بسم الله
التفريغ
القاريْ : ومن العارفين من كان يرحم ظالمه فربما دعا له ، سرق لبعضهم شيء، فقيل له ادع الله عليه ، فقال اللهم إن كان فقيرا فأغناه، وإن كان غنيا فأقبل بقلبه. وقال إبراهيم التيمي إن الرجل لا يظلمني، فأرحمه قيل له كيف ترحمه وهو يظلمك قال إنه لا يدري لسخط من تعرض وآذى رجل أيوب السفياني وأصابه أذى شديدا، فلما تفرقوا قال أيوب إني لا أرحم إنا نفارقه وخلقه معه. فقال بعضهم لا يكبرني عليك ظلما من ظلمك، فإنما سعى في مضرته ونفعك. وقيل لبعض السلف الصالح إن فلانا يقع فيك. قال لا أغيظن من أمره يغفر الله لي وله. قيل من أمره؟ قال الشيطان. وقال الحجاج بن الخرافصة بلغنا أن في بعض الكتب من استغفر لظالمه فقد هزم الشيطان. وقال الفضيل بن عياض حسناتك من عدوك أكثر منها من صديقك إن عدوك يغتابك فيدفع إليك حسناته الليل والنهار فلا ترضى إذا ذكر بين يديك تقول الله أم أهلكه لا بل أدعوا الله له اللهم أصلحه اللهم راجع. فيكون الله يعطيك أجر ما دعوت. فإن من قال لرجل اللهم أهلكه فقد أعطى الشيطان سؤله لأن الشيطان إنما يدور منذ خلق الله أدم على هلاك الخلق. وفي كتاب الزهد للإمام أحمد أن رجلا من إخوان فضيل ابن عياض من أهل خراسان قدم مكة فجلس إلى الفضيل في المسجد الحرام يحدثه، ثم قام الخراساني يطوف فسرق منه دنانير ستين أو سبعين، فخرج الخراساني يبكي، فقال له فضيل مالك؟ قال سرقت الدنانير، قال عليها تبكي، قال لا مثلت إني وإياه بين يدي الله عز وجل، فأشرف عقلي على أدحاض حجته فبكيت رحمة له. وسرق لبعض المتقدمين شيء فحزن عليه فذكر ذلك لبعض العارفين. فقال له إن لم يكن حزنك على أنه قد صار في هذه الأمة من يعمل هذا العمل أكثر من حزنك على ذهاب مالك. لم تؤد نصيحة لله عز وجل في عباده إليه، أو كما قال.
الشيخ : لما بين المصنف فيما سلف أن المظلوم له أن يدعو دون تعدي. ذكر حال طائفة من كمل الخلق الذين إن كان لهم مظلمة تعدى بها أحد عليهم لم يدعو عليه، بل كانوا يدعون له رحمة به ومحبة لنقله من البلاء الأعظم الذي هو فيه إلى منجاة فيها صلاحه. وهذا أمر شديد على النفوس ولا تستطيعه إلا القلوب السليمة. ثم إنه شديد الغيظ للشيطان، فإن الشيطان يحمل من أصيب بمصيبة على تعدي لسانه في حق ظالمه، فكيف يحبس لسانه عن التعدي أولا ثم ينقلب دعاؤه عليه الى دعاء له لكن من كمل إيمانه ورسخت قدمه في معرفة الله عز وجل ومعرفة أمره لم ينظر إلى ما فاته من الدنيا أو أصابه من بلائها، بل نظره إلى ما فيه صلاح الخلق و فلاحهم ، وآكد ما يكون ذلك إذا كان أمرا متعلقا بعرض العبد، فإن العفو فيه والإعراض عنه أولى بكمل الخلق كما اتفق لهذا الرجل من السلف الصالح أن رجلا جاءه فقال إن فلانا يقع فيك، فقال لأغيظن من أمره، فقيل له ومن أمره؟ فقال الشيطان أي أن الشيطان هو الذي جره إلى الوقيعة فيه، فلا أغيظن الذي أمره وهو الشيطان بالدعاء له، وهذا من أكمل الأحوال أن لا يتعرض الإنسان لمن تعرض له، بل يعرض عنه اتكال على الله سبحانه وتعالى. وردا للأمر إليه قال عبد الله ابن أحمد لأبيه يا أبتي إن فلانا يقع فيك أفلا ترد عليه؟ فقال يا بني الله يكفي أي يكفيني عن أن أتعرض للرد عليه ومصداق ذلك قوله تعالى (إن الله يدافع عن الذين آمنوا). وفي القراءة الثانية (إن الله يدفع عن الذين آمنوا) فكلما كمل إيمان العبد كمل حظه من مدافعة الله عز وجل ودفاعه عنه. وإذا وكل الإنسان أمره إلى ربه سبحانه وتعالى فقد أفلح وأنجح.
