قال ابن القيم:
" من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبَّه لا محالة "
الجواب الكافي (ص 99)
الوقفة الأولى:
[ بيان بعضٍ من معاني ربوبية الرب -جل جلاله -]
(الرب: هو المربي جميع العالمين -وهم من سوى الله- بخلقه لهم وإعداده لهم الآلات، وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة، التي لو فقدوها لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة، فمنه تعالى) (1)
الوقفة الثانية:
[ تدبير الله تعالى لك خير من تدبيرك لنفسك ]
لمـــاذا؟
لأنه - سبحانه- (ليسَ كمثلهِ شيء وهو السميعُ البصير)
فإذا علمتَ – أيها المؤمن – أن للرب سبحانه الكمال المطلق في أسمائه وصفاته وأفعاله، علمت بأن كل هذه التدبيرات التي تحصل لك إنما هي وفق قيوميته، وحكمته،وعلمه،وخبرته..
وفي الحديث " ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا" رواه مسلم ، من حديث ابن عباس- رضي الله عنه-.
ولأن ربوبيته - سبحانه – لعباده، إنما هي صادرة عن رحمته:
" الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ● الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ "
كلنا نعلم ونؤمن بذلك، ولكن
عند المحك تُكشفُ الحقائق وتنجلي!
وعند الامتحان يُعز المرءُ أو يُهان!
ولمّا كانت النفس البشرية بحاجة ماسة إلى تهذيب وتربية أمرنا شرعنا الحنيف بصد كل طريق وذريعة توصل إلى القول على الله بلا علم، وإلى التسخط والجزع على أقدار الله تعالى المؤلمة في ظاهرها، وليس من ورائِها إلا كل خيرٍ وصلاحٍ ..
ومِن ذلكَ ما جاءَ في الحديثِ: " وإِن أَصابكَ شيء فلا تَقل : لو أني فعلتُ كان كذا وكذا . ولكن قل : قدر الله . وما شاء فعل . فإن لو تفتح عمل الشيطان"
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2664
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فالرب - جل جلاله - لا يقدر لك إلا الخير، ولهذا قال:
" قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".
قال الصابوني في صفوة التفاسير :
أي: بيدك وحدك خزائن كل خير ، وأنت على كل شيء قدير.
الوقفة الثالثة:
[ سبب كون دعاء الأنبياء كله فيه لفظ (ربنا) ]
ولما كانت ربوبية الله لخلقه نوعان، وهما:
ربوبية عامة: وهي التي تشمل الخلائق كلهم مؤمنهم وكافرهم وبرهم وفاجرهم، وهي تربيته سبحانه لهم بالخلق والرزق والتدبير ،وكشف الكروب وإغاثة الملهوفين" يسئلُهُ مَن فِي السماواتِ والأرضِ كلَّ يومٍ هوَ فِي شأنٍ "
ربوبية خاصة: تربيته لأصفيائه، بإصلاح قلوبهم، وأرواحهم وأخلاقهم.
ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة.
فيا عبد الله: سِر على ما سار عليه أنبياء الله وأصفيائِه ،وتطلَّع لربوبيته الخاصة ملحَّاً على ربك – جل جلاله – بهذا الاسم العظيم الجليل لتنال من خيري الدنيا والآخرة.
الوقفة الرابعة:
إذا تحقق في قلبك معاني ربوبية الله سبحانه، أثمر لك ذلك ثماراً مباركة، وآثاراً مسلكية، ألا وإن من أعظمِها وأجلِّها:
● تحصيلك لعبادة التوكل على الرب – سبحانه – ظاهراً وباطناً، قولاً وعملاً، في الشدةِ والرخاءِ؛ وذلكَ لأَنَّك - أيُّها المُؤمِن - قد فقِهتَ وعلِمتَ تفرُّد الرَّبِ بجميعِ صفاتِ الربوبية، من عطاءٍ ومنعٍ، وضرٍ ونفعٍ، وإحياءٍ وإماتةٍ، ورزقٍ وخَلقٍ، إلى غيرِ ذلكَ مِن معاني ربوبيَّتِهِ – جَلَّ وعلا -.
كم من أناس بيننا إذا نزلت بهم الشدائد وأحاطت بهم الهموم والغموم تعلقوا بغير الله والعياذ بالله!
وكم من أناس بيننا يقولون: لا إله إلا الله؛ ولكن يعظمون الأسباب ويحبونها أشد من حبهم لله، فكم من مريض أصابه المرض ظن أن طبيبه يداويه وأنه يعافيه ويشفيه، فنقص الإيمان من قلبه على قدر ما فات من يقينه، وكم من مديونٍ ظن أن عبداً يفك دينه ويقضي حاجته فخيب الله ظنه وقطع رجاءه، فأصبح فقيراً صفر اليدين من اليقين به جل جلاله.لذلك لا يليق بالإنسان أن يعلق رجاءه بغير الله، والله تبارك وتعالى إذا امتحن الإنسان باليقين فتعلق بغير الله، فإن الله تبارك وتعالى يمكر به، ومن مواطن المكر بالإنسان أن يصرف قلبه لغير الله عز وجل، ولذلك تجد بعض من يستعين بالسحرة وبالمشعوذين -والعياذ بالله- يمهلهم الله جل جلاله، ويستدرجهم بتفريج الخطوب والكروب حتى يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، والله ثم إنه -والله- إذا أراد الله بك الضر فلن ينجيك منه أحدٌ سواه.
