كلام نافع في إغاثة اللهفان والجواب الكافي. وكلامه في الإغاثة أبسط يعني أطول في بيان مفسدات القلوب من ذكر خمسة مفسدات خمسة مفسدات من مفسدات القلوب الخلطة وكثرة الكلام. إلى آخر ما ذكر. وبين ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان في رعاية قلبه. ومما مما يؤسف له أن جمهور المشتغلين بطلبة العلم لا يتناولون هذه المسائل إلا على وجه الندرة، ولا اشتغال لهم بأسباب المرققات ومصلحة النفوس مهذبات الأخلاق، فيورث ذلك نفوسهم الفساد وقلوبهم القسوة. وإنما يمدح العلم إذا أورث قلب صاحبه لينا ورقة وقربا من الله - سبحانه وتعالى -. فينبغي أن لا يأنف طالب العلم من مطالعة كتب الرقائق والزهد والسير، فإن فيها نفعا عظيما لقلبك. وإنما يراد من العلم ما نفع لا ما رفع، كما قال أبو عمر المقدسي رحمه الله - تعالى - قال : ( الناس يقولون العلم ما كان في الصدر. وأنا أقول العلم ما دخل معك القبر ) أي ما نفعك. فينبغي أن يحرص الإنسان على ما ينفعه. ومن جملة ذلك الرقائق وتهذيب الأخلاق، ومذهب الآفات النفسية. وكاشفات الأحوال التي ذكرها أهل العلم رحمهم الله - تعالى - في تأليفهم، ويحرص على مؤلفات أهل السنة رحمهم الله - تعالى -، لا سيما كتب الزهد للأئمة الحفاظ كأحمد بن حنبل، وتلميذه أبي داود، وشيخ أحمد وكيع بن الجراح، وكتاب الزهد لهناد بن السري، وكتاب بن موسى.
وغيرها من كتب أهل السنة رحمهم الله تعالى في الزهد، وهذا آخر الإجابة على هذه الأسئلة.
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.
تفريغ
هذا يقول. نرجو منكم أن تبينوا لنا علاج قسوة القلب بخطوات عملية نستطيعها ؟
قال الله - عز وجل - : ( فاتقوا الله ما استطعتم ). والإنسان إذا رغب في العمل قدر عليه. وفي حديث ميمون بن أبي شبيب عن معاذ بن جبل عند الترمذي لما قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : [اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار] قال : ( لقد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله عليه ). وفي إسناده ضعف إلا أن مصداقه في قول الله - عز وجل - : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ). فمن صدق في الاجتهاد والجهاد سهل الله - عز وجل - عليه ما ابتغاه من العمل، ولم يكلفنا الله - عز وجل - بما هو خارج عن قُدَرِنَا وطاقاتنا. فإذا كان في الشرع شيء منعوت لأمر من الأمور، فاعلم أن ذلك في طاقتك ووسعك، ولكنك تحتاج إلى مجاهدة كي تقدر عليه. فما أذكره لك بعد هو مما تستطيعه، لكن مع صدق المجاهدة. ومن أعظم ما يحصل به إزالة القلب القاسي دوام ذكر الله - سبحانه وتعالى - لأن الله - عز وجل - قال : ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) واطمئنانها يذهب قسوتها. قال مكحول - رحمه الله - تعالى - [ ذكر الله شفاء وذكر الناس داء ]. وقال عبد الله بن عون : [ ذكر الله دواء وذكر الناس داء ]، فإذا أدمن الإنسان ذكر الله - سبحانه وتعالى - فإن قلبه يلين. وأعظم الذكر الذي ينبغي أن يحافظ عليه ما أوجبه الله - عز وجل - وآكده الصلوات الخمس المفروضة. ووراء ذلك من المستحبات. الأذكار الموظفة في اليوم والليلة. كـ أذكار الصباح والمساء. والنوم والاستيقاظ. والأكل والشرب. فإنه من حافظ على هذه الأذكار الموظفة في اليوم والليلة. كان من الذاكرين الله كثيرا كما بينه أبو عمرو ابن الصلاح وارتضاه ابن القيم رحمه الله تعالى.
