✨تحقيق الرجاء بالمساعدة في حل إشكال يسبب ضعف الهمة في الدعاء✨
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبعد:
فمن المسائل التي كنت أستشكلها كثيرا في مقام العزم بالدعاء وتعظيم الرغبة فيه وكذا القطع بوعد الله وإجابته ويصعب علي كثيرا فهمه واستيعابه، أنه كيف يصل العبد حقيقة إلى هذا الاعتقاد الجازم والاجتهاد الحازم وهو يعلم أن إجابة دعوته في الأخير على فرض توفر جميع دواعي تحققها وانتفاء جميع أسباب ردها لا يشترط تحققها في الواقع كونا!
بل المتوقع شرعا أنه موعود بتحقق ما يدخل في أحد المعنيين اللذين لا ثالث لهما:
1- إما أن يتحقق مطلوبه كما طلب.
2- وإما أن لا يتحقق، بل يكفر عنه من ذنوبه بمقدارها أو يصرف عنه من الشر بمثلها في الدنيا أو يدخر له ثوابها في رفعة درجات الآخرة أو غير ذلك.
وحال كثير من الداعين مثلي لا يخفى مع قلة الإيمان قلبه معلق بتحقق مطلوبه واستعجال مرغوبه! فكيف يصل إلى اليقين في إجابته واحتمال عدم تعجيله قائم نصا شرعيا ووحيا قطعيا لابد من الإيمان به؟!
وبتعبير آخر: ألا يقدح التصديق الجازم بعدم وقوعه معجلا في التصديق الجازم بتعجيله؟!
والجواب: أن ذلك كله ممكن الجمع والتأليف بينه، ولا تناقض فيه حتى يستحيل ذلك، إذ المطلوب في هذا المقام يكفي فيه استحضار الجزم بقدرة الله على تنفيذه إذا شاء موافقا لحكمته سبحانه، هذا هو حد اليقين المطلوب في هذا المرغوب، أما الوصول إلى درجة القطع بتحققه في كل حال مهما كانت الأحوال فهو ضرب من الخيال، بل الخبال الذي يحاول الشيطان جر العبد إليه حتى يعود في النهاية به إلى رمي الله سبحانه بالعجز على عدم تحقيق بعض الرغبات! أو أن اليقين فيه سبحانه لا فائدة منه!! أو أن بعض مقامات الشريعة مستحيلة أو متناقضة!!! أو غيرها من المعاني التي تدور ضمن حلقة الشر وبوابة الكفر وهي: سوء الظن به سبحانه!!!!
فالحذر الحذر إخواني من هذا المزلق الخطير الذي لا يدفع بأعظم من الاستعانة بالله سبحانه والتعلق به أولا ثم ببذل ما يقدر من الأسباب وأعظمها الفقه في دين الله وبوابته الدخول عليه سبحانه من خلال معرفته بأسماء جلاله ونعوت جماله والخضوع لمعانيها والتعبد والتقرب إليه بمقتضياتها وما يلزم منها مما يناسب العبد ويوافق الشرع بما يدفع كل توهم نقص حول كماله سبحانه.
ومن تمام ذلك كما لا يخفى استحضار أن فضائل الدعاء الكثيرة جدا ومحاسنه التي لا يحيط بها مخلوق، إذ هو لب العبادة والغاية من خلق العباد، وليتذكر أنه في عبادة عظيمة وأن الأجور عليه وفيرة والمأمول من نتائجه محمود العاقبة في كل الأحوال، وفي الجملة فباب تلمس جميع الحكم الله من وراء أفعاله سبحانه من أسراره التي اختص بها، وأن النافع من ذلك التسليم لقضاء الله مهما كانت الظروف هو من سيقان شعبة الإيمان التي لا يقوم إلا على عمودها.
والله أعلى وأحكم وأرجو أن أكون قد وفقت في بيان هذه الجزئية المهمة وإن كان فيه من خطإ فهو مني ومن قريني والله ورسوله منه براء.
وصلى الله عليه وعلى آله وسلم.