التفريغ
القاريْ : ومن العارفين من كان يرحم ظالمه فربما دعا له ، سرق لبعضهم شيء، فقيل له ادع الله عليه ، فقال اللهم إن كان فقيرا فأغناه، وإن كان غنيا فأقبل بقلبه. وقال إبراهيم التيمي إن الرجل لا يظلمني، فأرحمه قيل له كيف ترحمه وهو يظلمك قال إنه لا يدري لسخط من تعرض وآذى رجل أيوب السفياني وأصابه أذى شديدا، فلما تفرقوا قال أيوب إني لا أرحم إنا نفارقه وخلقه معه. فقال بعضهم لا يكبرني عليك ظلما من ظلمك، فإنما سعى في مضرته ونفعك. وقيل لبعض السلف الصالح إن فلانا يقع فيك. قال لا أغيظن من أمره يغفر الله لي وله. قيل من أمره؟ قال الشيطان. وقال الحجاج بن الخرافصة بلغنا أن في بعض الكتب من استغفر لظالمه فقد هزم الشيطان. وقال الفضيل بن عياض حسناتك من عدوك أكثر منها من صديقك إن عدوك يغتابك فيدفع إليك حسناته الليل والنهار فلا ترضى إذا ذكر بين يديك تقول الله أم أهلكه لا بل أدعوا الله له اللهم أصلحه اللهم راجع. فيكون الله يعطيك أجر ما دعوت. فإن من قال لرجل اللهم أهلكه فقد أعطى الشيطان سؤله لأن الشيطان إنما يدور منذ خلق الله أدم على هلاك الخلق. وفي كتاب الزهد للإمام أحمد أن رجلا من إخوان فضيل ابن عياض من أهل خراسان قدم مكة فجلس إلى الفضيل في المسجد الحرام يحدثه، ثم قام الخراساني يطوف فسرق منه دنانير ستين أو سبعين، فخرج الخراساني يبكي، فقال له فضيل مالك؟ قال سرقت الدنانير، قال عليها تبكي، قال لا مثلت إني وإياه بين يدي الله عز وجل، فأشرف عقلي على أدحاض حجته فبكيت رحمة له. وسرق لبعض المتقدمين شيء فحزن عليه فذكر ذلك لبعض العارفين. فقال له إن لم يكن حزنك على أنه قد صار في هذه الأمة من يعمل هذا العمل أكثر من حزنك على ذهاب مالك. لم تؤد نصيحة لله عز وجل في عباده إليه، أو كما قال.
الشيخ : لما بين المصنف فيما سلف أن المظلوم له أن يدعو دون تعدي. ذكر حال طائفة من كمل الخلق الذين إن كان لهم مظلمة تعدى بها أحد عليهم لم يدعو عليه، بل كانوا يدعون له رحمة به ومحبة لنقله من البلاء الأعظم الذي هو فيه إلى منجاة فيها صلاحه. وهذا أمر شديد على النفوس ولا تستطيعه إلا القلوب السليمة. ثم إنه شديد الغيظ للشيطان، فإن الشيطان يحمل من أصيب بمصيبة على تعدي لسانه في حق ظالمه، فكيف يحبس لسانه عن التعدي أولا ثم ينقلب دعاؤه عليه الى دعاء له لكن من كمل إيمانه ورسخت قدمه في معرفة الله عز وجل ومعرفة أمره لم ينظر إلى ما فاته من الدنيا أو أصابه من بلائها، بل نظره إلى ما فيه صلاح الخلق و فلاحهم ، وآكد ما يكون ذلك إذا كان أمرا متعلقا بعرض العبد، فإن العفو فيه والإعراض عنه أولى بكمل الخلق كما اتفق لهذا الرجل من السلف الصالح أن رجلا جاءه فقال إن فلانا يقع فيك، فقال لأغيظن من أمره، فقيل له ومن أمره؟ فقال الشيطان أي أن الشيطان هو الذي جره إلى الوقيعة فيه، فلا أغيظن الذي أمره وهو الشيطان بالدعاء له، وهذا من أكمل الأحوال أن لا يتعرض الإنسان لمن تعرض له، بل يعرض عنه اتكال على الله سبحانه وتعالى. وردا للأمر إليه قال عبد الله ابن أحمد لأبيه يا أبتي إن فلانا يقع فيك أفلا ترد عليه؟ فقال يا بني الله يكفي أي يكفيني عن أن أتعرض للرد عليه ومصداق ذلك قوله تعالى (إن الله يدافع عن الذين آمنوا). وفي القراءة الثانية (إن الله يدفع عن الذين آمنوا) فكلما كمل إيمان العبد كمل حظه من مدافعة الله عز وجل ودفاعه عنه. وإذا وكل الإنسان أمره إلى ربه سبحانه وتعالى فقد أفلح وأنجح.
تعليق