فدوام اللهج بذكر الله - عز وجل - يذهب قسوة القلب. ومنها جمع النفس على ما ينفع. فإن من أسباب قسوة القلب اشتغالها بما لا ينفع. فإذا جمعت نفسك على ما ينفعها الآن ذلك قلبك. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه - وسلم قال : ( احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز )، فإذا حرص الإنسان على ما ينفعه كان في ذلك شغلا مما لا ينفعه، وكان جمعه لقلبه على النافع، وكان جمعه لنفسه على النافع دلالة لقلبه، كما أن اشتغالها بالبطالة يضعف قوتها، ويذهب نشاطها، ويورد عليها العلل والأمراض. ولا ينبغي أن يستهين الإنسان بالبطالة، ولو قلت كما قال ابن حزم - رحمه الله - تعالى - : [ بطالة ساعة تفسد رياضة سنة ] . فإن الإنسان إذا أقام نفسه سنة كاملة على أمر من الأمور ربما اشتغل بأحوال أهل البطالة ساعة واحدة، فأفسدت تلك البطالة الرياضة التي كان يرتادها من علم أو عمل. ومن جملة أسباب لين القلب. النظر إلى من فوقك في الدين وإلى من دونك في الدنيا. فإن من أكثر أسباب قسوة القلب استعظام الإنسان منزلته في الدين، واحتقاره منزلة نفسه في الدنيا، فإن كل امرئ يحب أن تكون له منزلة معظمة. فإذا رأيت الإنسان يمدح نفسه في دينه ويثق بعمله، ويطلب من الدنيا أعظم مما هو عليه، فاعلم أن ذلك من أسباب علة قلبه وقسوته، فمما يلين قلبه امتثال ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - به في الصحيح : ( أن ينظر الإنسان في الدين إلى من هو فوقه، وإلى من هو في الدنيا إلى من هو دونه فإنه أجدر ألا يزدري نعمة الله - سبحانه وتعالى - عليه )، فإذا أعملت همتك في الارتقاء إلى منزلة من فوقك في الدين كان في ذلك دلالة لقلبك لأنك تشتغل بأمر عظيم نافع.
وإذا جعلت نظرك في الدنيا إلى من هو دونك أذهبت عن قلبك فساد الاشتغال، بحطام الدنيا وزهرتها وأكسبها، وأكسب ذلك قلبه اللين. ولابن القيم رحمه الله تعالى كلام نافع في إغاثة اللهفان والجواب الكافي. وكلامه في الإغاثة أبسط يعني أطول في بيان مفسدات القلوب من ذكر خمسة مفسدات خمسة مفسدات من مفسدات القلوب الخلطة وكثرة الكلام. إلى آخر ما ذكر. وبين ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان في رعاية قلبه. ومما مما يؤسف له أن جمهور المشتغلين بطلبة العلم لا يتناولون هذه المسائل إلا على وجه الندرة، ولا اشتغال لهم بأسباب المرققات ومصلحة النفوس مهذبات الأخلاق، فيورث ذلك نفوسهم الفساد وقلوبهم القسوة. وإنما يمدح العلم إذا أورث قلب صاحبه لينا ورقة وقربا من الله - سبحانه وتعالى -. فينبغي أن لا يأنف طالب العلم من مطالعة كتب الرقائق والزهد والسير، فإن فيها نفعا عظيما لقلبك. وإنما يراد من العلم ما نفع لا ما رفع، كما قال أبو عمر المقدسي رحمه الله - تعالى - قال : ( الناس يقولون العلم ما كان في الصدر. وأنا أقول العلم ما دخل معك القبر ) أي ما نفعك. فينبغي أن يحرص الإنسان على ما ينفعه. ومن جملة ذلك الرقائق وتهذيب الأخلاق، ومذهب الآفات النفسية. وكاشفات الأحوال التي ذكرها أهل العلم رحمهم الله - تعالى - في تأليفهم، ويحرص على مؤلفات أهل السنة رحمهم الله - تعالى -، لا سيما كتب الزهد للأئمة الحفاظ كأحمد بن حنبل، وتلميذه أبي داود، وشيخ أحمد وكيع بن الجراح، وكتاب الزهد لهناد بن السري، وكتاب بن موسى.
وغيرها من كتب أهل السنة رحمهم الله تعالى في الزهد، وهذا آخر الإجابة على هذه الأسئلة.
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.