" من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبَّه لا محالة "
الجواب الكافي (ص 99)
الوقفة الأولى:
[ بيان بعضٍ من معاني ربوبية الرب -جل جلاله -]
(الرب: هو المربي جميع العالمين -وهم من سوى الله- بخلقه لهم وإعداده لهم الآلات، وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة، التي لو فقدوها لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة، فمنه تعالى) (1)
الوقفة الثانية:
[ تدبير الله تعالى لك خير من تدبيرك لنفسك ]
لمـــاذا؟
لأنه - سبحانه- (ليسَ كمثلهِ شيء وهو السميعُ البصير)
فإذا علمتَ – أيها المؤمن – أن للرب سبحانه الكمال المطلق في أسمائه وصفاته وأفعاله، علمت بأن كل هذه التدبيرات التي تحصل لك إنما هي وفق قيوميته، وحكمته،وعلمه،وخبرته..
وفي الحديث " ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا" رواه مسلم ، من حديث ابن عباس- رضي الله عنه-.
ولأن ربوبيته - سبحانه – لعباده، إنما هي صادرة عن رحمته:
" الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ● الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ "
كلنا نعلم ونؤمن بذلك، ولكن
عند المحك تُكشفُ الحقائق وتنجلي!
وعند الامتحان يُعز المرءُ أو يُهان!
ولمّا كانت النفس البشرية بحاجة ماسة إلى تهذيب وتربية أمرنا شرعنا الحنيف بصد كل طريق وذريعة توصل إلى القول على الله بلا علم، وإلى التسخط والجزع على أقدار الله تعالى المؤلمة في ظاهرها، وليس من ورائِها إلا كل خيرٍ وصلاحٍ ..
ومِن ذلكَ ما جاءَ في الحديثِ: " وإِن أَصابكَ شيء فلا تَقل : لو أني فعلتُ كان كذا وكذا . ولكن قل : قدر الله . وما شاء فعل . فإن لو تفتح عمل الشيطان"
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2664
خلاصة حكم المحدث: صحيح
فالرب - جل جلاله - لا يقدر لك إلا الخير، ولهذا قال:
" قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ".
قال الصابوني في صفوة التفاسير :
أي: بيدك وحدك خزائن كل خير ، وأنت على كل شيء قدير.
الوقفة الثالثة:
[ سبب كون دعاء الأنبياء كله فيه لفظ (ربنا) ]
ولما كانت ربوبية الله لخلقه نوعان، وهما:
ربوبية عامة: وهي التي تشمل الخلائق كلهم مؤمنهم وكافرهم وبرهم وفاجرهم، وهي تربيته سبحانه لهم بالخلق والرزق والتدبير ،وكشف الكروب وإغاثة الملهوفين" يسئلُهُ مَن فِي السماواتِ والأرضِ كلَّ يومٍ هوَ فِي شأنٍ "
ربوبية خاصة: تربيته لأصفيائه، بإصلاح قلوبهم، وأرواحهم وأخلاقهم.
ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة.
فيا عبد الله: سِر على ما سار عليه أنبياء الله وأصفيائِه ،وتطلَّع لربوبيته الخاصة ملحَّاً على ربك – جل جلاله – بهذا الاسم العظيم الجليل لتنال من خيري الدنيا والآخرة.
الوقفة الرابعة:
إذا تحقق في قلبك معاني ربوبية الله سبحانه، أثمر لك ذلك ثماراً مباركة، وآثاراً مسلكية، ألا وإن من أعظمِها وأجلِّها:
● تحصيلك لعبادة التوكل على الرب – سبحانه – ظاهراً وباطناً، قولاً وعملاً، في الشدةِ والرخاءِ؛ وذلكَ لأَنَّك - أيُّها المُؤمِن - قد فقِهتَ وعلِمتَ تفرُّد الرَّبِ بجميعِ صفاتِ الربوبية، من عطاءٍ ومنعٍ، وضرٍ ونفعٍ، وإحياءٍ وإماتةٍ، ورزقٍ وخَلقٍ، إلى غيرِ ذلكَ مِن معاني ربوبيَّتِهِ – جَلَّ وعلا -.
كم من أناس بيننا إذا نزلت بهم الشدائد وأحاطت بهم الهموم والغموم تعلقوا بغير الله والعياذ بالله!
وكم من أناس بيننا يقولون: لا إله إلا الله؛ ولكن يعظمون الأسباب ويحبونها أشد من حبهم لله، فكم من مريض أصابه المرض ظن أن طبيبه يداويه وأنه يعافيه ويشفيه، فنقص الإيمان من قلبه على قدر ما فات من يقينه، وكم من مديونٍ ظن أن عبداً يفك دينه ويقضي حاجته فخيب الله ظنه وقطع رجاءه، فأصبح فقيراً صفر اليدين من اليقين به جل جلاله.لذلك لا يليق بالإنسان أن يعلق رجاءه بغير الله، والله تبارك وتعالى إذا امتحن الإنسان باليقين فتعلق بغير الله، فإن الله تبارك وتعالى يمكر به، ومن مواطن المكر بالإنسان أن يصرف قلبه لغير الله عز وجل، ولذلك تجد بعض من يستعين بالسحرة وبالمشعوذين -والعياذ بالله- يمهلهم الله جل جلاله، ويستدرجهم بتفريج الخطوب والكروب حتى يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، والله ثم إنه -والله- إذا أراد الله بك الضر فلن ينجيك منه أحدٌ سواه.